تفسير سفر حزقيال ١٣ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الثالث عشر

بعد أن أشار فى الإصحاح السابق للأقوال التى كان يرددها الشعب بعد أن تعلموها من الأنبياء الكذبة. خصص هذا الإصحاح لإدانة هؤلاء الأنبياء الكذبة لأنهم يتحدون الله ويكذبون على الشعب. وكم عانى أرمياء النبى من هؤلاء الكذبة (أر 5 : 30، 31 + 14 : 13 – 18 + 23 : 9 – 40 + 29 : 8 – 10، 21 – 23.

 

الآيات 1 – 9 :-

و كان الي كلام الرب قائلا. يا ابن ادم تنبا على انبياء اسرائيل الذين يتنباون و قل للذين هم انبياء من تلقاء ذواتهم اسمعوا كلمة الرب. هكذا قال السيد الرب ويل للانبياء الحمقى الذاهبين وراء روحهم و لم يروا شيئا. انبياؤك يا اسرائيل صاروا كالثعالب في الخرب. لم تصعدوا الى الثغر و لم تبنوا جدارا لبيت اسرائيل للوقوف في الحرب في يوم الرب. راوا باطلا و عرافة كاذبة القائلون وحي الرب و الرب لم يرسلهم و انتظروا اثبات الكلمة. الم تروا رؤيا باطلة و تكلمتم بعرافة كاذبة قائلين وحي الرب و انا لم اتكلم. لذلك هكذا قال السيد الرب لانكم تكلمتم بالباطل و رايتم كذبا فلذلك ها انا عليكم يقول السيد الرب. و تكون يدي على الانبياء الذين يرون الباطل و الذين يعرفون بالكذب في مجلس شعبي لا يكونون و في كتاب بيت اسرائيل لا يكتبون و الى ارض اسرائيل لا يدخلون فتعلمون اني انا السيد الرب.

أنبياء الله فى كل مكان يقولون نفس الكلام الواحد لأنهم مسوقين من الروح القدس 2بط 1 : 21 والأنبياء الكذبة هم منقادين من الشيطان الذى هو كذاب وأبو الكذاب يو 8 : 44 وهنا يقول عنهم أنبياء من تلقاء ذواتهم فالشيطان إستغل شهواتهم الشخصية للربح القبيح والشهرة فتكلم على لسانهم، لذلك هم من تلقاء ذواتهم يتكلمون، والله لم يرسلهم. وأسماهم أيضاً الحمقى = فهم خدعوا أنفسهم قبل أن يخدعوا الشعب. وهو ذاهبين وراء روحهم = أى يتكلمون من أفكارهم وإختراعاتهم الخبيثة لصالح ذواتهم أو خيالهم المريض فيعطون منفذاً لهلوساتهم = فهم لم يروا شيئاً. وكم من طوائف مسيحية اليوم للأسف تصنع نفس الشئ ذاهبين وراء خيالهم المريض وهذا يعطى فرصة لأعداء المسيحية أن يهاجموا المسيح. وهم مثل الثعالب فى الخرب = مخربون ومولعون بالأذى فى مكر، فهم ماكرين فى كل شئ، هم حكماء ولكن حكمتهم نفسانية شيطانية، عالمية، أى بخبث هذا العالم، لكنهم بلا معرفة إختبارية روحية (قارن مع يع 3 : 15 – 17) وحيثما تكون نبواتهم، فهى تسبب خراباً لمن يصدقها. وهم كالأجير يهرب ويترك القطيع ولكنهم ليسوا أبداً رعاة، وهم لا يحاولون سد أى ثغرة. والتصوير هنا أن هناك حائط أو سور يحمى شعب الله ولكن بسبب الخطايا فهناك ثغر فى هذا السور، ومنها ستأتى الضربات، ولو كان هؤلاء رعاة حقيقيون لحاولوا سد هذه الثغر (قارن آية 5 مع 1صم 25 : 16) ولكنهم لم يحاولوا ولم يقيموا أصلاً حائطاً لحماية الشعب. أما الأنبياء الحقيقيون فهم يدعون للتوبة وهم يصلون ويتشفعون عن الشعب، ولو إستجاب الشعب وتاب لكان هناك سور ولإنسدت الثغر. ولكن هؤلاء بكلامهم الكاذب جعلوا الشعب يتقسى قلبه، فهم يعدونهم بأن هناك سلام، وكيف يكون هناك سلام بينما الشر موجود. لذلك يقول لهم الله ها أنا عليكم = فهم سيقطعون من شركة القديسين. وحتى من صدقوهم سابقاً سيرفضونهم بل سيكونون مرفوضين فى الأبدية وسيسمعون قول الله المرعب “لا أعرفكم”. عرافة = الحصول على معرفة للمستقبل بواسطة إلقاء قرعة أو خلافه

آية 9:- كتاب بيت إسرائيل = سجل أحصاء الشعب فى عصر البركة الأتى بعد إنتهاء الأحكام الآتية، والمقصود الذين سينالون الخلاص فى الأبدية

 

الآيات 10 – 16 :-

من اجل انهم اضلوا شعبي قائلين سلام و ليس سلام و واحد منهم يبني حائطا و ها هم يملطونه بالطفال. فقل للذين يملطونه بالطفال انه يسقط يكون مطر جارف و انتن يا حجارة البرد تسقطن و ريح عاصفة تشققه. و هوذا اذا سقط الحائط افلا يقال لكم اين الطين الذي طينتم به. لذلك هكذا قال السيد الرب اني اشققه بريح عاصفة في غضبي و يكون مطر جارف في سخطي و حجارة برد في غيظي لافنائه. فاهدم الحائط الذي ملطتموه بالطفال و الصقه بالارض و ينكشف اساسه فيسقط و تفنون انتم في وسطه فتعلمون اني انا الرب. فاتم غضبي على الحائط و على الذين ملطوه بالطفال و اقول لكم ليس الحائط بموجود و لا الذين ملطوه. اي انبياء اسرائيل الذين يتنباون لاورشليم و يرون لها رؤى سلام و لا سلام يقول السيد الرب.

واحد يبنى حائط وهم يملطونه بالطفال = الطفال أى التبييض بالمحارة. هؤلاء غشوا الشعب قائلين سلام وليس سلام للأشرار، وكذبوا قائلين أن الحرب القادمة مع بابل فيها إنتصار يعقبه سلام، فهم شجعوا الشعب على خطاياه وأبعدوه عن التوبة. والتوبة هى الحائط القوى الحقيقى الذى يحميهم من الضربات، ولكن هؤلاء الكذبة، ويبدو أن أحدهم بدأ بفكرة الأنتصار على بابل فأعجبت الناس، فكأنه أقام حائطاً ولكنه حائط هش، مقام على الرمال ومهدد بالسقوط، حائط ضعيف. ثم جاء الآخرون وملطوا الحائط الهش بنبواتهم الزائفة عن السلام بعد الإنتصار على بابل، هم بنبواتهم كأنهم ملطوا الحائط الهش حتى يبدو قوياً بمظهره فقط، أى هم ملطوه ليخفوا عيوبه. ولكن ضربات الله ستأتى كعاصفة مخيفة كالمطر الجارف وحجارة البرد. وهذه العاصفة كان ما أثارها هو غضب الله. وهذه العاصفة ستقلب الحائط فيقع. ويالخجل هؤلاء الكذبة حين يسألهم الشعب أين الطين الذى طينتم به = أى أين نبواتكم بالسلام. وسينكشف أساسه = أى أغراضهم الخاصة. وبناة الحائط سيدفنون فى خرائبه. فأعمى يقود أعمى يقع كلاهما فى حفرة.

 

الآيات 17 – 23 :-

و انت يا ابن ادم فاجعل وجهك ضد بنات شعبك اللواتي يتنبان من تلقاء ذواتهن و تنبا عليهن. و قل هكذا قال السيد الرب ويل للواتي يخطن وسائد لكل اوصال الايدي و يصنعن مخدات لراس كل قامة لاصطياد النفوس افتصطدن نفوس شعبي و تستحيين انفسكن. و تنجسنني عند شعبي لاجل حفنة شعير و لاجل فتات من الخبز لاماتة نفوس لا ينبغي ان تموت و استحياء نفوس لا ينبغي ان تحيا بكذبكن على شعبي السامعين للكذب. لذلك هكذا قال السيد الرب ها انا ضد و سائدكن التي تصطدن بها النفوس كالفراخ و امزقها عن اذرعكن و اطلق النفوس النفوس التي تصطدنها كالفراخ. و امزق مخداتكن و انقذ شعبي من ايديكن فلا يكونون بعد في ايديكن للصيد فتعلمن اني انا الرب. لانكن احزنتن قلب الصديق كذبا و انا لم احزنه و شددتن ايدي الشرير حتى لا يرجع عن طريقه الرديئة فيحيا. فلذلك لن تعدن ترين الباطل و لا تعرفن عرافة بعد و انقذ شعبي من ايديكن فتعلمن اني انا الرب

بنات شعبك = حين يغضب الله لا يقول عن الشعب شعبى بل يقول للنبى عن الشعب شعبك (خر 32 : 7). وهنا يدور الكلام عن النبيات الكاذبات. والنساء لهن وسائل مختلفة عن الرجال. فهؤلاء كن يخطن وسائد = وهى أحجبة يصنعنها ليربطها الناس حول أذرعهم لتحميهم من أى أخطار آتية. ويصنعن مخدات لرأس كل قامة = وهذه عصائب يربطها الناس على رؤوسهم. وهذه أعمال سحرية يوهمن بها الناس بالحماية وحل أعمالهم الشياطين كالسحر. ومازال هناك من يخدع الناس ويوهمهم فى ألامهم بأنه سيحل لهم أعمال الشياطين لتذهب عنهم ألامهم، أما رجال الله فلا يعرفون سوى طريقة واحدة لنزع الألام وهى التوبة الحقيقية فيرضى الله على التائب ويملأه سلاماً. ولقد فهم البعض أن النبيات الكاذبات كن يصنعن وسائد ومخدات يضعنها على أذرعهن، ويضع الناس رؤوسهم عليها، ويبدأ النبيات الكاذبات فى أعطائهن وعودهن الكاذبة وهؤلاء كن يكذبن على الناس بخيالاتهن ومقابل شئ تافه حفنة شعير أو فتات خبز فكن فكن يصطدن النفوس كالفراخ لذبحها = بأن شددتن أيدى الشرير بوعودكن الكاذبة. وذلك لتستحيين أنفسكن = أى أتخذتن هذه مهنة تتعيشون منها. وكم كان هذا مصدر حزن للصديق =الذى يرفض طريقهن فيهددونه بالكذب. وهكذا بكذبهن عملوا على إماتة نفوس الصديق وهذه ما كان ينبغى أن يموت و إستحيين نفوس لا ينبغى أن تحيا = أى حكموا على الصديقين بأنهم سيهلكوا، وأعطوا وعوداً كاذبة للأشرار بأنهم سيحيوا. وكان حكم الله عليهن بسبب أعمالهن الشريرة، بأنهن يمتن فى خلال الضربات الآتية = فلا تعدن ترين الباطل أو عرافة.

تنجسننى عند شعبى = هن كن يستخدمن إسم يهوة فى ممارساتهن هذه. كمن يستخدم المزامير الآن بطريقة غير لائقة فى أعمال لا ترضى الله.

 

زر الذهاب إلى الأعلى