يو5: 2 وفي أورشليم عند باب الضان بركة، يُقال لها بالعبرانية بيت حسدا…
“1وَبَعْدَ هذَا كَانَ عِيدٌ لِلْيَهُودِ، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 2وَفِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ الضَّأْنِ بِرْكَةٌ يُقَالُ لَهَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ «بَيْتُ حِسْدَا» لَهَا خَمْسَةُ أَرْوِقَةٍ. 3فِي هذِهِ كَانَ مُضْطَجِعًا جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ مَرْضَى وَعُمْيٍ وَعُرْجٍ وَعُسْمٍ، يَتَوَقَّعُونَ تَحْرِيكَ الْمَاءِ. 4لأَنَّ مَلاَكًا كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَانًا فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعْدَ تَحْرِيكِ الْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ اعْتَرَاهُ. 5وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 6هذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعًا، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَانًا كَثِيرًا، فَقَالَ لَهُ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟» 7أَجَابَهُ الْمَرِيضُ:«يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أَنَا آتٍ، يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ». 8قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ». 9فَحَالاً بَرِئَ الإِنْسَانُ وَحَمَلَ سَرِيرَهُ وَمَشَى. وَكَانَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ سَبْتٌ.” (يو5: 1-9)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“وفي أورشليم عند باب الضان بركة،
يُقال لها بالعبرانية بيت حسدا،
لها خمسة أروقة”. (2)
يتحدث عن البركة والخمسة أروقة بكونها كانت قائمة في أثناء كتابة السفر. ويرى البعض أن البركة وأروقتها لم تُدمر بتدمير الهيكل في أورشليم والخراب الذي حلَّ بأورشليم. ويرى البعض أنه في نسخ كثيرة يُستشف من الحديث أنها لم تكن قائمة. اُكتشفت البركة حديثًا، وهي بجوار كنيسة القديسة حنة. أظهرت الحفريات أن البركة مطوّقة بمستطيل به أربعة أروقة مع مجرى خامس عبر البركة يقسمها إلى قسمين.
“بيت حسدا” Bethesda وليست بيت صيدا Bethsaida كما جاءت في بعض النسخ. الكلمة العبرية Bethchasdah وتعني “بيت الرحمة”. ربما أخذت اسمها من مراحم الله التي ظهرت بشفاء الذين ينزلون فيها.
“باب الضأن”: الأرجح أن هذا الباب سُمى كذلك، لأن الكهنة كانوا يغسلون غنم الذبائح ويأتون بها إلى الهيكل.
تشير البركة إلى المعمودية حيث يتمتع المؤمنون بالولادة الجديدة والشفاء من الخطية.
تشير الأروقة الخمسة إلى الناموس الذي سُجل خلال أسفار موسى الخمسة؛ يدخل منها المرضى إلي البركة، ليدرك الداخلون أنهم مرضي وفي حاجة إلى الطبيب السماوي.
الملاك النازل من السماء يشير إلى كلمة الله المتجسد، الطبيب السماوي.
شفاء شخص واحد يشير إلى الكنيسة الواحدة التي تتمتع بالشفاء من الخطية.
تحريك الماء يشير آلام المسيح حيث ثارت الجموع عليه. كما يحمل تحريك الماء معنى أن مياه البركة تصير أشبه بمياه جارية حية، كمياه المعمودية التي يعمل الروح فيها فيولد الإنسان ميلادًا روحيًا كما أعلن السيد المسيح لنيقوديموس (يو 3). وتشير إلى عطية السيد المسيح كقول السيد للسامرية، أن من يشرب من هذا الماء لا يعطش.
v كان هذا الماء هو الشعب اليهودي، والخمسة أروقة هي الناموس، لأن موسى كتب خمسة كتب. لذلك كان الماء مطوقًا بخمسة أروقة كما كان هذا الشعب مُحكمًا بالناموس. اضطراب الماء هو آلام الرب الذي حلَّ بين الشعب. الشخص الذي كان ينزل ويُشفى وهو شخص واحد، لأن هذه هي الوحدة.
الذين يرفضون آلام المسيح هم متكبرون. إنهم لا ينزلون، فلا يُشفون. إنهم يقولون: “هل أؤمن بأن الله تجسد، أن الله ولد من امرأة، وأن الله صُلب وجُلد ومات وجُرح ودُفن؟ حاشا لي أن أؤمن بأن هذه من الله، إنها لا تليق بالله. دعْ القلب يتكلم لا الرقبة. فإنه بالنسبة للمتكبرين يبدو لهم تواضع الرب إنه غير لائق به. لهذا فالتمتع بالصحة أمر بعيد عنهم. لا تتكبر، إن أردت أن تُشفى فلتنزل.
v انتبهوا أيها الأحباء، فإن الناموس قد أُعطي لهذه الغاية، أن يكشف عن الأمراض لا أن ينزعها. هكذا فإن هذا القطيع المريض الذي كان يمكن أن يكون مرضى في بيوتهم في سرية عظيمة لو لم توجد هذه الأروقة الخمسة. بدخولهم الأروقة الخمسة صاروا معروفين في أعين كل البشر لكن هذه الأروقة لا تشفيهم.
v إذن فالناموس نافع في كشف الخطايا، لأن ذلك الإنسان يصير بالأكثر مذنبًا جدًا بتعديه للناموس، فيمكن أن يلجم كبرياءه، ويتلمس معونة ذاك الذي يتحنن. أنصت إلى الرسول: “دخل الناموس لكي تكثر الخطية، ولكن حيث كثرت الخطية تزداد النعمة جدًا” (رو ٥: ٢٠)… وفي موضع آخر: “حيث لا ناموس ليس هناك تعدِ” (رو ٤: ١٥). يمكن أن يُدعى الإنسان خاطئًا قبل الناموس، لكن لا يمكن أن يدعى متعديًا. ولكنه إذ أخطأ تسلم بعد ذلك الناموس، فوُجد ليس فقد خاطئًا بل ومتعديًا. فإذ أضيف التعدي على الخطية لذلك “كثرت الخطية”. وعندما كثرت الخطية تعلم الكبرياء البشري في النهاية أن يخضع وأن يعترف لله ويقول: “أنا ضعيف”.
v كان قد اقترب وقت تسليم المعمودية، وهي تحمل قوة كثيرة، وأعظم البركات. تظهر كما في صورة بواسطة البركة والظروف الأخرى الملازمة…إذ يرغب الله أن يقترب بنا إلي الإيمان بالمعمودية، فإنها ليس فقط تشفى الرجاسات بل والأمراض أيضًا.
تفسير الأب متى المسكين
2:5- وَفِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ الضَّأْنِ بِرْكَةٌ يُقَالُ لَهَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ «بَيْتُ حِسْدَا» لَهَا خَمْسَةُ أَرْوِقَةٍ.
«باب الضأن»: هذا الباب هو في سور مدينة أورشليم من ناحية الشرق وكان قريباً من الهيكل (أنظر نح 1:3). وفي سفر نحميا يذكر ان بناء هذا الباب كان من نصيب الكهنة. ويبدو أنه كان ذا صلة خاصة بالذبائح التي تدخل منه للهيكل.
«بركة بيت حسدا»: أبحاث كثيرة أجراها العلماء حول هذا الاسم: من «بيت زاتا» (بيت الزيتون)، إلى «بيت صيدا» محورة، إلى «أيت إزدا» (بيت الفيضان). كما وُجد اسها منقوشاً في درج من النحاس في حفريات وادي قمران مكتوباً هكذا (Bet Esdatayan)، ويعني «بيت إزد المجوز» (أي ذو العينين). بعنى أذن البركة لها حوضان يفيض فيهما الماء. ولكن أصح القراءات جميعاً ما جاء في النسخة الإسكندرانية اسم «بيت حسدا» وتعني «بيت الرحمة» بسبب الأشفية التى كانت تجرى فيها.
والعجيب أن النقاد سلطوا نقدهم على إنجيل يوحنا بخصوص هذه البركة بهذا الاسم معتقدين أن القديس يوحنا اخترع هذا الاسم لهذه البركة, إذ كانت قد اندثرت معالمها, ولكن في هذا القرن تم اكتشاف هذه البركة بجوار كنيسة القديسة حنة بواسطة رهبان الآباء البيض. ولما أكملوا حفرياتهم ظهرت البركة ولها بالفعل خمسة أروقة. والبركة مساحتها كبيرة، فهي بعرض 165-220 قدماً وطولها 315 قدماً، مقسومة من نصفها بحاجز جعلها بركتين: واحدة شمالية والأخرى جنوبية، ولها على جوانبها الأربعة صفوف أعمدة، وكذلك على الحاجز الذي يقسمها. وبذلك ظهرت الخمسة الأروقة، ولها منزل مدرج كسلالم.
وقول القديس يوحنا أن هذه البركة يقال لها «بالعبرانية» بيت حسدا، يقصد اللغة الآرامية الدارجة بين الشعب (العائد من السبي). كما يلاحظ أن هذا الاسم يفيد مبنى أكثر منه نبع ماء، لأن الخمسة أروقة جعلت منه مصحة يؤمها المئات. وقد قام ببنائها بعض الخيرين ويقال أن هيرودس الكبير هو الذي أقامها. وقد ظلت هذه المصحة قائمة حتى إلى ما قبل خراب أورشليم سنة 70 م.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (2): “وفي أورشليم عند باب الضأن بركة يقال لها بالعبرانية بيت حسدا لها خمسة أروقة.”
باب الضأن= هو باب في سور أورشليم بجانبه الحظيرة التي يأتون منها بالخراف لتقديمها ذبائح. وحينما فشلت ذبائح الناموس في شفائنا أتى المسيح ليشفينا. بركة بيت حسدا= أي بركة بيت الرحمة. وإسمها هذا راجع للأشفية التي كانت تجري فيها. ولقد طالما هاجم نقاد الكتاب المقدس هذا النص إذ لم يستدلوا على بركة بهذا الإسم إلى أن تم إكتشاف البركة فعلاً ووجدوا لها 5 أروقة ووجدوا أنها إنطمست أثناء غزو الرومان. والأروقة هي دهاليز مسقوفة تستعمل كأماكن إنتظار للمرضى. والبركة طولها 100متر. وعرضها يتراوح بين 50-70متر. وحولها أعمدة قسمت المساحة لخمس صالات للإنتظار. وكان اليهود يستخدمون هذه البركة للتطهير الناموسي ويتركون ملابسهم في الأروقة ليغتسلوا فيها. إلى أن حدثت ظاهرة تحريك الماء فتحولت البركة إلى مكان إستشفاء. وكان المرضى يضطجعون في هذه الأروقة. وكانت هذه الظاهرة علامة على قرب مجيء المسيح الشافي الذي كان اليهود ينتظرونه.
معاني الأرقام: 5 أروقة + المقعد له 38سنة. ورقم 5 يشير للنعمة وللمسئولية ورقم 38 يشير لسنوات تيه الشعب في البرية (تث14:2). والمعنى أن العالم قبل المسيح كان في تيه بلا أمل في الشفاء إلى أن أدركته نعمة المسيح.