تفسير سفر حزقيال ٢٧ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السابع والعشرون

تفسير لبعض الكلمات الواردة فى الإصحاح 1- سنير (5) هو الإسم الأمورى المرادف لحرمون تث 3 : 9   2- البقس (6) شجر كالآس وخشبه صلب ثمين وإستخدامه يدل على العظمة والغنى، خصوصاً بتطعيم العاج فيه   3- كتيم (6) كانت أصلاً تعنى قبرص، ثم صارت تعنى كل جزر البحر الأبيض وسواحله البعيدة. 4- القلافون (9) هم عمال صيانة المراكب أثناء رسوها، فهم يسدون الثغرات ثم يطلونها بالقار. 5 – لود (10) ليديا – فوط (10) ليبيا  ترشيش (12) هى ميناء فى أسبانيا  6- الواحك (5) الألواح التى تصنع منها المراكب  7- حنطة منيت (17) قمح من بلدة فى كنعان إسمها منيت. وكل أرض كنعان كانت أرض حنطة كما ورد فى تث 8:8    8 – حلاوى (17) هو نوع من الحبوب تصنع منها الحلوى.  9 – البلسان (17) راتنج يستخرج من بعض الأشجار ويصنع منه مرهم عطرى ويستخدم كدواء ومسكن للألم.

10 – أصونة مبرم (24) صناديق لحفظ النفائس  11 – معكومة (24) مربوطة  12- المسكتة = (32) المدمره

 

الآيات 1 – 25 :- و كان الي كلام الرب قائلا. و انت يا ابن ادم فارفع مرثاة على صور. و قل لصور ايتها الساكنة عند مداخل البحر تاجرة الشعوب الى جزائر كثيرة هكذا قال السيد الرب يا صور انت قلت انا كاملة الجمال. تخومك في قلب البحور بناؤوك تمموا جمالك. عملوا كل الواحك من سرو سنير اخذوا ارزا من لبنان ليصنعوه لك سواري. صنعوا من بلوط باشان مجازيفك صنعوا مقاعدك من عاج مطعم في البقس من جزائر كتيم. كتان مطرز من مصر هو شراعك ليكون لك راية الاسمانجوني و الارجوان من جزائر اليشة كانا غطاءك.اهل صيدون و ارواد كانوا ملاحيك حكماؤك يا صور الذين كانوا فيك هم ربابينك. شيوخ جبيل و حكماؤها كانوا فيك قلافوك جميع سفن البحر و ملاحوها كانوا فيك ليتاجروا بتجارتك. فارس و لود و فوط كانوا في جيشك رجال حربك علقوا فيك ترسا و خوذة هم صيروا بهاءك. بنو ارواد مع جيشك على الاسوار من حولك و الابطال كانوا في بروجك علقوا اتراسهم على اسوارك من حولك هم تمموا جمالك. ترشيش تاجرتك بكثرة كل غنى بالفضة و الحديد و القصدير و الرصاص اقاموا اسواقك. ياوان و توبال و ماشك هم تجارك بنفوس الناس و بانية النحاس اقاموا تجارتك. و من بيت توجرمة بالخيل و الفرسان و البغال اقاموا اسواقك. بنو ددان تجارك جزائر كثيرة تجار يدك ادوا هديتك قرونا من العاج و الابنوس. ارام تاجرتك بكثرة صنائعك تاجروا في اسواقك بالبهرمان و الارجوان و المطرز و البوص و المرجان و الياقوت. يهوذا و ارض اسرائيل هم تجارك تاجروا في سوقك بحنطة منيت و حلاوى و عسل و زيت و بلسان. دمشق تاجرتك بكثرة صنائعك و كثرة كل غنى بخمر حلبون و الصوف الابيض. و دان و ياوان قدموا غزلا في اسواقك حديد مشغول و سليخة و قصب الذريرة كانت في سوقك. ددان تاجرتك بطنافس للركوب. العرب و كل رؤساء قيدار هم تجار يدك بالخرفان و الكباش و الاعتدة في هذه كانوا تجارك. تجار شبا و رعمة هم تجارك بافخر كل انواع الطيب و بكل حجر كريم و الذهب اقاموا اسواقك. حران و كنة و عدن تجار شبا و اشور و كلمد تجارك. هؤلاء تجارك بنفائس باردية اسمانجونية و مطرزة و اصونة مبرم معكومة بالحبال مصنوعة من الارز بين بضائعك. سفن ترشيش قوافلك لتجارتك فامتلات و تمجدت جدا في قلب البحار.

إرفع مرثاة على صور = صور فى عظمتها ستخرب وتصير كلا شئ، وهذا محزن جداً لله، ولكن هكذا هى الخطية تخرب وتدمر كل شئ. ولذلك نجد الله يطلب من النبى أن يرفع مرثاة على صور، فصور صنع يديه وكان يود لو لم تخرب. هنا يشبه صور بسفينة، فهى دولة بحرية كل تجارتها فى السفن فكان هذا التشبيه مناسباً جداً. وهذه السفينة لها ألواح (آية 5) وسوارى (5) ومجاديف ومقاعد (6) وأشرعة (7) ولها ملاحون (8) وربابنة وقلافون (9). بل لها أسلحة دفاعها وجيشها وأبراجها وأتراسها. ولها تجارة فى كل شئ. فهى فاخرة فى صناعتها وطاقمها ممتاز ولا ينقصها شئ. ولكن من الملاحظ أن فى هذا الإصحاح ذكرت أسماء كثيرة (سنير، لبنان، باشان، كتيم، مصر إليشة، صيدون… الخ) وهذه الأمم تقريباً تشمل العالم المعروف وقتئذ. كلهم إشتركوا فى صنع هذه السفينة، سفينة صور. فماذا تكون هذه السفينة سوى الجنس البشرى، الإنسان، عمل يدى الله محب البشر الذى خلقه وسلطه على كل الخليقة. ولم يرد أن يحرمه من شئ بل أشبعه من كل شئ، ولنقرأ تفاصيل الخيرات الموجودة فى هذا الإصحاح، ولنتأمل خيرات الله التى أفاض بها علينا من أنواع مأكولات ومشروبات، من ألوان وروائح، من خامات فى الأرض وفى باطن البحر، من توابل و…. الخ. وتشبيه السفينة مناسب جداً فهو يشير إلى رحلة الحياة التى يعيشها الإنسان فى العالم ليدخل إلى الميناء فى نهاية رحلة حياته. وكأن المرثاة لم تكن فقط على صور، بل على كل الجنس البشرى بسبب خرابه وما حدث له نتيجة الخطية. ولكن ما هى هذه الخطية التى سقط فيها الجنس البشرى. لقد خلقة الله جميلاً جداً، وسر جماله راجع إلى الله ولكنه سقط حين قال أنا كاملة الجمال (آية 3). أى حين شعر أن جماله راجع لنفسه، وليس راجعاً لله، فوقع فى خطية الكبرياء والإنفصال عن الله. وهذا الإنفصال عن الله هو الذى أدى للموت وفساد الطبيعة البشرية. ولذلك حزن الله الآب المحب على أولاده، وها هو يرثيهم فى هذا الإصحاح. ولاحظ أن الله خلق السفينة أى الإنسان وبها كل ما تحتاجه لتبحر بسهوله وأمان، وأعد لها كل أنواع الأسلحة للدفاع عن نفسها ضد عدوها الشيطان. ولكن للأسف سقطت فى نفس سقطة الشيطان. فسقطة الشيطان أنه شعر بأن جماله وقوته هو مصدرها وليس الله فسقط. ولكن الإنسان بلا عذر فالله أعد له كل شئ. ولكن شكراً لله فلم يكن خراب هذه السفينة نهاية للإنسان بل كانت هناك سفينة أخرى، سفينة نوح التى ترمز للكنيسة أو الإنسانية  المتمتعة بالخلاص الإلهى، والمتجددة خلال صليب المسيح. ولذلك تبنى الكنائس على شكل سفن.

الآيات 11 – 19 :- هنا نرى غرق المركب المشار إليه فى الآيات السابقة أى سقوط صور العظيم، والسبب حماقة ملاحيها حين أتوا بها إلى مياه كثيرة = عميقة وخطيرة. وسقوط صور هنا هو رمز لسقوط الجنس البشرى كله فى مياه الموت العميقة بلا أمل فى نجاة. وسقوط صور كانت المياه العميقة فيه إشارة لحماقة رؤسائها إذ تحدوا نبوخذ نصر فدمرهم. والمياه الكثيرة العميقة للجنس البشرى كانت فى عصيان وصايا الله وبالتالى الإنفصال عنه، والنتيجة الطبيعية هى الموت “إن أكلت موتاً تموت”. وكان غضب نبوخذ نصر على صور مثل الريح الشرقية كسرت السفينة. وهذه الريح الشرقية هى رمز لغضب الله على الإنسان. والكل سقط، السفينة بمن فيها. (آية 27). وكان صراخ للربابنة = فهم الذين قادوا السفينة لذلك، وهو صراخ وأنين البشر الآن وهذا يظهر فى علامات الحزن يذرون تراباً ويجعلون فى أنفسهم قرعة = أى يحلقون رؤوسهم كعلامة حزن. ويتنطقون بالمسوح. ولنلاحظ أن هذه الآيات تنطق أيضاً على خراب العالم النهائى فى الأيام الأخيرة (وراجع رؤ 18). وهذه الصورة تتكرر دائماً لكل مكان فيه خطية ولكل نفس خاطئة. ويتحير الناس ويقشعرون وملوكهم يضطربون والتجار يصفرون = متعجبين من الأهوال والخراب. ولكن لا داعى للعجب فياليت كل نفس تعلم أن الخطية نتيجتها الأهوال والدمار، وبدلاً من أن نتحير فلنقدم توبة فنجد سلاماً لنفوسنا. 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى