تفسير سفر إشعياء ٣٣ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الثالث والثلاثون
أخر النبوات المتعلقة بسنحاريب وكان حزقيا قد أرسل ذهب وفضة الهيكل لسنحاريب فقبل أولاً أن يترك المدينة لكنه نكث العهد، ثم أرسل ربشاقي وعيَر الله وحاصر المدينة ولكن النبي تنبأ هنا بنجاتها.
آية (1) ويل لك أيها المخرب. و أنت لم تخرب و آيةا الناهب و لم ينهبوك حين تنتهي من التخريب تخرب و حين تفرغ من النهب ينهبونك.
ويل لأشور المخرِب فهو سيخرب. وويل لبابل ولكل مقاوم للكنيسة وكل عدو متشامخ على اللهوعلى شعبه. الله يستعمل هؤلاء الأعداء كعصا تأديب ثم يعاقبهم هم. وهذا الكلام ينطبق على الشيطان الذي بشروره يستخدمها الله لتأديبنا ثم أخيراً سيلقيه في البحيرة المتقدة بالنار.
آية (2) يا رب تراءف علينا إياك انتظرنا كن عضدهم في الغدوات خلاصنا أيضا في وقت الشدة.
صلاة النبي. في الغدوات = فهم وجدوا أشور جثثاً في الصباح ومراحم الله جديدة كل صباح (مرا 3 : 22، 23) هذه الصلاة لأجل البقية المقدسة التي عاشت داخل أورشليم من جيش أشور.
آية (3) من صوت الضجيج هربت الشعوب من ارتفاعك تبددت الأمم.
هنا استجابة سريعة لصلاة النبي في آية (2). والله إستجاب بأكثر مما طلبوا فهم تخلصوا من أعدائهم وأيضاً نهبوهم. صوت الضجيج = وتترجم زئير هو صوت الله المرعب للأعداء. والشعوب= جيش أشور مكون من شعوب كثيرة.
آية (4) و يجنى سلبكم جني الجراد كتراكض الجندب يتراكض عليه.
حينما أكتشف الشعب موت جيش أشور سلبوا ما قد تركوه وسلبت بابل أشور.
آيات (5، 6) تعالى الرب لأنه ساكن في العلاء ملأ صهيون حقا و عدلا. فيكون آمان أوقاتك وفرة خلاص و حكمة و معرفة مخافة الرب هي كنزه.
حينما يظهر الله عدله ويحكم ضد أعداء شعبه ويملأ صهيون حقاً وعدلا يكون الشعب في أمان. وعادة مايكون أوقات الآمان مدعاة للشر ولكن الآن سيكون وفرة خلاص وحكمة فمخافة الرب هي كنز الشعب.
آيات (7، 9) هوذا أبطالهم قد صرخوا خارجا رسل السلام يبكون بمرارة. خلت السكك باد عابر السبيل نكث العهد رذل المدن لم يعتد بإنسان. ناحت ذبلت الأرض خجل لبنان و تلف صار شارون كالبادية نثر باشان و كرمل.
أبطالهم = أي أبطال يهوذا المرسلون ليطلبوا الصلح من سنحاريب ورجعوا وثيابهم ممزقة (36: 22) وكان حالهم محزن إذ لم يستطيعوا سوى الصراخ في عجز وخوف. خلت السكك= خوفا من الآشوريين الذين نكثوا العهد. رذل المدن = لم يهتم بها بل حطمها ولقد أحرق سنحاريب 46 مدينة من يهوذا قبل أن يحاصر أورشليم. لبنان مشهور بأرزه. شارونمشهور بوروده. باشان = مشهور بمراعيه والكرمل مشهور بقمحه.
آيات (10 – 12) الآن أقوم يقول الرب الآن اصعد الآن ارتفع. تحبلون بحشيش تلدون قشيشا نفسكم نار تأكلكم. و تصير الشعوب وقود كلس أشواكا مقطوعة تحرق بالنار.
تكرار الآن تدل على غضب الله الشديد. وتحبلون حشيشاً وتلدون قشيشا أي قش. وهذا يشير لخيبة مقاصد أشور. فما يعجز الإنسان أن يعمله هذا يعمله الله. ونفسكم نار أكلة = كان كلام الكبرياء والتجديف الذي خرج من أفواه الأشوريين سبباً في هلاكهم. فالآية تقول أنهم أهلكوا أنفسهم أشواكاً مقطوعة = أي يابسة تحرق سريعاً.
آيات (13، 14) اسمعوا آيةا البعيدون ما صنعت و اعرفوا آيةا القريبون بطشي. ارتعب في صهيون الخطاة أخذت الرعدة المنافقين من منا يسكن في نار آكلة من منا يسكن في وقائد أبدية.
البعيدون = هم الأمم والقريبون = هم اليهود. فالدعوة تشمل الجميع وهى تحذير لهم من بطش الله فكما أن هناك خطايا للأمم هكذا هناك خطايا لليهود. والتحذير هنا أن غضب الله كنار أكلة تحرق الخطاة ومن يحتمل. نار الله هي أشور ضد أورشليم، وهى ملاك الله ضد أشور، ومن يتوب يهرب من نار الله.
آية (15) السالك بالحق و المتكلم بالاستقامة الراذل مكسب المظالم النافض يديه من قبض الرشوة الذي يسد أذنيه عن سمع الدماء و يغمض عينيه عن النظر إلى الشر.
لن يستطيع الوقوف قدام الله إلا من هذه مواصفاته و بها يرضى الرب يسد أذنيه عن سمع الدماء = لا يستمع لمؤامرات قاصدي سفك الدماء.
آية (16) هو في الأعالي يسكن حصون الصخور ملجأه يعطي خبزه و مياهه مأمونة.
مثل هذا آية (15) يسكن في الأمان. الأعالي = الله يكون حصناً له.
آية (17) الملك ببهائه تنظر عيناك تريان أرضا بعيدة.
الإنسان البار في يهوذا ينظر الملك حزقيا وقد خلع المسوح وارتدى ملابسه ببهائه ويرى أرضا بعيده = أي يخرج من أسر وحصار أورشليم ولكن المعنى المقصود أبعد من ذلك، أن يرى المسيح في بهاء مجده ويرى الأرض الجديدة البعيدة الآن وهى السماء.
آية (18) قلبك يتذكر الرعب أين الكاتب أين الجابي أين الذي عد الأبراج.
وحين يتذكر الأيام الماضية. يذكر الرعب = رعب الكاتب = الذي يعد أسرى اليهود. والجابي = الذي يقبض الجزية. والذي يعد الأبراج = ليهدمها ولكنه لا يجدهم (وهؤلاء يرمزون للشياطين)
آية (19) الشعب الشرس لا ترى. الشعب الغامض اللغة عن الإدراك العيى بلسانٍ لا يفهم .
الشعب الشرس = أشور / الشياطين. غامض اللغة = الشياطين لا تعرف المحبة.
آية (20) انظر صهيون مدينة أعيادنا عيناك تريان أورشليم مسكنا مطمئنا خيمة لا تنتقل لا تقلع أوتادها إلى الأبد و شيء من أطنابها لا ينقطع.
أنظر صهيون بعد نجاتها من أشور وعودتها لحالتها الأولى ولأعيادها وأفراحها. وخيمة لا تنتقل = لا يحطمها حتى الموت وهى أبدية. والمدينة الثابتة إلى الأبد هي أورشليم السماوية حيث نرى الله ونعيش معه للأبد.
آية (21) بل هناك الرب العزيز لنا مكان انهار و ترع واسعة الشواطئ لا يسير فيها قارب بمقذاف و سفينة عظيمة لا تجتاز فيها.
أورشليم مدينة بلا أنهار، ولكن الرب سيكون لها نهرا وسفن الأعداء لا تدخل هذا النهر ( نهر يعطى أيضاً خصوبة وثمار)، وحيث لا أعداء ستحيا المدينة في سلام فالله هو حامى أورشليم (الكنيسة) ولكن هذه الآية لها معنى أخر. فالأنهار تشير للروح القدس الذي يحملنا على شرط أن لا نقاومه. وماذا يقاوم تيار النهر إلا السفن ذات الشراع أو القوارب التي لها مجداف فمن له مجداف أو شراع فهو يتحكم في وجهته، أما من يترك نفسه لروح الله فهو يحمله (راجع يو 3 :8).
آية (22) فان الرب قاضينا الرب شارعنا الرب ملكنا هو يخلصنا.
الرب يملك في كنيسته، وهو الذي يُشَرِع لها، قدم إنجيله دستوراً لمملكته. ويقضى بالحب، هو ملك على كنيسته إذ خلصها واشتراها.
آية (23) ارتخت حبالك لا يشددون قاعدة ساريتهم لا ينشرون قلعا حينئذ قسم سلب غنيمة كثيرة العرج نهبوا نهبا.
الكنيسة مشبهة هنا بسفينة ارتخت حبالها لكسل الملاحين، ولكن لأن الرب يملك على كنيسته لن يتركها، كما لم يترك أورشليم وهو غاضب عليها بل خلصها بذراعه، ونهب سكان أورشليم غنيمة أشور. و شعب أورشليم هنا مشبه بالأعرج = لتكاسلهم ومع هذا كان لهم نصيب في الغنيمة، غنيمة أشور، فالله يعطى قوة لشعبه بها يهزمون عدوهم إبليس.
آية (24) و لا يقول ساكن أنا مرضت الشعب الساكن فيها مغفور الإثم
هذه هي الكنيسة التي يتمتع فيها المؤمنون بغفران الخطايا فلا تمرض بل تكون صحيحة دائماً كعضو أو أعضاء صحيحة في جسد المسيح. فاليهود كانت لهم عقيدة أن المرض نتيجة للخطية. الله سينزع من الكنيسة (أورشليم) خطيتها ومرضها، وستتمتع الكنيسة بغفران خطاياها، خلال التوبة الدائمة.