تفسير سفر إشعياء ٤٦ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح السادس والأربعون

 

بعد سقوط بابل أمام كورش الذي يؤمن بالإله الواحد، لم يشفق كورش على آلهة بابل الكثيرة، بل جردوها من جواهرها وحملوا الآلهة على الحيوانات كغنائم حرب. وهنا يقارن هذه الآلهة المحمولة بالله الذي يحمل إسرائيل كطفله فالبعض يحملون آلهتهم ودياناتهم والبعض وهم نحن يحملنا إلهنا وديننا.

و الله هنا يدعو الشعب للاستهزاء بآلهة بابل فهي غير قادرة على أن تمنعهم من الرجوع إلى أورشليم وخلاصهم. وكم كانت هذه الآيات مشجعة للشعب وقت الرجوع. لذلك يطلب الله من شعبه أن لا يساووا بينه وبين هذه الآلهة العاجزة المحمولة، وهو حامل الجميع بكلمة قدرته (عب 1 :3) وهو الذي يقول حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إلىَ (خر 19 : 4 + تث 1 : 31 ) بل هو حمل عنا خطايانا.

آيات 1-5

آية (1) قد جثا بيل انحنى نبو صارت تماثيلهما على الحيوانات و البهائم محمولاتكم محملة حملا للمعيي.

بيل = أسم إله بابلي ومنه تنسب أسماء مثل بيلشاصر. وهو يناظر الاسم العبري بعل أي السيد وغالباً هو نفسه الإله مرودخ. نبو = أسم اله آخر ينسب له أسماء مثل نبوخذ نصر وهذين الإلهين هما أعظم آلهة بابل, وقد حطم الفرس تماثيلهم فكأنها جثث وحملها الفرس على البهائم ليس كآلهة بل لقيمة المعدن المصنوعة منه فقط.

 

آية (2) قد انحنت جثت معا لم تقدر أن تنجي الحمل و هي نفسها قد مضت في السبي.

قد انحنت جثث = الحيوانات المُتعَبة من حمل هذه التماثيل انحنت وهذه الآلهة لم تستطع أن تعينها.

 

آيات (3-5) اسمعوا لي يا بيت يعقوب و كل بقية بيت إسرائيل المحملين علي من البطن المحمولين من الرحم.و إلى الشيخوخة أنا هو و إلى الشيبة أنا احمل قد فعلت و أنا ارفع و أنا احمل و انجي. بمن تشبهونني و تسوونني و تمثلونني لنتشابه.

كل بقية إسرائيل = الباقين من الحرب مع بابل وذهبوا للسبي في بابل المحملين علىَ = الله يحمل شعبه من وقت ولادتهم في الرحم إلى وقت شيخوختهم وذلك برعايته لهم وتدبيره كل أمورهم ومواعيده الثابتة لهم واحتماله لهم ثم بغفران خطاياهم. قد فعلت وأنا أرفع = الله أرسلهم للسبي لتأديبهم وها هو يعيدهم من السبي. وهو أسلمنا لإبليس بسبب خطايانا فاستعبدنا وها هو يرفع عبودية إبليس عنا ويغفر لنا خطايانا.

آيات 6-11

آية (7،6) الذين يفرغون الذهب من الكيس و الفضة بالميزان يزنون يستأجرون صائغا ليصنعها ألها يخرون و يسجدون. يرفعونه على الكتف يحملونه و يضعونه في مكانه ليقف من موضعه لا يبرح يزعق احد اليه فلا يجيب من شدته لا يخلصه.

يفرغون الذهب = ينفقون مبالغ باهظة لصنع آلهة لهم. كم ننفق نحن على شهواتنا التي نتعبد لها. يجب أن نخجل من قلة عطايانا للإله الحقيقي.

 

آية (8-10) اذكروا هذا و كونوا رجالا رددوه في قلوبكم آية العصاة. اذكروا الاوليات منذ القديم لاني انا الله و ليس اخر الاله و ليس مثلي. مخبر منذ البدء بالاخير و منذ القديم بما لم يفعل قائلا رايي يقوم و افعل كل مسرتي.

كونوا رجالاً = من مميزات الرجال الثبات والشجاعة واحتمالات المشقات. أيها العصاة = الذين يختارون الخطية ويستغنون عن الله. وهذا قاله بولس الرسول لأهل كورنثوس (1 كو 16 : 13) إذاً نفهم أن الله يريدهم أن يكونوا رجالاً ويتخذوا قراراً ثابتاً بأن يتركوا عبادة الأوثان ويعبدوه هو.

 

آية (11) داع من المشرق الكاسر من ارض بعيدة رجل مشورتي قد تكلمت فاجريه قضيت فافعله.

الكاسر = طائر من الجوارح مثل النسر. وكورش سُمِى بهذا الاسم لأنه سريع الحركة ولشدته وكان له أنف تشبه الكواسر فسموه هكذا فعلاً. وقد أتى كورش من المشرق فعلاً كنسر أنقض على بابل وخطفها  كفريسة رمزاً للمسيح شمس البر المُشرِق من المَشرِق الذي أنقض على عدو الخير وحطم مملكته. من أرض بعيده = كانت فارس ومادى آخر البلاد المعروفة ولكن هذه تشير للمسيح الآتي من السماء. رجل مشورتي = الذي يحقق إرادة الآب.

آيات 12-13

آيات (12، 13) اسمعوا لي يا أشداء القلوب البعيدين عن البر. قد قربت بري لا يبعد و خلاصي لا يتأخر و اجعل في صهيون خلاصا لإسرائيل جلالي.

قد قرَبت برى = بر الله الذي سيعطيه للمؤمنين أي خلاصهم هذا قد أقترب موعده. هذه مثل ها أنا آتى سريعاً (رؤ 22 :20). لإسرائيل جلالي = مجد الرب وجلاله سيكونان في وسط كنيسته (زك 2 :5) “وأكون في وسطها مجداً” إذا أجتمع أثنين أو ثلاثة بأسمى فأنا أكون في وسطهم” وجود المسيح وسط كنيسته مجد لها. هذه الآيات دعوة لكل إنسان حتى لا يتردد في قبول الخلاص.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى