يو2: 6 وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود…

 

1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. 2وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. 3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ:«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ:«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». 6وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ:«اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ:«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». 11هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. (يو2: 1-11)

+++

تفسير الأب متى المسكين 

 

6:2- وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثلاَثَةً.

الستة الأجران للتطهير لستة أيام الأسبوع، لأن السابع وهو السبت ليس فيه خروج ولا دخول ولا عمل ما فليس له تطهيرات. وكان كل جرن يخصص ليومه، أما سعتها الكبيرة فلأن التطهيرات كانت قد فاقت عن الحد, فليس اليدان فقط بل والقدمان والأوعية هي التي تتطهر، وقبل وبعد الأكل, حتى الكراسي وشلت الجلوس والأسرة: «لأن الفريسيين وكل اليهود إن لم يغسلوا أيديهم باعتناء لا يأكلون متمسكين بتقليد الشيوخ، ومن السوق إن لم يغتسلوا لا يأكلون، وأشياء أخرى كثيرة تسلموها للتمسك بها من غسل كؤوس (أكواب الماء والخمر) وأباريق وآنية نحاس (الحلل) وأسرة.»»(مر3:7-4‏)
‏وهذه الآواني الفخارية الكبيرة الحجم لا تزال تستخدم في نفس المناطق المذكورة, ويوجد منها أحجام أكبر في الأديرة إلى الآن.
مطرين أو ثلاثة:
‏هذا المقياس يساوي في جملة الأجران الستة حوالي 134 جالونا. علمأ بأن الجالون يساوي 4.54 لتراً

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب

 

وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود،

يسع كل واحدٍ مطرين أو ثلاثة”. (6)

كانت تُستخدم ستة أجران حسب أيام الأسبوع من الأحد حتى الجمعة، كل جرن يخصص ليومٍ معينٍ للتطهير، أما السبت يوم العبادة والراحة فلا يمارس فيه الشخص عملاً يحتاج إلي تطهير.

ليس عجيبًا أن يحول السيد المسيح الماء إلى خمرٍ، فهو الذي يخرج من الأرض خمرًا (مز ١٠٩: ١٤-١٥)، حيث يهب الأرض أن تنتج كرومًا يُعصر عنبها ويتحول إلى خمر.

بدأ موسى معجزاته في الضربات العشر بتحويل الماء إلى دمٍ فيه مرارة وموت، لأن الكل كسروا الناموس، وصاروا تحت اللعنة والموت. أما السيد المسيح فحول الماء إلى خمر، حيث قدم رسالة الخلاص المبهجة. جاء المسيح لا ليدين العالم بل ليخلص، ويهب شبعًا وبهجة ومجدًا داخليًا. دعوته الإنجيلية هي: تعالوا إلى الماء واشتروا خمرًا (إش ٥٥: ١).

كانت هذه الأجران تُستخدم للتطهير، إذ لم يكن يجوز لليهودي أن يأكل ما لم يغتسل أولاً (مر ٧: ٣). كما كان هذا الماء يُستخدم في بعض الطقوس الأخرى الخاصة بالتطهير. وكان المثل السائد بين اليهود: “من يستخدم ماء أكثر في الاغتسال ينال صحة أوفر في هذا العالم”.

كانت هذه الأجران للماء فقط لا يوضع فيها خمر، وكانت من الحجارة، حتى إذا وضع فيها خمر قبلاً لا يبقى له أثر، على عكس الفخار الذي قد يتشرب من السوائل القديمة وينضح على الجديدة. كانت الأجران من الحجارة، فقد رأى زكريا الحجر الموضوع أمام وجه يسوع عليه سبعة أعين (زك 3: 9)، أي له معرفة روحية في المسيح يسوع. ورآه القديس بطرس الرسول حجرًا حيًا يُقام منه هيكل الرب (1 بط 4:2، 5).

يرى القديس يوحنا الذهبي الفم إن الإنجيلي يؤكد إنها “حسب تطهير اليهود” ليدرك الكل أنه لم يوضع فيها خمر قط بل ماء للتطهير. كما يقول أن فلسطين بلد تُعرف بقلة المياه، فلا توجد القنوات والينابيع في كل موضع لهذا كانوا يملأون الأجران بالماء، حتى لا يسرعوا إلي الأنهار متى تدنسوا في أي وقت، بل يجدون وسائل التطهير بين أيديهم.

يرى البعض الأجران الستة تشير إلى أزمنة العالم الستة التي مرّت بالإنسانية حتى مجيء الرب في الزمن السابع (في الختم السابع في سفر الرؤيا)، وكأنها تشير إلى المؤمنين عبر كل الأجيال الذين يتطهرون من خطاياهم ويشربون خمر الروح المفرح. هذه العصور كما يقول القديس أغسطينوس هي:

أ‌. من آدم إلى نوح.

ب‌. من نوح إلى إبراهيم.

ت‌. من إبراهيم إلى داود.

ث‌. داود إلى السبي البابلي.

ج‌. من السبي البابلي إلى يوحنا المعمدان.

ح‌. من يوحنا المعمدان إلى نهاية العالم.

يعود فيقول القديس أغسطينوس: [أضف إلى هذا أن اللَّه خلق الإنسان على صورته في اليوم السادس، لأنه في العصر السادس أُعلن تجديد ذهننا بالإنجيل ليصير على صورة خالقه، وتحول الماء إلى خمرٍ، لنتذوق المسيح. هذا أُعلنه في الناموس والأنبياء. لهذا وجد ستة أجران وأمر أن تُملأ ماءً. الآن هذه الأجران الستة تعني العصور الستة التي لم تكن بدون نبوات. وهذه الفترات الست انقسمت وانفصلت كما بمفاصل، تبقى فارغة ما لم يملأها المسيح… يلزم أن يُفهم المسيح في كل النبوة].

ماذا يعني بقوله: “يسع كل واحدٍ مطرين أو ثلاثة” (6)؟ يقول القديس أغسطينوسأن كلمة مطر في اليونانية metrou هو قياس معين، وأن رقم اثنين يشير إلى الآب والابن، والثلاثة يشير إلى الثالوث القدوس. فإنه لم يقل بعض الأجران تسع اثنين والبعض ثلاثة أمطار، بل قال إن كل واحدٍ يسع مطرين أو ثلاثة. حيث جاءت النبوات في أسفار العهد القديم تتحدث عن الآب والابن (السيد المسيح)، وحملت ضمنًا الحديث عن الروح القدس بكونه روح الآب وروح الابن في نفس الوقت. ويرى القديس أغسطينوس [إن الروح القدس هو روح الحب الذي يربط الآب والابن معًا. عندما يقول اثنين يفهم الثالوث القدوس دون أن يُعبر عنه، وأما القول ثلاثة فيفهم منه الثالوث القدوس ويُعبر عنه].

قلنا أن هذه الأجران الستة تشير إلى الست حقبات التي تتنبأت عن عرس السيد المسيح مع الكنيسة التي من كل الأمم.

  1. الجرن الأول يبدأ بآدم الذي يحمل اتحادًا مع حواء وصارا جسدًا واحدًا (تك 2: 24) كاتحاد المسيح بكنيسة (أف 3: 31)، وهما والدان لكل البشرية، وليسا للشعب اليهودي وحده.
  2. الجرن الثاني يبدأ بنوح الممثل للسيد المسيح، وقد ضم في فلكه حيوانات وطيور من كل العالم.
  3. الجرن الثالث يشير إلى إبراهيم الذي بنسله تتبارك كل الأمم.
  4. الجرن الرابع داود المرتل: “قم يا اللَّه دنْ الأرض، لأنك أنت تمتلك كل الأمم” (مز 82: 8)، وقد وضع نغماته آساف المرتل.
  5. الجرن الخامس حيث السبي البابلي، فيه رأى دانيال النبي السيد المسيح كحجرٍ صغيرٍ مقطوع بغير أيدِ بشرية وقد ملأ الأرض كلها (دا 2: 34).
  6. الجرن السادس ينتمي ليوحنا المعمدان أعظم مواليد النساء، الذي قيل عنه أنه أعظم من نبي (مت11: 11)، وقد تنبأ عن المسيح أنه مرسل لكل الأمم، إذ يقول “إن اللَّه قادر أن يقيممن هذه الحجارة أولادًا لإبراهيم” (مت 3: 9). هكذا يرى القديس أغسطينوس أن الجرن السادس قد شهد لعرس السيد المسيح مع الكنيسة المجتمعة من الأمم. [لأنه من هذه الأمم نحن نأتي، ولكن ما كان يمكننا أن نأتي منها لو لم يقم اللَّه من الحجارة أبناء لإبراهيم. نحن صرنا أبناء إبراهيم بامتثالنا بإيمانه، وليس بميلادنا منه حسب الجسد].

فاصل
تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

(آية6): كان اليهود يطهرون كل شئ (مر3:7،4) ولا يأكلون إن لم يغسلوا أياديهم وهم دائماً يغسلون أيديهم وأرجلهم. المطر= البث= الإيفة= 22.991لتراً. سعة الجرن تتراوح بين 69.46لتر. إذاً فحجم الأجران كبير، وكان على الخدام أن يحملوا الأواني التي يملأونها بالماء من أقرب بركة إلى المنزل، وهذا ما يشير لجهاد الإنسان في تطهير نفسه، ولأنهم 6 أجران ماء، ورقم 6 يشير للإنسان الناقص الذي خلق في اليوم السادس. فمهما صنع الإنسان لن يتطهر وبالتالي لن يفرح. ولكن على الإنسان أن يفعل كل ما بوسعه، حينئذ تتدخل النعمة الإلهية وتطهر الإنسان وتملأه فرح. ولذلك فالأجران الفارغة تشير لعدم إمكانية الناموس أن يطهر أو يعطي فرحاً حقيقياً. وحينما يجاهد الإنسان حتى الدم في العهد الجديد تنسكب النعمة داخله. ولنلاحظ أن المسيح لا يتدخل بمعجزة إلاّ إذا إنتهت الوسائل الطبيعية. من حجارة= إشارة لقساوة القلب بالخطية وهذه حين يحولها الله بالتطهير لقلب لحم ستمتلئ حباً فتفرح (حز19:11). تطهير اليهود= كان بالماء، أما المسيحيين فتطهيرهم بدم المسيح في المعمودية والإفخارستيا.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى