تفسير سفر إشعياء ٥٢ للقس أنطونيوس فكري

تفسير إشعياء – الإصحاح الثاني والخمسون

 

آية (1) استيقظي استيقظي البسي عزك يا صهيون البسي ثياب جمالك يا أورشليم المدينة المقدسة لأنه لا يعود يدخلك فيما بعد أغلف و لا نجس.

إستيقظى إستيقظى = سبق وكرر كلمة أسمعوا 3 مرات وهنا يكرر كلمة إستيقظى. فهذا الكلام موجه لأورشليم الثملة من كأس غضب الرب، وهم كانوا في بابل كأموات يائسين من العودة. وكلمة إستيقظى هنا مثل “طابيثا قومى ” لتستيقظ صهيون من سباتها، أو لتستيقظ الكنيسة من موتها، أو يستيقظ كل خاطئ من موته (أف 5 : 14 + 2 :6) والكنيسة تموت مع المسيح في المعمودية وتقوم معه في جدة الحياة (رو 6) وهذا نداء يعنى أن الكنيسة ستقوم من الموت مع المسيح مخلصها وفاديها بعد أن كانت في حالة السبي للخطية. وفى الإصحاح السابق تكررت كلمة إستيقظى 3 مرات موجهة لذراع الرب وهنا موجهة مرتين للكنيسة (أمم ويهود) فالله لا يعمل وحده. وبلا عمل منهم لا يعمل هو لأجلهم. البس عزك والبس ثياب جمالك = هنا نرى عودة البشرية إلى مكانها الأول لتعيش حرة كما أراد لها الله. وهذه تناظر ألبسوا المسيح، فالمسيح هو برنا هو يغطينا بدمه فتتبرر ويكون هو لنا كل شيء، قوتنا وطريقنا لنسير في بر في هذه الحياة أيضاً. لا يدخلك أغلف = واضح أن هذا لم يتحقق في رجوع إسرائيل من السبي فقد دخلها بعد ذاك اليونانيين والرومان ولكن هذا تحقق في إقامة الكنيسة السماوية على الأرض. وبالنسبة لليهود فقد نفهم الآية على أنهم لم يعودوا للوثنية وأمرهم عزرا ونحميا بترك زوجاتهم الوثنيات.

 

آية (2) انتفضي من التراب قومي اجلسي يا أورشليم انحلي من ربط عنقك أيتها المسبية ابنة صهيون.

هذا عكس ما قيل لبابل إنزلى وإجلسى في التراب، بابل السيدة صارت أمة والأمة أورشليم صارت سيدة. والمعنى أن الكنيسة لا يصح أن تكون مرتبطة بالتراب بعد أن حلها المسيح من ربط الخطية. رُبُط الخطية مثل محبة المال والمجد العالمى والعادات الرديئة وبعد أن كانت مربوطة من عنقها بالخطية وتسحب كالحيوانات عادت لها كرامة الحرية.

 

آية (3) فانه هكذا قال الرب مجانا بعتم و بلا فضة تفكون.

خلاص المسيح كان مجاناً وبلا فضة. والخاطئ الذى يبيع نفسه للخطية (فالله لم يبعهم بل هم باعوا أنفسهم بتركهم لله) يبيع ما لا يقدر بمال أي نفسه مجاناً لأن المتعة التي يجنيها من لذة الخطية لا تساوى شيئاً.

 

آية (4) لأنه هكذا قال السيد الرب إلى مصر نزل شعبي أولا ليتغرب هناك ثم ظلمه أشور بلا سبب.

الشعب أستعبد 3 مرات لمصر ولأشور ولبابل فأذلهم هؤلاء. وكل أولاد الله قبل المسيح استعبدوا للشياطين فأذلوهم. بلا سبب = لم يكن هناك داع سياسي أو عسكري لمصر أو بابل أن تذل الشعب وإنما كان هذا لمحبتهم للخطية، وبلا سبب تكرهنا الشياطين، ولكن الله سلمنا لهم بسبب خطايانا.

 

آيات (5،6) فالآن ماذا لي هنا يقول الرب حتى اخذ شعبي مجانا المتسلطون عليه يصيحون يقول الرب و دائما كل يوم اسمي يهان. لذلك يعرف شعبي اسمي لذلك في ذلك اليوم يعرفون إني أنا هو المتكلم هاأنذا.

ماذا لي هنا = تعبير يعنى لماذا أرضى بهذا الوضع، سأقوم لخلاص شعبي. المتسلطون عليه يصيحون = هم يجدفون على الله، وفى نفس الوقت يعاملون شعب الله معاملة مهينة. ويوم الخلاص الذي أُعلِنَ هنا فيه يعرفون أن الله هو المتكلم. فالذي تجسد هو كلمة اللهالله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء… كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في إبنه. والمسيح يقول من رآنى فقد رأى الآب. المعنى أن يوم الخلاص سنعرف أن ذاك الذي مات عنا هو الله الذي كان يكلمنا في النبوات وفى الكتاب كله.

 

آيات (7- 12) يشير للخلاص من بابل كرمز لخلاص المسيح ثم في الآيات (13 – 15) ينتقل صراحة للخلاص بالمسيح.

 

آية (7)  ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام المبشر بالخير المخبر بالخلاص القائل لصهيون قد ملك إلهك.

المبشر هو المسيح الذي كان يجلس على الجبال ليعلم تلاميذه. قد ملك إلهك = الله بخلاصه الذي صنعه ملك على قلوبنا. ونحن نصلى ليأتي ملكوتك.

 

آية (9،8) صوت مراقبيك يرفعون صوتهم يترنمون معا لأنهم يبصرون عينا لعين عند رجوع الرب إلى صهيون. اشيدي ترنمي معا يا خرب اورشليم لان الرب قد عزى شعبه فدى اورشليم.

المراقبين = هم الرسل والتلاميذ الذين لهم أعين لتنظر وهؤلاء اكتشفوا عمل المسيح وخلاصه فرفعوا أصواتهم بالبشارة بعد أن رأت عيونهم. (1يو1 : 1،2) وسبب الفرح ليس الرجوع لأورشليم بل رجوع الرب لصهيون ينظرون عيناً لعين = بالنسبة لليهود ينظرون تحقيق النبوات. و بالنسبة للكنيسة فهي بالروح القدس ترى أمجاد السماء الآن كما في لغز كما في مرآة وفى السماء ترى الله وجهاً لوجه.

 

آية (10) قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا.

ذراع قدس الرب = تعبير يعنى قوة الرب وشمر الرب عن ذراعه = تعنى التجسد أو تعنى أن الله يظهر قوته لأعدائه.

 

آية (11) اعتزلوا اعتزلوا اخرجوا من هناك لا تمسوا نجسا اخرجوا من وسطها تطهروا يا حاملي أنية الرب.

المنظر الذي نراه كرمز لفداء المسيح هو خروج اليهود من بابل ورجوعهم إلى صهيون. وهم عادوا فى موكب حاشد يتحرك ببطء ولكن بلا خوف. وهو ليس مشهد جماعة من العبيد الهاربين الذين يخشون متابعة سادتهم، بل يسيرون في ثقة وترنيم ويركض أمامهم من يبشر بالسلام. ومعهم كهنتهم حاملين آنية بيت الرب، ولقد إستغرقت الرحلة 4 شهور. وكانوا يرنمون، وحين يرنمون ترى الأرض كلها خلاص الله لشعبه. و المعنى، فبعد أن يقدم المسيح الخلاص لشعبه، على شعبه أن لا يخاف بطش عدو، سواء شياطين أو من تحركهم الشياطين ، فهو تحرر منهم. وعلى شعب الله أن يعتزل الشر ويحيا حياة التسبيح شاهداً لخلاص إلهه. وكما إعتزل اليهود الذين تعودوا الحياة في بابل حياتهم، على الكنيسة شعب الله أن تعتزل حياة الخطية =لا تمسوا نجساً = علينا أن لا نكون مثل اليهود الذين أخرجهم الرب من مصر فخرجوا ومحبة الأوثان، أي العجل الذهبي في قلوبهم فأهلكتهم، علينا أن نضحي باللذات الوقتية، ويجب أن نطمئن من جهة الطريق فالله الذي يقود ويحافظ على المسيرة. وعلينا أن نتبع أثار من سبقونا من القديسين والشهداء، وعلى رجال الكهنوت حاملي آنية الرب أن يتطهروا (والآنية هي التي أخذها نبوخذ نصر فأعادها كورش (عزا)).

 

آية (12) لأنكم لا تخرجون بالعجلة و لا تذهبون هاربين لان الرب سائر أمامكم و اله إسرائيل يجمع ساقتكم.

لن يخرجوا بالعجلة = كما خرجوا من مصر وإله إسرائيل يجمع ساقتكم = ساقة الجيش هى مؤخرته من الضعفاء والأطفال والشيوخ والنساء، حتى هؤلاء الضعفاء فالله – يجمعهم. إذاً العدو لا يستطيع أن يبطش بهم من خلف فالله هو القائد.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى