يو٢: ١٧ فتذكر تلاميذه أنه مكتوب: غيرة بيتك أكلتني
“12وَبَعْدَ هذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتَلاَمِيذُهُ، وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّامًا لَيْسَتْ كَثِيرَةً 13وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيبًا، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَرًا وَغَنَمًا وَحَمَامًا، وَالصَّيَارِفَ جُلُوسًا. 15فَصَنَعَ سَوْطًا[2] مِنْ حِبَال وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ، اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ، وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ:«ارْفَعُوا هذِهِ مِنْ ههُنَا! لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ!». 17فَتَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».“ (يو2: 12-17)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“فتذكر تلاميذه أنه مكتوب:
غيرة بيتك أكلتني”. (17)
بدأ التلاميذ يدركون ما وراء تصرفات السيد المسيح، متذكرين ما ورد في الكتاب المقدس. فإنه في كلمة الله كل يفسر الآخر ويوضحه. تذكروا ما هو مكتوب في مز ٦٩: ٩.
حقًا غيرة بيت الآب أي الكنيسة قد التهبت في قلب يسوع المسيح الذي أحبها وأسلم نفسه لأجلها، لكي يهبها الحياة الأبدية فتشاركه مجده.
v “غيرة بيتك أكلتني” (17)… يعرف كل واحد منكم ما يفعله في بيته ومع أصدقائه وفي مسكنه، ومع عمله، مع الأعظم منه ومن هو أقل منه، قدر ما يسمح للَّه بالدخول، إذ يفتح الباب لكلمته التي لا تتوقف عن أن تربح أحدًا للمسيح، فقد رُبحت أنت بواسطة المسيح.
v الرب نفسه يقول: “غيرة بيتك أكلتني“. ليته يكون لنا غيرة للرب حقيقة، أعني ليست غيرة أرضية، إذ هذه تسبب حسدًا. ليحل السلام بينكم، هذا الذي يفوق كل فهم، ليحب الواحد الآخر. ليس شيء أعذب من الحب، ولا شيء أكثر تطويبًا من السلام. أنتم تعلمون إني أحبكم على الدوام، والآن أحبكم فوق الكل. كأبناء لأبٍ واحدٍ صرتم متحدين تحت رباط الحب الأخوي.
تفسير الأب متى المسكين
17:2- فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».
هذا هو الايمان، إيمان التلاميذ المقابل لعدم إيمان اليهود. طبعاً تذكر التلاميذ هنا يعود إلى ما بعد القيامة، والذي يؤكد هذا المعنى الأية التي ستجيء بعدها (22). وماذا تذكر التلاميذ؟ تذكروا كلام الأنبياء لما تحققوا أن المسيح هو حقاً الذي تكلم عنه الأنبياء. والاشارة هنا إلى المزمور 9:69، وهو مزمور مليء بالتنبؤات عن آلام المسيح خطوة خطوة, وهو الذي تستخدمه الكنيسة في أسبوع الألام. ومن قراءة المزمور الذي لمع في ذهن التلاميذ بالروح نعلم أنهم رأوا في المسيح ليس من هو صاحب البيت فقط والذي من أجله يحتمل الهوان بل ومن أجل أمانته للبيت, أي للذين يعبدون بالحق, «من أجلك احتملت العار… تعييرات معيريك وقعت على» (مز7:69, 9)، فإنه يعرض نفسه للألام. ولا يخلو هذا المزمور من غمز ولمز إلى عدم نفع الذبائح، فيأتي حبكاً على ما صنعه الرب في هذا اليوم: «أسبح اسم الله بتسبيح وأعظمه بحمد، فيستطاب عند الرب أكثر من ثور بقر ذي قرون وأظلاف.» (مز30:69-31), وهذا المزمور مليء حقاً بالإشارات النبوية التي تمت بحروفها، فمنه أخذ المسيح قوله: «لكي تتم الكلمة المكتوبة في ناموسهم أنهم أبغضوني بلا سبب» (يو25:15). وجاءت في نفس المزمور: «أكثر من شعر رأسي الذين أبغضوني بلا سبب.» (مز4:69)
كذلك قوله: «أنا عطشان»، «وكان إناء موضوعاً مملوءاً خلاً» (يو28:19-29). وجاءت في المزمور: «وفي عطشي يسقونني خلاً» (مز21:69)، «يبس حلقي» (مز3:69). ولكن كما أن داود صاحب المزمور الذي يئن أنينه النبوي, أنهى المزمور بتسبيح اسم الله وتمجيده «يرى ذلك الودعاء فيفرحون وتحيا قلوبكم يا طالبي الله… تُسبحه السموات والأرض والبحار وكل ما يدب فيها… » (مز32:69 , 34)، كذلك انتهت آلام المسيح التي احتملها، بسبب غيرته هذه, بتسبيح القيامة.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
(آية17): كان التلاميذ يفرحون بما يعمله المسيح إذ يقابلوه بالنبوات فيزداد إيمانهم (مز9:69) وهو مزمور ملئ بالنبوات عن آلام المسيح.
ولاحظ أن ما فعله السيد المسيح كان عملاً صعباً جداً ففي عيد الفصح يوجد ملايين في أورشليم وتصور الزحام في الهيكل، وفي وسط كل هذا الزحام يعمل المسيح ما عمله.
ولاحظ أن المسيح أتي ليطهر الهيكل ولما رفضوا التطهير تركه لهم خراباً (مت38:23) وهكذا فالله يعمل على تطهير أجسادنا وحياتنا وإذا رفضنا نفسد، فمن يفسد هيكل الله يفسده الله (1كو17:3) إذاً لنصرخ لله ليطهرنا ونقبل عمله المطهر والسوط الذي يؤدبنا به.