تفسير سفر نحميا ٩ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح التاسع
نجد هنا مثال آخر للتوازن بين الفرح والبكاء. ففى الإصحاح السابق نجدهم فرحين بالرب وإحساناته. وهنا نجدهم باكين فى صوم وتذلل إختيارى فى يوم إختاروه هم بأنفسهم وليس هو يوم الكفارة. وصاحب صومهم صلاة وتذلل. ومثل هذا الصوم يقبل (أش 5:58) ومثال لهذا التوازن فى طقوس كنيستنا أننا نصلى صلاة الشكر وبعدها دائماً المزمور الخمسين. الفرح حين ننظر إلى الله والحزن حين ننظر لخطايانا
ونجد الشعب هنا يعترف بخطاياه وخطايا أبائه وأنهم هم كرروا نفس الخطايا. ومما ضاعف من خطاياهم أنهم لم يتأدبوا لا بإحسانات الله ولا بتأديباته.
الآيات 1-3:
– وفي اليوم الرابع والعشرين من هذا الشهر اجتمع بنوا اسرائيل بالصوم وعليهم مسوح وتراب. وانفصل نسل اسرائيل من جميع بني الغرباء ووقفوا واعترفوا بخطاياهم وذنوب ابائهم واقاموا في مكانهم وقراوا في سفر شريعة الرب الههم ربع النهار وفي الربع الاخر كانوا يحمدون ويسجدون للرب الههم.
اليوم الرابع والعشرين = كان أول عيد المظال اليوم 15 من الشهر واليوم الثامن من اليوم هو اليوم 23 من الشهر وكان هذا يوم الإعتكاف (لا 39:23) فكان إجتماعهم هنا فى اليوم 24 من الشهر إجتماعاً إختيارياً للإعتراف بالخطايا. فهم فرحوا قبل ذلك فى عيد المظال ثم حزنوا وبكوا على خطاياهم بعد ذلك. هم فرحوا حين نظروا إلى الرب وإحساناته وحزنوا حين نظروا إلى نفوسهم. وإنفصل نسل إسرائيل = فى تقواهم وإعترافهم بخطاياهم ثم فى عهودهم للرب بأن يسيروا فى مخافته وفى إتضاعهم وإعتزالهم الشر ثم فى إنفصالهم عن الزيجات الوثنية. رُبع النهار = أى ثلاث ساعات.
الآيات 4-38:
– ووقف على درج اللاويين يشوع وباني وقدميئيل وشبنيا وبني وشربيا وباني وكناني وصرخوا بصوت عظيم الى الرب الههم. وقال اللاويون يشوع وقدميئيل وباني وحشبنيا وشربيا وهوديا وشبنيا وفتحيا قوموا باركوا الرب الهكم من الازل الى الابد وليتبارك اسم جلالك المتعالي على كل بركة وتسبيح. انت هو الرب وحدك انت صنعت السماوات وسماء السماوات وكل جندها والارض وكل ما عليها والبحار وكل ما فيها وانت تحييها كلها وجند السماء لك يسجد. انت هو الرب الاله الذي اخترت ابرام واخرجته من اور الكلدانيين وجعلت اسمه ابراهيم. ووجدت قلبه امينا امامك وقطعت معه العهد ان تعطيه ارض الكنعانيين والحثيين والاموريين والفرزيين واليبوسيين والجرجاشيين وتعطيها لنسله وقد انجزت وعدك لانك صادق. ورايت ذل ابائنا في مصر وسمعت صراخهم عند بحر سوف. واظهرت ايات وعجائب على فرعون وعلى جميع عبيده وعلى كل شعب ارضه لانك علمت انهم بغوا عليهم وعملت لنفسك اسما كهذا اليوم. وفلقت اليم امامهم وعبروا في وسط البحر على اليابسة وطرحت مطارديهم في الاعماق كحجر في مياه قوية. وهديتهم بعمود سحاب نهارا وبعمود نار ليلا لتضيء لهم في الطريق التي يسيرون فيها. ونزلت على جبل سيناء وكلمتهم من السماء واعطيتهم احكاما مستقيمة وشرائع صادقة فرائض ووصايا صالحة. وعرفتهم سبتك المقدس وامرتهم بوصايا وفرائض وشرائع عن يد موسى عبدك. واعطيتهم خبزا من السماء لجوعهم واخرجت لهم ماء من الصخرة لعطشهم وقلت لهم ان يدخلوا ويرثوا الارض التي رفعت يدك ان تعطيهم اياها. ولكنهم بغوا هم واباؤنا وصلبوا رقابهم ولم يسمعوا لوصاياك. وابوا الاستماع ولم يذكروا عجائبك التي صنعت معهم وصلبوا رقابهم وعند تمردهم اقاموا رئيسا ليرجعوا الى عبوديتهم وانت اله غفور وحنان ورحيم طويل الروح وكثير الرحمة فلم تتركهم. مع انهم عملوا لانفسهم عجلا مسبوكا وقالوا هذا الهك الذي اخرجك من مصر وعملوا اهانة عظيمة. انت برحمتك الكثيرة لم تتركهم في البرية ولم يزل عنهم عمود السحاب نهارا لهدايتهم في الطريق ولا عمود النار ليلا ليضيء لهم في الطريق التي يسيرون فيها. واعطيتهم روحك الصالح لتعليمهم ولم تمنع منك عن افواههم واعطيتهم ماء لعطشهم. وعلتهم اربعين سنة في البرية فلم يحتاجوا لم تبل ثيابهم ولم تتورم ارجلهم. واعطيتهم ممالك وشعوبا وفرقتهم الى جهات فامتلكوا ارض سيحون وارض ملك حشبون وارض عوج ملك باشان. واكثرت بنيهم كنجوم السماء واتيت بهم الى الارض التي قلت لابائهم ان يدخوا ويرثوها. فدخل البنون وورثوا الارض واخضعت لهم سكان ارض الكنعانيين ودفعتهم ليدهم مع ملوكهم وشعوب الارض ليعملوا بهم حسب ارادتهم. واخذوا مدنا حصينة وارضا سمينة وورثوا بيوتا ملانة كل خير وابارا محفورة وكروما وزيتونا واشجارا مثمرة بكثرة فاكلوا وشبعوا وسمنوا وتلذذوا بخيرك العظيم. وعصوا وتمردوا عليك وطرحوا شريعتك وراء ظهورهم وقتلوا انبياءك الذين اشهدوا عليهم ليردوهم اليك وعملوا اهانة عظيمة. فدفعتهم ليد مضايقيهم فضايقوهم وفي وقت ضيقهم صرخوا اليك وانت من السماء سمعت وحسب مراحمك الكثيرة اعطيتهم مخلصين خلصوهم من يد مضايقيهم. ولكن لما استراحوا رجعوا الى عمل الشر قدامك فتركتهم بيد اعدائهم فتسلطوا عليهم ثم رجعوا وصرخوا اليك وانت من السماء سمعت وانقذتهم حسب مراحمك الكثيرة احيانا كثيرة. واشهدت عليهم لتردهم الى شريعتك واما هم فبغوا ولم يسمعوا لوصاياك واخطاوا ضد احكامك التي اذا عملها انسان يحيا بها واعطوا كتفا معاندة وصلبوا رقابهم ولم يسمعوا. فاحتملتهم سنين كثيرة واشهدت عليهم بروحك عن يد انبيائك فلم يصغوا فدفعتهم ليد شعوب الاراضي. ولكن لاجل مراحمك الكثيرة لم تفنهم ولم تتركهم لانك اله حنان ورحيم. والان يا الهنا الاله العظيم الجبار المخوف حافظ العهد والرحمة لا تصغر لديك كل المشقات التي اصابتنا نحن وملوكنا ورؤساءنا وكهنتنا وانبياءنا واباءنا وكل شعبك من ايام ملوك اشور الى هذا اليوم. وانت بار في كل ما اتى علينا لانك عملت بالحق ونحن اذنبنا. وملوكنا ورؤساؤنا وكهنتنا واباؤنا لم يعملوا شريعتك ولا اصغوا الى وصاياك وشهاداتك التي اشهدتها عليهم. وهم لم يعبدوك في مملكتهم وفي خيرك الكثير الذي اعطيتهم وفي الارض الواسعة السمينة التي جعلتها امامهم ولم يرجعوا عن اعمالهم الردية. ها نحن اليوم عبيد والارض التي اعطيت لابائنا لياكلوا اثمارها وخيرها ها نحن عبيد فيها. وغلاتها كثيرة للملوك الذين جعلتهم علينا لاجل خطايانا وهم يتسلطون على اجسادنا وعلى بهائمنا حسب ارادتهم ونحن في كرب عظيم. ومن اجل كل ذلك نحن نقطع ميثاقا ونكتبه ورؤساؤنا ولاويونا وكهنتنا يختمون.
الترجمة السبعينية تنسب كلام هذه الصلاة لعزرا. وهى تنقسم لنقط تحول هامة فى التاريخ، تاريخ معاملات الله مع شعبه. هو نشيد يبارك الله على كل عطاياه لشعبه وأن الله أمين على شعبه فهو إذا وعد ينفذ ما وعد به. ومن محبة الله لشعبه أنه يؤدبهم لو أخطأوا.
1- خلق العالم
2- دعوة إبراهيم
3- الخروج وإعطاء الشريعة
4- عناية الله بشعبه فى البرية
5- تمرد الشعب الدائم + رحمة الله المستمرة وغفرانه
6- دخول كنعان
7- تمرد الشعب وتاديب الله لهم + الله يرسل قضاة
8- تمرد الشعب على الأنبياء
9- الله يؤدب ولكنه رحيم لا يفنيهم
10- لكنهم الآن فى عبودية للفرس
وبعد أن تذكروا حالهم وعبوديتهم للفرس وجدوا أن الفارق كبير بين حالهم الآن وبين وعود الله لهم. لذلك رغبوا أن يجددوا عهد سيناء. ولنلاحظ أن التأمل فى إحسانات الله لنا ولأبائنا يزيد من خجلنا على خطايانا ويزيد محبتنا لله وإيمانه بأنه سيفعل ثانية ويباركنا.
آية 4:-درج اللاويين = أى المنبر الذى وقفوا عليه حين القراءة (4:8) وأسماء اللاويين هنا 8 أسماء ويبدو أنهم قسموا الشعب 8 فرق وقاد كل فرقة فى الصلاة أحدهم.
آية 7:جعلت إسمهُ إبراهيم = كان تغيير الإسم علامة نسبته الجديدة إلى الله
آية 14:-عرفتهم سبتك المقدس = كانت وصية السبت مما إمتاز به شعب الله وهى ليست نيراً عليهم بل عطية صالحة ترفع فكرهم للراحة السماوية المعدة لشعب الله
آية 20:-أعطيتهم روحك الصالح = ليفتح أذانهم ويكشف عن أعينهم ويجدد قلوبهم ويبكتهم على خطاياهم ويعزيهم فى ضيقاتهم ويميلهم إلى محبة الله. . . . . روحك القدوس لا تنزعه منى. . .
آية 38:-من أجل كل ذلك = حينما تذكروا أعمال محبة الله السابقة. أرادوا أن يجددوا العهد مع الله واثقين فى رجاء أن الله سيعيد بركاته ونعمه ورضاه عليهم.
تفسير سفر نحميا 8 | تفسير سفر نحميا القمص أنطونيوس فكري |
تفسير سفر نحميا 10 |
تفسير العهد القديم |