تفسير سفر العدد ٢٠ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح العشرون
هذا الإصحاح يبدأ أحداث السنة الأربعين وأحداثها طويلة كالسنة الأولى
وفى بداية رحلتهم لم يجدوا ماء وهكذا فى نهاية رحلتهم فهذا العالم ينقصه أشياء كثيرة ولا يشبعنا فيه سوى مراحم الله.
ومن أحداث هذا الإصحاح المهمة موت مريم وهرون وحرمان موسى نفسه العظيم من دخول أرض الميعاد. ولم تكن كنعان الأرضية هى أفضل ما وعد الله به لمن أحبوه بدليل حرمان أحسن المؤمنين منها وهم موسى وهرون ومريم. ومريم كانت نبية عظيمة وقادت الشعب فى التسبيح كما قاد موسى الشعب بعصاه وهرون قادهم بكهنوته. راجع (خر20:15 + ميخا4:6). ولكن هؤلاء القديسين كانوا رموزاً للعهد القديم فموسى رمزاً للناموس وهرون رمز للكهنوت اللاوى ومريم رمز لأنبياء العهد القديم. وكل هؤلاء لا يدخلون بدون نعمة المسيح. لذلك من دخل بالشعب كان يشوع رمزاً ليسوع.
آية1:-
فى قادش = صدر الحكم على الشعب وهم فى قادش بالتيه 40 سنة فى البرية (26:13) وهنا نجدهم أتوا إلى قادش أيضاً لتنتهى رحلة التيه فيها كما بدأت منها. ولا نسمع أن موسى بكى على مريم أو هرون وليس هذا لأنه لم يبكى فعلاً فالمسيح بكى على قبر لعازر ولكن موسى لا يسجل مشاعره الشخصية تجاه أسرته فإهتمامه الأول مجد الله. ولذلك كان يسجل صراخه على الشعب إذا أخطأ فى حق الله حتى يتوب الشعب ويتمجد الله. وفى هذا شابه موسى السيد المسيح حين بكى على بنات أورشليم. ومريم أكبر من موسى وسنها كان حوالى 130 سنة حين ماتت فهى التى تابعت موسى وهو فى السفط البردى.
الآيات 2-13:-
ماء مريبة
مرة أخرى يتذمر الشعب على نقص الماء. والصخرة تشير للمسيح، كما كانت الصخرة الأولى تشير للمسيح أيضاً. لذلك يقول بولس الرسول “لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم (أى المرة الأولى وهذه المرة) والصخرة كانت المسيح. فى المرة الأولى ضرب موسى الصخرة بالعصا رمزاً لطعن المسيح فى جنبه ورمزاً لصلبه، وخرج ماء من الصخرة مع الضربة رمزاً للماء والدم اللذان خرجا من جنب المسيح لتطهيرنا. أما فى المرة الثانية فقد طلب الله أن يأخذ موسى معهُ العصا فقط دون أن يضرب الصخرة ويكلم الصخرة فتعطى ماءً. وهذا يرمز أنه بإستحقاقات الصليب (العصا) حين نأتى للمسيح (الصخرة) ونصلى (نلكم الصخرة) يرسل لنا الروح القدس المعزى (يو37:7-39). وكان خطأ موسى أنه ضرب الصخرة ولم يستمع لكلام الله. والخطأ فى هذا رمزياً، لأن المسيح لا يصلب مرتين ولا يضرب مرتين. وربما صنع موسى هذا فى غضبه منهم وإنفعاله فسخط عليهم وهو الحليم (مز 33،32:106) وكلمة مريبة تعنى مخاصمة. فالشعب خاصم موسى وخاصموا الله بدليل قولهم ليتنا فنينا فناء إخوتنا
أمام الرب = أى مثل قورح وداثا وسائر المتذمرين. وعجيب أن يعتبروا أنفسهم جماعة الرب (آية4) ثم يشككون فى أن الرب يعولهم
آية8:-
فيها رمز لعمل الثالوث الأقدس فالآب من السماء يتكلم مع موسى والصخرة رمز للمسيح. والماء رمز للروح القدس (كما حدث يوم عماد المسيح). ونحن نكلم الصخرة بصلاتنا وتوبتنا وإعترافنا
خذ العصا = هذه العصا ضرب بها موسى النهر ليتحول إلى دم رمز للمسيح المضروب لأجلنا ولكن لا يجب ضرب الصخرة مرتين فالمسيح لا يموت سوى مرة واحدة (رو10،9:6) + (عب 27،26:9). وربما كانت خطية موسى شكه(إحتمال آخر:- أن موسى شك فى أن الله سيعطى ماء بدون إستعمال العصا وهى الطريقة التى سبق وإختبرها لكن الله عنده طرق متنوعة وعديدة). أن الله سيعطى ماء لهذا الجيل المتمرد أو هو نسب المجد لنفسه = أمن هذه الصخرة نخرج لكم ماء. كان هذا بسبب الغضب ومع من ! مع موسى الحليم. فعلينا أن نخشى لأن حتى نقاط قوتنا قد تصبح سبب سقوطنا إن لم نحترس.
آية13:-
فتقدس فيهم = الله تقدس بنزول الماء رغم عدم إستحقاقهم. وتقدس بحرمان موسى وهرون من دخول أرض الميعاد فالله لا يقبل أى خطأ.
الآيات 14-21:-
أدوم فى عدواته لإسرائيل شعب الله عداوة تقليدية وفى هذا هو يرمز للشيطان. وكون أدوم يرفض مرور إسرائيل فهذا يرمز للشيطان الذى يضع عراقيل فى طريقنا لأورشليم السماوية ليمنعنا من الوصول. آدوم تعنى دموى فهم تحالفوا مع شعوب أخرى ضد شعب الله وألحقوا بهم كثيراً من الأذى بعد ذلك.
طريق الملك = ويسمى الطريق السلطانية. وغالباً هو طريق رئيسى يشقه الملك عبر أراضيه (عد22:21). وبالرغم من معاملة آدوم السيئة لإسرائيل نرى محبة موسى وتسامحه فقد أوصى الشعب أن لا ينتقموا من أدوم (تث7:23)
آية21:-
فتحول إسرائيل عنه = إذا كان هناك طريق آخر غير المواجهة فلماذا لا نستعمله ونهرب من البشر. وهكذا هرب المسيح وهو طفل من هيرودس.
آية22:-
الرحلة بدأت بقادش وتنتهى بقادش، رحلة التيه حوالى 39 سنة وكانوا يرحلون غالباً وراء الماء والكلأ وبأمر الله (السحابة). ومن هنا بدأت الرحلة ثانية.
الآيات 22-29:-
صعد موسى وهرون والعازار فوق الجبل ليستلم جيل جديد الكهنوت من جيل قديم وكان هذا أمام كل الجماعة حتى لا يطمع أحد فى كهنوت العازار. وموت هرون على جبل هو موت القديسين. تسليم الكهنوت بموسى من هرون لألعازار هو تسليم الكهنوت من المسيح للرسل لخلفائهم ونجد هنا هرون رئيس الكهنة يموت على جبل وداثان وأبيرام ينزلون تحت الأرض. فموت الأبرار صعود وإرتفاع ونهاية الأشرار إنهيار وإنحدار إلى أسفل. وموسى خلع ثياب هرون قبل أن يموت لأنه لو مات وثيابه عليه تتنجس ولا يلبسها العازار. وحضور الجماعة ايضاً هذه المراسم فيها تزكية من الجماعة لرئيس الكهنة الجديد.