تفسير سفر أخبار الأيام الأول أصحاح 28 للقمص تادرس يعقوب ملطي
داود يجمع الشعب وسليمان يحدثهم عن بناء بيت الرب
رسالة داود الختامية – أصحاح 28:
في الأصحاحين الأخيرين من سفر الأخبار الأيام الأول طلب داود الاجتماع بجميع قادة إسرائيل، وهذا كان اجتماعًا عظيمًا إذ كان من أواخر الاجتماعات حيث أن داود قارب نهاية أيامه، وكانت عنده رسالة لإسرائيل ورسالة لسليمان لتسمعها الأمة كلها، وفي هذا حكمة من داود.
إن ما يُسرِد في بداية سفر الملوك عن نهاية أيام داود لم يظهر سليمان بصورة ساطعة كالتي وردت في الأصحاح الحالي وما يليه حيث نرى وداعه المهيب لابنه ورعاياه وقد كان ختامًا جليًلا، ونرى في الأصحاح الحالي:
- دعوة عامة لانعقاد اجتماع قادة الدولة (عدد 1).
- تصريح مهيب عن الميراث الإلهي للمُلْك والشرف الموضوع على سليمان لبناء الهيكل (عدد 2، 7).
- نصيحة للشعب ولسليمان ليجعلوا العبادة شغلهم الشاغل (عدد 8، 10).
- تسليم سليمان النموذج والمواد اللازمة لبناء الهيكل (عدد 11، 19).
- تشجيع سليمان لاستلام العمل والسير فيه (عدد 20- 21).
* “وجمع داود كل رؤساء إسرائيل رؤساء الأسباط ورؤساء الفرق الخادمين الملك ورؤساء الألوف ورؤساء المئات ورؤساء كل الأموال والأملاك التي للملك ولبنيه مع الخصيان والأبطال وكل جبابرة البأس إلى أورشليم …”(1أيام 28: 1، 10).
قام داود بخدمة كبيرة في أيامه، فقد خدم جيله بمشورة الله (أع 13: 36)، ولكن لقد دنا وقت مفارقته الجسد، وكمثال “لابن داود” كلما دنا وقته ازداد عمله بكل قوته، فهو الآن قد استرد القليل من صحته بعد التوعل المذكور في (1مل 1: 1) حينما كانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفأ، ولكن ما هو العلاج لتقدم السن؟ ومع ذلك فقد شدّد استرداد صحته (وربما كان ذلك استجابة لصلاته في مز 71: 18) بفرصة تقديم خدمة أخرى قليلة لله ولشعبه:
أ. استدعى كل عظمائه للاجتماع به لكي يودعهم معًا (عدد 1)، كما فعل موسى (تث 31: 28) ويشوع (يشوع 23: 2، 24: 1)، فداود لا يُعلن وارثه العرش إلاَّ في حضور ورضا من يمثلون الشعب.
ب. لقد خاطبهم بقدر كبير من الاحترام والحنان، وهو لم يُقم فقط من سريره ليجتمع معهم (فالمناسبة نشطت من روحه) بل قام من كرسيه ووقف أيضًا على رجليه (عدد 2) مهابة لله الذي سيعلن ارادته وتوقير لذلك المجمع المهيب لإسرائيل الله، كأنه ينظر إلى نفسه على أنه أقلُّ منهم كمجموعة مع أنه أعظم من أيّ فرد فيهم، فتقدم سنة وضعفه بالإضافة إلى مكانته العظيمة كانت أسبابًا كافية لأن يجلس، ولكنه أراد أن يُظهر مقدار اتضاع قلبه تجاه افتخاره بعدد شعبه ومُلْكه عليهم، فقد كان موضع سرور عظيم له أن يكونوا خدامه (أصحاح 21: 3)، ولكنه يدعوهم الآن إخوته الذين يحبهم وشعبه الذين يرعاهم وليس خدامه الذين يقودهم: “اسمعوني يا أخوتي وشعبي”، فيليق بالرؤساء أن يتكلموا بالمودة واللطف حتى مع مرؤوسيهم، فهنا سوف لا يقلل من كرامتهم بل يزيد من حبهم، وبذلك جذب داود انتباههم إلى ما هو على وشك أن يقوله.
ج. لقد أوضح ما كان بنيته أن يبني هيكًلا لله وكيف أن الله منعه من ذلك (عدد 2- 3)، وقد أشار قبًلا بذلك لسليمان (أصحاح 22: 7- 8)، وهنا وضح أن بيتًا لراحة تابوت العهد هو بيت لموطيء قدمي الله، لأن السماء هي عرش الله، والأرض وافخم ما يمكن بناؤه من هياكل هي موطئ قدميه، فهناك فرق شاسع بين إعلانات المجد الإلهي في العالم العلوي والسفلي، فالملائكة تحيط بعرشه (أش 6: 2)، ونحن الضعفاء المساكين نسجد عند موطيء قدميه (مز 99: 5، 132: 7)، وكبرهان لإخلاصه في غرضه لبناء الهيكل أخبرهم داود عما أعده له، ولكن الله لم يسمح له ليقوم بالبناء لأن الله عّين له عمًلا آخر، فإرادة حروب إسرائيل كانت كافية لفرد واحد فهو يجب أن يخدم الشعب بالسيف وآخر يخدم بالمطمار، فأوقات الراحة هي أوقات بناء (أع 9: 31).
د. أعلن اختياره للمُلْك وبعد ذلك سليمان لأن كليهما كان بدون شك بتدبير إلهي، فهما أحق من أيّ ملك على الأرض أن يُعلنا مُلكْهما لأن الرب إله إسرائيل اختارهما في الحال بالنبوة وليس بحسن الإرادة (عدد 4، 5) فحق البكورية لا يكون مزعومًا، فهو يٌعطى بالاحقية وليس بأقدمية السن:
- فيهوذا لم يكن بكر يعقوب ولكن الله أختار سبطه ليكون السبط الحاكم فيعقوب تنبأ عن مجيء المسيح منسبط يهوذا(تك 49: 10).
- ويظهر أن عائلة يسى لم تكن أكبر عائلات السبط فهو بالتأكيد لم يكن الأكبر منسبط يهوذالأن شيلوه كان قبل فارص، وليس ظاهرًا إذا كان من نسل نحشون أو من سلمون، فرام وهو أب نحشون كان له أخ أكبر منه (1أيام 2: 9)، وربما كذلك بوعز وعوبيد ويسى، ولكن “قد اختار الرب إله إسرائيل بيت أبي من بيت يهوذا”.
- داود كان أصغر أبناء يسى، ولكن الله أحبه واستحسن أن يجعله ملكًا، فالله يأخذ من يُحبه ويُحب من يجعله كنفسه، كما فعل مع داود “رجل حسب قلبه”.
- سليمان كان من أضغر أبناء داود، ولكن الله اختاره ليجلس على العرش لأنه كان مُرجحًا عليهم كلهم لبناء الهيكل فهو الأكثر حكمة وميوًلا.
ه. أفصح لهم عن غرض ونعمة الله الخاصة بسليمان (عد 6، 7): “لأني اخترته لي ابنًا” وبذلك صرّح بالعهد الذي قاله الله لسليمان كمثال للسيد المسيح “أنت ابني”(مز 2: 7)، ابن محبتي، لأنه دُعى “يديديا” لأن الرب أحبه، والسيد المسيح هو ابنه الحبيب، الذي قال عنه الله أنه مثال للآتي:
- “هو سيبني بيتي”، والسيد المسيح هو المؤسس وأساس هيكل الإنجيل.
- “وأثبّت مملكته إلى الأبد”، وهذه النبوة تمت في مملكة المسيا، التي ستستمر بين يديه إلى أبد الأبد (أش 9: 7؛ لو 1: 33)، ثم تُرفع إلى الله الآب وربما بعد ذلك ترجع إلى المخلص إلى الأبد، أما فيما يختص بسليمان فتثبيت مملكته هنا مشروط: “إذا تشدَّد للعمل حسب وصاياي وأحكامي كهذا اليوم”، فسليمان كان في ذلك الحين على نحو مرجو منه وحسن: “فإذا استمر كذلك ستستمر مملكته وإلاَّ فلا”، فنلاحظ أننا إذا كنا ثابتين في واجبنا فحينئذ (وليس خلاف ذلك) نتوقع استمرار فضل الله، فياليت تربوا حسنًا وابتدأوا حسنًا يلاحظون أنهم إذا استمروا يكونون سعداء، فالمثابرة تؤدي إلى الإكليل وأن كانت لا تكتسبه.
و. وجَّههم أن “يلتصقوا ويثبتوا في الله وفي واجبهم”(عدد 8)، ونلاحظ:
- موضوع التوجيه:هو “احفظوا واطلبوا جميع وصايا الرب إلهكم”، فالرب هو إلههم، وصاياه يجب أن تحكمهم، وعليهم أن يوقرونها كلها، ويجب أن يصحوا لحفظها، ولذلك يجب أن يبحثوا عنها أيّ يجب أن يحبوا التحقيق والفحص في واجباتهم بأن يفتشوا الكتب، يأخذوا نصيحة، يطلبوا الشريعة من أفواه المؤتمنين عليها بشفاههم، ويصلّون إلى الله ليعلمهم ويرشدهم، فوصايا الله لا تُحفظ إلاَّ بالاهتمام الزائد.
- إجلال التوجيه:لقد وجَّههم أمام جميع إسرائيل الذين سيلاحظون هذا التوجيه الشعبي في حضرة الله “الآن في أعين كل إسرائيل محفل الرب وفي سماع إلهنا” كان لهم مشورة حسنة وتحذيرًا صريحًا، فإذا لم يقبلونها فهم المخطئون “فالله والناس شاهدين عليهم”(اتي 5: 21؛ 2تي 4: 1)، فالذين يخدمون في الكنيسة يجب أن يكونوا أمناء في خدمتهم ومرضيين أمام الله والناس.
- الغرض من حفظ التوجيه:لكي يكونوا سعداء ويرثوا بسلام الأرض الجيدة ويورثوها لأولادهم بعدهم إلى الأبد.
ز. وختم بتوجيه لسليمان نفسه (عدد 9- 10)، لقد اهتم جدًا بأن يكون سليمان متدينًا، فهو سيكون رجًلا عظيمًا ولكن لا يجب أن ينظر إلى العبادة بنظرة وضيعة، يجب أن يكون حكيمًا وفي العبادة تكمن حكمته، ونلاحظ:
- التوجيه الذي أعطاه له. يجب أن ينظر إلى الله إله ابيه، أبيه الطيب الذي كرّسه وربّاه لله، لقد وُلد في بيت الله ولذا فهو مرتبط بالواجب له، وقد تربى في بيته ولذا فعليه واجب الشكر له، “صديقك وصديق ابيك لا تترك”، فيجب أن يعرف الله ويخدمه، فنحن لا نخدم الله الخدمة الحقيقية إن لم نعرفه، وسدى معرفتنا له إن لم نخدمه من كل القلب والفكر والقدرة، نخدمه بقلب كامل أيّ مستقيم لأن أما نتناهى كمال إنجيلنا، وبفكر راضِ من مبدأ المحبة كشعب مطيع بفرح وسرور.
- البراهين التي تؤكد هذا التوجيه:
أ. برهانين لهما باعث عام:
أوًلا: أسرار نفوسنا كلها مكشوفة أمام الله فهو فاحص القلوب حتى أعماق الأشياء الغير مفحوصة للإنسان (أم 25: 3) لذلك يجب أن نكون مخلصين لأننا إذا تعاملنا بالخداع فالله يرى وهو لا يُفرض عليه شيء بالحيلة أو الخداع، فيجب أن نُشغل أفكارنا ونستخدمها لخدمة الله لأنه يعرف كل تصوراتها النقية والشريرة.
ثانيًا: أننا من هنا سعداء أو تعساء إلى الأبد حسبما نعمله أو لا نعمله لخدمة الله، لأننا إن سعينا إليه جادين سنجده وهذا كاف ليجعلنا سعداء (عب 11: 6)، وإن تركناه وتركنا خدمته ولم نتبعه فسيرفضنا إلى الأبد وهذا كاف ليجعلنا تعساء. ويجب أن نلاحظ أن الله لا يترك أحدًا إن لم يتركه هو أوًلا.
ب. برهان خاص بسليمان (عدد 10) “الرب اختارك لتبني بيتًا للقدس” لذلك اطلب الرب واخدمه لكي يتم العمل من مبدأ حسن بطريقة مستقيمة ويكون مقبوًلا.
- الوسائل المطلوبة، وهي مطلوبة منا جميعًا:
أ. تحذير: “أنظر الآن” كن حذرًا من كل شيء يظهر أنه أو يؤول إلى شر.
ب. تشجيع: “تشدد واعمل” فنحن لا نستطيع أن نتمم عملنا كما يجب أن تصُمم وتشحذ كل قوانا من النعمة الإلهي.
* “وأعطى داود سليمان ابنه مثال الروان وبيوته وخزائنه وعلاليه ومخادعه الداخلية وبيت الغطاء…”(1 أيام 28: 11، 21).
من جهة التوجيه الذي أعطاه داود لابنه سليمان لطلب الله وخدمته فإن كتاب الشريعة هو قانونه الوحيد، والآن لبناء الهيكل سلّمه ثلاثة أشياء:
- نموذج للمبنى لأنه كان ذا خصائص لم يرها قط هو ولا مهندسوه، فنموذج خيمة الشهادة أراه الله لموسى على الجبل (عب 8: 5)، كذلك نموذج الهيكل أعطاه الله بيده لداود (عدد 19)، وقد أُعطى له كتابة ربما بخدمة ملائكة أو بدقة ووضوح لنكره كما لو كانت كتابة، وقد قيل (عدد 12) “مثال كل ما كان عنده بالروح”، فالاختراع بسبب تقوى داد أو حكمة سليمان لا يمكن الاعتماد عليه في أمر بهذا المقدار، فالهيكل يجب أن يكون مقدسًا واشارة للسيد المسيح، فيجب أن يكون فيه ليس فقط وسائل الراحة واللياقة بل أيضًا الشأن والأهمية، إنه كان نوعًا من الأسرار المقدسة ولا يجب أن يترك لفن الإنسان أو الخيال ليخترعه، ولكن يجب أن يُسْتنبط بتأسيس إلهي، فالمسيح هو الهيكل الحقيقي، والكنيسة هي هيكل الإنجيل، والسماء هي الهيكل الأبدي وكلها مستوحاه من المشورة الإلهية والمثال وُضع بحكمة إلهية مؤسسة قيل انشاء العالم لمجد الله ومجدنا.
داود أعطى النموذج لسليمان لكي يعرف ماذا يُزوّد وماذا يُنفّذ حسب قانون مُعّين، والسيد المسيح لما ترك لتلاميذه تعليمات لبناء كنيسة الإنجيل أعطاهم نموذجًا دقيقًا لها وأمرهم أن يلاحظوا ويتبعوا ما أمرهم به فقط.
والمثال الخاص ذُكر هنا “الرواق وبيوته وخزائنه وعلاليه ومخادعه الداخلية وبيت الغطاء”، وأعطاه قائمة لفرق الكهنةة ولكل آنية بيت الرب (عدد 13)، ومثال مركبة الكاروبيم (عدد 18) فبجانب الكاروبين اللذين على الغطاء كان هناك كاروبان أكبر حجمًا وأجنحتهما كانت تُمس من حائط للآخر (1مل 6: 23، 28) ولهذين أعطى داود لسليمان نموذجًا يُسمى “المركبة” لأن الملائكة هم مركبة الله (مز 68: 17).
- مواد لأثمن أدوات الهيكل. ولكي لا يعمل أيّ شيء أقل من المثال فقد أعطاه وزنًا دقيقًا لكل اناء من الذهب والفضة (عدد 14)، في خيمة الشهادة كان هناك منارة ذهبية واحدة ولكن في الهيكل عشرة (1مل 7: 49)، بجانب المنارات الفضية التي يُظن أنها منارات كانت تُحمل باليد (عدد 15)، وفي خيمة الشهادة كان هناك مائدة واحدة، ولكن في الهيكل بجانب مائدة خبز الوجوه كان هناك عشرة أخرى (2أيام 4: 8) بجانب موائد فضية لأن الهيكل كان أكبر جدًا من الخيمة ولذلك استوجب أثاثات تناسب حجمه، والذهب الخاص بمذبح البخور ذُكر أنه “ذهبًا مصفّى”(عدد 18) أيّ أنه أصفى من الآخرين لأنه كان نموذجًا لشفاعة المسيح الكفارية التي ليس هناك أكثر منها نقاوة وكمًالا.
- تعليمات لطرق المعونة الخاصة بهذا العمل العظيم. “لا تخف المعارضة، لا تخف الحمل والعناية والصعوبات، لا تخف التعثر فيها كما حدث مع عُزة، ولا تخف تقريعات البناء الجاهل الذي ابتدأ ولم يستطع أن يُكّمل. لا ترهب لأن:
أ. الله سيعينك ويجب أن تنظر إليه أوًلا (عدد 20): “الرب الإله إلهي معك الذي اخترت أن أعبده، الذي كان معي طول الأيام وأنجحني، والذي من خبرتي الشخصية لقوته وصلاحه أُقدّمه لك، فهو سيكون معك ليرشدك ويقويك وينجح طريقك، وسوف لا يرفضك أو يتركك، فيجب أن نكون متيقنين أن الله الذي اقتنى آباءنا وحملهم في خدمتهم في أيامهم كذلك إذا كنا أمناء له سيعمل معنا ولا يتركنا أبدًا مادام هناك عمل له فينا وبنا، فالتشجيع الذي قُدّم ليشوع (يش 1: 5)، وسليمان مقدم لكل المؤمنين (عب 13: 5)، فهو سوف لا يرفضك ولا يتركك، فالله لا يترك أحدًا إن لم يتركه هو أوًلا.
ب. أناس صالحون سيعضدونك (عدد 21)، الكهنة واللاويون سيرشدونك وتستطيع استشارتهم، وعندك عاملون صالحون وهم مهرة ومطيعون وهاتان صفتان مهمتان في الذين يعملون بالهيكل، وأخيرًا القادة والشعب سيكونون أبعد ما يكون عن معارضة أو تأخير العمل وجميعهم تحت أمرك كُلَّ في مكانه مستعد لإكماله وبذلك فالعمل الصالح سيستمر مادام كل المشتركين يعملون من كل قلوبهم.
اَلأَصْحَاحُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ
وَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ،
رُؤَسَاءَ الأَسْبَاطِ وَرُؤَسَاءَ الْفِرَقِ الْخَادِمِينَ الْمَلِكَ،
وَرُؤَسَاءَ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءَ الْمِئَاتِ،
وَرُؤَسَاءَ كُلِّ الأَمْوَالِ وَالأَمْلاَكِ الَّتِي لِلْمَلِكِ وَلِبَنِيهِ،
مَعَ الْخِصْيَانِ وَالأَبْطَالِ وَكُلِّ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ، إِلَى أُورُشَلِيمَ. [1]
وَوَقَفَ دَاوُدُ الْمَلِكُ وَقَالَ:
«اِسْمَعُونِي يَا إِخْوَتِي وَشَعْبِي.
كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتَ قَرَارٍ لِتَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِمَوْطِئِ قَدَمَيْ إِلَهِنَا،
وَقَدْ هَيَّأْتُ لِلْبِنَاءِ. [2]
وَلَكِنَّ اللَّهَ قَالَ لِي:
لاَ تَبْنِي بَيْتًا لاِسْمِي لأَنَّكَ أَنْتَ رَجُلُ حُرُوبٍ وَقَدْ سَفَكْتَ دَمًا. [3]
وَقَدِ اخْتَارَنِي الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ بَيْتِ أَبِي
لأَكُونَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ،
لأَنَّهُ إِنَّمَا اخْتَارَ يَهُوذَا رَئِيسًا،
وَمِنْ بَيْتِ يَهُوذَا بَيْتَ أَبِي،
وَمِنْ بَنِي أَبِي سُرَّ بِي لِيُمَلِّكَنِي عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. [4]
وَمِنْ كُلِّ بَنِيَّ (لأَنَّ الرَّبَّ أَعْطَانِي بَنِينَ كَثِيرِينَ)
اخْتَارَ سُلَيْمَانَ ابْنِي لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَةِ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ. [5]
وَقَالَ لِي: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكَ هُوَ يَبْنِي بَيْتِي وَدِيَارِي،
لأَنِّي اخْتَرْتُهُ لِي ابْنًا،
وَأَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا، [6]
وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ إِلَى الأَبَدِ
إِذَا تَشَدَّدَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ وَصَايَايَ وَأَحْكَامِي كَهَذَا الْيَوْمِ. [7]
وَالآنَ فِي أَعْيُنِ كُلِّ إِسْرَائِيلَ مَحْفَلِ الرَّبِّ،
وَفِي سَمَاعِ إِلَهِنَا،
احْفَظُوا وَاطْلُبُوا جَمِيعَ وَصَايَا الرَّبِّ إِلَهِكُمْ
لِتَرِثُوا الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ وَتُوَرِّثُوهَا لأَوْلاَدِكُمْ بَعْدَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. [8]
وَأَنْتَ يَا سُلَيْمَانُ ابْنِي اعْرِفْ إِلَهَ أَبِيكَ
وَاعْبُدْهُ بِقَلْبٍ كَأمِلٍ وَنَفْسٍ رَاغِبَةٍ،
لأَنَّ الرَّبَّ يَفْحَصُ جَمِيعَ الْقُلُوبِ وَيَفْهَمُ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ الأَفْكَارِ.
فَإِذَا طَلَبْتَهُ يُوجَدُ مِنْكَ،
وَإِذَا تَرَكْتَهُ يَرْفُضُكَ إِلَى الأَبَدِ. [9]
اُنْظُرِ الآنَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَكَ لِتَبْنِيَ بَيْتًا لِلْمَقْدِسِ،
فَتَشَدَّدْ وَاعْمَلْ». [10]
وَأَعْطَى دَاوُدُ سُلَيْمَانَ ابْنَهُ مِثَالَ الرِّوَاقِ وَبُيُوتِهِ وَخَزَائِنِهِ
وَعَلاَلِيِّهِ وَمَخَادِعِهِ الدَّاخِلِيَّةِ وَبَيْتِ الْغِطَاءِ، [11]
وَمِثَالَ كُلِّ مَا كَانَ عِنْدَهُ بِالرُّوحِ لِدِيَارِ بَيْتِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ الْمَخَادِعِ حَوَالَيْهِ،
وَلِخَزَائِنِ بَيْتِ اللَّهِ وَخَزَائِنِ الأَقْدَاسِ، [12]
وَلِفِرَقِ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ،
وَلِكُلِّ عَمَلِ خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ،
وَلِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. [13]
فَمِنَ الذَّهَبِ بِالْوَزْنِ لِمَا هُوَ مِنْ ذَهَبٍ لِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةٍ فَخِدْمَةٍ،
وَلِجَمِيعِ آنِيَةِ الْفِضَّةِ فِضَّةً بِالْوَزْنِ لِكُلِّ آنِيَةِ خِدْمَةٍ فَخِدْمَةٍ. [14]
وَبِالْوَزْنِ لِمَنَائِرِ الذَّهَبِ وَسُرُجِهَا مِنْ ذَهَبٍ بِالْوَزْنِ
لِكُلِّ مَنَارَةٍ فَمَنَارَةٍ وَسُرُجِهَا،
وَلِمَنَائِرِ الْفِضَّةِ بِالْوَزْنِ لِكُلِّ مَنَارَةٍ وَسُرُجِهَا
حَسَبَ خِدْمَةِ مَنَارَةٍ فَمَنَارَةٍ. [15]
وَذَهَبًا بِالْوَزْنِ لِمَوَائِدِ خُبْزِ الْوُجُوهِ لِكُلِّ مَائِدَةٍ فَمَائِدَةٍ،
وَفِضَّةً لِمَوَائِدِ الْفِضَّةِ. [16]
وَذَهَبًا خَالِصًا لِلْمَنَاشِلِ وَالْمَنَاضِحِ وَالْكُؤُوسِ.
وَلأَقْدَاحِ الذَّهَبِ بِالْوَزْنِ لِقَدَحٍ فَقَدَحٍ،
وَلأَقْدَاحِ الْفِضَّةِ بِالْوَزْنِ لِقَدَحٍ فَقَدَحٍ. [17]
وَلِمَذْبَحِ الْبَخُورِ ذَهَبًا مُصَفًّى بِالْوَزْنِ،
وَذَهَبًا لِمِثَالِ مَرْكَبَةِ الْكَرُوبِيمِ
الْبَاسِطَةِ أَجْنِحَتَهَا الْمُظَلِّلَةِ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ. [18]
وَقَالَ: «قَدْ أَفْهَمَنِي الرَّبُّ كُلَّ ذَلِكَ بِالْكِتَابَةِ بِيَدِهِ عَلَيَّ،
أَيْ كُلَّ أَشْغَالِ الْمِثَالِ». [19]
وَقَالَ دَاوُدُ لِسُلَيْمَانَ ابْنِهِ:
«تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ وَاعْمَلْ.
لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ،
لأَنَّ الرَّبَّ الإِلَهَ إِلَهِي مَعَكَ.
لاَ يَخْذُلُكَ وَلاَ يَتْرُكُكَ حَتَّى تُكَمِّلَ كُلَّ عَمَلِ خِدْمَةِ بَيْتِ الرَّبِّ. [20]
وَهُوَذَا فِرَقُ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ لِكُلِّ خِدْمَةِ بَيْتِ اللَّهِ.
وَمَعَكَ فِي كُلِّ عَمَلٍ كُلُّ نَبِيهٍ بِحِكْمَةٍ لِكُلِّ خِدْمَةٍ وَالرُّؤَسَاءُ،
وَكُلُّ الشَّعْبِ تَحْتَ كُلِّ أَوَامِرِكَ». [21]