ميراث أبناء الله في المسيح

 

عندما وضع الله الناموس فى العهد القديم وضع له ما يناسبه من جزاء أرضي، فوعدهم بميراث الأرض، وكان الوعد متمثلاً في شخص إبراهيم ونسله الذي يرث الأرض، ولم يكن الإنسان قد تمتع بعد ببنوته الله فى تجسد المسيح يسوع الذي به صرنا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع :(غل 3: 26) والترجمة الأصلية لها بالإيمان في المسيح يسوع، وقد صور بولس الرسول العلاقة بين الإنسان والله قديماً مثل العبد وسيده وهذه العلاقة تشبه علاقة الابن القاصر بالأب من حيث حقه في الميراث حيث وضع الله ( صاحب الميراث وصياً على أولاده قبل نضجهم الروحى وقبل بلوغهم حالة الحرية التي تجعلهم لانقين للميراث الحقيقي للأبناء وكان هذا الوصى هو الناموس.

وبعد تجسد المسيح أصبحنا أبناء حقيقيين للآب وصار لنا ميراث البنين فأصبح وجودنا على الأرض مرحلة عبور وليس استيطاناً لأرض لأن لنا وطناً أفضل وميراثاً لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظاً في السموات لأجلنا (1بط 1: 4).

“فإن كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً ورثة الله ووارثون مع المسيح” (رو 8: 17).

ومن عاشوا قديماً بالروح عرفوا مقدار وقيمة هذا الميراث الأبدي بالإيمان وطول الأناة وعلى هذا الرجاء ورثوا المواعيد رغم عدم رؤيتهم بالعيان ميلاد وتجسد الابن الذي به وفيه صرنا أبناء وورثة لميراث لا نعرف قدره ولا نطالب به في حياتنا على الأرض فنحيا رغم كوننا أبناء كالعبيد أو القصر الذين لم يختبروا حياة الحرية في المسيح وبره الذي يبرر ضمير الخاطئ ليعيش فى نعمة الخلاص وقوته ليصير الإيمان قوة فاعلة ومغيرة لحياتنا ولا يعود لنا ضمير خطايا مميتة.

لنا ميراث في الحب الأبوي

“ليكون فيهم الحب الذي أحببتنى به” (يو 17: 26) فهل إذا قدَّرنا قيمة هذا الحب الأبوي يمكن أن نبحث عن حب عاطفي أقل منه قدراً وبقاء واحتمالاً لضعفاتنا؟؟

هل أدرك الابن الأكبر مقدار حب أبيه له ؟؟ وهل طالب بميراثه في هذا الحب قبل أن يطلب وليمة أو جدياً له؟؟

رأى هذا الابن أباه في صورة السيد الذي يطالبه بأعمال ويقف راصداً ومراقباً لكيفية أدائه وخدمته، فغاب عنه ميراث الحب الأبوي، لأنه لو كان تمتع به لكان امتلأ به وفاض على كل من حوله ومنهم أخيه الأصغر والأضعف الذي تاه وضل…

+ لنا ميراث في الخلاص:

بغفران خطايانا بدم المسيح الذي منحنا قوة نصرته على الموت والخطية فصارت لنا غلبة وخلاصاً، لأنه لو حققنا بقدرتنا وقوتنا نصرة لما كان هناك داع ومبرر لموت وقيامة المسيح.

لكنه جعل من الملائكة خداماً مرسلة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص (عب 1: 14) يرعون المؤمنين ويرشدونهم في الطريق وينقذونهم من كل شر سواء كان عابراً أو مقيماً في داخلهم “وأنزل في بيتي وأحرسه من العابر والمقيم يقول الرب فلا يمر على شعبي طاغية بعد أن رأيت الآن بعيني ما قاسوه من الآلام” (زك 9: 8).

+ لنا ميراث في الآلام :

ليس كضريبة لنوال ميراث المجد ولكنه اختبار لإرادتنا وإيماننا واشتياق قلوبنا، فلولا الأتون لما شارك الفتية الثلاثة ابن الإله ولما عرفوا هم قدر محبتهم وتمسكهم بالإله الحي “إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضاً معه” (رو 8: 17) هذا الألم يحقق لنا الوحدة في المسيح فـــي الألم لأن من تألم في الجسد كف عن الخطية ( 1بط 4: 1) لأن الألم من أجل المسيح فيه قوة ترفع من الخطية إلى النصرة ثم إلى المجد لما تحمله من تعزيات وشركة مع المسيح واختبار ورؤية له.

لنا ميراث فى المجد والحياة الأبدية.

“وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني” (17: 22) ومجد الابن سماوي عن يمين عرش الآب تسبحه الملائكة والكائنات الأربعة والشيوخ يرتلون له قائلين: “الحمل المذبوح يحق له أن ينال القدرة والغنى والحكمة والجبروت والإكرام له المجد والحمد وكل الخليقة تقول: للجالس على العرش وللحمل الحمد والإكرام والمجد والجبروت إلى أبد الدهور” (رؤ 5: 12، 13).

وكان للابن مجد على الأرض أيضاً عندما كان يجول يصنع خيراً على الأرض ويشفي كل المحتاجين إلى شفاء، كان الابن نوراً على الأرض وكان ماءً حياً وكان خبز الحياة، ومن يغلب يرث كل شيء… المسجد الأبدي فى السماء وقبله يصير نوراً وملحاً للأرض على الأرض. “من يغلب يلبس ثوباً أبيض ولا أمحو اسمه من كتاب الحياة بل أشهد له عند أبي وملائكته” (رؤ 3: 5). ولكي نؤمن ونثق في وعد الله وميراث البنين أعطانا عربون ميراثنا على الأرض بختم الروح القدس لكي يصير الفضل كله لله وليس منا فنحن الذين نأخذ الميراث وهو الذي يدفع العربون.

ختم الروح القدس هو الذي يجعل من المؤمنين ملحاً للأرض ونوراً للعالم فتصير للحياة طعماً بهم بمقاومتهم للفساد وواضحاً والخطية ويصير الطريق الله مضيئاً بهم وفيهم.

“وفيه أنتم أيضاً حين سمعتم كلام الحق أي بشارة خلاصكم وآمنتم ختمتم بالروح القدس الموعود وهو عربون ميراثنا إلى أن يفتدي الله خاصته للتسبيح بمجده” (أف 1: 13).

أعطى لنا أن نتذوق حياة التسبيح على الأرض كعربون ميراث بين القديسين الذين يرون مجد الله وابنه مسبحين فرحين بكنوز المجد التى لهم، وبقدر اشتياقنا لمجد المسيح وتمجيده وتذوقنا لعربون الميراث بقدر ما تكون منازلنا المعدة لنا في السماء والتي يميزها مقدار اقترابنا من الآب والابن والروح القدس

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى