تفسير سفر المكابين الاول ١٤ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح الرابع عشر
الآيات (1-3):
“1 وفي السنة المئة والثانية والسبعين جمع ديمتريوس الملك جيوشه وسار إلى ماداي يستمد نجدة لمحاربة تريفون. 2 وبلغ ارساكيس ملك فارس وماداي ان ديمتريوس قد دخل تخومه فأرسل بعض رؤسائه ليقبض عليه حيا. 3 فذهب وضرب جيش ديمتريوس وقبض عليه واتى به ارساكيس فجعله في السجن.”
كانت ميديا تابعة أولاً للسلوكيين، لكن أرساكيس إنتزعها منهم. ودخل ديمتريوس على ميديا يطلب مرتزقة ويقال أيضاً لنجدة بعض من أتباعه الذين إشتكوا له من ظلم أرساكيس لهم. ودخول ديمتريوس أرض أرساكيس دون إذن أثاره فحاربه وأمسك به. ولكن هم أذلوه أولاً، ولكن بعد ذلك زوجه أرساكيس من إبنته وأخيراً أرسله ليحكم سوريا من جديد. ولما سمعت كليوباترا زوجته أنه تزوج من إبنة أرساكيس تزوجت من أخيه أنطيوخس السابع لتعينه على إستعادة العرش.
الآيات (4-15):
“4 فهدأت ارض يهوذا كل أيام سمعان وجعل همه مصلحة أمته فكانوا مبتهجين بسلطانه ومجده كل الأيام. 5 وفضلا عن ذلك المجد كله جعل يافا مرسى وفتح مجازا لجزائر البحر. 6 ووسع تخوم أمته واستحوذ على البلاد. 7وجمع أسرى كثيرين وامتلك جازر وبيت صور والقلعة واخرج منها النجاسات ولم يكن من يقاومه. 8 وكانوا يفلحون أرضهم بسلام والأرض تعطي إتاءها وأشجار الحقول أثمارها. 9 وكان الشيوخ يجلسون في الساحات يتفاوضون جميعا في مصالح الأمة والشبان متسربلين بالبهاء وعليهم حلل الحرب. 10وكان سمعان يمير المدن بالطعام ويهيئ فيها أسباب التحصين حتى صار ذكر مجده إلى أقاصي الأرض. 11 وقرر السلم في أرضه فلبث إسرائيل في فرح عظيم. 12وجلس كل واحد تحت كرمته وتينته ولم يكن من يذعرهم. 13 ولم يبق في الأرض من يحاربهم وقد انكسرت الملوك في تلك الأيام. 14 وقوى كل من كان ضعيفا في شعبه وغار على الشريعة واستأصل كل أثيم وشرير. 15 وعظم الأقداس واكثر من الآنية المقدسة.”
هدوء وسكون في اليهودية، وسمعان يطهر البلاد من الوثنية. عظم الأقداس= إحترام الطقوس في الهيكل وأرسل الكثير من الآنية للهيكل. والنتيجة بركة في الثمار وسلام في الأرض. جلس كل واحد تحت كرمته وتينته= تعبير قديم يشير للسلام والبركة (مي4:4) + (زك10:3).
الآيات (16-24):
“16 وبلغ خبر وفاة يوناتان إلى رومية وإسبرطة فأسفوا أسفا شديدا.17 وإذ بلغهم أن سمعان أخاه قد تقلد الكهنوت الأعظم مكانه وصارت البلاد وما بها من المدن تحت سلطانه. 18 كتبوا إليه على ألواح من نحاس يجددون معه ما كانوا قد قرروه مع يهوذا ويوناتان أخويه من الموالاة والمناصرة. 19فقرئت الألواح بمشهد الجماعة في أورشليم وهذه صورة الكتب التي أنفذها الإسبرطيون. 20 من رؤساء الإسبرطيين ومن المدينة إلى سمعان الكاهن الأعظم وإلى الشيوخ والكهنة وسائر شعب اليهود اخوتنا سلام. 21 لقد اخبرنا الرسل الذين أنفذتموهم إلى شعبنا بما انتم فيه من العزة والكرامة فسررنا بوفدهم. 22 ودونا ما قالوه في دواوين الشعب هكذا قد قدم علينا نومانيوس بن انطيوكس وانتيباتير ابن ياسون رسولا اليهود ليجددا ما بيننا من الموالاة. 23 فحسن لدى الشعب أن يلتقي الرجلين بإكرام ويثبت صورة كلامهما في سجلات الشعب المخصصة لتكون تذكارا عند شعب الإسبرطيين وقد كتبنا بنسختها إلى سمعان الكاهن الأعظم. 24 وبعد ذلك أرسل سمعان نومانيوس إلى رومية ومعه ترس عظيم من الذهب وزنه ألف منا ليقرر المناصرة بينه وبينهم.”
يريد الكاتب إظهار عظمة كل من يوناثان وسمعان. فسمعان إستمر في إرسال السفراء كسياسة يوناثان أخيه وأكملها هركانوس. تأسف إسبرطة على يوناثان غالباً كان لمقتله غدراً.
ترس الذهب= يعطي كهدايا كالتاج والسعفة. لا يستخدم في الحرب بل للحفظ في القصور وأيضاً ينقش عليه إسم المرسل إليه والواهب والمناسبة.
الآيات (25-49):
“25 فلما سمع الشعب ذلك الكلام قالوا بماذا نكافئ سمعان وبنيه. 26على ثباته هو واخوته وبيت أبيه ودفعه عن إسرائيل أعداءه وتمتيعه له بالحرية وكتب في ألواح من نحاس جعلوها على أنصاب في جبل صهيون.27 ما صورته في اليوم العاشر من شهر أيلول في السنة المئة والثانية والسبعين وهي السنة الثالثة لسمعان الكاهن الأعظم في سرمال. 28 في مجمع عظيم من الكهنة والشعب ورؤساء الأمة وشيوخ البلاد ثبت عندنا أن قد وقعت حروب كثيرة في البلاد. 29 وان سمعان بن متتيا من بني ياريب واخوته قد القوا بأنفسهم في المخاطر وناهضوا أعداء أمتهم صيانة لأقداسهم والشريعة وأولوا أمتهم مجدا كبيرا. 30 وان يوناتان جمع شمل أمته وتقلد فيهم الكهنوت الأعظم ثم انضم إلى قومه. 31 فهم أعداؤهم بالغارة على أرضهم ليدمروا بلادهم ويلقوا أيديهم على أقداسهم. 32 حينئذ نهض سمعان وقاتل عن أمته وانفق كثيرا من أمواله وسلح رجال الباس من أمته وأجرى عليهم الأرزاق. 33 وحصن مدن اليهودية وبيت صور التي عند حدود اليهودية حيث كانت أسلحة الأعداء من قبل وجعل هناك حرسا من رجال اليهود. 34وحصن يافا التي على البحر وجازر التي عند حدود اشدود حيث كان الأعداء مقيمين من قبل واسكن هناك يهودا وجعل فيهما كل ما ياول إلى إعزاز شانهما. 35 فلما رأى الشعب ما فعل سمعان والمجد الذي شرع في إنشائه لامته أقاموه قائدا لهم وكاهنا اعظم لما صنعه من ذلك كله ولأجل عدله والوفاء الذي حفظه لامته والتماسه إعزاز شعبه بجميع الوجوه. 36 وفي أيامه تم النجح على يديه بإجلاء الأمم عن البلاد وطرد الذين في مدينة داود بأورشليم وكانوا قد بنوا لأنفسهم قلعة يخرجون منها وينجسون ما حول الأقداس ويفسدون الطهارة إفسادا عظيما. 37 واسكن فيها رجالا من اليهود وحصنها لصيانة البلاد والمدينة ورفع أسوار أورشليم. 38 واقره الملك ديمتريوس في الكهنوت الأعظم. 39 وجعله من أصدقائه وعظمه جدا. 40 إذ بلغه أن الرومانيين يسمون اليهود أولياء لهم ومناصرين واخوة وقد تلقوا رسل سمعان بإكرام. 41 وان اليهود وكهنتهم قد حسن لديهم أن يكون سمعان رئيسا وكاهنا اعظم مدى الدهر إلى أن يقوم نبي أمين. 42 ويكون قائدا لهم ويهتم بالأقداس ويقيم منهم أناسا على الأعمال والبلاد والأسلحة والحصون.43ويتولى أمر الأقداس وان يطيعه الجميع وتكتب باسمه جميع الصكوك في البلاد ويلبس الأرجوان والذهب. 44 ولا لأ من الشعب والكهنة أن ينقض شيئا من ذلك أو يخالف شيئا مما يأمر به أو يجمع مجمعا بدونه في البلاد أو يلبس الأرجوان وعروة الذهب. 45 ومن فعل خلاف ذلك ونقض شيئا منه فهو مجرم. 46 وقد رضي الشعب كله بان يقلد سمعان جميع ما ذكر. 47 وقبل سمعان ورضي أن يكون كاهنا اعظم وقائدا ورئيسا لامة اليهود وللكهنة وحاكما على الجميع. 48 ورسموا بان تدون هذه الكتابة في ألواح من نحاس توضع في رواق الأقداس في موضع مشهود. 49 وتوضع صورها في الخزانة حتى تبقى لسمعان وبنيه.”
الشعب يرد جميل عائلة المكابيين ويسجل لهم تاريخهم ويعلن الخضوع لهم. وكتبوا هذا على ألواح نحاس لتحفظ في كل مكان. سر مال= حصرمائيل= “رئيس شعب الله تماماً” أو رئيس إسرائيل والأرجح أنها تعني “فناء شعب الله” أو “الفناء الخارجي للهيكل” حيث ستوضع هذه اللوحة النحاسية. ويقال أنها تعني “تملك الله على شعبه” ويكون معنى الآية بهذا “السنة الثالثة لعودة الحكم لله”
ولاحظ أن إحتفالات الشعب كانت على مستويين ديني ومدني فلا يمكن فصل الدين عن السياسة في إسرائيل وهنا نرى الشعب موافقاً على تولي سمعان رئاسة الكهنوت بجانب الملك، وكان هذا من قبل بمرسوم من الملك السلوكي والآن هو تعيين وتكليف شعبي. ونرى الشعب مازال ينتظر ظهور النبي الأمين غالباً هو الذي تنبأ عنه موسى (تث15:18-19) إشارة للمسيح، لكنهم مازالوا ينتظرونه حتى اليوم.