تفسير سفر المكابيين الأول 5 للأنبا مكاريوس أسقف المنيا

الحملات على الأمم الوثنية

 

حقق اليهود الهدف الأساسي من ثورتهم وهو استعادة الهيكل واستئناف العبادة، حيث أعانهم الله في ذلك جدًا، ويظهر ذلك من التباين الشديد بين القوتين اليهودية والسلوقية في المعارك، فبينما كان قوام الجيش السلوقى أربعين الفًا من الجنود وسبعة آلاف من الفرسان، كان جيش المكابيين في المقابل لم يتجاوز الستة آلاف جندي وفارس ومع ذلك اوقعوا الهزيمة باعدائهم (1مكا3: 39 و 2مكا8: 16).

عن ذلك يعبّر زكريا النبي في نبوءته قائلًا: “لأني أوترت يهوذا لنفسي، وملأت القوس أفرايم وأنهضت أبناءك يا صهيون على بنيك يا ياوان (اليونان) وجعلتك (يا صهيون) كسيف جبار، وُيرى الرب فوقهم وسهمه يخرج كالبرق، والسيد الرب ينفخ في البوق ويسير في زوابع الجنوب. رب الجنود يحامى عنهم فيأكلون ويدوسون حجارة المقلاع.. ويخلصهم الرب إلههم في ذلك اليوم كقطيع شعبه بل كحجارة التاج مرفوعة على أرضه، ما أجوده وما أجمله”  (زكريا 9: 13 – 17).

ولكنهم طمعوا في فتح بلاد جديدة، حيث امتدّوا إلى الشمال في جلعاد ووصلوا إلى الساحل عند أشدود، وبرغم الصلح الذي عقده معهم ليسياس بسخاء وتقدير، إلاّ أنهم لم يكتفوا بذلك، بل شرعوا في الاتساع وبسط النفوذ (2مكا11: 13- 21).

ملاحظة تاريخية:

بدأ عيد التدشين في (25 كسلو) ولكن من السنة البسيطة (= 16 أكتوبر 164 ق.م.) وليس 25 كسلو من السنة الكبيسة (والتي تقابل 14 ديسمبر 164 ق.م.) كما مرّ بنا في التعليق على (4: 36-54) وبالتالي فقد كان هناك متسع من الوقت لكل الأحداث المذكورة في هذا الأصحاح. وكانت الحملات ضد أدومية وأقربتين والنباطيين قصيرة جدًا، كما لم تستغرق المعارك ضد العمونيين أكثر من أسابيع معدودة، كما حدث أثناء تلك الحملات سيل غامر (راجع4: 38) مما يؤكد أن ذلك قد تم قبل موسم الجفاف (آخر أبريل) وبحسب ما ورد في (2مكا12: 31،32) فقد كان ذلك قبل عيد الأسابيع (6 سيفان = 21 أبريل 163 ق.م. من السنة البسيطة).كما أنه منذ أن بدأ يهوذا في حصار قلعة عكرة (1مكا6: 20) لم يقم بحملات جديدة ضد الأمم المجاورة، وهو الحصار الذي بدأ في الأول من نيسان 28 يناير 163 ق.م. (من السنة البسيطة)، ثم نستنتج من (دانيال12: 11) أنه في 17 يونيو 163 ق.م. اندلعت معركة بيت زكريا حيث ُحوصرت قوات يهوذا (6: 32-48). ونخلص من كل ما سبق أن الفترة ما بين 16 أكتوبر 164 ق.م. إلى مايو 163 ق.م. كانت كافية لاستيعاب أحداث الأصحاح الخامس الذي نحن بصدده.(1)

الحملة على بنى أدوم وبنى عمون

ولما سمعت الأمم التي حولهم أن قد أعيد بناء المذبح وُجدد المقدس كما كانا من قبل، غضبت غضبًا شديدا 2وعزمت على أن تبيد من بينها من نسل يعقوب، وأخذت تقتل وتهلك من الشعب. 3وكان يهوذا يحارب بنى عيسو في أدوم عند أقربتين، لأنهم كانوا يحاصرون إسرائيل، فضربهم ضربة شديدة ودحرهم وسلب غنائمهم. 4وتذكر شر بنى بيان الذين كانوا فخا ومعثرة للشعب يكمنون له على الطرق. 5فألجأهم إلى البروج وحاصرهم وحرّمهم وأحرق البروج وكل من كان فيها بالنار. 6ثم عبر إلى بنى عمون، فصادف عسكرا قويا وشعبا كثيرا تحت قيادة طيموتاوس. 7فشن عليهم حروبا كثيرة، فانسحقوا أمامه فكسرهم. 8وفتح يعزير وتوابعها، ثم عاد إلى اليهودية.

كان من مصلحة الأمم المجاورة لليهود، أن يظل الأخيرين مستعمرين أذلاء، إذ كانوا في الواقع يُمَثِّلون بالنسبة لهم خطرًا كامنًا يتحرك متى زال الضغط عنهم، فُهم الأعداء التقليديون لهم، وقد كان لهذه العداوة أسباب ضاربة في القدم، فقد نظر الأدوميون والعمونيون إلى اليهود باعتبارهم مستعمرين في الأساس، جاءوا من الجولان في البرية ليحتلوا هذه الأرض، كما أنه ما يزال مطبوعًا في ذاكرة بنى أدوم أن اليهود هم نسل يعقوب الذي سلب عيسو جدهم الأكبر كل شيء، وفي المقابل فقد ساعد الأدوميون بالأمس القريب جنود نبوخذ نصر، في الاستيلاء على أورشليم نظرًا لخبرتهم بطبوغرافية الأرض هناك، وهم الشامتون في دمارها “انقضوا انقضوا حتى الأساس منها” (مزمور 137: 7-9) ولما لم يكن في استطاعتهم محاربتهم بسبب تحوّل اليهود إلى قوة عسكرية ُيخشى جانبها، فقد راحوا ينتقمون من اليهود السكان بينهم في شبه جاليات أو أقليات هناك.

يُضاف إلى ذلك أن الوثنيين رأوا في اعتزال اليهود عنهم كراهية للجنس البشرى كله، فبادلوهم كرهًا بكره، مع أن انعزال اليهود كان بسبب تجنّبهم أي صلة بعبادة الأوثان. أما عن رغبة الأمم في الانتقام من اليهود حال سماعهم بأنباء انتصارات المكابي واستعادتهم الهيكل، فقد كان السبب الحقيقي وراءها هو ادعاء اليهود بامتلاكهم المنطقة بأكملها بناءًا على ما ورد في الشريعة ونبوات الأنبياء، وكانت تلك الانتصارات تعني أن يد الله قد عادت لتساندهم مرة أخرى، وبينما توقّع اليهود تحقيق تلك النبوات، خشى الوثنيون الأمر ذاته، بل أن كل من اليهود والأمم في ذلك الوقت رأوا “يشوع الثاني”: في يهوذا المكابى (2). ُانظر خريطة رقم (7).

أُعيد بناء المذبح (آية 1): وصف الوثنيون استئناف العبادة في الهيكل باعادة البناء، والواقع أن التعبير الأصلي في هذا ليس تجديد  Dedicationبل Restored أي استعادة ” أرددنا يا رب إليك فنرتدّ جدد أيامنا كالقديم” (مراثي 5: 21). ومن هنا فقد قصد النص العبري: ” يستعيد ” وليس ” يدشّن” (3).

عقربات (أقربتين) Akrabattene: حصن على مرتفع جبلى، يقع على الطريق من اليهودية إلى أدوم، جنوب البحر الميت بالقرب من “أقرابيم Akrabbim“. ويشير يوسيفوس إلى موقع يسمّى ” أكراباتين” جنوب شرق شكيم حيث ُيظن أنها عقربات المذكورة هنا. وفي ذلك الوقت كانت على حدود اليهودية داخل السامرة، وفي حملة يهوذا المكابى كانت بالتأكيد جزءا من السامرة وليس من اليهودية، حيث أن أحداث هذا الأصحاح قد وقعت خارج اليهودية (آية 1،2) كما أن أرض افرايم جنوب أقربتين، انضمت لليهودية فقط في أيام يوناتان المكابى (10: 30 و11: 34) أمّا في أيام يهوذا فقد كانت هناك نسبة كبيرة من الأدوميين تسكن أقربتين حتى أن المنطقة ُدعيت ب” أدومية ” حيث أصبح من الضروري التمييز بينهما وبين أدوم الأساسية، حيث دعيت “أدومية العظمى” أو ” الجنوبية”.

بنى بيان Baean, Sons of  وفي اليونانية ” uiown baian“: يبدو أنها قبيلة بدوية. ورد في احدى المخطوطات (LAMW)  بني صبعون Sabeanou  بدلا من بني بيان (تكوين 36: 20،24، 29 وأخبار الأيام الأول 1: 38،39) وهو من بنو سعير، ونتيجة لتطورات لغوية للاسم صبعون مابين اللغتين العبرية والأرامية (لا مجال لايرادها هنا)، جاء النطق الوارد في السفر Beney Baian. ولا ُيعرف على وجه الدقة أين كانت تسكن تلك القبيلة، وأن كانت (الآية 6) تفيدنا بأن يهوذا عبر من عندهم إلى بني عمون، وبالتالي فمن المحتمل أنهم عاشوا بالقرب من عبر الاردن.

        ولكن مخطوطات كتاب اليوبيلات – الذي يرجع لتلك الفترة – يشير إليها باعتبارها مدينة في عبر الأردن شرقا في محلة رأوبين، وهي ليست بعيدة عن ميدبا. وبالعربية “باعون”، ولهذا فهي جنوب عمون، ويرد فيه:  “ومسكنهم من أرض بني عمون حتى جبل حرمون، وبيت ملكهم قرنايم وعشتاروت وأذرعي وميشور وباعون” (يوبيلات 10).

اشتهر رجالها بالكمن في الطرق العامة للعابرين لمهاجمتهم وسلبهم، مثلما اشتهر الأسكيثيون، وكانوا يفرضون اتاوات على المسافرين ولاسيّما التجّار منهم. إلى هذه القبيلة ُاشير في سفر العدد (32: 3) ومن المرجّح أن يكون أتباعها قد قاوموا نحميا عند إعادة ترميم الأسوار (نحميا 4: 7 وما يليه) ولكنه من غير المؤكد إن كانت لهم علاقة بأعمال اللصوصية المذكورة في مثل السامري الصالح على الطريق من أورشليم إلى أريحا. وقد أساء أفراد هذه القبيلة كثيرًا إلى بني إسرائيل على وجه الخصوص، مما استلزم معه القيام بعمل عسكري ضدهم من قِبل المكابيين. تمامًا مثلما فعل شاول بعماليق، (صموئيل أول 15: 2،3) راجع أيضًا (خروج 17: 14 وتثنية 25: 17، 18)  .

طيموتاوس (تيموثاؤس): اسم يوناني معناه “عابد الله” وهو قائد بنى عمون، المعينّ من قبل أنطيوخس أبيفانيوس، وقد دارت عدة معارك بينه وبين المكابيين، ففي البداية ألجأ اليهود إلى الحصون حسبما يرد في هذا النص (وكذلك في 2 مكا 12) ولكن يهوذا هزمه، ولمّا أعاد الكرة ُهزم أيضا، غير أنه هزم اليهود بقيادة يوسف وعزاريا في يمنيا، وفي آخر معركة له مع اليهود هُزم ولما تعرض للقتل استعطفهم ليتركوه ففعلوا، ولكنه واصل تحديه لهم مما ألجأهم إلى قتله في حصن جازر.

غير أنه تواجهنا مشكلة خلال السفرين بخصوص الاسم “طيموتاوس”، فبالرغم من أنه يظهر لنا في (5: 6، 11، 34،،4037) أنه لا يوجد سوى شخص واحد بهذا الاسم، وهو الرأي الذي يعتمد عليه يوسيفوس، إلاّ أن هناك شخصين بهذا الاسم: أولهما قائد كبير سلوقى وهو المذكور هنا في هذه الحملة وهو المذكور كذلك في (2 مكا12: 10- 31) لأنها نفس الحملة العسكرية، ويشير السفر هنا إلى أن طيموتاوس قد نجا من الموت حيث يتضح ذلك من (2 مكا 12: 24، 25).

ولكن كيف يذكر أن طيموتاوس قد مات (فى2مكا8: 30 – 32) ثم نراه حيًا في (2مكا 9: 24 – 37) حيث يلقى مصرعه لاحقا، ثم نراه حيًا في (2مكا 12: 2 – 31) وينجو من الهزيمة؟ لذلك ولتفسير ما يبدو من التباين هنا، يجب ملاحظة الآتي:

1-      طيموتاوس المذكور هنا وبالتالي في (2مكا10: 24 – 37) كان مسئولًا محليًا بالمقاطعة العمونية )رتبته: (phylarch(4) التي يحكمها السلوقيون، وكان المسئول المحلى باستطاعته في بعض الأحيان أن يستعين بنخبة من الفرسان السلوقيين (2مكا10: 24).

2-      طيموتاوس المذكور هنا في (11 – 44) وكذلك في (12: 2، 10 – 31) هو قائد الجيش السلوقى (رتبته: Strategos)(5) وهو الذي كان يحكم ما يعرف الآن بشمال عبر الأردن وجنوب سوريا.

3-      هناك ملاحظة هامة في (2مكا8: 30، 31) بخصوص اشتراك أسر الشهداء في الغنائم، وكان ذلك في حربهم ضد طيموتاوس القائد السلوقى، أمّا في (2مكا 8: 32) فالذى ُقتل هو طيموتاوس القائد المحلى. وهكذا يمكن التمييز بين الاثنين.

يعزير: اسم عبري معناه “يعين” أو ” قوى/ صعب”. وهي مدينة أمورية محصنة في أرض جلعاد، وُهبت في البداية لسبط جاد ثم أعطيت بعد ذلك إلى اللاويين ثم الحبرونيين، وفيما بعد أصبحت تابعة لموآب. وُعرف سكانها بكثرة شرورهم، ومع أن العالم “بيفينوت Bevenot” يستبعد أن تكون يعزير هذه هي جازر المذكورة في (2مكا10: 32) إلاّ أن ذلك هو الأرجح. وتقع يعزير على بعد 18 كم غرب “ربة بنى عمون” ومسافة 27 كم شمال شرق حشبون (6)، وتبعد إلى الشمال الشرقي من أريحا بحوالي 40 كم.، وقد سمّاها يوسيفوس وجيروم: “عازر/ يارز”، وتسمى الآن “خربة يعزير” أو “بيت زرعة”  وتقع بين كوم يزور ووادى كوم، حيث ُيحدد موقعها الآن بمسافة 20 كم من الأردن شرقًا. ويذكر يوسيفوس أن يهوذا أحرق المدينة (يسميها يزورا Iozora) وأنه أسر النساء والأطفال. (انظر خريطة رقم 7).

بنى عمون Ammon/Ammonites: اسم عبري معناه “عمّي أو شعبي” وهم بنو “عمى” ابن لوط، سكنوا في شرق الأردن في جبال جلعاد بين أرنون ويبوق، وتقع مكانها الآن مدينة “عمّان” الأردنية. عبد أهلها الإله كموش (المسمى أيضًا: مولك). وكانوا ضمن أعداء اليهود باستمرار، فعند مهاجمة  الأشوريين لليهودية في عصر يهوديت، نصح العمونيون أليفانا القائد الأشوري بضرب الحصار حول اليهود، في حين حذره أحيور العموني من الدخول في حرب أصلًا مع اليهود لأن الله يدافع عنهم (يهوديت 5). وإلى بنى عمون هرب “ياسون” رئيس الكهنة بعد استيلاء منلاوس على منصبه (2مكا4: 26) حيث اصطحب معه ألف جندي عمونى وعاد ليهاجم أورشليم، وإذ لم ينجح في ذلك عاد أدراجه إلى عمون (2مكا 5: 7).

     أما عن سكان الجاليات اليهودية بين الأغلبيات الوثنية، فقد نظر إليها سكان البلاد الوثنيين باعتبارهم الطابور الخامس “Fifth column” الذي يمهّد الطريق لاحتلال البلاد، ومن ثمّ فقد كانوا يضطهدونهم. ويشرح المزمور 83 تآمر تلك الأمم على بني إسرائيل. ُانظر خريطة رقم (7).

إزاء التهديدات الصادرة عن تلك الأمم ثم اضطهادهم للجاليات اليهودية الساكنة بينهم، رأى يهوذا أن يوسّع دائرة نفوذه، فاشتبك مع بنى عيسو في أقربتين (عقربات) حيث هزمهم واستولى على غنائمهم، وأما “بنى بيان” (احدى القبائل العربية الشهيرة) فقد طاردهم حتى اضطرّهم إلى الاحتماء في الحصون والبروج، ومن ثم أحرق تلك السجون – التي اختاروها لأنفسهم – بما فيها، وكذلك حارَب سكان يعزير، والذين يرتبطون هم وبنى بيان ب”بني بعون” و”حشبون” الوارد ذكرهم معًا في (سفر العدد 32: 3) والذين كانوا يقطنون “بعل معون” شرق البحر الميت، وحيث أن العمونيين السابق ذكرهم كانوا يسكنون شمال شرق البحر الميت، إذن فقد كانت حملة يهوذا المكابى التأديبية والتوسعية معًا حول البحر الميت وبالقرب من الأردن.

حرّمهم: الكلمة Anathematiz باليونانية وharam بالعبرية تعنيان: “يحرّم”، والأصل السامى الذي ُتشتق منه لفظة “حِرْم” يعنى “التنحية جانبا” أو “يحظر استعماله دنيويا”، ويقصد به ” التخصيص لله بشكل عام”، أماّ هنا فيقصد به الحكم بالهلاك، فيقتل الناس والبهائم، بينما توهب الأشياء الثمينة للهيكل، وهو ما ُيعد احدى قواعد الحرب المقدسة (تثنية 7: 1- 20 و20: 13 وما يليه وصموئيل أول 15: 3) وكانت مخالفة ذلك تستوجب العقوبة (يشوع 7  وصموئيل أول 15: 16 – 23)، ويأتي الوعد بالتحريم في بعض الأحيان قبل المعركة على سبيل النذر لضمان الانتصار (سفر العدد 21: 2) غير أن تنفيذ هذه القاعدة أصبح مرنًا مع الوقت، وفي الأزمنة اللاحقة تطوّرت الفكرة من سيادة الله المطلقة إلى ابوته كإله رحيم (حكمة 1: 13 ومتى 5: 44،45).

وفي الإطار الكنسي هناك فرق بين التجريد من الرتبة أو الإيقاف عن الممارسة من جهة، والحرم من جهة أخرى، ففي الأولى ُيعفى الشخص من رتبته فلا يحق له التعليم أو القيادة والأبوة الروحية نظرًا لخروجه عن الإيمان أو العقيدة أو السلوك اللائق – مما استوجب معه التجريد – في حين يجوز له أن يمارس حياته كمؤمن عادي عضو في الكنيسة، بينما يؤدى الحرم إلى القطع من شركة الكنيسة، فلا يحق له الاشتراك في الأسرار المقدسة، وفي الحالتين الباب مفتوح للتوبة مما يمكّن من استعادة الشركة والرتبة.

الإعداد للحملات على الجليل وجلعاد

9وإن الأمم التي في جلعاد اجتمعت على من كان من إسرائيل في بلادها لتبيدهم، ففروا إلى حصن دياتما. 10وأرسلوا كتابا إلى يهوذا وإخوته قائلين: “إن الأمم التي حولنا قد اجتمعت علينا تريد إبادتنا، 11وفي عزمها أن تأتى وتستولى على الحصن الذي فررنا إليه، وجيشها يقوده طيموتاوس. 12فهلم الآن وأنقذنا من أيديها، فقد سقط منا عدد كثير. 13وجميع إخوتنا الذين في أرض طوب قد ُقتلوا وُسبيت نساؤهم وأولادهم وُسلبت أموالهم وهلك هناك  نحو ألف رجل” 14فبينما هم يقرأون الكتاب، إذا برسل آخرين قد وفدوا من الجليل وثيابهم ممزقة، وأخبروا بمثل ذلك قائلين: 15” قد اجتمعوا علينا من بطلمايس وصور وصيدا وكل جليل الأمم ليبيدونا”. 16فلما سمع يهوذا والشعب هذا الكلام، عقدوا مجمعا كبيرًا وتشاوروا فيما يصنعون لإخوتهم الذين يعانون الشدة وهجمات الأعداء. 17فقال يهوذا لسمعان أخيه: “إختر لك رجالا وامض وأنقذ إخوتك الذين في الجليل، وأنا ويوناتان أخى نمضى إلى أرض جلعاد” 18وترك في اليهودية يوسف بن زكريا وعزريا قائد الشعب، مع بقية الجيش للقيام بالحراسة. 19وأوصاهما قائلًا: توليا أمر هذا الشعب ولا تشنّا على الأمم حربا حتى نعود”. 20فانقسم الرجال، ثلاثة آلاف مع سمعان يمضون إلى الجليل، وثمانية آلاف مع يهوذا إلى أرض جلعاد.

 

هكذا حقق المكابى جولة ثانية من الانتصارات وعاد ظافرًا إلى اليهودية، ونلاحظ أوجه الشبه بين هذه الأحداث وإنقاذ يشوع للجبعونيين وانقاذ يفتاح لجلعاد، كما رأى فيها البعض تحقيق لنبوة إشعياء (8: 23-9: 6) بخصوص خلاص عظيم على الضفة الشرقية للاردن. غير أنه لم يلبث أن تواردت إليه الأنباء عن اضطهادات واسعة لليهود المنتشرين في شكل جاليات بين الشعوب المجاورة لليهود، انتقامًا من المكابيين الذين حققوا الكثير من المكاسب العسكرية.

جلعاد Gileadكلمة عبرية معناها ” قوى” وفي العربية تعني “متراس صخري”. في البداية كانت جلعاد محصورة في جنوب يبوق، غير أنها لم تلبث أن شملت المنطقة ما بين يبوق واليرموك، وكان سكانها وثنيين بينهم جالية يهودية، تعرضت للمضايقات شأن جميع الأقليات في ذلك الوقت، مما ألزم يهوذا المكابى بالانتقام منهم، فلمّا طارد أهلها أفراد الجالية اليهود، لجأ هؤلاء إلى الاحتماء في حصن دياتما. ُانظر خريطة رقم (8).

حصن دياتما Dathema: وهو قلعة في غرب “بصرة” بأرض جلعاد، وقد حدّد العالم أبل Abel موقعها على مسافة 80 كيلومترا من ” ُبصرة” (انظر خريطة 7) شرق “قرنائيم”، وربما كانت هي “رمتة” الحالية والمذكورة في السريانية باسم “رامتيه” كما يرى البعض أنها ُقرئت خطأ “دامثا”(7) بينما يرى البعض الآخر أنها هي “عتمان” الواقعة شرق “المزريب”، ورأى آخرون أنها “الكراك” على مسافة 45 ميلًا شرق بحر الجليل (2مكا12: 17) وربما تكون مكانها الآن قرية ” تل حمد”.

إلى هذه القلعة فرّ الكثير من جاليات اليهود في تلك المنطقة، ومن داخلها استطاعوا تمرير رسالة استغاثة إلى يهوذا المكابى كي يأتي ويخلصهم، لا سيّما وقد انتوى الوثنيون احراق الحصن بمن فيه، كما فعل المكابي مع بنى بيان (آية 5) بعد أن قتلوا منهم عدد بالفعل، ولكنه من غير المعروف إلى أي شعب كان هذا الحصن يخضع، ولكن ربما يكون سكانه قد قبلوا اليهود كلاجئين فيه، ولم يكن حصن دياتما هو المكان الوحيد الذي لجأ إليه اليهود المطاردون، إذ نقرأ في (آية 27) أن آخرين كانوا محاصرين في “بصرة وباصر وعليم وكسفور ومكيد وقرنائيم” وغيرهم في مدن أخرى في جلعاد.

وأخبار من أرض طوب” Tob:

    طوب كلمةعبرية معناها “طيب” وتقع أرض طوب (وتسمّى أيضًا أرض بنى عمون) في المنطقة الواقعة ما بين عمان والأردن، وهي مدينة أرامية جنوب حاران، وكان حكامها هم أسرة بني طوب” اليهودية (نحميا2: 6 و6: 17 و13: 8) ويشير يوسيفوس إلى أسرة يهودية يطلق عليها: “الأسرة الطوبية” وكانت من الأسر البارزة في عبر الأردن، كما ُعرفت هذه الأسرة من خلال البرديات اليهودية(8).

     وكان مركزهم الرئيسي في: ” عرق الأمير” في المنطقة التي ُيطلق عليها أرض العمونيين (آية 6 و2مكا5: 7) على مسافة قريبة جدًا من موقع حملة يهوذا على العمونيين، وكيلومترات قليلة عن “يعزير”    وبعيدا جدًا عن أهدافه في جلعاد ويفيد التاريخ بأنه كانت توجد وحدات عسكرية ُتلقب بالطوبية في ذلك المكان، وكان اليهود الطوبيون المشار إليهم في (2مكا12: 17،35) أفرادا في واحدة من تلك الوحدات، وبعد انتحار هركانوس الطوبي ربما يكون الجيش الطوبي – والذي كان مستقلًا لفترة من الزمن – قد استسلم لأنطيوخس الرابع، واستقر في مكان ما من جلعاد(9) (انظر خريطة رقم 7).

     وفي عصر المكابيين كانت الخيول الحربية تتدرب هناك، كما كان يوجد بها مقر الوالي السلوقى في موقع يسمى “الكرك”. وتسمى حاليًا قرية “الطيب” شرق المكان المسمّى الآن “ديرا” على الطريق ما بين دمشق وعمان. وقد اضطهد جنود طيموتاوس العمونى أهلها، فقتلوا منهم ألف رجل وسبوا النساء والأطفال، كما سلبوا مقتنياتهم، ولعل هذه المذبحة هي السبب المباشر في قرار يهوذا القيام بحملة انتقامية (2مكا12: 17).

وأخبار أخرى من الجليل:

        يبدو من النص هنا أن اضطهاد اليهود قد تمّ في وقت واحد، حيث تلاحقت الأخبار عن ذلك في ورودها على المكابي ورجاله، وتشير الثياب الممزقة (آية 14) إلى أن أولئك الرسل قد نجوا من خطر محقق، أو أنهم قد مزقوا ثيابهم تعبيرًا عن هول ما يحدث، وهي عادة مألوفة مرتبطة بالمصائب والكوارث الشخصية والقومية.

الجليل:  Galille: كلمة عبرية معناها “مقاطعة أو دائرة” ويقع الجليل في المنطقة الجبلية لسبط نفتالى، وهي في شمال اليهودية، وفي عصر المكابيين عبر “بكيديس” القائد السلوقى إلى هناك، حيث ضرب اليهود عند “أربيلا” قرب بحر الجليل (1مكا9: 1- 4) بينما ضرب يوناتان المكابى قوات “ديمتريوس” في ” كداسة ” قرب “حاصور” في الجليل (1مكا11: 63) وعند “بيت شان” هناك تقابل ” تريفون” القائد السلوقى الآتي من سوريا مع يوناتان حيث استطاع خداعه واستدراجه إلى “عكا”، هناك أسره سنة 143ق.م. (1مكا12: 39 و13: 1- 13). ُانظر خريطة رقم (8).

وفي سنة 104 ق.م. استولى أرسطوبولس على الجليل حيث جعلها مقاطعة يهودية، وبذلك أصبحت أكثر مدن الجليل تحت السيطرة المكابية، حيث ظلّت هكذا إلى أن استولى الرومان عليها سنة 63 ق.م. وفي أيام المسيح كان الجليل ضمن رعوية هيرودس الكبير ومن بعده هيرودس أنتيباس مع تعديل جغرافي صغير. هذا وتمتدّ منطقة الجليل ستين ميلًا من الشمال إلى الجنوب، وثلاثين ميلًا من الغرب إلى الشرق، وتوجد فيها أجمل بقاع فلسطين، حيث تتنوع التضاريس ما بين بركانية إلى جيرية إلى سهول خصبة، وتنقسم إلى مستويين: الجليل الأعلى وفيه جبال عالية، والسفلي وهو أكثر مناطق فلسطين استواءا.

جليل الأمم (الجليل الأممي): تأتى التسمية بسبب تواجد العناصر الوثنية في المكان رغم امتلاك سبط أشير للمنطقة ذات وقت، كما لم يقدر سبط نفتالي التخلص منهم قبل ذلك، وإليها أشار إشعياء النبي في (9: 1 و8: 23).

     ويقصد الرسول الذي وصل إلى المكابى هنا، أن الوثنيين الساكنين في مدن  الجليل قد ثاروا ضدّهم، وأما تلك المدن فهي:

بطلمايس Ptolemais: وهو الاسم الذي أطلقه بطليموس الثاني الملك المصري على “عكا” سنة 261 ق.م. والتي كانت ثغرًا فينيقيًا، وجعلها مركزًا رئيسيًا لحكم البطالمة، وكانت تسمى “جوف سوريا” وقد حوّلها الإمبراطور كلوديوس إلى مستعمرة يسكنها قدامى المحاربون السوريون. وتقع بطلمايس “عكا” على ساحل البحر المتوسط على مسافة 44 كيلومترا  شمال صور، وكانت تدعى قديمًا “عكو” وهي كلمة تعنى في الكنعانية “الرمل الساخن”، وكانت مطمعًا دائمًا لمختلف المستعمرين نظرًا لاستراتيجية موقعها.   وفي إطار كراهيتهم الشديدة لليهود حرّض سكانها بقية الوثنيين ضد اليهود، وعندما أبرم أنطيوخس الخامس مع اليهود معاهدة سلام سنة 158ق.م احتجّ سكان عكا (2مكا13: 24). ُانظر خريطة رقم (8).

إلى هناك ذهب يوناتان المكابى سنة 150 ق.م. ليقدّم هدايا لكل من الإسكندر بالاس وبطليموس المصري واللّذين تصاهرا هناك (1مكا10: 27- 60) وفي وقت لاحق وهبها ديمتريوس الأول ليوناتان كعلامة صداقة، بحيث تُستثمر جزيتها في احتياجات الهيكل (1مكا10: 39) ولكن ديمتريوس الثاني عاد فانتزعها، وإلى هناك استدعى يوناتان المكابى للتفاوض معه في أمر القلعة السلوقية في أورشليم (1مكا11: 22- 24). وفي عكا أيضًا أوقع “تريفون” بيوناتان حيث أسره هناك (1مكا12: 45 – 48) وهكذا ظلّت عكا تتأرجح بين السلوقيين والبطالمة حتى الغزو الروماني.

صيدا Sidon: اسم سامى معناه “مكان الصيد” وهي أقدم المدن الفينيقية، وإليها ُينسب جميع الفينيقيين نظرًا لشهرتها لا سيما في مجال السفن والتجارة، وهو الأمر الذي وضعها بين أغنى دول المنطقة. وتقع صيدا إلى الشمال من صور على مسافة 39 كم بين جبال لبنان والبحر المتوسط. وفي حملة الإسكندر تعاون أهلها معه وذلك بسبب مضايقة الفرس لهم، ففتحها بسهولة (على العكس من صور)، وبعد الإسكندر كانت تمثّل جزءا من مملكة البطالمة (307 – 198ق.م.) ومن ثمّ آلت إلى السلوقيين حتى عام 65 ق.م. حين أصبحت جزءا من ولاية سوريا الرومانية. وفي خلال تلك الفترة وفي سنة 111 ق.م. بالتحديد: نالت حق الحكم الذاتي، ولكن أغسطس قيصر عاد فانتزع منها هذا الحق سنة 20 ق.م. ومنذ ذلك الحين أخذت في الضعف، ويشير الرحالة خلال القرنين الرابع  والسادس إلى أن شهرة المدينة كانت قد خمدت. ُانظر خريطة رقم (8).

وهناك ملاحظة هامة بخصوص صور وصيدا وهما من المدن الفينيقية التي احتضنت عبادة الآلهة الكنعانية، حيث لم يرد اسمها ضمن البلاد التي أخضعها الرومان، فقد هاجمها الرومان مرتان في عامى 241 و201 ق.م. قبل أن يدمروها تمامًا سنة 146 ق.م. كما لا يذكر هنا أن يهوذا حارب صور وصيدا في حملته، بل أكثر من ذلك ُيحتمل أن يكون ملوك الحشمونيين قد سعوا لاحقًا لاقامة علاقات مع تلك المناطق. ونقرأ أنه عندما منح يوليوس قيصر امتيازات لليهود في سنة 47 ق.م. قرر أن تقام ألواح برونزية تسجل عليها هذه الامتيازات باللاتينية واليونانية، توضع في صور وصيدا وأشقالون مما يوحى بأن كان للجمهور علاقات طيبة مع تلك البلاد منذ فترة طويلة.

هكذا بدأ اضطهاد اليهود منظمًا من قبل الشعوب الوثنية، مما أوقعهم في ضيقة شديدة هددت حياتهم بالخطر، وهكذا عقد يهوذا “مجمعا” للبحث والتشاور فيه بخصوص ما يتوجب اتخاذه من قرارات، وهو ما يمكن أن ُيسمى “مجلس حرب”. ُانظر خريطة رقم (8).

مجمع Ekklesia: كلمة يونانية تدل على: 1- تجمع وثني يدعى للاجتماع 2- اجتماع للحكام من رجال الدين 3- الكنيسة المسيحية. 4- اجتماعا مؤلفًا من جميع المواطنين (اجتماعا جماهيريا). ولكن المجمع الكبير المذكور هنا يشبه إلى حد كبير “غرفة عمليات عسكرية” مثل مجلس الحرب المذكور في سفر يهوديت، حين اجتمع أليفانا الأشوري مع قواده  لتدبير الأمر (يهوديت2: 2).

وانتهى المجمع بإعلان الحرب، ومن ثم فقد ُقسّم الجيش إلى ثلاث فرق، الأولى مع يهوذا ويوناتان معا وقوامها ثمانية آلاف جندي لمحاربة سكان جلعاد، والثانية مع سمعان وحده وقوامها ثلاثة آلاف جندي لانقاذ اليهود المحصورين في الجليل، بينما ُتركت الفرقة الثالثة مع اثنين من القادة هما يوسف وعزاريا للاهتمام بشئون الشعب وحماية أورشليم، مع التشديد عليهما بعدم القيام بأي عمل عسكري خارجي، غير أنهما لم يطيعا مما أضرّ بالأمة كثيرًا كما سيجىء.

حملات سمعان على الجليل وجلعاد

 

21ومضى سمعان إلى الجليل وشن على الأمم حروبًا كثيرة، فانسحقت الأمم أمام وجهه فتتبعها إلى باب بطلمايس. 22فسقط من الأمم نحو ثلاثة آلاف رجل وسلب غنائمهم. 23وأخذ الذين في الجليل وعربات، مع النساء والأولاد، وكل ما كان لهم، وجاء بهم إلى اليهودية بسرور عظيم.


 

استطاع سمعان بشجاعة أن يقتحم الحصون المحتجز بها اليهود مع عائلاتهم، والذين كانوا يتوقعون هلاكهم في نفس اليوم أو اليوم التالي من قبل وثنيّى الجليل. وقد طارد سمعان في حملته أولئك الذين تصدوا له وقتل منهم عددا كبيرًا وسلب مقتنياتهم، ثم حمل الأسرى إلى أورشليم ليوطنهم هناك خوفًا من أن يعيد الأعداء الكرّة عليهم، لا سيما وأنه لم تكن لهم حتى ذلك الوقت القوة الكافية لحماية يهود الجليل البعيدين، ومن هنا كان اجلاءهم إلى اليهودية قرارا حكيما. ويمكن أن نجد صورة الشعب العائد إلى أورشليم هنا، في عدة مواضع من العهد القديم، راجع على سبيل المثال (أخبار الأيام الثاني 15: 1-9 وإرميا 31: 6-12 وعوبديا 20،21).

عربات Arbatta, arbatta: جمع عربة ومعناها في العبرية “سهل أو بادية”، وهناك منطقتان بهذا الاسم، وهما عربات أريحا وعربات موآب: الأولى عبارة عن سهول متاخمة لأريحا في غربى الأردن، إلى هناك عبر يشوع بالشعب (يشوع 4: 13) حيث قاموا بعمل الفصح في الجلجال (يشوع 5: 10). أما الثانية فهي الجزء الغربي من سهول موآب شرقى الأردن، هناك نزل بنو إسرائيل بعد القضاء على عوج ملك باشان (سفر العدد 22: 1) وهناك قام موسى بتوزيع الأرض الواقعة في شرق الأردن بين السبطين والنصف سبط (يشوع 13: 32)، وفي عربات موآب بكى بنو إسرائيل لمدة ثلاثين يومًا على موسى بعد موته (تثنية 34: 8). من هناك خلّص سمعان اليهود المأسورين وأتى بهم مع الباقين إلى أورشليم (انظر الخريطة رقم 8).

        أمّا عربات المقصودة هنا فقد جاءت في اليونانية: ” ArBatta ” وفي النسخ الأرامية الأولى: أردفط ” وفي النسخ الأرامية الأخرى: ” نهربطن” وقال يوسابيوس: ” كانت على بعد ثلاثة أميال رومانية غرب بيت شان” وكذلك قال رابي يوداه: ” كانت مدينه على حدود بيسان واسمها أربو “.

يهوذا ويوناتان يتمّان مهمّتهما

24وأما يهوذا المكابى ويوناتان أخوه، فعبرا الأردن وسارا مسيرة ثلاثة أيام في البرية. 25فصادفا النبطيين، فتلقوهما بسلام وقصّوا عليهما كل ما أصاب إخوتهما في أرض جلعاد 26وأن كثيرين منهم قد ُحصروا في بصرة وباصر وعليم وكسفور ومكيد وقرنائيم، وكلها مدن حصينة عظيمة، 27وأن هناك آخرين محصورين في سائر مدن جلعاد، وأن أعداءهم مستعدون للهجوم في الغد على الحصون والاستيلاء عليها وإبادة جميع من فيها في يوم واحد. 28فعاد يهوذا وجيشه أدراجهم بغتة وتوجّهوا نحو البرية إلى باصر، فاستولى على المدينة وقتل بحد السيف كل ذكر وسلب جميع غنائمهم وأحرق المدينة بالنار. 29ثم قام من هناك ليلا وسار إلى قرب الحصن. ولما قام من هناك ليلا وسار إلى قرب الحصن. 30ولما كان  الصباح، رفعوا أبصارهم، فإذا بقوم كثيرين لا عدد لهم حاملين سلالم ومجانيق لفتح الحصن، وكانت المعركة قد بدأت. 31ورأى يهوذا أن المعركة قد التحمت، وقد علت جلبة  المدينة إلى السماء من النفخ في الأبواق والصراخ الشديد، 32فقال لرجال جيشه: ” قاتلوا اليوم عن إخوتكم”.33فخرج في ثلاث  فرق من وراء الأعداء، فنفخ في الأبواق وتعالت الصلاة. 34وعلم جيش طيموتاوس أنه المكابى، فهربوا من وجهه، فضربهم ضربة شديدة، فسقط منهم في ذلك اليوم ثمانية  آلاف رجل. 35 ثم اتجه نحو حيلام وحاربها فافتتحها وقتل كل ذكر فيها وسلب غنائمها وأحرقها بالنار. 36ومضى من هناك فافتتح كسفور ومكيد وباصر وسائر مدن أرض جلعاد.

 

أثناء عبورها في البرية لتخليص اليهود المأسورين، التقى القائدان يهوذا ويوناتان بالنبطيين، والذين كانت قد نشأت بينهما من قبل علاقات مودة حافظ عليها اليهود بعد ذلك، وقد رووا لهما أخبار اضطهاد اليهود، ومن البديهى أنهم قد أمدوهما بمعلومات هامة في هذا الشأن.

النبطيين Nabatians: وفي اليونانية ” toij NaBataioj: وهم شعب عربي من نسل نبايوت “نيبت” ابن اسماعيل (تكوين 25: 13) سكنوا أولًا في الحجاز كبدو ُرحّل ثم أسسوا مملكة لهم في منطقة ” بترا ” جنوب شرق عبر الأردن، في القرن الرابع قبل الميلاد. وكانت لهم ثروة حيوانية ضخمة (إشعياء 60: 17 و 2مكا12: 11) كما لعبوا دورا كبيرًا في مجالات التجارة والفن والزراعة والسياسة حتى الفتوح الاسلامية في القرن السابع، وكانوا يسيطرون على طرق القوافل الموصلة بين الهند والجزيرة العربية ومصر.

        تخلّى النبطيون عن اللغة العربية منذ ذلك الحين وتكلموا الأرامية (لغة المملكة الفارسية آنذاك) وقد شهد البحر الأحمر ظهورهم أولًاّ كقراصنة حيث قاومهم المصريون. ويقول ديودورس المؤرخ أنه عندما أرسل أنطيوخس الأول حملته على النبطيين لاخضاعهم سنة 314 ق.م، لم يجدهم جنوده هناك ومن ثم حملوا غنائمهم ومضوا، غير أن النبطيين كمنوا لهم في الطريق وأوقعوا بهم مستردّين غنائمهم، كما أحبط النبطيون هجومًا آخرا لليونانيين في نفس العام، وهكذا استطاعوا تأمين المنطقة ” البترا ” مكدّسين ثروة طائلة عن طريق تجارة القوافل، كما لم يستطع المكابيون اخضاعهم عندما اصطدموا بهم، ومن ثم تحالفوا معهم (2مكا12: 10) وقد ظل يوناتان يصون هذه العلاقات حيث استعان بهم بعد ذلك في حربه مع بكيديس، وعندما هرب ياسون رئيس الكهنة السابق،  طارده أرتاس “الحادث” ملكهم، مجاملة لليهود (2مكا5: 8).

ولكنه وفيما بعد جاء ملك آخر ناهض الإسكندر جنايوس لتأمين حدود النبطيين سنة 96 ق.م. وواصل خليفته مناهضتهم أيضا. ومنذ عصر الرومان وبدأت سلسلة من الصراعات بين اليهود والنبطيين، تكبد خلالها الأخيرين احدى وثلاثين هزيمة ساحقة على يد هيرودس الكبير، فلّما ساءت العلاقة بين الرومان وهيرودس، اتسع النبطيون حتى وصلت حدودهم إلى دمشق، وذلك في عهد “أبيداس الرابع” أشهر ملوكهم واقواهم (9 ق.م-40 م.) والملقّب بالحارث، والذي أشار إليه القديس بولس حين هرب من دمشق (كورنثوس الثانية 11: 32). هذا ويعدّ النبطيون احدى القبائل العربية الكثيرة، مثل بنى يمرى وبنى بيان والزبديون وغيرهم (كما سيجىء).

أما عن علاقتهم بالمكابيين فيبدو لنا هنا أنه كانت صداقة بين الطرفين، ولكنها جاءت بعد عداوة بينهما حسبما يشير سفر المكابيين الثاني (12: 11،12) حيث تحولوا إلى أصدقاء لهم بعد أن ُمنوا بهزيمة ساحقة. ويدور الحديث في هذا الجزء من الأصحاح حول قوات قوافل نبطية جاءوا من تلك النواحي، حيث كانوا شهود عيان لما جرى على اليهود هناك.

        وأما عن المدن التي تعرض فيها اليهود للاضطهاد فهي:

بصرة Bozrah: اسم عبري معناه (حظيرة) حسبما يرد في (ميخا2: 12) وهي أبعد مدينة من جهة الجنوب ذكرت في السفر حتى الآن، وهي مدينة قديمة حصينة في أدوم وكانت أقوى الحصون في النصف الشمالي من أدوم، وتتحكم في الطريق المؤدي إلى العربة وميناء إيلات، وُيظن أنها “صبرة” الحديثة الواقعة على جرف صخري، تحيط بها الوديان السحيقة وتقع على مسافة ثلاثين ميلًا شمال ” البترا “، ويظن البعض الآخر أنها الآن “بوسطرة” الواقعة على مسافة خمسين ميلًا جنوب شرق بحر الجليل، واثنى عشر ميلًا من داثمان (حصن الكراك).

باصر Basor, Bazor, Bosor  وفي اليونانية ” Bossro en Alemoij“: اسم عبري معناه “حصن” وهي في الأصل احدى مدن الملجأ التي ُوهبت لرأوبين ثم تنازلوا عنها لسبط لاوي (تثنية4: 43 ويشوع 20: 8  و21: 36) انظر أيضا: (أخبار الأيام الأول  6: 78) وفيها كانت تقيم جالية يهودية في عصر المكابيين. وتقع باصر على مسافة ثمانية كيلومترات شرق حشبون، ومسافة 14 كم شمال شرق مادبا، وربما تكون الآن: “بصر الحريرى”.

عليم Alema: وهي مدينة حصينة في جلعاد، وربما كان مكانها الآن:”علما”على مسافة 13.5 كم جنوب غرب “باصر”  أو “بصر الحريرى” على طريق  حاران، ويحتمل أن تكون هي “حيلام” الُمشار إليها في (صموئيل الثاني 10: 16).

كسفور Chaspho: وهي مدينة حصينة عظيمة في جلعاد، ويظن البعض أنها الآن المدينة المسماه ” كسفيس” . وجاءت في بعض النسخ Xasfw’r . كما وردت في الآرامية ” كسفن ” (راجع التعليق على2 مكا 12: 13- 16) .

مكيد Maked: اسم كنعانى معناه “مكان الرعاة” وُتكتب أحيانا (مجيد = قوى = عظيم). وهي مدينة كنعانية في أرض جلعاد، يوجد بالقرب منها الكهف الذي اختبأ فيه ملوك الكنعانيين الخمسة من يشوع حيث أمر بإغلاقه عليهم، وفي سجلات تحتمس الثالث المصري يرد اسم المدينة ضمن المدن الكنعانية  التي استولى عليها، وقد ُاشير إليها على أنها بجوار عشتاروت. واسمها حاليًا ” تل مقداد”. وجاءت بالآرامية “ماقيد”.

قرنائيم Carnaim: أو ” قرنيم” وهو اسم عبري معناه “ذي القرنين”. وتقع هذه المدينة على مسافة ميل واحد شرق بحر الجليل والأردن، وهي التي كانت فيما مضى عاصمة لـ”عوج” ملك باشان.! وكما يتضح من اسمها فهي تنتسب إلى هيكل عشتاروت (أترجتيس) الموجود هناك والُمسمّى “عشتاروت قرنائيم”. في هذا الهيكل كان يوجد تمثال للإلهة عشتاروت له قرنان، وكان الهيكل من السعة بحيث يستوعب آلاف الرجال، وإليه هرب اليهود المضطهدون حيث أتى  يهوذا وخلّصهم، وإلى نفس الهيكل هرب جنود طيموتاوس العمونى فتعقبهم يهوذا المكابى وأحرق الهيكل وهم داخله (2مكا12: 21،26) وتسمى هذه المدينة الآن “الشيخ سعد”.

في جميع هذه الحصون حوصر عدد كبير من اليهود، حيث كانت نية الأعداء فتح تلك الحصون لقتلهم، أو احراق بعضها بمن فيها، وكان من نتائج روايات النبطيين المخلصة والمتعاطفة، أن غيّر يهوذا ويوناتان من خطتهما، حيث عادا أدراجهما إلى “باصر” وقاما بالانتقام من أهلها هناك، ويبدو من النص أن اليهود لم يكونوا هناك بل هربوا إلى حصن دياتما، إذًا فقد كانت الحملة على باصر ليس لتخليص اليهود بل للانتقام من أهلها.

الحصن: ويقصد به – بلا شك – حصن ديماتا (آية 9)(10) حيث فوجىء يهوذا باستعداد الوثنيين لاقتحام هذا الحصن، وكان القتال قد بدأ بالفعل، إذ بدأ المحصورون في الحصن في المقاومة من خلال نفخ الأبواق والصراخ، ومن هنا اشتبك يهوذا مع المهاجمين وهم جنود طيموتاوس والذين كانوا يهدفون إلى اقتحام الحصن وقتل من فيه – كما سبق الاشارة – فألهب يهوذا حماس جنوده بأن يقاتلوا عن اخوتهم، راجع: (نحميا 4: 8) ثم جعلهم في ثلاث فرق ونفخ في الأبواق(11) وحاصرالأعداء من الخلف.

مجانيق وسلالم: المجانق (جمع منجنيق) وهي آلة حربية ُتنصب أمام الأسوار وُتقذف بواسطتها الحجارة الضخمة بغرض فتح ثغرات في السور تمهيدًا لهدمه أو اقتحامه، وقد اسُتخدمت المجانق أيضًا في مهاجمة السفن وإغراقها وهدم المرافق وترويع الأفراد، غير أن الآله الأكثر فعالية  في هدم الأسوار هي تلك الُمسماه: الكبش الحديدي Battering Ram وهو عبارة عن ذراع خشبى طويل مثبّت في نهايته رأس معدنى يتم توجيهه عن طريق زنبرك ضخم، ليصطدم بقوة رهيبة بالحائط  فتحدث فيه الضربات المتلاحقة فجوة، مما يمهد لهدم السور. وُتستخدم السلالم بالتالي في تسلّق الأسوار والدخول من الثغرات، وُتصنع من الخشب أو الحبال، حيث ُيركب في نهايتها خطاطيف حديدية تشتبك بالحائط المراد تسلّقه.

ولكن رجال طيموتاوس ذُعروا عندما علموا أن مهاجميهم هم رجال يهوذا المكابى وعندئذ فرّوا هاربين، إذ كانت آثار الهزائم التي تكبّدوها ما تزال جاثمة على صدورهم، ولكن المكابى لم يكتفِ بمجرد هروبهم بل قام بمطاردتهم وقتل الكثيرين منهم، كما فعل مع سكان باصر (آية 28).

وأما حيلام: فلا شك أنها “عليم” المذكورة في (آية 26) وهكذا فعل المكابي مع بقية المدن التي  ضايقت اليهود وألجأتهم إلى الهروب والاحتماء بالحصون، وُيلاحظ أنه لم ُيوجد يهود في تلك المدن التي انتقم منها، مما يؤكد أن الحملة كانت تأديبية أكثر من كونها خلاصية.

طيموتاوس يشّن هجومًا مضادًا

       37وبعد هذه الأحداث، جمع طيموتاوس جيشا آخر وعسكر قبالة رافون في عبر الوادى. 38فأرسل يهوذا رجالا يتحققون من أمر المعسكر، فأخبروه قائلين: “إن جميع الوثنيين الذين حولنا قد انضموا إلى طيموتاوس، وهم جيش عظيم جدًا، 39وقد استأجروا عربا يظاهرونهم، وعسكروا في عبر الوادي. وفي عزمهم أن يأتوك للقتال”. فخرج يهوذا لملاقاتهم.40ولكن طيموتاوس قال لرؤساء جيشه عند اقتراب يهوذا وجيشه من وادي الماء: “إن عبر إلينا أولًا، فلا نستطيع الثبات أمامه، فإنه يتفوق علينا تفوقا، 41وإن تخوّف وعسكر في عبر النهر، ُجزنا إليه وتغلّبنا عليه”. 42فلما بلغ يهوذا إلى وادي الماء، أقام كتبة الشعب على الوادى وأمرهم قائلًا: “لا تدعوا أحدا يعسكر ههنا، بل ليمضوا جميعا إلى القتال”. 43وعبر وهو في المقدمة وكل الشعب وراءه، فانسحق أمامه جميع الوثنيين وألقوا سلاحهم وفرّوا إلى معبد قرنائيم. 44فاستولى اليهود على المدينة أولًاً، ثم أحرقوا المعبد مع كل من كان فيه بالنار، وُأخضعت قرنائيم ولم يعودوا يستطيعون الثبات أمام يهوذا.

كان طيموتاوس العمونى مقاتلًا عنيدًا شديد البأس لا يستسلم بسهولة، وكلما سنحت له الفرصة شن حملة انتقام من اليهود، وكان العراك فيما بينه وبينهم سجالًا، إلى أن ُقتل على أيديهم في حصن جازر كما سيجىء.

رافون Raphon: من الكلمة “رافو” ومعناها في العبرية ” شفاء” ويدعوها يوسيفوس “رمفون” (الآثار اليهودية 12: 4،8) كما دعاها البعض الآخر ” الرافة”. وفي اليونانية: rafon وطبقا لبلينيوس: ” رافانا” .وهي احدى مدن الديكابوليس في أرض جلعاد، على نهر الأردن على مسافة سبعة كيلومترات جنوب غربي “أذرعات”، ومسافة 13 كم شمال شرق قرنانيم (ويحدد البعض المسافة ب17ميلا) وقد وردت هذه القرية في سجلات تحتمس الثالث ضمن المدن التي استولى عليها.

عند هذه القرية وفي عبر الوادى اجتمع إلى طيموتاوس عدد هائل من الوثنيين، والذين كانوا ما يزالون يحنقون بشدة على المكابيين الذين أذلوهم وقتلوا منهم الآلاف، وقد رأوا في طيموتاوس أملًا نصيرا للانتقام من اليهود، بل وانضم إليهم أيضًا جنود مرتزقة من العرب لمناصرتهم (مظاهرتهم).

العرب: كلمة سامية معناها ” قفر” وهم بنو اسماعيل، عاشوا كقبائل متفرقة في شبه الجزيرة العربية وجبال سورية وفلسطين ولبنان، كان الملوك يستميلوهم إلى جانبهم، لما لهم من مال وسطوه وخبرة بتضاريس وطبوغرافية الأرض في عصر المكابيين، كما تؤكد الدراسات استخدام الإمبراطوريات الهيلينية مرتزقة عرب. وقد اتّصفوا بالخشونة والمساومة مع الملوك لكسب ودّهم، في ذلك الوقت اشتهرت قبائل كثيرة منهم، مثل (بنو يمرى/  بنى   بيان/الزبديون/النبطيون/أتباع زبديئيل وإيملكوئيل) راجع (1مكا9: 35 و2مكا 5: 11 و8: 32 و10: 11 و12 و 12: 10).

وادى الماء Brook of Water, Stream of waterويقع مقابل قرية “رافون” وأغلب الظن أنه ليس اسم علم، ولكنه وادي به ماء غير عميق، أو ربما كان الماء في موسم الأمطار يغمره.

        وبينما عسكر طيموتاوس بجيشه في الجانب الأعلى، حتى يكون جيش المكابي في مرمى سهامهم وقذائفهم، وبالتالي فإنها ستكون جسارة من اليهود أن يعبروا إليهم، وهكذا يصبح وجودهم في الأسفل هدفًا سهلًا لهم، ولكن يهوذا – والذي أنبأه الجواسيس بذلك على الأرجح – خيّب آمالهم (راجع موقف مشابه في صموئيل الأول 14: 9،10) حيث عين قوادًا للجنود من ضباطه  (كتبة الشعب / راجع تثنية 20: 5) لضمان سير الخطة كما ُرسم لها، حيث أمرهم بالإسراع في مباغتة الأعداء، والذين سقطت قلوبهم ففروا هاربين تاركين أسلحتهم محتمين بمعبد قرنائيم Karnaim، وهو المعبد الذي كانت عشتاروت ُتعبد فيه (وُتعرف في مصر بالإلهة المصرية “هاتور” ذات قرني البقرة) وربما ظن الهاربون أن اليهود سيحترمون الموضع المقدس لهم، أو أن إلاهتهم سوف تأتي على نحو معجزي لإعانتهم (انظر: 1مكا10: 83،84 و2مكا12: 21،26). وعند ذلك استولى يهوذا على قرية قرنائيم أولًا، وأكد سيطرته عليها، ومن ثم اتّجه إلى ذلك المعبد حيث أحرقه بمن فيه (انظر خريطة رقم 7).

اسقاط عقرون

45وجمع يهوذا كل من كان من إسرائيل في أرض جلعاد، من صغيرهم إلى كبيرهم ونساءهم وأولادهم مع أمتعتهم، جيشا عظيمًا جدًا ينصرف إلى أرض يهوذا. 46فوصلوا إلى عفرون، وهي مدينة عظيمة حصينة جدًا تقع على طريقهم. فلم يكن لهم أن يحيدوا عنها يمنة ولا يسرة إلا أن يجوزوا في وسطها. 47فأغلق أهل المدينة على أنفسهم وردموا الأبواب بالحجارة. 48فأرسل إليهم يهوذا بكلام سلم قائلا: ” إننا نجوز في أرضكم لنذهب إلى أرضنا، ولا يضركم أحد، إنما نمر على أقدامنا”. فأبوا أن يفتحوا له. 49فأمر يهوذا أن ينادى في المعسكر بأن يعسكر كل واحد في المكان الذي هو فيه. 50فعسكر رجال البأس، وهاجم يهوذا المدينة كل ذلك اليوم وليلته كلها، فُاسلمت المدينة إلى يديه. 51فأهلك كل ذكر بحد السيف ودمر المدينة من أساسها وسلب غنائمها واجتاز في المدينة من فوق القتلى. 52ثم عبروا الأردن إلى السهل الكبير قبالة بيت شان.53وكان يهوذا يجمع المتخلّفين ويشجع الشعب طول الطريق. حتى وصلوا إلى أرض يهوذا.54فصعدوا جبل صهيون بسرور وابتهاج، وقدّموا المحرقات لأنه لم يسقط أحد منهم، بل عادوا بسلام.

 

عاد يهوذا ويوناتان ومعهما اليهود مع نسائهم وأولادهم ومواشيهم وجميع مقتنياتهم، بما يعيد إلى الأذهان ذلك المشهد ” المحوري” في تاريخ خلاص إسرائيل، حين خرجوا هكذا من أرض مصر إلى البرية بعد أن استعادوا حريتهم. مما يجعلهم على حق أن يدعوا يهوذا المكابى ب ” موسى الجديد “. ودخل الموكب المهيب المؤثر إلى أورشليم، من خلال طريق مُختصر-في الغالب- إشفاقًا على الشيوخ والأطفال والنساء، والذين سُيعاد توطينهم، مما اضطره للاصطدام ببنى عقرون في حين أنه لم يكن في نيته شن أيّة غارات في طريق عودته.

عقرون Ekron: اسم سامى معناه “استئصال” وأمّا المعنى في العبرية فهو “المكان القاحل” وربما كان يعنى في العبرية “عامر”. وعقرون هي أقصى المدن الفلسطينية الخمس شمالًا، إذ تبعد مسافة 39 كم غرب أورشليم، وعلى ُبعد أميال قليلة شمال شرق نهر الأردن. عبد أهلها “بعل زبوب” والذي يعنى “إله الذباب” وبعد أن كانت تابعة لشيشق ملك مصر أصبحت في يد سنحاريب ملك آشور، وعندما تحالف الإسكندر بالاس مع يوناتان المكابى ضد ديمتريوس الثاني، وهبه عقرون (عقروت) كعلامة صداقة (1مكا10: 89) وقد دعاها يوسيفوس ” توباركى” وأماّ الآن فهي “خربة الموقينا”.

وفي زمن تلك الحملات المكابية كانت عظيمة جدًا ومحصّنة، وكما حدث عند دخول أرض الموعد حين وجد يشوع نفسه مُضطرًا أكثر من مرة إلى المرور من خلال بعض المدن، وبينما سمحت له بعضها بالمرور بسلام وقدمت له ولمن معه الخبز والماء فصارت صداقة بينهما، فقد رفض البعض الآخر في المقابل مروره مما ألجأه إلى محاربتهم حيث هزمهم واستولى على غنائمهم أو تحريم كل ما ومن فيها (كما سبق الشرح في مسألة التحريم).

ومن سياق النص يتضح أن يهوذا قد مرّ بالمدينة في طريق عودته، ولكن أهل عقرون لم يسعوا في أذى اليهود، وانما اكتفوا بتأمين أنفسهم ومدينتهم تحسبًا لغارة محتملة من هؤلاء العابرين، ومع أن يهوذا قد أرسل إليهم يؤكد رغبته في المرور فقط، إلاّ أنهم أبوا عليه ذلك.

 ويلاحظ هنا الفرق بين التعبيرين ” انما نمر على أقدامنا” (آية 48) ثمّ: ” واجتاز.. من فوق القتلى” (آية 51) وهكذا وبينما توسّل في المرة الأولى أن يجد “موضع قدم فقط” للعبور، فإنه اضطر فيما بعد إلى أن يمشى فوق جثث القتلى (انظر سفر العدد 20: 17-19 والقضاة 11:17،19).

وضع أهل عقرون المتاريس خلف أبواب المدينة معتمدين على قوة حصونها، ولكن المكابى والذي كان قد اكتسب خبرة كبيرة في فتح الحصون، استطاع اقتحام المدينة بعد يوم وليلة (ربما من خلال المجانق كما سبق) ويفيد تعبير ” أن يعسكر كل واحد في المكان الذي هو فيه ” (آية 49) أن يهجم كل واحد من المكان الذي هو فيه. فما أن سقطت المدينة في يده حتى انتقم من أهلها ومن المدينة أيضا.

 بيت شأن Scythopolic, Beathshean: اسم عبري معناها “بيت الراحة” وكان ُيطلق عليه “هيكل شان” حيث كان ” شان” إلهًا سامريًا في شكل أفعى تسمى الإله “ساهان”. وهي مدينة تقع عند نقطة تلاقى واديا الأردن ويزرعيل، وتبعد مسافة تسعة كيلومترات غرب نهر الأردن، ومسافة 110 كم من أورشليم، وقد ساهمت الينابيع الكثيرة مع الطقس الاستوائى وخصوبة الأرض في جعلها مكانًا صالحًا للسكنى، وبيت شأن هي المدينة التي علّق الفلسطينيون جسد شاول على سورها.

في عصر المكابيين أقام فيها السلوقيون معبدًا للإله ديونيسيوس، وقد شهد اليهود الذين فيها أن سكان المدينة قد أحسنوا معاملتهم، مما دعا يهوذا المكابى إلى شكرهم، بعد أن كان مضمرًا لهم شرا كما حدث مع بقية المدن التي اضطهدت اليهود الساكنين فيها (2مكا12: 29- 31). وفي سنة 107 ق.م. وقعت في يد يوحنا هركانوس وظلت تحت سيطرة المكابيين حتى احتلها الرومانيون مع المدن التي حولها، حيث أصبحت ضمن مجموعة Decpolic “ديكابوليس” أي (اتحاد المدن العشر في الثقافة اليونانية)، وقد ُاشير إليها في أكثر من موضع في العهد الجديد (متى4: 25 ومرقس 5: 2 و7: 31) وقد هاجمها اليهود خلال حروبهم مع الرومان.

وفي العصر البيزنطى صارت بيت شأن أسقفية، وقد بنى على التل الكبير فيها كنيسة مثل كنيسة القيامة، و فيها ُاكتشف حديثًا آثار دير للرهبان يعود إلى القرن السادس. وبعد الفتح العربي استبدل اسم بيت شأن إلى “بيصان” ولكن الصليبيين دمروها تمامًا، وتوجد فوق  آثارها الآن مدرسة للبنات، وأما المكان الأصلي لبيت شأن الآن فهو ” تل الحصن” بقرب بيصان الحالية، مما يعنى أن المدينة قد ُاعيد تعميرها ذات وقت، ولكن في مكان قريب من المكان الأصلي. وأماّ الاسم “سكيثوبوليس” ومعناها “مدينة الأسكيثيين” فيرجع إلى غزو الأسكيثيين المكان قبلًا، وربما بسبب مساعدتهم البطالمة في غزوها سنة 254 ق.م.

وأما الوادى المشار إليه هنا بالقرب من بيت شان، فهو وادي الأردن، وإن كان وادي يزرعيل يوجد في تقاطع معه.

الحملة ونبوات إشعياء:

في هذه الأحداث نجد أصداء واضحة لبعض نبوات إشعياء، والتي تتحقق هنا بانتصارات يهوذا، ففي (إشعياء 35: 10 وبالمقارنة مع 51: 11) رجوع مبهج إلى جبل صهيون يأتي بعد خروج إسرائيليين لم يكن لهم حول ولا قوة فيما سبق، كما نجد أيضًا في (إشعياء 52: 11،12) خروج واثق للإسرائيليين من أورشليم. بل يستخدم السفر التعبير ذاته ” بسرور وابتهاج ” الوارد في (إشعياء 35:10 و52: 9).

وفي المسار المعجزي للحملة، وحيث لم يسقط فيه أي فرد من اليهود، نرى تحقيقا لما ورد في (إشعياء 25) فمن الممكن أن نجد في (إشعياء 25: 1-5) وصف للحملة في جلعاد بـ”المدينة الحصينة” (25: 2) يمكن أن تكون إشارة إلى “بصرة”، ويمكن أن نرى في (25: 6،7) التأثير المبهج لانتصارات يهوذا على البشرية كلها، إذ يترك ذلك رصيد تعزية وفخر لأولاد الله على مر العصور.

نكسة يمينا

55وفي الأيام التي كان فيها يهوذا ويوناتان في جلعاد وسمعان أخوه في الجليل قبالة بطلمايس، 56سمع يوسف بن زكريا وعزريا، رئيسا الجيش، بما حققوا من المآثر وشنوا من المعارك، 37فقالا: ” لنقم لنا نحن أيضًا اسمًا، ولنمض لمحاربة الأمم التي حولنا”. 58ثم أمروا الجيش الذي معهما فزحفوا على يمنيا. 59فخرج جرجياس ورجاله من المدينة إلى ملاقاتهم للقتال. 60فانهزم يوسف وعزريا، فتتبعوهما إلى حدود اليهودية، وسقط في ذلك اليوم من شعب إسرائيل ألفا رجل، وكانت في شعب إسرائيل هزيمة عظيمة، 61ذلك بأنهما لم يسمعا ليهوذا وإخوته، ظنا منهما أنهما يحققان مآثر. 62إلا أنهما لم يكونا من نسب أولئك الرجال الذين ُأوتوا خلاص إسرائيل عن أيديهم.

 

اتهمت يمنيا بالقيام بأعمال وحشية ضد اليهود الساكنين هناك (انظر 2مكا12: 8،9) وكانت في ذلك الوقت عاصمة إقليم أشدود، وكان على اليهود للوصول إلى يمنيا أن يعبروا منطقة ضيقة من اقليم أدوم (انظر خريطة رقم 9).

في أثناء هذه الأحداث المتلاحقة والمثيرة بما فيها من أسفار ومعاناة وانتصارات للمكابيين واغتنام الأسلاب وعقد الاتفاقيات، ووسط الأنباء المتواردة على يوسف وعزاريا، تحرّكت الرغبة داخلهما في تحقيق بعض الانتصارات، وفي حين أن الأوامر الصادرة إليهما كانت صارمة بعدم القيام بأي عمل عسكري هجومي، بل أن يقتصر دورهما على الاهتمام بمصالح الشعب، إلاّ أن تلك الأنباء أسالت لعابهما لاحراز بعض المجد لنفسيهما. ويرد في (2مكا12: 8) أن المكابى قد قام بهجوم ناجح على يمنيا، قبل زحفه على جلعاد بفترة وجيزة، مما جعل يوسف وعزريا يظنان أن هجومهما عليها سيكون خاطفًا وسهلًا.

ولكن المشكلة كانت في قلة عدد الجنود الذين معهم، كما أن الحرب تحتاج إلى تخطيط، إذ لا يكفى ضعف العدو والذي قد يلجأ إلى الحيلة، ولكن كسر الطاعة دائمًا ما ينتج عنه المتاعب، أمّا السفر فيعلل هزيمة يمنيا بأن القائدين يوسف وعزاريا، لم يكونا ضمن الذين يتم الخلاص على أيديهم، وبذلك يأخذ الجهاد هنا بعدًا دينيًا، بحيث لا يقتصر الأمر على التوازنات العسكرية والسياسية فقط، فهما لم يكونا من نسل الحشمونيين، كما أنهما لم يفشلا فقط في تحقيق مآربهما بل ألحقا الهزيمة بأمتهما، إذ سقط هذا العدد الكبير دفعة واحدة في معركة(12)، بل أن جرجياس (غالبا حاكم أدوم) قد وجدها فرصة سانحة أمامه للانتقام من اليهود الذين أذلّوه غير مرة (3: 38-4: 25)، هكذا بكّت صموئيل النبي شاول بأن ” الاستماع أفضل من الذبيحة والاصغاء أفضل من شحم الكباش” (صموئيل الأول 15: 22).

يُذكر أيضًا في هذا الصدد أن اليهود نظروا إلى يهوذا باعتباره أداة الله لتحقيق الانتصارات، فهناك بعض أوجه تشابه بين هذه الحملات، وحملات يشوع بن نون لانقاذ أهل جبعة، ونجدة يفتاح للجلعاديين. وأن حملات يهوذا وسمعان المكابيِين هي تحقيق لنبوات إشعياء، حيث نقرأ عن خلاص عظيم في الضفة الشرقية لنهر الأردن والجليل في (إشعياء 8: 23- 69) قابل مع (2مكا12: 10- 31). قارن أيضا بين (الآيات 12، 13 هنا  و يشوع 10: 6). كما يواجه يهوذا هنا موقفًا أصعب من ذاك الذي تعرّض له يفتاح عندما نزل من “أرض طوب” لينقذ يهود جلعاد (قضاة 11: 4 – 33). ُانظر خريطة رقم (10).

     “يبلع الموت إلى الأبد ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه وينزع عار شعبه عن كل الأرض لأن الرب قد تكلم. ويقال في ذلك اليوم هوذا هذا الهنا انتظرناه فخلصنا هذا هو الرب انتظرناه نبتهج ونفرح بخلاصه إش 8:25،9).

 

مواصلة الانتصارات في أدوم وفلسطين

63وعُظم الشجاع يهوذا وإخوته كثيرا في عيون كل إسرائيل وجميع الأمم التي ُسمع فيها باسمهم. 64وكانوا يجتمعون إليهم مهنئين. 65وخرج يهوذا وإخوته وحاربوا بنى عيسو في أرض الجنوب، وضرب حبرون وتوابعها وهدم حصونها وأحرق البروج التي حولها، 66وسار قاصدا أرض الفلسطينيين وجاز في مريشة. 67وفي ذلك اليوم سقط كهنة في الحرب، وكانوا يريدون تحقيق المآثر، فخرجوا إلى الحرب عن غير فطنة. 68ثم توجه يهوذا إلى أشدود في أرض الفلسطينيين، فهدم مذابحهم وأحرق منحوتات آلهتهم بالنار، وسلب غنا ئمهم المدن وعاد إلى أرض يهوذا.

 

أعاد القادة المكابيون البهجة إلى أمتهم والثقة بأنفس أفرادها، وعوض الخوف والحزن حلّ الفرح والبهجة، وبدأوا من ثمّ في تلقى التهانى والهدايا من الأمم المجاورة، إذ أصبحت أورشليم دولة قوية لها جيش ُيخشى جانبه. ولكنه وبالرغم من كل ذلك فقد تسببت هزيمة يمنيا المخزية والمحزنة آلامًا شديدة للمكابيين والشعب، مما ألجأ يهوذا إلى القيام بحملة تأديبية من جديد لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل تلك النكسة، ولتأكيد سلطان اليهود حتى الساحل عند أشدود، وذلك قبل أن يعود ثانية إلى أورشليم.

حبرون Hebron: اسم عبري معناه ” ُعصبة أو اتحاد”، وقد استمدت شهرتها في الكتاب المقدس بسبب دفن ” سارة ” فيها. وتقع حبرون في وادي وعلى منحدر أيضا، على مسافة 32 كم جنوب غرب أورشليم ومسافة 24 كم جنوب غرب بيت لحم، وهي من أقدم مدن العالم التي ما تزال مأهولة بالسكان. وهي التي ُدعيت فيما سبق: ” تترابوليس” أي المدينة الرباعية، لذا فقد ُدعيت أيضًا ” قرية أربع”. وهي الآن مدينة الخليل.

مريشة Marisa: اسم عبري ربما كان معناه “مكان الرأس أو القمة” وهي مدينة في “الحويلة” وتبعد مسافة ميل واحد جنوب بيت جبرين ” إليثروبوليس”، وتقع على الطريق بين حبرون وأرض الفلسطينيين. وفي العصر الهيللينى وحتى الحرب المكابية كانت أكبر المدن الأدومية، إليها فرّ جرجياس الأدومى بعد محاولة اغتياله على يد أحد الفرسان اليهود (2مكا12: 35). وفي سنة 110 ق.م. استطاع يوحنا هركانوس انتزاعها من الأدوميين، ولكنه سمح لهم بالبقاء فيها شريطة أن يختتنوا، ولما تعرّض سكانها لمضايقة السامريين قام بالاستيلاء على السامرة. وفي عصر الإسكندر جنايوس كانت مريشة قد أصبحت يهودية، فلما صارت في يد الرومان منحوا أهلها حكمًا ذاتيًا وأعادوا بناءها، وعندما ثارت الحرب بين هيرودس وأنتيغونوس استعان الأخير بالبرثيين فجاءوا وأسقطوها سنة 40 ق.م. مع أن هيرودس كان قد حصّنها جيدًا.

الكهنة الذين سقطوا في الحرب:

        سقط هؤلاء في الذلّة ذاتها التي وقع فيها كل من يوسف وعزاريا، إذ ارادوا تحقيق بعض الأمجاد، ولكن خطأهم كان أكثر جسامة من خطأ ذينك الرجلين، إذ أن الكهنة يختصّ عملهم بالطقوس والعبادة والهيكل، حقيقي أن الكهنة قد اشتركوا في البداية في القتال، ولكن ذلك كان بسبب أنهم أصحاب القضية، وقد بدأت المقاومة من خلال متتيا وهو كاهن (كما سبق في الأصحاح الأول) كما أن الهيكل كان مهجورًا والعمل الكهنوتي متوقف، وبالتالي فقد دافع الكهنة في البداية عن الهيكل، أمّا بعد تطهير الهيكل وتحقيق الهدف الأساسي، فقد أصبح  للكاهن عمله ولا يجوز له الجمع بين العمل العسكري والروحي. بل لكلٍ دوره.

منحوتات آلهتهم: يقصد بها هنا تماثيل الآلهة الموجودة في معابد الأمم، ولكن كلمة منحوتات تعنى أيضًا الأعمدة والزخارف والنقوش البارزة ذات الرموز الوثنية ودلالاتها.

هكذا استعاد يهوذا السيطرة على المنطقة وبسط نفوذه عليها، ردًا على الهزيمة التي لحقت بهم بسبب خطا اثنين من قواده. ُانظر خريطة رقم (9).

_____

(1)  Jonathan A. Goldsten, I Macc. P. 293.

(2) Jonathan A Goldsten, I Macc, P. 293.

(3) Ibid.

(4) phylarch: لقب المسؤل المحلي وليس المسئول السلوقي الملكي.

(5) استراتيجوس strategos: لقب مسئول سلوقي رفيع المستوى والمزوّد بسلطات واسعة وموارد عسكرية.

وهكذا كان هناك رجلان باسم طيموتاوس،  ويفرق سفر المكابيين الثاني بين الشخصين، وذلك في كل من (8: 30-32) و(10: 24).

(6) طبقا لإيرونيموس وآخرين: تقع على بعد ميلين روميين شمال حشبون.

(7) Interpreter’s Dictionary of the Bible, Dathema.

(8) مجلة الكشوف الإسرائيلية، العدد 7 سنة 1957م / ص137-145 و229-238.

(9) يوسيفوس:الآثار 12: 4-11-236.  المجموعة الكاملة للبرديات اليهودية/1.

(10)  حاول العالم “ولهاوزن” إعادة صياغة الآيتين 26، 27 ليخلص في النهاية إلى أن جميع اليهود المُطاردون قد التجأوا جميعًا إلى حصن ديماتا فقط، ولكن سياق النص يتعارض مع ذلك. راجع: I&II Maccabees, New Catholic Commentary.

(11) عن النفخ في الأبواق فبل الاشتباك في المعارك: انظر (سفر العدد 10: 9 وقضاة 7: 16 و9: 43 وصموئيل أول 11: 11 وصموئيل ثان 18: 2) وربما أيضا صاحب النفخ في الأبواق: الصراخ إلى الرب، راجع (يوئيل 1: 14).

(12) في هذا الاطار ُيرجى الرجوع إلى سفر العدد 14: 40،45 بشأن انكسار بني إسرائيل أمام العمالقة والكنعانيين بسبب عدم طاعتهم لنصيحة موسى. وكما أثبت سفر صموئيل – من خلال عرضه لفشل بيت شاول وسمو بيت داود – أن الله قد اختار داود ونسله للحكم. هكذا يؤكد السفر هنا على الاختيار الإلهي للحشمونيين. وكما انكسر إسرائيل بسبب رجلين هما حفني وفينحاس في نسل مرفوض من الكهنة، يشير السفر هنا إلى أن الحشمونيين هم “نسب أؤلئك الرجال” (انظر 1صم 1: 11و4: 10، 17).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى