تفسير سفر صموئيل الاول – المقدمة للقمص أنطونيوس فكري

مقدمات للأسفار التاريخية

أسفار تأسيس المملكة

صموئيل (2،1) – الملوك (2،1) – أخبار الأيام (2،1)

 

أولاً : سفرى صموئيل

1- سفرا صموئيل الأول والثانى فى الأصل العبرى سفر واحد يحمل إسم صموئيل

2- سمى السفر بإسم صموئيل :  1- صموئيل يحتل الدور الرئيسى فى الجزء الأول من السفر.

2- هو أول من مَسَحَ ملوكاً لإسرائيل (شاول وداود)

3- أول من كتب كتابات نبوية وتاريخية بوحى من الروح القدس.

4- كان هو القائد المرسل فى أخطر فترة والتى ينتقل فيها الشعب من عصر القضاة إلى عصر الملوك. خلالها أصلح من حال الشعب.

5- كان صموئيل زعيماً وطنياً وقائداً روحياً لا يبزه إلاّ موسى.

3- هذا السفر هو حلقة الوصل بين القضاة والملوك فلو لم يكن هناك قائد حكيم لكانت هذه الفترة فترة إضطرابات خطيرة ومنازعات على المُلك. بل كان صموئيل هو مدرب الملوك.

4- كما أخرج موسى إسرائيل من أرض مصر وأعطاهم الشريعة بعد أن كان حالهم قد إنحط هكذا جاء صموئيل والأمة فى الحضيض روحياً وسياسياً وأتى معهُ بنهضة روحية عجيبة ورجاء جديد (1صم 7). وكان صموئيل هو الحافز على نشر الشريعة.

5- معنى إسم صموئيل :- راجع (1صم 1 : 20) “ودعت إسمه صموئيل قائلة لإنى من الرب سألته”. صموئيل يعنى سمع الله، فأمه سألت الرب والرب إستجاب.

6- قُسّم السفر إلى إثنين (1صم، 2صم) فى الترجمة السبعينية، وذلك لأسباب عملية إذ كانت هناك حاجة إلى إستخدام دَرَجَيْن (لفتين 2 rolls) عوض دَرَجْ واحد والترجمة السبعينية إعتبرت أسفار صموئيل والملوك هم أسفار المملكة. وأمّا القديس جيروم فى ترجمته الكتاب إلى اللاتينية (ترجمة الفولجاتا) فقد إتبع نفس التقسيم لكنه دعا الأسفار 1مل، 2مل، 3مل، 4مل. فكان 1مل هو 1صم…. 4مل هو 2مل.

وإبتداء من القرن الرابع عشر أخذ الكتاب المقدس العبرى بنفس التقسيم. وبذلك نرى أن التسمية 1صم، 2صم أخذت من الأصل العبرى مع التقسيم اليونانى.

7- ينتهى 1صم بموت شاول الملك ويبدأ 2صم بملك داود وجلوسه على كرسى المملكة وسفر 2صم عبارة عن تاريخ حياة داود كملك فداود هو الذى أسس المملكة وليس شاول وهو الذى أعد كل شئ لبناء الهيكل وهو الذى رتب خدمة العبادة ووضع أكثر المزامير والتى إشتملت على نبوات كثيرة عن المسيح، فلا عجب أن نجد داود هو الشخصية المحورية لسفرى صموئيل فهو علاوة على ذلك جد المسيح بالجسد.

8- لكل من يريد فهم مزامير داود فهماً دقيقاً أن يدرس سفرى صموئيل تماماً.

9- نجد فى حياة داود السمو العجيب والسقطات أيضاً وهذا درس لكل من هو قائم ليحذر لئلاّ يسقط (1كو 12:10)

10- الخريطة توضح حدود مملكة شاول ومملكة داود ثم مملكة سليمان ليظهر منها أن المؤسس الحقيقى للمملكة هو داود وهو الذى إستولى على أورشليم وجعلها عاصمة.  

ونلاحظ أنه فى حكم سليمان إمتدت المملكة لتصل إلى نهر الفرات وبهذا تتحقق النبوة ووعد الله لإبراهيم (تك 15 : 18). فالمملكة إمتدت من حدود مصر ( أرض وادى النيل) حتى نهر الفرات. 

11- هذا السفر يبرز قصة أخر قاضيين لإسرائيل وهما عالى الكاهن (قضى لإسرائيل 40 عاماً) وصموئيل النبى، وأول ملكين لإسرائيل شاول وداود. وكانت خطيئة شاول هى عصيان الله وأمّا فضيلة داود الأساسية الطاعة والتسليم لإرادة الله حتى فى التأديب بصمت ولا يفتح فاه فإستحق أن يقال عنه ” وجدت داود بن يسى رجلاً حسب قلبى” (أع 13 : 22).

12- كان صموئيل قاضياً ودوره كان القيادة الروحية وليس قيادة الجيوش وإتسمت قيادته بالإصلاح الروحى بسبب فساد الشعب (1صم 7 : 6،15-17)

13- تربى صموئيل النبى فى شيلوه حيث إستقرت خيمة الإجتماع حوالى 300 سنة ولأنها إستقرت هناك أقيم حولها مبانى وكانت مقراً لرئيس الكهنة فسميت هيكل الرب. وكانت شيلوه مقر العبادة حتى إنهزم إسرائيل فى أفيق حين أخذ الفلسطينيون التابوت (1صم 4 : 1،11) ولم يرجع التابوت إلى شيلوه والأرجح أن الفلسطينيين خربوها تماماً (أر 7 : 12).

14- كاتب سفرى صموئيل :-بحسب التقليد اليهودى الذى تسلمته كنيسة العهد الجديد فكاتب السفرين هما صموئيل النبى رئيس مدرسة الآنبياء ومؤسسها إلى ما قبل خبر نياحته وجاد وناثان النبيين لتكملة السفرين ومصدر هذا الإعتقاد (1أى 29 : 29،30) وكانت مدرسة الآنبياء التى أسسها صموئيل النبى مركز إشعاع ثقافى للشعب وقد إحتفظت بسجلات خاصة بمعاملات الله مع شعبه (1صم 10 : 25).

15- تاريخ الكتابة :- كتب السفر بعد إنقسام المملكة وقبل السبى حيث يُذكر فيه مدة حكم داود كاملة (2صم 5:5) ويذكر ملوك يهوذا تمييزاً لهم عن ملوك إسرائيل (1صم 27 : 6).

 

16- فى فترة القضاة كان الله هو الذى يملك، هو الملك على شعبه ويختار الله كملك القاضى والآنبياء لشعبه. وكانت التأديبات تحل بهم حينما يزيغوا عن الله وحينما يتوبون يرسل لهم قاضياً يخلصهم. ووظيفة القاضى لم تكن تتوارث إبناً عن أب، لكن الله الذى يختار وحينما إنحرف القضاة وصاروا عثرة للشعب (مثل إبنى عالى وإبنى صموئيل) شعر الشعب بما وصل إليه الحال من إنحطاط وفكروا

بأسلوب بشرى فى أن الحل يكون بإقامة ملك لهم يدافع عنهم. ولقد وافق الله ومسح لهم ملوكاً فصار الملك مسيح الرب. لذلك صار داود رمزاً للمسيح الذى يملك على شعبه لهذا سمح الله بإقامة مملكة لكى تشير لما هو مزمع أن يصنعه فى ملء الزمان حينما يقيم المسيح ملكاً على شعبه. ولأن الملك مسيح الرب رفض داود أن تمتد يده على شاول فهو مسيح الرب. ولكن لم يكن حكم الملوك مطلقاً وجاء سفر الملوك وأخبار الأيام ليظهر منهم أن الملك إذا
إلتزم بوصايا الله ينجح فى طريقه وإذا خان العهد مع الله يفشل فى طريقه وتنحط مملكته عوضاً عن الإزدهار وينهزم أمام أعدائِه. وكأن الله إستمر يحكم شعبه من خلال هؤلاء الملوك الذين أقامهم. وتنتهى المملكة بالسبى إلى بابل وبهذا ينتهى سفر الملوك بأن شعب الله أخذ للسبى وملكه أخذ للسبى ولكن مع رجاء فسفر الملوك ينتهى برفع رأس ملك يهوذا فى السبى وتكريمه. وسفر أخبار الأيام ينتهى بعودة الشعب من السبى بعمل إلهى مع كورش ملك فارس. والخلاصة فهذا ملخص حياة الآنسان مع الله فحينما رفض الآنسان أن يملك الله عليه وعصاه سقط الآنسان فى العبودية لإبليس وظل هكذا لكن مع رجاء بالعودة من سبى إبليس. حتى جاء المسيح ليقيم مملكته ويردنا من سبى الخطية وسبى إبليس مع رجاء فى عودتنا لأورشليم السماوية حيث يملك الله تماماً.

17- يُظهِر السفر طرائق الله فى معاملته للأشخاص سواء الخيرين أم الأشرار، سواء أفراداً أم شعوب ونرى فيه قضائه وتأديباته وغفرانه ورحمته. والكاتب يرى يد الله وراء كل الأحداث ووراء كل ما يحدث للشعوب وللأشخاص.

18-يُظهر السفر المؤسسات الدينية فى ذلك الوقت وهى الآنبياء ومدارس الآنبياء ثم الكهنوت وطقوسه والعبادة والملوك فى إلتزامهم بالطاعة لله وخدمة الشعب. وهذه المؤسسات يقودها الروح القدس فهو الذى يهب النبوة (1صم 10 : 6). ويمنح الملك أو القائد للشعب قلباً جديداً (1صم 10 : 9). وهكذا.

19- يظهر فى سفرى صموئيل قوة الصلاة فصموئيل جاء ثمرة لصلوات أمه (1صم 1 : 10-26) والشعب نال النصرة بصلوات صموئيل (1صم 7 : 5-10)…. راجع (1صم 12 : 23).

20- حوى السفر عبارات كانت شائعة الإستعمال فى ذلك الوقت مثل “حية هى نفسك”، “بنى بليعال”، “رب الجنود”، “هكذا يعمل الرب وهكذا يزيد”، “مبارك أنت من يهوة”.

21- إختلاف الأسماء مع سفر أخبار الأيام راجع لسببين:

أ‌)       للشخص يوجد أكثر من إسم (كما يسمى شاول بولس) وربما كان هذا راجعاً لإعطاء الشخص إسم وقت الميلاد وإسماً آخر وقت الختان أو يكون لهُ إسم وقت الميلاد ثم إسماً آخر عندما يتبوأ منصباً هاماً.

ب‌)  نظراً للفارق الزمنى بين كتابة سفر صموئيل وسفر الأيام تتغير الأسماء لتغير اللغة وذلك لتداخل لغات أخرى فيها (بطرس هو بيير وهو بيتر) هددعزر هو هدرعزر. مثال أخر إسم ابن يسى الثالث فى سفر صموئيل هو شمة (1صم 16 : 9) وإسمه شمعى فى (1 أى 2 : 13).

22- التسلسل التاريخى للأحداث :

السنة 1149 ق.م ولادة صموئيل                                                             السنة 1079ق.م تعيين شاول

السنة 1137 ق.م دعوة صموئيل                               السنة 1065 ق.م مسح داود ملكاً

السنة 1127 موت عالى وبدء تسلط الفلسطينيين                السنة 1059 ق.م موت صموئيل

السنة 1107-1079 ق.م قضاء صموئيل                            السنة 1055 ق.م موت شاول وتملك داود

 

ثانياً : سفرى الملوك

1-   1 مل يشمل تاريخ المملكة لمدة 126 سنة إبتداء من مسح سليمان ملكاً عام 1015 ق.م. حتى موت يهوشافاط سنة 889 ق.م. وهو ملك يهوذا. ويشمل خبر إنقسام مملكة إسرائيل إلى مملكتين:

أ‌)       المملكة الجنوبية وهى مملكة يهوذا.

ب‌)  المملكة الشمالية وهى إسرائيل.

2-   2 مل يشمل التاريخ لمدة 300 سنة من يهوشافاط إلى خراب أورشليم وهيكلها حوالى سنة 586 ق.م. ويلاحظ فى هذا التاريخ أن كل ملوك إسرائيل كان حالهم سيئاً وكانوا أشرار عابدى أوثان وبسوء تدبيرهم إزداد إثم الشعب وأدخل الملك آخاب عبادة البعل الوثنى لمملكة إسرائيل الشمالية. ولذلك سرعان ما كانت نهاية مملكة إسرائيل (العشرة أسباط) وذهابها لسبى أشور. وقد ملك على إسرائيل 19 ملكاً تميزت فترة حكمهم بعدم الإستقرار والإضطرابات السياسية والفتن والمؤامرات والآنقلابات فتعددت الأسر الحاكمة. ولم يحكم إسرائيل أسرة واحدة مثل يهوذا التى حكمها وملك عليها داود ونسله فقط. لأن ملوك يهوذا كان يوجد بينهم الأشرار أيضاً لكن كان يوجد بينهم ملوك يخافون الرب لذلك إستمرت مملكة يهوذا فترة أطول ولم تذهب إلى سبى بابل إلاّ بعد أن زاد إنحراف ملوكها وشعبها.

3-  الهدف من كتابته ليس هو فقط السرد التاريخى لحروب الملوك وأعمالهم، بل هو نظرة روحية للحوادث التاريخية فالكاتب يرى يد الله التى تحفظ من يحفظون وصاياه ويرى أن الله يتخلى عمن يبتعدون عنه، ونجد أن الكاتب يهتم بتسجيل المواقف التى لها أبعاد روحية، أى هو يفسر الأحداث التاريخية روحياً، لذلك نجد الكاتب أيضاً لا يهتم بالملوك الذين لهم أهمية تاريخية وإنتصارات عسكرية سجلها التاريخ فأمثال هؤلاء يمر عليهم الكاتب مر الكرام ومثال لذلك يربعام الثانى أحد أشهر ملوك إسرائيل بل ربما أعظمهم نجد سيرته فى سفر الملوك سيرة مختصرة.

4- نجد السبب فى إنقسام المملكة الكبرياء، كبرياء الملك رحبعام، ونفس السبب هو الذى نجده وراء كل إنشقاق وتحزب وإنقسام داخل الكنيسة.

5- تظهر أمانة الكتابة فى ذكر خطايا الملوك الصالحين الأتقياء، وعدم إغفال الأعمال الخيرة للملوك الأشرار التى كانت فى صالح شعوبهم.

6- كاتب السفر :- إشتراك فى الكتابة سليمان الملك وحزقيا الملك فيما يخصهما وناثان وجاد وعدو وأشعياء وأرمياء. ويشير كاتب سفرى الملوك لعدة كتب أخرى كمصادر أخذ منها وهى :

1-   سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا  

2-    سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل

3-    سفر أمور سليمان

4-    أخبار شمعيا النبى وعدو الرائى.

راجع امل 14 : 29 + 15 : 7 + 1مل 11 : 41 + 1مل 14 : 19 + 2أى 12 : 5

وكاتب الملوك أو الذى قام بتجميع السفر إقتطف من الكتب بوحى من الروح القدس ما كتبه فى الكتاب المقدس. وربما من قام بهذا هو عزرا الذى جمع كل كتب العهد القديم.

7-   توجد صعوبة بلا شك فى ضبط التواريخ للملوك بحسب ما هو مذكور فى الكتاب وذلك راجع للأسباب الأتية :-

     أ) اليهود يحسبون كسور السنة سنة كاملة.

ب‌)        وجود نظام نواب للملك، إذ كان يشرك إبنه فى الحكم فى أثناء حياته أو فى أواخر مدة حكمه أو فى مرضه فتحسب مدة ملك الإبن من توليه الحكم أثناء حياة والده الملك.

جـ) يوجد نظامين لحساب مدة المُلك         (1) يبدأ حساب المدة من السنة التى ملك فيها الملك

                                              (2) يبدأ حساب المدة من أول السنة التى تليها

وقد حدث أنهم مرة يتبعون هذه ومرة يتبعون تلك فإختلفت التواريخ ويكون الفرق سنة.

راجع 2مل 8 : 25 مع 2مل 9 : 29

د) كل كاتب ينسب التواريخ إلى مرجع يختلف عن الكاتب الأخر، فلم يكن هناك نظام تقويم متعارف عليه. فكل كاتب كان يختار ملكاً مشهوراً ويكون يوم تنصيبه هو مرجعه الذى ينسب إليه الأحداث.

هـ) فى بعض الأحيان نسب الكاتب مدة مُلك الملك إلى مصدر آخر غير مُلك الملك نفسه فهناك من ينسب مُلك الملك لقيام مملكة بعينها مثل مملكة بيت عمرى الذى ملك أولاده على إسرائيل ويهوذا. فنسب مدة مُلك نسل عمرى إلى بدء مملكة عمرى. وهناك من نسب مدة الملك لبدء إنفصال المملكتين (2أى 16 : 1، 15 : 19 + 2أى 22 : 2).

8-   عاشت المملكتان (إسرائيل ويهوذا) تارة فى خصومة وصراع بينهما وأخرى فى تحالف وإنتهت هذه المرحلة بتحطيم دولة إسرائيل على يد أشور. ولقد أسس المملكة حقيقة داود، وأتسعت أيام سليمان وكانت تشمل الإثنى عشر سبطاً. وحدث تمرد فى نهاية أيام سليمان بسبب كثرة الضرائب التى فرضها سليمان ولكن الله سمح بنجاح هذا التمرد وإنفصال العشرة أسباط مكونة مملكة إسرائيل الشمالية عن السبطين (مملكة يهوذا الجنوبية) وذلك بسبب :

(I)   خطايا سليمان (تقديم بخور لأوثان إكراماً لزوجاته)

(II)غباوة إبنه رحبعام وكبريائه.

9-   أرسل الله أنبياء كثيرين للمملكتين لتوبيخ الشعب وهدايته. لكن نبواتهم إشتملت على الكثير من النبوات الواضحة عن المسيح.

10-         فى بعض الأحيان تسمى مملكة إسرائيل الشمالية بأفرايم حيث أن إفرايم هو أكبر الأسباط عدداً ومساحة.

11-         فى مملكة داود وسليمان ظِل لمملكة المسيح.

12-         صار تقييم الملوك مرتبطاً بشخصيتين:

       (أ) داود رمزاً للبر          (ب) يربعام رمزاً للشر.

وخطية يربعام الكبرى أنه بنى هيكلين فى بيت إيل ودان (جنوب وشمال مملكة إسرائيل) وأمر شعبه بعدم الذهاب لهيكل أورشليم والذهاب لهذه الهياكل. ومن هنا إبتعد شعب إسرائيل عن الله. ويربعام صنع هذا خوفاً من رجوع شعبه لملوك يهوذا وحنينهم لأسرة داود ولأورشليم وهيكلها.

المدن الشهيرة فى العالم القديم :

1-أورشليم :- تعنى رؤية السلام أو نور السلام. وكانت عاصمة مملكة إسرائيل قبل الآنقسام ثم صارت لمملكة يهوذا بعد الآنقسام. أسسها وإختارها عاصمة له داود النبى والملك.

2- شكيم :- أول عاصمة لمملكة إسرائيل الشمالية بعد الآنقسام.

3- ترصة :- صارت عاصمة لمملكة إسرائيل بعد شكيم لمدة 50 عاماً حتى بنى الملك عُمرى السامرة.

4- السامرة :- بناها عُمرى الملك سنة 880 ق.م. وظلت عاصمة إسرائيل حتى السبى الأشورى سنة 722 ق.م.

5- أور :- عاصمة صومر القديمة على نهر الفرات. وُجِدت قبل عصر إبراهيم أب الأباء بحوالى 1000 عام، وهى مسقط رأسه. سكنها بالترتيب السومريون والعيلاميون والبابليون.

6-شوشن أو سوسا :- عاصمة عيلام القديمة شرق أرض ما بين النهرين. خضعت بعد ذلك لفارس وصارت عاصمة للإمبراطورية الفارسية. (العاصمة الشتوية)

7- اكبتانة :- عاصمة مادى. وبعد إتحاد مادى وفارس صارت اكبتانة العاصمة الصيفية لملوك مادى وفارس.

8-نينوى :- عاصمة إمبراطورية آشور. ذهب لها يونان النبى.

9- بابل :- عاصمة ألإمبراطورية البابلية، سُبى لها شعب يهوذا.

10- دمشق :- عاصمة سوريا (أرام) وهى من أقدم مدن العالم.

11-حبرون :- غرب أورشليم. كانت عاصمة داود حينما ملك على يهوذا أولاً. وبعد أن ملك على كل الأسباط صارت أورشليم عاصمة له.

12- نو :- تعرف بطيبة، هى فى صعيد مصر. كانت عاصمة لمصر.

 

ثالثاً : سفر أخبار الأيام

1-   سفرى أخبار الأيام 1 أى، 2 أى كانا سفراً واحداً وقُسماَ إلى سفرين فى الترجمة اليونانية (السبعينية)

2- مصادر كاتب الأيام هى نفس مصادر كاتب الملوك وهى كتابات الآنبياء الذين عاصروا كل ملك بالإضافة لكتب الملوك وتواريخهم ولكن نجد أن كاتب الأيام أسقط بعض  الأحداث وأضاف  البعض الأخر لفلسفة خاصة يكتب بها. ولكننا نرى أن قسماً كبيراً منهما تكرار لما ورد فى سفرى صموئيل والملوك.

3- لماذا التكرار ولماذا الإختلاف ما بين أسفار صموئيل والملوك من ناحية وسفر الأيام من ناحية أخرى ؟ وما السبب فى وجود أحداث بأحد الأسفار ونجدها غير موجودة بالأخر ؟

I-         من فوائد التكرار الشهادة كليهما لبعض فإنه على فم شاهدين أو أكثر يثبت الكلام وقد حدث هذا فى الآناجيل الأربعة.

II-  هناك خلافات فى الأرقام الواردة وربما فى بعض الأسماء والإختلافات طفيفة جداً وهى إثبات صحة وليس إثبات خطأ لقانونية الأسفار المقدسة. فهذه الإختلافات تشير أن المصدر الذى نقل عنهُ كاتب الملوك غير المصدر الذى نقل منهُ كاتب الأيّام فحين تتفق الروايتان تماماً فيما عدا خلاف على رقم تافه كعدد خيول سليمان يصبح الإتفاق دليل وشهادة لصحة السفرين وأن الكاتب لم يتدخل بفكره البشرى ليصحح أحدهما على الأخر وإلاّ إنعدمت فكرة وجود أكثر من شاهد. والخلافات راجعة لإختلاف الكاتب وطريقة تقديره للأمور أو طريقة حسابه للأعداد.

أمثلة :-

يذكر سفر الملوك (1مل 4 : 26) أن سليمان كان لهُ 40.000 مذود للخيل بينما أن سفر الأيام يقول أنه كان لهُ 4000 فقط (2أى 9 : 25) وتفسير ذلك أن مذاود الخيل كانت فى صفوف كل منها 10 مذاود إذا كان عدد الصفوف 4000 فى كل منها عشرة فيكون العدد الكلى 40000 فأحد الكتاب ينظر إلى عدد الصفوف فيقول أن سليمان كان له 4000 مذود والأخر ينظر للعدد الكلى فيقول كان لسليمان 40 ألف مذود

 

 

 

 

 


 مثال أخر :- سعة البحر (الآناء الموضوع فى داخل الهيكل للإغتسال) يذكر سفر الملوك أن سعته 2000 بث ويذكر سفر الأيام أن سعته 3000 بث. والموضوع  بسيط جداً. فكاتب الملوك ينظر إلى كمية الماء التى توضع داخل البحر وهى قطعاً أقل من الحجم الإجمالى للبحر الذى ينظر إليه كاتب الأيام. والماء الذى يوضع داخل البحر تكون كميته أقل حتى لا يفيض الماء من البحر  

حينما يغتسل داخله الكهنة.

جـ – كاتب الأيام يفترض معرفة سابقة للقارىء بسفر الملوك فهو

يتكلم عن عجلى يربعام دون أن يشرح ما هما، وهذا ما نجده فى سفر الملوك

د- سفر الملوك يركز على تاريخ المملكة من الناحية المدنية والنبوات الخاصة بمستقبلهم أمّا سفر أخبار الأياّم فيركز على العبادة وتاريخ الكهنوت والحياة مع الله وصلوات الملوك وأنساب اللاويين والكهنة وفرقهم فالحياة الدينية الروحية والعلاقة مع الله هى أساس إزدهار المملكة فى نظر الكاتب وبالتالى فإن التنظيمات الدينية هى ضمان سلامة المملكة.

هـ- إهتمام كاتب الأياّم بالعمل الكهنوتى وإهتمام كاتب الملوك بالنواحى السياسية يشرح أن كل سفر منهما ينظر للمسيح بمنظار نبوى يختلف عن الأخر، فإذا فهمنا إن إقامة مملكة يرمز للمسيح الذى سيملك على شعبه يكون سفر الملوك بإهتمامه بالملك يرى المسيح كملك وسفر الأيام بإهتمامه بالكهنوت يرى المسيح ككاهن. سفر الملوك يرى المسيح كملك يملك على شعبه وسفر الأيام يركز على كهنوت المسيح إبن داود الذى بفدائه سيعيد شعبه لميراثه. لذلك إهتم كاتب الأيام بالأسماء فكل الذين سيخلصوا مدونة اسماؤهم فى سفر الحياة (رؤ 3 : 5). وذلك نجد أيضاً أن سفر الأياّم ينتهى بعودة الشعب من السبى رمزاً لخلاص شعب الله النهائى وعودتهم لأورشليم السمائية.

و- إختلاف فلسفة كل سفر منهم أو إختلاف النظرة النبوية لكل منهم يعطى فكرة كيف تتكامل الأسفار فتعطينا فكرة مجسمة عن الموضوع، وهذا ما هو حادث فى الآناجيل الأربعة فإنجيل متى يحدثنا عن المسيح ابن الآنسان الذى تجسد وإنجيل يوحنا يحدثنا عن المسيح إبن الله ليثبت أن إبن الآنسان هذا هو إبن الله فتتكامل الآناجيل. 

ز- فرق آخر يتضح بين فلسفة كاتب الملوك وفلسفة كاتب الأيام. فكاتب الملوك يهتم ويركز على النتائج النهائية لحكم كل ملك فى ضوء أمانته للعهد مع الله ولكن كاتب الأيام يهتم بتسجيل المواقف الإيمانية لكل ملك حتى إن لم تكن لها تأثير على المملكة ككيان عام. لذلك نجد بعض المواقف المذكورة فى سفر الملوك وقد أعرض عنها كاتب الأياّم والعكس صحيح فبعض التفاصيل الدقيقة والصلوات المذكورة فى سفر الأيام يعرض عنها كاتب الملوك ولا يهتم بها فهى لم تغير شيئاً بالنسبة للمملكة ككل.         

أمثلة :

1- توبة منسى وإصلاحاته المذكورة فى سفر الأياّم لم يرد لها أى ذكر فى سفر الملوك فتوبة منسى كانت شخصية ولم يصاحبها توبة عامة للشعب وهذا ما إتضح فى سرعة إرتداد الشعب لوثنيتة بعد موت منسى وتملك آمون إبنه فسفر الملوك إهتم بحال الشعب وسفر الأيام إهتم بالحالة الشخصية للملك منسى وقبول توبته ولكن لأن توبته لم تنعكس على الشعب ولم يكن لها تأثير على الشعب لم يهتم بها كاتب الملوك.

2- بنفس المفهوم يركز كاتب الأيام (2أى 13 : 2-20) على الحرب التى إنتصر فيها أبيا على يربعام الأول وهذه الحرب حذفها كاتب الملوك، فمحصلة الحدث النهائية على المملكة ككل لا شىء. ولكن كاتب الأياّم إهتم بالحدث لموقف أبيا الإيمانى وكيف أن الله كافأه على إيمانه بإنتصارات إعجازية.

3- مثال أخر يخص الملك آسا الملك الصالح (1مل 15 : 9-24) فكاتب الملوك يذكر رشوته لبنهدد  ملك أرام حتى يضرب بنهدد ملك إسرائيل الذى ضايق يهوذا. وكيف أن يهوذا خلصت من حصار إسرائيل بل دمّرت كل تحصيناتها نتيجة تدخل أرام فرشوة بنهدد أتت بنفع سياسى وعسكرى ليهوذا. لكن كاتب الأياّم رأى فى هذا سقطة كبرى لآسا فَيذْكُرْ توبيخ حنانى النبى لآسا (2 أى 16 : 7-9). لإتكاله على ملك أرام. ونجد حنانى يذكر أسا بإنتصاره الإعجازى السابق على جيش ملك كوش حينما إعتمد على الله بالكامل وهذه القصة مذكورة فى (2 أى 14 : 9-15). ولم تذكر هذه القصة فى سفر الملوك.

4-   الأحداث التى يسقطها كاتب الأيام نلخص بعضها لنحاول فهم فلسفته :-

أسقط كاتب الأيام خطايا داود وثورة إبشالوم وخطية أمنون بينما إهتم بنسب اللاويين والكهنة بالتفصيل والنجائهم إلى رحبعام بعد إنقسام المملكة ( 2 أى 11 : 5-23) وإقامة الملك يهوشافاط اللاويين والكهنة للقضاء (19 : 8-11) وإنتصارات يهوشافاط على الموآبيين وبنى عمون بعد أن قام اللاويين ليسبحوا الرب، وقتل زكريا الكاهن، ومقاومة عزريا الكاهن ومعهً ثمانون من كهنة الرب لعزيا الملك حينما دخل هيكل الرب ليوقد على مذبح البخور (26 : 16-21). وفِصْحْ حزقيا وتنظيماته لفرق الكهنة واللاويين…. ألخ من كل هذا نفهم أن ملك الله على شعبه وحياة الشعب مع الله كملك لهم هى محور السفر ورمز لملك الله على شعبه. هو إقامة ملك يملك على شعب الله وصورة للملكوت نجدها فى أورشليم وفى وسطها الهيكل الذى يسكنه الرب ليقيم وسط شعبه. وهذه الصورة للمملكة التى يسكنها شعب الله والله يسكن فى وسطهم هى الصورة التى كان الله يريد أن يظهرها لكل الشعوب فيكون شعب الله نوراً فى العالم وإعلاناً عن مجد الله وتكون حياتهم المملوءة بركة ونعمة دعوة للإيمان لكل العالم ويرى العالم صورة لملك الله.

1-   الكل خاضع لله من الملك لرئيس الكهنة والكهنة لأصغر فرد من الشعب ؟

2-   أساس قبول الله لشعبه هو الذبيحة والمذبح (الهيكل)

3-   مجد الله يحل فى هيكله.

4- تنظيمات الكهنة واللاويين إعلاناً عن أهمية الذبيحة والعبادة وقد كانت المملكة فى أبهى صورها وأعظم عصورها حين توافرت هذه الشروط. فكان الملك حسب مسرة الله والشعب فى حالة خضوع واقفاً أمام الله فى الهيكل يومياً وخشيتهم على جميع الشعوب وهذا رأيناه فى مملكة داود ثم مملكة سليمان لذلك أشار بوضوح لغنى سليمان العجيب وإزدهار المملكة أيامه فكيف لا يبارك الله شعبه وهو راضٍ عنهم ساكناً فى وسطهم. ولأن مملكة داود كانت تشير لملكوت السموات حيث يملك المسيح إبن داود فلم يذكر كاتب الأياّم خطايا داود وضعفاته وسقطاته فهذا الموضوع ليس هو محور إهتمامه، بل هو مهتم بنظرته النبوية على مملكة المسيح.

ط- لأن كاتب الأياّم يرى أن مملكة داود هى رمز لمملكة الله فهو يرى أن كل مُلك غير مُلك داود هو تعدى على ملك الله لذلك لم يهتم بملك شاول وأشار له إشارة عابرة فنهاية حْكْمهُ بداية لحكم داود. ولا يشير لملوك إسرائيل (المملكة الشمالية أو مملكة العشرة أسباط) إلاّ فيما يخص ملوك يهوذا، فعينه على ملوك يهوذا فقط كرمز لمملكة الله. ولذلك هو يرى أن ملوك إسرائيل وشاول الملك ليسا على حسب مشيئة الله. بل هو إستمر فى تسمية مملكة يهوذا بمملكة إسرائيل ففى نظره أن ملكوت الله واحد وأى إنشقاق عنه هو ضد مشيئة الله. ولذلك يسمى يهوذا مملكة إسرائيل (2أى 28: 19، 21 : 2).

ى- إستمراراً لنظرة الكاتب وإهتمامه بملكوت الله ينهى سفره بالعودة من السبى.

4-إمتاز سفر الأيام بكثرة الأسماء وجداول الآنساب فلماذا ؟

I-   فى سلسلة الآنساب من آدم حتى العودة من السبى (إصحاحات 1-9). إستمرار لفلسفة الكاتب فى وحدة الجنس البشرى الذى خلقه الله فى مجد (آدم) ثم سقط وإستعبد (ذهابه للسبى) ثم عاد الشعب من السبى رمزاً  لأن مشيئة الله ستتم، فهو خلق الآنسان للمجد وبالرغم من سقوط الآنسان فسيعيده الله للمجد ثانية.

II-   بعد أن دخل جيش نبوخذ نصر أورشليم وهدمها وأحرق منازلها فقد كل إنسان بيته بما فيه من أصول الآنساب التى كانت مدونة فى أوراقهم داخل بيوتهم ومنها كان كل إنسان يعرف نسبه وسبطه وأرض ميراثه التى قسمها لهم يشوع. وهذه السلسلة من الآنساب ليعرف كل فرد نسبه ونصيبه ليملكه.

جـ- فى ذكر بيان الكهنة واللاويين بالتفصيل بيان الذين لهم حق الخدمة فى الهيكل راجع
(عز 2 : 61-63).

د- لتشجيع الشعب على الغيرة لجنسهم ودينهم وإنفصالهم عن الأمم وتشجيعهم على الأمانة فى الخدمة ليكون لهم أسماء فى سفر الحياة كما أن هؤلاء الأبطال والأمناء كتبت أسماؤهم فى سفر الرب.

هـ- حفظ النسب حتى يأتى المسيح من نسل داود الذى فيه تتم المواعيد. لذلك فجداول الآنساب لا قيمة لها بعد المسيح واليهود الآن لا يعرفون نسبهم.

و- ذكر الأسماء يشير أن الله يعرف أولاده واحداً واحداً ويعرف أعمالهم كذلك.

ز- تعلن هذه السلسلة خطة الله لخلاص البشر وهى هنا معلنة أولاً للشعب العائد من السبى ومعلنة لنا نحن أيضاً. بها عرف شعب الله العائد من السبى أنهم أستمرار لمملكة الله.

ح- يظهر منها تعامل الله مع أشخاص بأسمائهم وهو مازال يتعامل مع كل مناّ ليقوده للخلاص ؟

ط- هى تثبت أن الحياة مع الله ليست مستحيلة وليست بأساطير بل هى حقائق وقعت لأشخاص بأسمائهم وكل من ذُكِرَ إسمه هنا لهُ قصة مع الله جيدة كانت أو سيئة.

5- لأن السفر يهتم بموضوع خطة الله للخلاص وإقامة مملكة لله لذلك فهو لا يتكلم عن خطايا داود الشخصية (مثل خطية أوريا) لكنه نجده يذكر خطية التعداد. هو لا يذكر خطايا داود لأنه يبحث عن النموذج الإلهى بقدر الإمكان ويتحاشى ما كان شاذاً عنهُ. فلماذا ذُكرت هذه الخطية ؟ السبب فى ان التكفير عن هذه الخطية تم فى أرض يشتريها داود وعليها سيقام الهيكل حيث تقدم الذبائح وحيث سيقيم الله فى وسطهم. إذاً هى جزء من خطة الله فى الفداء وفى أن يقيم وسط شعبه، الفداء ظهر فى أنه فى هذا المكان رأى داود الملاك وسيفه فى يده والذبيحة التى قدمت فتوقفت الضربة وحيث قدمت الذبيحة سكن الله وسطهم فهذا هو ما يريده الله وقف الضربات ضد شعبه.

6- يظهر السفر بركات الرب لخائفيه (أى 4 : 10 + 5 : 20). وهزيمتهم وسبيهم نتيجة لخيانتهم راجع (5 : 25،26 + 1:9 + 10 : 13،14).

7- كاتب السفر :- التقليد اليهودى يقول أن كاتب السفر هو عزرا. والمفسرون المحدثون يقولون بل هو لاوى أو كاهن مجهول عاش بين سنة 400-300 ق.م. لأن هناك معلومات موجودة بالسفر لم تكن قد حدثت وقت عزرا، ولكن ما المانع أن يكون عزرا هو الكاتب بإيحاء من الروح القدس وأتى بعده أحد الآنبياء مثل حجى أو زكريا أو ملاخى وأضافوا هذه التعديلات وهم أيضاً حين يكتبون يكتبون بإيحاء الروح القدس.                  

ونلاحظ أن فلسفة عزرا فى سفره هى نفس فلسفة كاتب سفر الأيام، بل أن نهاية سفر الأيام متطابقة مع بداية سفر عزرا، كأن ما بدأه كاتب سفر الأيام يكمله عزرا، وهذا يثبت أن عزرا هو كاتب سفر الأيام.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى