تفسير سفر الملوك الثاني ١ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح الأول
آية 1:- وعصى مواب على اسرائيل بعد وفاة اخاب.
وعصى موآب = كان داود قد فتح موآب (2 صم 2:8) وربما إستقلت عند موت سليمان ثم أخضعها عمرى ملك إسرائيل (كما علمنا من الحجر الموآبى – حجرأثرى تاريخى) وكان الموآبيون يؤدون الجزية لإسرائيل (2 مل 4:3) فى مدة ملك عمرى وربما بعد تشتت الجيش بعد أن مات أخاب إنتهزت موآب الفرصة وعصت إسرائيل.
آية 2:- وسقط اخزيا من الكوة التي في عليته التي في السامرة فمرض وارسل رسلا وقال لهم اذهبوا اسالوا بعل زبوب اله عقرون ان كنت ابرا من هذا المرض.
بعل زبوب = معناه إله الذباب أى الذى يمنع عنهم الذباب. وكون أن الملك يسأل بعل زبوب لهو دليل عدم إيمانه بالله وأنه مستمر فى طريق أبائه أى عبادة البعل
آية 3:- فقال ملاك الرب لايليا التشبي قم اصعد للقاء رسل ملك السامرة وقل لهم اليس لانه لا يوجد في اسرائيل اله تذهبون لتسالوا بعل زبوب اله عقرون.
لاحظ أن ملاك الله يخبر إيليا بما حدث فهو لا يحتاج لإنسان أن يخبره.
آية 8:- فقالوا له انه رجل اشعر متنطق بمنطقة من جلد على حقويه فقال هو ايليا التشبي.
رجل أشعر = أى ثوبه من الشعر فالشعر ملابس أفقر الناس وملابس الأنبياء
الآيات 9-12:- ارسل اليه رئيس خمسين مع الخمسين الذين له فصعد اليه واذا هو جالس على راس الجبل فقال له يا رجل الله الملك يقول انزل. فاجاب ايليا وقال لرئيس الخمسين ان كنت انا رجل الله فلتنزل نار من السماء وتاكلك انت والخمسين الذين لك فنزلت نار من السماء واكلته هو والخمسين الذين له.ثم عاد وارسل اليه رئيس خمسين اخر والخمسين الذين له فاجاب وقال له يا رجل الله هكذا يقول الملك اسرع وانزل. فاجاب ايليا وقال له ان كنت انا رجل الله فلتنزل نار من السماء وتاكلك انت والخمسين الذين لك فنزلت نار الله من السماء واكلته هو والخمسين الذين له.
لاحظ أن الملك يرسل 50 رجلا ليمسكوا رجلا واحدا وهذا يدل على خوفه من إيليا مما سمعه عنه أو رآه منه. وبالرغم من هذا يرسل ليمسكه ويسجنه. بل عجيب أن رؤساء الخماسين الأول والثانى يقولون له يا رجل الله.. الملك يقول لك إذا هم عرفوا أنه رجل الله بل كلموه كمن لهم هم أيضا سلطان عليه ولم يعاملوه بالإحترام الكافى، وظنوا أنه تحت حكم ملكهم وتمت أمره. وأغلب الظن أن هؤلاء الجنود كانوا من عباد البعل مثل ملكهم وظنوا أن الله إله إيليا فى مستوى البعل أو أقل منه وهذه الحادثة أظهرت سلطان إيليا وقوته فكم وكم يكون سلطان الله وقدرته.
وهناك من يلوم إيليا على هذا الحكم القاسى أن ينزل نار من السماء لتأكل الجنود لكن كما رأينا فإن إيليا يعرف كل شىء عن طريق ملاك يكلمه وما كان ليأمر بنار تنزل على الجنود إلا بموافقة وإرشاد الله. وكون أن الله يقبل وتنزل النار فهذا علامة قبول الله ورضاه. وبعد هذا فى (15) نجد الملاك يقول لإيليا
إنزل ولا تخف = إذا فالإتصال مازال مستمرا بين الله وإيليا. وإيليا هنا لا ينتقم لنفسه بل يطلب مجد الله لذلك يستجيب الله عكس ما صنع التلاميذ حينما طلبوا نزول نار من السماء فهم كانوا يطلبون الإنتقام لكرامتهم لذلك رفض المسيح.
ونلاحظ غضب الله على من يستشير الأرواح النجسة. وهكذا كانت سقطة شاول وهكذا يفعل كل من يتعامل مع الأرواح الشريرة (أحجبة وأعمال وفك أعمال…. الخ) ومن يذهب ليستشير هؤلاء ويتعامل معهم فليعلم أنه سيلقى مصير أخزيا ويموت ويهلك. والعجيب أن أخزيا كان سيقبل حكم الموت لو صدر من بعل زبوب لكنه فى حالة عمى رفض الله ونبيه وقرار الله. وحالة العمى التى أصابت أخزيا لأنه يتعامل مع آلهة عمياء !! وخرساء ومن يتبع آلهة عمياء وخرساء يصير مثلها. وإعلانات الله القوبة كالنار التى تنزل من السماء سببها إنحدار الناس وإبتعادهم عن الله فهى إعلانات قوية وتأديب قاسى ربما يرتدعوا. وسؤال إيليا نارا من السماء ليعلم الجميع غضب الله عليهم ولاحظ كثرة المشاكل فى فترة ملك أخزيا لإنعدام البركة:-
- حرب مع أرام أيام أبيه.
- عصيان موآب.
- سقوطه من الكوة ومرضه.
- يملك سنتين فقط… إذا المصائب سببها إنعدام البركة بسبب الشر.
ولنلاحظ أيضا طول أناة الله ومراحمه فهو لم يهلكه حالا بل أعطاه فرصا عديدة ويرسل له إنذارات فهلاك مجموعتين من رجاله ومرضه هى إنذارات.
الآيات 13-16:- ثم عاد فارسل رئيس خمسين ثالثا والخمسين الذين له فصعد رئيس الخمسين الثالث وجاء وجثا على ركبتيه امام ايليا وتضرع اليه وقال له يا رجل الله لتكرم نفسي وانفس عبيدك هؤلاء الخمسين في عينيك. هوذا قد نزلت نار من السماء واكلت رئيسي الخمسينين الاولين وخمسينيهما والان فلتكرم نفسي في عينيك.فقال ملاك الرب لايليا انزل معه لا تخف منه فقام ونزل معه الى الملك. وقال له هكذا قال الرب من اجل انك ارسلت رسلا لتسال بعل زبوب اله عقرون اليس لانه لا يوجد في اسرائيل اله لتسال عن كلامه لذلك السرير الذي صعدت عليه لا تنزل عنه بل موتا تموت.
لم يستفيد الملك ولا رجال الخمسين الأول والثانى بما حدث أما رئيس الخمسين الثالثة فقد سمع بما حدث لزميليه لأنه كان هناك شهود للحادث وشعب ملتف حول إيليا يرى أعماله. فمثل هذا العمل بالتأكيد يريد الله أن ينتشر وأن يذاع فيخشى الله الشعب. ولم يكن عملا فى السر فلو تم سرا لما ظهر مجد الله ولصار ما حدث إنتقام شخصى من إيليا. لذلك نجد رئيس الخمسين الثالثة جثا على ركبيته فهو إستفاد مما حدث وخاف من الله إله إيليا وخضع للرب ولإيليا نبى الرب. ونحن لن نأخذ شيئا من الله سوى بأن نخضع ونخشع ونسجد له فى تضرع. ونلاحظ خروج إيليا سليما من بيت الملك الذى كان يريد قتله أو سجنه؟! وهل يستطيع أحد أن يعتدى على رجل الله إذا أراد الله حمايته. لذلك فالملاك يقول لإيليا لا تخف منه أى من الملك. فالملك ورجاله بل وكل جيشه هم فى يد الله لذلك قال المسيح لبيلاطس ” لم يكن لك على سلطان إن لم تكن قد أعطيت من فوق “
آية 17:- فمات حسب كلام الرب الذي تكلم به ايليا وملك يهورام عوضا عنه في السنة الثانية ليهورام بن يهوشافاط ملك يهوذا لانه لم يكن له ابن.
وملك يهورام عوضا عنه فى السنة الثانية ليهورام بن يهوشافاط ملك يهوذا وقارن مع 2 مل 1:3. وملك يهورام بن أخاب فى السنة الثامنة عشرة ليهوشافاط ملك يهوذا ملك 12 سنة ومع 1 مل 42:22 نجد أن يهوشافاط ملك 25 سنة.
ومع 2 مل 16:8 وفى السنة الخامسة ليورام بن أخاب ملك إسرائيل ويهوشافاط ملك يهوذا ملك يهورام بن يهوشافاط ملك يهوذا، ولتداخل الآيات راجع الرسم. وحل الإشكال بسيط فيهورام بن يهوشافاط ملك مع أبيه فى السنة السابعة عشرة ليهوشافاط. وكان ذلك غالبا لإنشغال يهوشافاط فى حرب أرام مع أخاب فترك الملك لإبنه كملك أو نائب ملك أو شريكا فى الملك وقبل موت يهوشافاط مباشرة بثلاث سنوات ربما أشركه فعلا فى الحكم. وكانت هذه العادة منتشرة وسط ملوك يهوذا وإسرائيل بل وبابل وخلافهم أن يشرك الأب إبنه فى الحكم.
حسب الرسم نلاحظ أن يهورام بن يهوشافاط ملك مرتين مرة كنائب لأبيه بسبب الحرب مع أرام فى السنة 17 لأبيه ومرة قبل موت أبيه بثلاث سنوات حيث إشترك فعليا فى الحكم مع أبيه أى فى السنة 22 لأبيه. ونلاحظ أنه فى الحسابات تحسب أجزاء السنة سنة كاملة لذلك قيل فى السنة الخامسة ليورام بن أخاب ملك يورام بن يهوشافاط والمدة أربع سنوات لكن يبدو أن هناك كسور من السنة هنا أو هناك. وملك يهورام = يهورام هو إبن أخاب وأخو أخزيا (2 مل 1:3). وتضيف السبعينية هنا أن يهورام إبن أخاب.