تعليقات لامعة على سفر التكوين للقديس كيرلس عمود الدين

المقالة الأولى: 2- عن قايين وهابيل

قايين وهابيل

 كما قلت سابقاً، فالطبيعة البشرية خضعت للموت والخطية بآدم ، کرئیس للجنس البشري ، ولم تُفتدي بأية طريقة سوى بالمسيح فقط[1] . لأنه كما كتب تلميذه : « لأن ليس اسم آخر تحت السماء بين الناس به ينبغي أن نخلص » ( اع 12:4).

 أي أنه كان يلزم أن هذا ، الذي خلق بواسطته كل شيء[2] ، أن يصير هو نفسه الذي يجدد كل ما قد فسد ويشفي جُرح الخطية ، ويبطل الحزن ويمنح الوجود الحسن مرة ثانية بغنى لأولئك الذين خلقهم . لأنني على الأقل أرجع هذا حقاً إلى قوته الإلهية وسلطته ، فإنه أنجز كل شيء بطريقة مجيدة ، واستطاع أن يأتي بالكل من العدم إلى الوجود[3]. وأعاد كل الأمور التي كانت صالحة و بلا دنس إلى حالتها الأولى الصالحة بعدما أفسدتها الخطيئة . وقد كانت صورة آدم مثالاً لذلك . ويمكن أن نرى في آدم نفس الصورة التي حددها المسيح وليس أقل منها ، لأن الله الآب جمع في المسيح كل ما في السموات وما على الأرض[4] . وهذا الذي سقط في تلك الخطيئة التي لا تليق رُفع إلى حالته الأولى لأن المسيح الرب أزال كل تغيير نتج عن السقوط ، وهكذا تجددت الطبيعة الأرضية وتحولت إلى خليقة جديدة . لأن بواسطته جُددت الخليقة[5] وصادقة هي الكلمة. 

فلنر في هابيل وقايين أيضاً سر المسيح الذي به خلُصنا . 

حسنا ، مكتوب في التكوين : « وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين. وقالت اقتنيت رجلاً من عند الرب . ثم عادت فولدت أخيه هابيل . وكان هابیل راعياً للغنم وكان قايين عاملاً في الأرض . وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب . وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه فنظر الرب إلى هابیل و قربانه ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر . فاغتاظ قايين جداً وسقط وجهه . فقال الرب لقايين لماذا اغتظت ولماذا سقط وجهك . إن أحسنت أفلا رفع . وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها » ( تك 4: 1-7) . وبعد ذلك : « كلم قايين هابيل أخيه . وحدث إذ كانا في الحقل أن قاين قام على هابيل أخيه وقتله . فقال الرب لقايين أين هابیل أخوك . فقال لا أعلم . أحارس أنا لأخي . فقال ماذا فعلت . صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض . فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك، متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها تائهاً وهارباً تكون في الأرض . فقال قايين للرب ذنبي أعظم من أن يحتمل . إنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض ومن وجهك أختفي وأكون تائهاً وهارباً في الأرض . فيكون كل من وجدني يقتلني . فقال له الرب لذلك كل من قتل قايین فسبعة أضعاف يُنتقم منه . وجعل الرب لقائين علامة لكي لا يقتله كل من وجده فخرج قايين من لدن الرب وسكن في أرض نود شرقي عدن » ( تك 4 : 8-16).

فاصل

ىقايين استعمل كل قوته لأجل التمتع بجمال وثمار الأرض:

قايين وهابيل وُلدا من أب واحد هو آدم ، وكانا مثل فرعين جميلين يحملان أزهارا جميلة وكلاهما نبتا من البداية من الجذر الأول ، وطبيعتهما البشرية أراد لها الله أن تكون مثمرة ، وقد بدأت الوصية « أثمروا وأكثروا » ( تك ۲۸:1) على الفور في التطبيق وأصبحت سارية . وكان قايين قد سبق هابيل في زمن ولادته ، وكل الأطفال والشباب الذين جاءوا بعد ذلك كان يتغذون مثل طيور من والديهم ، لكن عندما صارا ناضجين وأصبحا رجلين تحولا إلى اهتمامات مختلفة . فانجذب قايين بحسب رأيي ، إلى جمال الأرض الخضراء شاهدا إياها مملوءة بالأشجار الجميلة وخصبة جدا ، ومزينة بثمار جميلة ، ورأى أنه ينبغي – عن طريق فلاحتها – أن يجعل منظر هذه الأشياء التي يراها أكثر جمالاً، وتأمل هذه الأشياء التي – وبطريقة طبيعية من ذاتها – کانت فاتنة ، ووصلت إلى جمال فائق بدون تدخل أحد ، كما أنها كانت طبيعية أيضا. فالأرض والأشجار إذا قبلت الفلاحة الزراعية فيها فيمكنها أن تبدو على جمال منقطع النظير . حسنا ، لقد عمل قايين كفلاح متعلم تعليماً ذاتياً ( من نفسه ) ، وبذل كل قوته لكي يتمم هدفه . ربما علمته الطبيعة أن يعرف كل هذا ، بل إن فكراً إلهياً وناموساً سرياً وضع فيه معرفة هذه الأشياء التي أرادها . حسنا ، لقد أفلح قايين في أن يحقق كل هذا بحماس واجتهاد. 

فاصل

هابيل يمارس الرعي كوسيلة لقيادة البشر:

أما هابيل الحكيم ، فقد ترك تعب زراعة الأشجار والفأس ، وبسبب أنه لم يتحمل المنجل ، اتجه نحو قطعان الخراف. ربما يكون قد اتجه إليها عن طريق الحملان التي كانت تموء نحو أمهاتما في رقة المشاعر والتي كانت تبكي دائماً بإحساس رقيق ، كما أنها كانت تقفز داخل حقول الأزهار ، وكان بعضها يستند على الأخرى . وشاهد هابيل أيضا قطعان الماعز وهي تموء باستمرار وتقفز بسهولة على قمم الصخور . وبقرار جمیل اختار هابيل الاشتغال بالرعي . ولأنه حكيم جداً ، فقد اتجه إلى هذا العمل ، وكأنه دراسة لفن قيادة البشر ، واعتقد هابيل أن المرعى يجب أن يكون هكذا.

وهناك عادة أن يطلق لقب رعاة على الكتاب اليونانيين ورؤساء الأمم أو المدن أو الشعوب ، كما أن الكتاب المقدس نفسه يطلق عليهم هذا اللقب أيضاً.
حسناً، هذان الشابان : الواحد مال إلى الزراعة والآخر إلى الرعي . وكلما مر الزمن على قايين زرع حدائق بأشجار كثيفة مملوءة بثمار جميلة ، بينما أخذ هابیل قطعان لا تحصى من الخراف التي تجمعت حوله . وبعد ذلك أملی ناموس معرفة الله المغروس فينا[6]
على الرجلين أن يقدما ذبيحة شكر لله ، خالق الكل ومعطى كل الخيرات لنا. الأنه على الرغم من أن هدف أولئك الذين يعبدون الأصنام هو أن يعرفوا من هو خالق الكل ، إلا أنهم – في عبادتهم للأصنام . لم يعرفوه إلا كمجرد مخلوق فاسد ، ولا يرى فيه الحق ، بالرغم من أن الله كان قد غرس فيهم ناموساً داخلياً حثهم فيه على أن يدر کوا بذواتهم أنه يجب عليهم أن يفكروا في هذا الذي هو فائق على الإنسان وأعظم منه بما لا يقارن ، أي الله.

فاصل

هابيل يقدم أفضل ما عنده وقايين يحتفظ لنفسه بالإنتاج الأجود:

حسنا ، قدم هابيل الكاهن والحكيم أجمل وأفضل ما عنده . لأنه مكتوب : “وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها » ( تك 4 : 4 ) ، أي أفضل وأحسن ما عنده ، ولم يكن يجهل الطريقة الطقسية ، فقدم أسمن أبكار غنمه . وعلى العكس يفعل قايين نفس الأمر ، ولكنه قدم تقدمته بتغافل وعدم اكتراث إذ أنه احتفظ لنفسه بأفضل إنتاج ناضج ليستمتع به ، وهكذا سبب حزنا لله خالق الكل عن طريق تقديم إنتاج ذي جودة أقل . وهكذا نزلت على تقدمة هابیل نار من السماء والتهمت التقدمات المذبوحة ، أما بالنسبة لقايين فيقول الكتاب : “ إلى قايين و قربانه لم ينظر ’ ’ ( تك 5:4 ) ؛ لأن الله لم يرسل النار التي كانت تترل عادة على التقدمات[7]، بسبب هذا تضايق قايين جدا واضطرب مرتعبا ، وهو يعلم بتحول الله عنه ، وعرف حقيقة أن هابیل حقق النجاح الأعظم . ومع ذلك لم يظهر قايين أي تصحيح لأخطائه ، ولكنه سلم نفسه كثور هائج لانفعالات حادة . فقد شرع أول المولودين من البشر ، الجاحد الحسود[8] ، والمنتقم ، في النفور من إله الجميع ، وتصرف بمكر ضد الله الذي أحبه وداس ناموس الحنان واتخذ له عقلاً مملوء من النزعات الشيطانية الرديئة والأفكار الدنسة ، ولكنه تظاهر بالصلاح بكلمات لينة فيقول : “ ليتنا نذهب إلى السهل ” ( تك 8:4 س) . فقد دعا أخيه ليذهب إلى الحقول ليرى كيف أنه إنسان صالح ، ولكي يتمتع بمنظر الأزهار الجميلة . لقد فكر ، ولكنه كان فاجراً في تفكيره ، إذ قتل أخيه جاعلا إياه أول إنسان يذوق الموت . وهكذا ، ألم يكن قايين معلما لكيفية قتل البشر وعندما سأله الله بعد ذلك قائلا : “ أين هابيل أخوك ’ ’ ( تك 9:4 ) ، كذب البائس وأجاب بجسارة قائلا :  “لا أعرف” ، لكن بسبب أنه كان قاتلا وعذبته لعنات الله تأكد أنه سوف يموت أيضاً، ولو بدون رضى الله ، ويكون موته بسبب غضب الله . لأنه يقول : “ إنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض ومن وجهك أختفي وأكون تائهاً وهارباً في الأرض . فيكون من وجدني يقتلني ” ( تك 14:4).

على أية حال ، فقد عرف أنه سوف يكابد اللعنات والعقوبات على جرائمه ، ماضيا في حياة بائسة على الأرض ؛ إذ أعلن الله بكل وضوح أن كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه. وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده ’ ’ ( تك 4 : 5 ) . وواضح أن الله استخدم رقم سبعة رمزا لكلمة “كثيراً ” ، وكأنه أراد أن يقول ، هذا الذي يخلصه من الحياة الأرضية سوف يضيف جرائم أكثر إلى قايين قاتل أخيه.

قايين يسقط في سبع خطايا:

لكن إذا فضَّل شخص أن يستخدم لفظة « سبعة » ليعرف بها الخطايا التي يعاقب عليها قايين ، فلن يكون من الصعب تعدادها . أول خطية لقايين : هي أن اختياره لم يكن جيداً، ولا هو قدم لله أفضل ما عنده. الثانية : هي عدم توبته عندما ارتكب الخطية ، ولم يصحح خطأه ، ولكنه انحدر إلى انفعالات غاضبة واغتاظ من نجاح أخيه الذي كان يجب بالحري أن يتمثل به ولا يعتبره عدواً، ولا ينظر إليه بعين الحقد. الثالثة : أدخل بوحشيته فكرة أن يكون الإنسان حسوداً ووحشياً. الرابعة : هي ما قاله هابيل أخيه : “ دعنا نذهب إلى السهل ، والتي تمثل علامة تدل على الخداع والضلال . الخامسة : جريمة القتل الجاحدة . السادسة : هي أنه تحدث كذباً مع الله. والسابعة : هي أنه بدون إرادة الله اعتقد أنه يستطيع أن ينفذ العقوبات ويتخلص من حياته بإرادته ، “لكن الله جعل لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده ، فخرج قايين من لدن الرب وسكن في أرض نود شرق عدن ’ ’ ( تك 19:4 ) . وهكذا أحيط في الحال باللعنات وتبعته خطيئة النفور (الكراهية ) . فكيف كان من الممكن لهذا الذي وصل فعلا إلى قمة كل شر أن يتمتع برعاية وبركة الطبيعة كلية القداسة والطهارة؟

إن ما قيل لنا الآن ، قيل بطريقة عامة ، وعلى نحو تاريخي ، ولكن فلنتقدم ونحاول بطريقة ما أن نغير ألوان هذه الصورة التاريخية ، وننقل ظلال الحقيقة ، ونتقدم للبحث في سر الحوادث الغامضة[9]. عندئذ يمكن لنا أن نرى سر المسيح يعلن في البدايات التي تحدث في شكل الظلال ؛ لأنه بما أن الطبيعة البشرية قد انعطفت ناحية الخطية وغُلفت بشباك الموت ، فيجب أن يعلن السمو إلى الحياة الأفضل ، حتى لا يظل المسيح مجهولاً مع مرور الزمن ، وهو نفسه الذي سوف يأتي ليموت لأجلنا[10].

أبانا الأول ځلق إذا على صورة الله ومثاله. ثم ولد منه قايين أولا ثم هابيل، ولكننا سوف نعتبر أن قايين يرمز أن لشعب إسرائيل ، لأن المسيح نفسه اعتبر أن جموع اليهود كانت هي نفسها مثل قايين بانتهاجهم نفس الأسلوب ، فقد قال هو نفسه : « إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرركم » ( یو ۸ :۳۱ -۳۲). لكن هؤلاء ، بسبب أنهم لم يدركوا جمال الحرية الأبوية ، شرعوا في التباهي بالقرابة الجسدية قائلين : « إننا ذرية إبراهيم و لم نستعبد لأحد قط كيف تقول أنت إنكم تصيرون أحراراً» ( یو ۸ : ۳۳ ) ، فبماذا أجاب المسيح ؟: « لو کنتم أولاد إبراهيم لکنتم تعملون أعمال إبراهيم . ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله . هذا لم يعمله إبراهيم » ( یو8: 39-40).

فالمسيح يصف أبوهم بالشيطان قائلا : « أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا . ذاك كان قتالاً للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق . متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم بما له لأنه كذاب وأبو الكذاب » ( يو 44:8). ولا أظن أن المسيح يشير إلى الشرير ورئيس شياطين الشر . فقد أصاب اليهود السعار وشرعوا في قتل يسوع، وهو قد اعتبر أبوهم هو أول قاتل وأول مبتدع للكذب ، أقصد بالطبع قايين، وأبو قايين هو الشيطان مبتدع الخطية. إن البعض اعتبروا صورة قايين هي الصورة المعبرة عن الشيطان ، وتصف أولئك الذين اختاروا أن يتشبهوا به.

ويمكننا أن نؤكد أن المسيح قد اعتاد أن يطلق اسم الشيطان على من يتشبه بطرق الشيطان ، ونستطيع أن نرى ذلك بوضوح مما ما قاله لتلاميذه : « أليس أني أنا اخترتكم الاثنا عشر وواحد منكم شيطان . قال هذا عن يهوذا سمعان الإسخريوطي ، لأن هذا كان مزمعاً أن يسلمه وهو واحد من الاثني عشر » ( يو6 : 70 – 71) . إذن قايين يماثل إسرائيل ، الذي كتب عنه : « إسرائيل . ابن البكر » ( خر 22:4) . وبعد إسرائيل البكر ظهر المسيح في الترتيب الثاني زمنياً، ابن آدم . لذلك دائما يسمي نفسه بطريقة حكيمة وبحسب التدبير الانسان[11]. وكما فعل قايين ، هكذا اعتقد اسرائيل أيضا أنه يكرم الله مقدما له الأمور الوقتية التي تذبل بسهولة ، ووضع عقله في الانشغال بكل ما يتعلق بالأرض ، إذ أن قايين انشغل بفلاحة الأرض ، بينما هابيل كان راعياً للغنم . وعمانوئيل كان قائداً للرعية العاقلة وهو الراعي الصالح الذي يرعى الرعية السمائية والأرضية ، في مرعی فسيح كما هو مکتوب ( أش ۲۳:۳۰ ) وإليه يصرخ النبي قائلا : « ارع بعصاك شعبك غنم میراثك » ( میخا 14:7). 

فاصل

هابيل رمز المسيح ، يقدم أبكار الرعية العقلية

إذن ، الشعب الإسرائيلي رأى أنه يجب أن يكرم الله بالأرضيات التي هي الثمار الآتية من الناموس ، ومقدمين ذبائح غير مقبولة . لذلك مع من خلال صوت القديسين : « لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب . أتخمت من محرقات كباش وشحم مسمنات . وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسر . حينما تأتون لتظهروا أمامي من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري . لا تعودوا تأتون بتقدمه باطلة . البخور هو مكرهة لي » ( أش ۱۱:۱ – ۱۳) . وأيضا : « لماذا يأتي ليَّ اللبان من شبا وقصب الذريرة من أرض بعيدة . محرقاتكم غير مقبولة وذبائحكم لا تلذ لي » ( إر 20:6 ). هكذا يتضح السبب الذي لأجله لم يقبل الله ذبيحة قايين . على العكس من ذلك ، البار هابیل ، رمز المسيح ، قدم أبكار الرعية العقلية كتقدمات لله ، قدم ودعاء القلب ، وأطفالاً في الشر ، والأنبياء الذين بتشبههم بالمسيح يحملون مجد البكر. لأن هذا الحشد الذي دعي بالإيمان لكي يتقدس ، يدعي بواسطة بولس الرسول كنيسة الأبكار المكتوبة أسمائهم في السموات. بالتالي صار المسيح المقدس لهذا الجمع وقطيع هو الأبكار . لأن بواسطته « صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون » ( رو 2:5). وصرنا ذبيحة صالحة ومقبولة أكثر من ذبيحة ثور بقر ذي قرون وأظلاف ( انظر مز 32:69) . بالفعل ، تُعد الذبيحة الدموية تقدمة زهيدة ولا تبعث رائحة ذكية نحو الله ، بالمقارنة مع العبادة بالروح التي تُقدم بالمسيح ، التي تكون مقبولة جدا لدى الآب.

لذلك صرخ الله قائلاً للإسرائيليين الذين قدموا تقدمات أرضية : « لا آخذ من بيتك ثوراً ولا من حظائرك أعتدة . لأن لي حيوان الوعر والبهائم على الجبال الألوف . قد علمت كل طيور الجبال ووحوش البرية عندي . إن جعت فلا أقول لك لأن لي المسكونة وملأها » ( مز 9:50 – 12) ، بينما يقول لنا نحن الذين نلنا التبرير بالمسيح وتقدسنا بالروح : « أذبح لله حمدا وأوف العلي نذورك . وادعي في يوم الضيق أنقذك فتمجدني» ( مز 13:51–14 ).

بناء على ذلك ، فإن الأمور الروحية تعتبر أسمي من الأرضية ، وذبيحة المسيح تعد أسمي كثيراً جداً من الذبيحة الناموسية[12].

ما السبب في إن الله قبل ذبيحة هابیل و لم يقبل ذبيحة قايين ؟ لقد قدم إسرائيل ذبائح لله فعلا ( طالما كان يجب أن يذبح لله ) ، ولكنه لم يقض بالحق ، إذ ظل دائماً على مستوى الرموز ، معتقدا أن الله يسعد بالظلال ( أنظر مز 50 ) . لذلك أخطأ ، وأمره الله أن يتوب ويهدأ ، بمعنى أن يتوقف عن الأمور العتيقة التي بحسب الناموس ، ويجعل المسيح رئيسا له[13] . لأنه قال لقايين : « أخطأت ، توقف » ( تك 4 :7 س ) . وإلى هابيل : « سيرجع إليك ، وأنت ستصير رئيساً له » ( تك 7:4 س) . لكن ، لو كان الشعب الإسرائيلي قد رفض تقديم تقدمات من نتاج الأرض ، ولو كان قد أيضاً رفض العبادة الناموسية غير المفيدة ، وجعل المسيح رئيساً ومرشداً له في الطريق نحو الأفضل[14]، كان في استطاعته أن يكون حراً معنا ويكتب في سفر الحياة » بحسب الكتب ( انظر رؤ 5:3 ) . ولكن بسبب تشبه بقايين جعل انتظاره للمخلص دافعاً للقتل الدنس ، وسقط في اللعنة وصار شعباً مذنباً بسبب ارتكابه لخطايا أكثر من قايين. وصار الإسرائيليون مذنبين ، ولذلك حُكم عليهم بأحكام كثيرة وخضعوا لجزاءات قاسية ، وعاش التعساء في حسرة ورعب . فهم دائما غرباء ولاجئين وخائفين وليست لهم شجاعة الأحرار . وكما قبل قايين علامة بأن الله لن يقتله ، هكذا لم يفقد الشعب الإسرائيلي تماماً، لكن البقية خلصت ( انظر إش ۲۱:۱۰ ) ، طبقا لما قاله مسبقاً: “ لولا أن رب الجنود أبقى لنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم و شاجهنا عمورة ( أش۹:۱) . لكن مع هذا يتوسل النبي والمرنم العظيم إلى إله الجميع أن لا يمحو الشعب الإسرائيلي تماماً: “ لا تميتهم حتى لا ينسوا ناموسك ” ( مز 12:59 س).

وعلى عكس هذا كله هرب قايين من وجه الله. لأنه مكتوب : “ فخرج قايين من لدن الرب وسكن في أرض نود شرقي عدن ( تك 4 : 16 ) . ومثل هذا الأمر أصاب الإسرائيليين الذين قيل لهم بفم النبي : ‘ ‘ فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم وإن كثرتم الصلوة لا أسمع أيديكم ملانة دماً’ ’ ( أش 1: 15) ، لأنهم قتلوا إله الجميع ، وبجحود كبير قالوا : “ دمه علينا وعلى أولادنا ” ( مت 25:27). وإذا كان دم هابیل صرخ ضد القاتل فقط ، فقد صرخ دم المسيح الكريم بالتأكيد وجحود اليهود، ولكنه خلص العالم من الخطية لأنه سال لأجل هذا العالم . لذلك يقول بولس العظيم: “قد أتيتم إلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل” ( عب 34:11).

إلا أنني أعتقد أنه كان يجب أن نضيف على ما ذكرناه سابقاً هذه الآيات ؛ لأنه مكتوب : “ وعرف آدم امرأته أيضاً. فولدت ابناً ودعت اسمه شیثا قائلة لأن الله قد وضع لي نسلاً آخر عوضا عن هابيل ؛ لأن قايين كان قد قتله ” ( تك 4: 25).

فاصل

  1. يؤكد القديس كيرلس أثناء حديثة عن المذبح الترابي ( خر 24 : 20 – 25) على أنه لا يستطيع أحد أن يُفتدي ويقترب من الآب إلا فقط بالمسيح ، إذ يقول : “ فنحن لا نقترب إلى الآب إلا بواسطة الابن ، حسب قوله : “ ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي ” ( يو 6:14 ) . وإذا كان الإتيان إلى الآب بواسطة الابن بمثابة قانون حتمي ، فقد وضع لهم شريعة الأمثلة الحاملة للثمار بواسطته قائلا : “ مذبحاً من تراب تصنع لي وتذبح عليه محرقاتك وذبائح سلامتك غنمك وبقرك في كل الأماكن التي فيها اصنع لاسمي ذكراً آتي إليك وأباركك . وإن صنعت لي مذبحاً من حجارة فلا تبنه منها منحوتة ، إذا رفعت عليها أزميلك تدنسها ” ( خر 20: 24 -25). وتأكيداً لذلك ، يشير المذبح الترابي إلى عمانوئيل ؛ لأنه يقول : “الكلمة صار جسداً ” (يو1 : 14 ) . وإذا كانت طبيعة الجسد هي تراب من تراب ، إذن فكل ثمرة وكل اقتراب ، يصير بالمسيح ؛ لأنه هو نفسه الذي قال : “ بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً” ( يو 15 :5 ) . وكما أننا نحقق اقترابنا إلى الآب بواسطته ، هكذا كل ذبيحة لأولئك الذين قبلوا الإيمان ، تصير مقبولة بواسطته ؛ لأنه يعد أولئك الذين أقاموا مذبح . من تراب أنه سوف يأتي إليهم ويبار کهم ؛ لأنه يقول : “ أتي إليكم وأبارككم ” . أنظر السجود والعبادة بالروح والحق ، مرجع السابق ، المقالة التاسعة ص .۳۳۹ 
  2. بحسب صياغة القديس أثناسيوس : “ لأنه مثلما ينير النور كل شيء . بأشعته وبدون إشعاعه ما كان قد أضاء ، هكذا أيضا فإن الله قد خلق كل شيء بالكلمة كما بواسطة يد ، وبدونه لم يخلق شيئاً ” ضد الأريوسيين ، المقالة الثانية ، فقرة ۳۱ ص 64 . والجدير بالذكر أن أول من شبه الابن باليد هو القديس ایرینئوس ، إذ قال : ” أما الإنسان فقد خلقه بيديه”. القديس إيرينئوس ، الكرازة الرسولية ، طبعة ثانية ، فبراير ۲۰۰۹ ، ص ۷۹ .
  3. هنا نستطيع أن نرى الفرق بين فعل الخلق الخاص بالله وحده – الثالوث القدوس ، وهو إحضار الكائنات إلى الوجود من العدم ، وبين التقدم التكنولوجي والعلمي الذي يعكس إمكانيات الإنسان العظيمة . فالله بكونه خالقاً أوجد الكائنات من العدم ، أما الإنسان فإنه يعمل شرط وجود مادة مسبقة . ففعل الإبداع عند الإنسان يتم على شيء بالفعل موجود. 
  4.  إن قلب تعليم إيرينيوس عن المسيح ، بل محور وقلب كل تعليمه اللاهوتي هو رؤيته الخاصة ب « جمع الكل في المسيح » . واضح أن القديس إيرينيوس استعار هذا التعبير من بولس الرسول في رسالته إلى أفسس (۱۰:۱) « لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح » . ثم امتد هذه الفكرة امتداداً كبيرا حتى صارت فكرة « جمع كل شيء في المسيح » تحوي كل تعليمه عن التجسد والفداء وحلول الروح القدس وتأسيس الكنيسة ، وكون أن المسيح رأس الجسد ، أي « الكنيسة » . فيقول إيرينيوس إن « جمع كل شيء في المسيح » يشمل أخذ كل الأشياء منذ البداية وجعلها في المسيح . فالله أعاد الخطة الإلهية الأولى الخاصة بخلاص الجنس البشرى التي انقطعت بسقوط آدم ، وهو يجمع كل ما عمله منذ البداية لكي يجدد ، ولكي يرد ، ولكي يعيد تنسيق كل شيء في ابنه المتجسد ، الذي يصير بهذه الطريقة هو آدم ثان لأجلنا . وحيث إنه بسقوط الإنسان ضاع كل الجنس البشري ، فكان يلزم أن يصير ابن الله إنسانا لكي يتم إعادة خلق جنس البشر : « المخلوقات التي هلكت كان لها جسد ودم لأن الرب صنع الإنسان من تراب الأرض ، ولأجله حدثت كل تدبيرات مجيء الرب . لذلك أخذ لنفسه جسداً ودماً جامعاً في نفسه ليس إنسانا آخر معيناً، بل ذلك الإنسان الأول الذي خلقه الآب ، إذ أنه كان يطلب ذلك الذي كان قد هلك » . ( AH5 : 14 : 2 ) وبهذا الجمع « للإنسان الأصلي في المسيح تم تجديد ورد ، لیس آدم الأول شخصياً فقط ، بل وكل الجنس البشري ، إذ يقول » : حينما تجسد وصار إنسانا ، جمع في نفسه كل تاريخ الإنسان الممتد جامعاً إيانا ومعطيا لنا الخلاص لكي ننال مرة أخرى في المسيح يسوع ما قد فقدناه في آدم ، أي صورة الله ومثاله . ( AH3 : 18 : 1 ) «
  5. عن الخليقة الجديدة في المسيح ، أثناء حديثه عن مذبح البخور يقول القديس كيرلس : “ لأن فرائض الناموس أُبطلت بالمسيح ، والظلال وصلت إلى نهايتها . هذا ما يشير إليه عدم إصعاد محرقة أو تقدمة أو سكيب فوق مذبح البخور . وهو ما يؤكده النبي قائلا : “ انقطعت التقدمة والسكيب عن بيت الرب . ناحت الكهنة خدام الرب” (يؤ 1 : 9 ) . أي أنه طالما ظهر السجود والعبادة بالروح والحق ، صارت الظلال عديمة النفع ، وعبادة النماذج صارت بلا فائدة تماماً. لأن خليقة جديدة صارت بالمسيح بعد مجيء الحق ، كل الذين يطلبون برهم في الناموس يفقدون النعمة . لأنه يقول : “ لا تصعدوا عليه بخوراً غريباً” ( خر ۹:۳۰ ) . السجود والعبادة بالروح والحق ، المقالة التاسعة.
  6. يوضح القديس يوحنا ذهبي الفم أن هناك ناموساً طبيعياً لدى الأمم أثناء شرحه لنص رسالة رومية : « لأن الأمم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس فهؤلاء إذ ليس لهم الناموس هم ناموس لأنفسهم » ( رو 14:2) حيث يقول : « والرسول بولس هنا لا يرفض الناموس ، بل على العكس هو يبرر الأمم من خلال الناموس أيضا . أرأيت كيف أنه يقوض مجد اليهودية ، ولا يستطيع أحد أن يشتكي عليه ، باعتبار أنه يسئ إلى الناموس ؟ لكن على العكس ، فإنه يظهر كل الأشياء كما هي ، فيرفع من شأن الناموس ويظهر فضله . وعندما يقول « بالطبيعة » يقصد الأفكار الفطرية ، ويظهر كيف أن البعض أفضل من هؤلاء اليهود . والأمر الأكثر أهمية بالنسبة له ، إنهم صاروا أفضل مع أن ليس عندهم الناموس ، الذي يفتخر به اليهود على الأمم . ولهذا تحديدا يقول إن الأمم مستحقون للتقدير ، لأنهم لم يتسلموا الناموس ، ومع ذلك عملوا بكل وصاياه . وعبروا عن أفكارهم بأعمالهم وليس بالكلام فقط. لأنه يقول : « الذين يظهرون عمل الناموس مكتوبا في قلوبهم شاهداً أيضا ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة . في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح ».
    « أرأيت كيف أنه يشير أيضا إلى يوم الدينونة ، ويجعله قريباً، وينذرهم ، موضحاً كيف أنه ينبغي تكريم أولئك الذين اهتموا بأن يعملوا بوصايا الناموس بدون الناموس ؟ لكن ما ينبغي أن تعجب به بشكل خاص هو رؤية الرسول بولس ، وهذا ما يستحق أن نتكلم عنه الآن . لأنه بعدما أظهر بالدليل ، كيف أن اليوناني هو أسمى من اليهودي ، لم يشير إلى هذا كنتيجة مجملة مسلم بها ، حتى لا يثير سخط اليهودي . ولكي يكون قولي أكثر وضوحاً، سأشير إلى كلامه هو نفسه حيث قال : « لأن ليس الذين يسمعون الناموس هم أبرارا عند الله ، بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون » . وقد كان متوقعا أن يقول : « لأن الأمم الذين ليس عندهم الناموس متى فعلوا بالطبيعة ما هو في الناموس » هؤلاء هم أفضل بكثير من أولئك الذين لديهم الناموس » شرح رسالة رومية ، ترجمة د . سعيد حكيم يعقوب مراجعة د . جوزيف موریس فلتس د.جورج عوض إبراهيم ، المركز الأرثوذوكسي للدراسات الآبائية ، ۲۰۱۳ م ، الإصحاح الأول
  7. سبق للقديس يوحنا ذهبي الفم التأكيد على هذا الأمر ، إذ يقول : “ بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين فيه شهد له أنه بار إذ شهد الله لقرابينه وبه وإن مات يتكلم بعد ” (عب 4:11). وما هي الطريقة التي شهد له بأنه بار ؟ قيل لأنه نزلت نار من السماء وأخذت الذبيحة المقدمة ، لأن الكتاب يقول ‘ ‘ فنظر الرب إلي هابيل وقرابينه ” . فالله شهد له بأنه بالأقوال والأفعال ” شرح الرسالة إلى العبرانيين ، ترجمة سعيد حكيم يعقوب مراجعة د.جورج عوض إبراهيم ، المركز الأرثوذوكسي للدراسات الآبائية ، طبعة ثانية ۲۰۱۰ م ، الإصحاح الحادي عشر ، ص ۳۰۰-۳۰۱
  8. أيضا بحسب تعبير القديس ذهبي الفم : ‘ ‘ فقد قتله حسدا بسبب أنه وجد نعمة في عين الله المرجع السابق .
  9. هنا القديس كيرلس عمود الدين ، بعدما استعرض الحدث التاريخي يبدأ في التفسير الرمزي أو الروحي الذي يرمي إلى كشف سر المسيح المخفي وراء الأحداث. وهذا هو منهجه في التفسير ، فهو لا يهمش التفسير الحرفي أو التاريخي ولكنه لا يبقى هناك بل يسعى بعد ذلك في استخدام التفسير الروحي.
  10. أيضا القديس كيرلس يشرح حقيقة تجسد الابن لكي يخلص الإنسان في موضع آخر ، قائلا : “ لم يشأ أن يرى هلاك خليقته على الأرض ، أعني الإنسان ، بل على العكس ، فلأجل أنه رأى أن الطبيعة البشرية قد أصيبت بمرض عضال ، فقد أرسل كلمته الذي يستطيع وحده أن يحطم مملكة الشيطان ويحررنا من الشرور التي أمسكتنا في قبضتها ” الرسالة الفصحية الأولى ، مايو 2004 ، فقرة 6 ص 28
  11. تعبير”بحسب التدبير” أو “ تدبيرية ‘ ‘ يقصد به تدبير التجسد ، ويشرح القديس كيرلس في حواره حول الثالوث هذه الحقيقة ، قائلا : “ إن الابن الوحيد قد أخلى ذاته وأخذ شكل العبد واحتمل الآلام والعار وأطاع حتى الموت موت الصليب. لأجل هذا يقال إن الله قد وهبه اسماً فوق كل اسم ، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة في السماء وممن على الأرض . إذن بينما كان هو كواحد منا ، أعطى أن يسمى ‘ ‘ الله ” كمكافأة له على عظیم أعماله وطاعته . حتى صار يسجد له من الملائكة نفسها وما نحن يا من نعيش على الأرض وحتى من الذين قد ماتوا ؟ ” . القديس كيرلس الكبير ، حوار حول الثالوث ، الجزء الرابع ، الحوار الخامس ، مایو 2010، ص 57
  12. يشرح القديس كيرلس في موضع آخر ، سمو ذبيحة المسيح على الذبائح الناموسية ، قائلا : « فالذي صوَّرته هذه الرموز بشكل غامض أي الحمل نفسه ، والذبيحة التي بلا عيب ، قد جاء لكي يُقاد إلى الذبح لأجل الكل ، لكي يرفع خطية العالم ، لكي ما يبيد المُهلك من الأرض . وعندما يموت عن الكل ، يبيد الموت ، ويُبطل اللعنة التي لحقت بنا، ويضع حداً لما قيل « لأنك تراب وإلى تراب تعود » ( تك ۱۹:۳ ) . وبذلك يصبح آدم الثاني ، ليس « من التراب » وإنما من السماء ، ويصبح بداية كل الصالحات للطبيعة الإنسانية ، ومحرر الإنسان من الفساد الدخيل ومانح الحياة الأبدية ، وأساس المصالحة مع الله ، وبداية التقوى والبر ، والطريق لملكوت السموات » . شرح إنجيل يوحنا ، مرجع سابق ، المجلد الأول ، الإصحاح الأول
  13. يحثنا القديس يوحنا ذهبي الفم على أن تحول نظرنا تجاه يسوع الذي هو رئيس الإيمان ومكمله . ثم يتساءل : ذلك ؟ فيقول : “ يعني أن المسيح هو الذي وضع داخلنا الإيمان ، وهو الذي أعطانا البداية . هذا ما قاله لتلاميذه : “ ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم ” ( يو 19:15) بل والرسول بولس يقول : “حينئذ سأعرف كما عُرفت” ( اکو ۱۲:۱۳ ) شرح الرسالة إلى العبرانيين ، مرجع سابق ، الإصحاح الثاني عشر ، ص 366.

فاصل

1- آدم

المقالة الأولى

3- شيث

البابا كيرلس عمود الدين
تعليقات لامعة على سفر التكوين

 

زر الذهاب إلى الأعلى