تعليقات لامعة على سفر التكوين للقديس كيرلس عمود الدين

المقالة الأولى: 3- شيث

 

وبعد ذلك يقول : “ عاش آدم مئة وثلاثين سنة وولد ولداً على شبهه کصورته ودعا اسمه شيثاً ” ( تك 3:5) . إذن لاحظ أنه بعد موت هابيل وُلد الابن شیث على صورة الله ومثاله ، أي مثل آدم . وحقيقة بعد موت عمانوئيل بالجسد مباشرة ولدت ذرية أخرى ليست من نسل آدم ، تتمتع بغني[1] جمال صورة الله الفائقة ، لأنه « ونحن جميعاً ناظرین مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح » ( ۲ کو ۱۸:۳ ) . وبالتأكيد فإن موت المسيح[2] بالنسبة لهؤلاء صار كأنه جذر وأساس  للجنس الجديد ، وهذا ما يؤكده هو بنفسه قائلا : « الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبه الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها . ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير » ( یو ۲۶:۱۲).

إذن عندما سقط في الأرض ، كحبة وكسنبلة ، أنبتت الأرض ثماراً مضاعفة ، إذ أنه بالمسيح أعيد [3] خلق طبيعة الإنسان بالصورة الأولى التي خُلق عليها الإنسان الأول.

فاصل

أنساب قايين وشيث

جدير بنا أن نبحث الأنساب التي أتت من الاثنين ، أقصد قايين وشيث . لأن شيئاً مفيدا سينتج من هذا البحث . مكتوب : « وعرف قايين امرأته فحبلت وولدت حنوك . وكان يبني مدينة . فدعا اسم المدينة كاسم ابنه حنوك. وولد لحنوك عيراد . وعيراد ولد محویائيل ومحويائیل ولد متوشائيل . ومتوشائيل ولد لامك . واتخذ لامك لنفسه امرأتين . اسم الواحدة عادة واسم الأخرى صلة . فولدت عادة يابال . الذي كان أباً لساكني الخيام ورعاة المواشي . واسم أخيه يوبال ، الذي كان أباً لكل ضارب بالعود والمزمار . وصلة أيضا ولدت توبال قايين الضارب كل آلة من نحاس وحديد . وأخت توبال قايين نعمة . وقال لامك لامرأتيه عادة وصلة . اسمعا قولي يا امرأتي لامك . واصغيا لكلامي . فإني قتلت رجلاً لجرحي . وفتى لشدخي . إنه ينتقم لقايين سبعه أضعاف . وأما للامك فسبعة وسبعين » ( تك 4 : 17-24) . إن ما كتب عن نسل قايين واضح . لذا ليتنا ننظر إلى نسل شیث.

مكتوب « وعاش شیث مئة وخمس سنين وولد أنوش » ( تك 5: 6) ، الذي عنه قال الكتاب : « ولشيث أيضا وُلد ابن فدعا اسمه انوش ، حينئذ ابتدئ أن يدعی باسم الرب » ( تك 26:4) ، « وعاش أنوش بعدما ولد فينان ثماني مئة وسبع وولد بنين وبنات » ( تك 5: 7 – 8 ) . ثم قال : « وعاش يارد مئة وستين سنة وولد أخنوخ » . وبعد ذلك قال : « وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه » ( تك 5 : 24).

لمن يقول الله : « الحق أقول لكم لست أعرفكم » ؟

إذن لاحظ قبل أي شيء آخر كيف ذكر أسماء أحفاد قايين ، وكيف ظهر تعاقب الأجيال ، وأيضا كم عدد السنين التي عاشها كل منهم .

لقد سجل الكتاب بنفس الطريقة نسل شیث . ولكن لماذا كتب بدقة عمر كل واحد منهم ، موضحاً من هو وما هي عدد السنين التي عاشها قبل أن ينجب ثم بعد إنجابه ، الأمر الذي يمكن للمرء أن يعرفه بدقة وتفصيل من الكتب المقدسة.

 هذه رسالة واضحة لهؤلاء الذين اعتادوا بصفة عامة أن يميزوا هذه الأمور ، إن الله لا يريد أن يعرف حياة هؤلاء الذين يحبون الخطية . حسنا ، هؤلاء سوف يسمعون المسيح يقول لهم من المنبر الإلهي : « الحق أقول لكم لست أعرفكم » مت 25: 12، لو 13: 27) ، بالرغم أنه لا يخفى عليه شيء من حيث معرفته ، أقصد أنه إله الجميع . وعلى الرغم من أنه يعرف هؤلاء المحبين للخطية إلا إنه لا يعرفهم ، بسبب بغضه الشديد لأفعالهم الشريرة . إذا فقد صمت الله عن الإشارة إلى أعمار أحفاد قايين ، لأنهم لم يفعلوا شيئاً جديرا بالمعرفة ، ولأن الذين سوف يقرأون عن حياتهم سيلحق بهم الضرر. لكننا نؤكد أن الكتاب تكلم عن أن الله يعرف بالتفصيل حياة القديسين ، وإنه لا يخفى على فكر الله أي شيء يخصهم. وسوف يؤكد هذا ربنا يسوع المسيح قائلاً: « أليس عصفوران يباعان بفلس وواحد منهما لا يسقط على الأرض بدون أبيكم . وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة . فلا تخافوا أنتم أفضل من عصافير كثيرة» ( مت 10 : 29-30)

وإن كان الله قد تكلم عن عدد الشعر ، بسبب أنه يعرف بوضوح كل ما يخص القديسين ويعتني بكل هذا ، فهل يمكن أن يجهل – حیاتم ؟ لأنه يقول : « عينا الرب نحو الصديقين وأذناه إلى صراخهم » ( مز 15:34).

فاصل

  1. أوضح القديس كيرلس حين شرح یو ۱۲:۱ جمال الصورة السمائي ، إذ يقول : « وليس هناك وسيلة أخرى غير هذه تجعلنا نحن الذين لبسنا « صورة الترابي » نهرب من الفساد، إلا إذا خُتمنا بجمال الصورة السمائی » ( ۱ کو 15 :49) بدعوتنا إلى البنوة لأننا عندما نشترك فيه بالروح القدس ، نُختم لنكون مثله ونرتفع إلى الصورة الأولى التي أخبرتنا الكتب المقدسة أننا خلقنا عليها ( تك 27:1 ) . وبذلك نكون قد استعدنا جمال طبيعتنا الأولى وخلقنا من جديد لنكون على مثال الطبيعة الإلهية ، ونصير مرتفعين فوق الأمراض التي أصابتنا بسبب السقوط. إذن نحن نرتفع إلى كرامة أسمی من طبيعتنا بسبب المسيح لأننا سنكون أيضا « أبناء الله » ليس. مثله تماما ، وبالتشبه به . فهو الابن الحقيقي ، الكائن مع الآب منذ الأزل أما نحن فبالتبني بسبب تعطفه خلال النعمة التي أخذناها بقوله : « أنا قلت إنكم آلهة، وكلكم أبناء العلي » ( مز 6:82 ) فالطبيعة المخلوقة الخاضعة للخالق ، دعيت إلى ما هو فوق الطبيعة بإرادة الآب فقط ، أما الابن ، والإله والرب ، فهو ليس الابن والإله بإرادة الآب واختياره ، وإنما بالولادة من جوهر الآب ذاته يكون له بالطبيعة كل صفات الله وصلاحه » . شرح إنجيل يوحنا ، مرجع سابق ، المجلد الأول ، ص ۱۲۸ . 
  2. لقد صار المسيح حقا بموته جذراً لبشرية جديدة ، وهذا ما يشرحه القديس كيرلس بوضوح في كتابه الكنوز في الثالوث ، إذ يقول : ( بسبب محبة الآب لمخلوقاته دعي الابن بكر كل خليقة ، والابن بمحبته تجاه المخلوقات لم يتردد في أن يجعل ذاته بين المخلوقات ، حتى أن المخلوقات التي جاءت بعده تخلص بسبب أنه دعى بكراً. هكذا ينبغي له أن يكون بكرا لكي تظل المخلوقات تدعوه بكراً. إذن هو المولود الوحيد من جهة الطبيعة ؛ لأنه أتي فقط من الآب ، فهو إله من إله ، ونور من نور ، لكن هو البكر لأجلنا ، لدرجة أن كل الخليقة طُعمت فيه كأنها في جذر عديم الموت ، لكي تنبت مرة ثانية من هذا الذي هو موجود دائماً. لأن الكل صار بواسطته والكل يخلص بفضله) الكنوز ، مرجع سابق ، المقال الخامس والعشرون ، فقرة ۸ 
  3. يستخدم القديس أثناسيوس تشبيهاً من الحياة العملية لكي يوضح ضرورة أن يتم تحديد الخليقة بواسطة كلمة الله الذي خلق العالم به منذ البدء فيقول : « ولأن الله صالح وهو صالح على الدوام وهو يعرف طبيعتنا الضعيفة التي تحتاج إلى معونته و خلاصه لذا فقط خطط هذا . وذلك مثلما لو كان مهندساً حكيماً يريد أن يبني مرة فإنه يخطط في نفس الوقت كيفية تجديده مرة أخرى لو مر يوما ما بعد أن يتم بناؤه ، وهو يعد لهذا من قبل عندما يخطط ويعطي القائم على العمل الاستعدادات اللازمة للتجديد . وهكذا يكون استعداداً مسبقاً للتجديد قبل بناء المنزل … وبنفس الطريقة فإن تجديد خلاصنا قد تأسس في المسيح قبلنا لكي يمكن إعادة خلقتنا من جديد فيه . فالإرادة والتخطيط قد أعدا منذ الأزل أما العمل فقد تحقق عندما استدعت الحاجة وجاء المخلص إلى العالم » ضد الأريوسيين ۲ : ۷۷.

فاصل

2- عن قايين وهابيل

المقالة الأولى

4-آنوش

البابا كيرلس عمود الدين
تعليقات لامعة على سفر التكوين

 

زر الذهاب إلى الأعلى