تعليقات لامعة على سفر التكوين للقديس كيرلس عمود الدين

المقالة الخامسة: 13- يعقوب في شكيم

 

 بعد ذلك « أتي يعقوب سالماً إلى مدينة شکیم » ( تك ۱۸:۳۳ ) الموجودة في أرض كنعان حيث جُرب أيضا البار مواجهاً مظالم تجاه ابنته دينا ، إذ أن هذه الشابة العذراء خرجت من خيمة أبيها لترى بنات هذه الأرض. ولأن الجنس الأنثوي مندفع ولا يخاف ويسرع ليتعرف ويحب من هم في عمره. هكذا خرجت الشابة ورآها شكيم ابن حمور واغتصبها عنوة، بمعنی أفقدها عذريتها، وتملكت عليه الشهوة فأراد أن يتزوجها. عندئذ احتد غضب كل من شمعون ولاوي بسبب ما صار لأختهما واعتبرا هذا الأمر إهانة لهم فشرعا في أعمال دنسة ضد أولئك الذين ارتكبوا الجرم، فقد أقنعا سكان شكيم بأن يختنوا كل ذكر ، وقتلوهم بدون رحمة ورأفة وبدون أي استثناء. وقد غضب يعقوب غضباً شديداً لِما حدث ، وأخذ يوبخهما قائلا : « كدرتماني بتكريهكما إياي عند سكان الأرض» ( تك 30:34).

هذا الموقف يذكرنا بأن المخلص نفسه أنبأ بطرس الذي أخرج سيفه من غمده ، وقال له : « لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون » ( مت 52:26). لا ينبغي أن نتسلح بسيوف ضد الأعداء ، نحن الذين أخترنا أن نجاهد من أجل إيماننا بالله، بل على النقيض ينبغي علينا أن نتحمل الآلام[1] للدرجة التي فيها إذا أراد البعض أن يطردنا، فإننا نبارکهم عندما يسيئون إلينا ، عندما نتألم لا نجازي الشر بالشر، بل نُسلم أنفسنا لذاك الذي يحكم بالعدل . أيضا نحترس من هؤلاء الذين لهم إيمان آخر ، لأنه عندما خرجت دینا من المسكن الأبوي ، ابتعدت وجدوُت هناك عند بيت شكيم. لكن ما كان لها أن تهان لو بقيت في بيت أبيها وعاشت داخل خيمة القديسين.

هذا الأمر حسن و مفيد ، ويقنعنا بهذا داود الطوباوي والمرنم حين قال : “واحدة سألت الرب وإياها ألتمس : أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي لكي انظر إلى جمال الرب وأتفرس في هيكله . لأنه يخبئني في مظلته في يوم الشر يسترني بستر خيمته . على صخرة يرفعي » ( مز 4:47 – 5) . والأمر حدث كالآتي :” ثُمَّ قَالَ اللهُ لِيَعْقُوبَ: «قُمِ اصْعَدْ إِلَى بَيْتَِ إِيلَ وَأَقِمْ هُنَاكَ، وَاصْنَعْ هُنَاكَ مَذْبَحًا ِللهِ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ حِينَ هَرَبْتَ مِنْ وَجْهِ عِيسُو أَخِيكَ». فَقَالَ يَعْقُوبُ لِبَيْتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ كَانَ مَعَهُ: «اعْزِلُوا الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ وَتَطَهَّرُوا وَأَبْدِلُوا ثِيَابَكُمْ. وَلْنَقُمْ وَنَصْعَدْ إِلَى بَيْتِ إِيلَ، فَأَصْنَعَ هُنَاكَ مَذْبَحًا ِللهِ الَّذِي اسْتَجَابَ لِي فِي يَوْمِ ضِيقَتِي، وَكَانَ مَعِي فِي الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبْتُ فِيهِ». فَأَعْطَوْا يَعْقُوبَ كُلَّ الآلِهَةِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي فِي أَيْدِيهِمْ وَالأَقْرَاطَِ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ، فَطَمَرَهَا يَعْقُوبُ تَحْتَ الْبُطْمَةِ الَّتِي عِنْدَ شَكِيمَ. ثُمَّ رَحَلُوا، وَكَانَ خَوْفُ اللهِ عَلَى الْمُدُنِ الَّتِي حَوْلَهُمْ، فَلَمْ يَسْعَوْا وَرَاءَ بَنِي يَعْقُوبَ. (تك 35: 1-5)

فاصل

  1. يؤكد القديس يوحنا ذهبي الفم على أننا يجب أن نتمثل بالمسيح الذي احتمل الآلام ، إذ يقول : “ فإن كنت أنت عضو في جسد المسيح ، فلتتحمل الصليب ، المسيح تحمله . نتحمل اللطم . نتحمل الضربات . نتحمل الجروح . هكذا كان جسد المسيح ، ذلك الجسد “الذي لم يفعل خطية ولا وُجد في فمه مكر ” ، وكل ما فعلته يديه ، كان لأجل الإحسان لكل محتاج ، ولم يخرج من فمه أي شيء غير لائق ، لقد سمعتم أنهم يقولون عنه أن ‘ به شیطان ’ ’ لكنه لم يجب بشيء ‘ ‘ تفسير الرسالة إلى أفسس ، الإصحاح الأول.

فاصل

12- إسرائيل يعترف بعمانوئيل

المقالة الخامسة 

14- يعقوب في بيت إيل

البابا كيرلس عمود الدين
تعليقات لامعة على سفر التكوين

 

زر الذهاب إلى الأعلى