تفسير سفر يشوع ٢٣ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثالث والعشرون

نجد هنا خطاب يشوع الوداعى الأول. وفى ص 24 نجد خطابه الوداعى الثانى. ونجد يشوع هنا فى نهاية حياته يدعو الشيوخ ليسلمهم وصاياه الوداعية التى جاءت مطابقة لإيمانه وعبادته وسلوكه العملى، وإذا كانت تعاليم المعلم مطابقة لحياته تكون لها قوة وفاعلية. وملخص نصائح يشوع.

  1. حفظ وصايا الرب (آية 6).
  2. محبة الله (آية 11).
  3. عدم الإختلاط بالوثنيين أو مصاهرتهم حتى لا يسقطوا فى فخ الوثنية (آيات 12،13).
  4. تذكر عمل الله معهم ومع أبائهم مما يدل على أمانة الله معهم وأنه نفذ كل وعوده لهم وممّا يساعدنا على حفظ وصايا الله وعلى محبته أن نذكر إحساناته المستمرة لنا.

 

آيه (1،2): “وكان غب أو كثيرة بعدما أراح الرب إسرائيل من أعدائهم حواليهم أمروهم يشوع شاخ تقدم في الأيام. فدعا يشوع جميع اسرائيل و شيوخه و رؤساءه و قضاته و عرفاءه و قال لهم انا قد شخت تقدمت في الايام.”

غبّ أيام = بعد أيامٍ

 

آيه (3) :- وانتم قد رأيتم كل ما عمل الرب إلهكم بجميع أولئك الشعوب من أجلكم لان الرب إلهكم هو المحارب عنكم

كل ما عَمِلَ الرب إلهكم = لاحظ أنه لم يقل ما عملته من أجلكم. فما أجمل أن ينسى الراعى نفسه حتى فى اللحظات الأخيرة وينسى تعبه وجهاده وأسهاره ويركز أنظار شعبه إلى الله صانع جميع العجائب معه والذى أحبهم وقدّم لهم الميراث ليلهب قلوبهم بمحبة الله. فمحبتهم لله هى التى تضمن لهم ميراثهم.

الآيات (4-8): “انظروا قد قسمت لكم بالقرعة هؤلاء الشعوب الباقين ملكا حسب اسباطكم من الاردن و جميع الشعوب التي قرضتها و البحر العظيم نحو غروب الشمس. و الرب الهكم هو ينفيهم من امامكم و يطردهم من قدامكم فتملكون ارضهم كما كلمكم الرب الهكم. فتشددوا جدا لتحفظوا وتعملوا كل المكتوب في سفر شريعة موسى حتى لا تحيدوا عنها يمينا آنية شمالا. حتى لا تدخلوا الى هؤلاء الشعوب اولئك الباقين معكم و لا تذكروا اسم الهتهم و لا تحلفوا بها و لا تعبدوها و لا تسجدوا لها. و لكن الصقوا بالرب الهكم كما فعلتم الى هذا اليوم.”

لاحظ أنه يكرر ما قاله لهُ الله (1 : 7) فكلمات الله ظلت ترن فى أذنيه. لقد ظل يرددها ويلهج فيها ويحفظها فى فكره ككنز وها هو يقدمها لشعبه كأثمن كنز عرفه وإختبره. إن جوهر التقليد أن نسلم للجيل القادم كلمة الله بلا إنحراف كما تسلمناها وعشناها.

 

الآيات (9-11): “قد طرد الرب من أمامكم شعوبا عظيمة وقوية وأما انتم فلم يقف أحد قدامكم إلى هذا اليوم، رجل واحد منكم يطرد ألفا لان الرب إلهكم هو المحارب عنكم كما كلمكم، فاحتفظوا جدا لأنفسكم أمروهم تحبوا الرب إلهكم.”

يبعث فيهم الرجاء خلال الخبرة التى عاشوها وكيف أحسن الله إليهم. وحينما نذكر حسنات الله علينا نشكره ونسبحه ويزداد رجاؤنا أن يسوع هو هو أمس واليوم وإلى الأبد فتزداد محبتنا لله. وعلينا أيضاَ أن نذكر ضعفاتنا وخطايانا فنطلب مراحم الله ولا ننتفخ بكبرياء. لذلك الكنسية فى بدء كل صلاة تصلى صلاة الشكر والمزمور “50”. لا يقف أحد قدامكم = كان هذا وعد الله ليشوع (1 : 5) ولكن يشوع فهمه أنه لكل واحد ولكل الشعب عبر كل الأجيال. فهو وعد إلهى يجدد رجاؤنا فى الرب (يو 19 : 11) رجل واحد يطرد ألف = قارن مع أن الله أعطانا أن ندوس الحيات والعقارب وهى أجناد الشر الروحية فى السماويات. فنفهم أن هذا وعد من الله بأن نهزم الشيطان.

 

الآيات (12-16): “ولكن إذا رجعتم ولصقتم ببقية هؤلاء الشعوب أولئك الباقين معكم وصاهرتموهم ودخلتم إليهم وهم إليكم، فاعلموا يقينا أمروهم الرب إلهكم لا يعود يطرد أولئك الشعوب من أمامكم فيكونوا لكم فخا وشركا وسوطا على جوانبكم وشوكا في أعينكم حتى تبيدوا عن تلك الأرض الصالحة التي أعطاكم إياه الرب إلهكم، وها أن اليوم ذاهب في طريق الأرض كلها وتعلمون بكل قلوبكم وكل أنفسكم انه لم تسقط كلمة واحدة من جميع الكلام الصالح الذي تكلم به الرب عنكم الكل صار لكم لم تسقط منه كلمة واحدة، ويكون كما انه أتى عليكم كل الكلام الصالح الذي تكلم به الرب إلهكم عنكم كذلك يجلب عليكم الرب كل الكلام الرديء حتى يبيدكم عن هذه الأرض الصالحة التي أعطاكم الرب إلهكم، حينما تتعدون عهد الرب إلهكم الذي أمركم به وتسيرون وتعبدون آلهة أخرى وتسجدون لها يحمى غضب الرب عليكم فتبيدون سريعا عن الأرض الصالحة التي أعطاكم.”

 بعد أن تحدث عن الجوانب الإيجابية وكشف لهم عن محبة الله لهم المعلنة خلال أعماله معهم. وكلمهم عن حفظ الوصايا كسند لهم وسر رجائهم. بدأ يحذرهم أن ينتكسوا روحياً ويلتصقوا بالخطية فتتحول نصرتهم إلى هزائم بشعة إن رجعتم وإلتصقتم بالشعوب وصاهرتموهم… يكونون لكم فخاً وشركاً… وسوطاً وشوكاً. هذه الآية تضع مبدأ روحى هام فإن الخطية عقوبتها فى نفسها أو الخطية هى عقوبة نفسها. فمن أحبوهم وصاهروهم صاروا سبباً لآلامهم. وإذ نقبل الخطية وندخل معها فى علاقات أشبه بالزواج يسلمنا الله نفسه لها لإذلالنا فتكون شهوة قلوبنا هى بعينها سر تحطيمنا وتكون لنا فخاً وشركاً نسقط فيه. قد نظن أننا بالخطية ننال لذة وفرصة لا تعوض وإذ بها تكون كالسياط تنزل علينا ونجد أنفسنا وإذ نحن فى فخ (مثل مصيدة الفئران وبها الطعم لتجذب الفريسة فيجد الفأر نفسه حبيساً) ولكى يعطيهم يشوع عظة قال أنا ماضٍ فى طريق الأرض كلها = وهذه توجه لكل من يظن أنه من حقه أن يستمتع بالخطية فعليه أن يذكر أن الموت كلص يأتى فجأة. وليس هناك من سيبقى على الأرض للأبد فماذا انتفع لو ربحت العالم وخسرت نفسى. وهناك ملحوظة أخرى أن يشوع يحذرهم والخطايا الأن غير متسلطة عليهم = الكنعانيين فى حالة ضعف وتحت الجزية وهكذا إبليس الأن فى حالة إنكسار بعد الصليب مربوط بسلسلة ولا سلطان لهُ علينا وقد ننخدع بالخطايا التى تتسلل إلينا فى ضعف أو نذهب لها فى تساهل. ولكن إن ذهبنا نحن بأنفسنا نجدها قوية وندخل فى أسرها. لذلك يحذر يشوع لا ترجعوا وتلتصقوا بها.

فاصل

سفر يشوع – أصحاح 23 

تفاسير أخرى لسفر يشوع أصحاح23 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى