تفسير سفر يهوديت المقدمة للقمص أنطونيوس فكري
تثور عدة أسئلة حول سفر يهوديت:-
- متى حدثت أحداث هذا السفر؟
- كيف يسمى ملك أشور بنبوخذ نصر، ونبوخذ نصر كان ملكًا على بابل بعد ذلك بسنين كثيرة؟
- كيف تقتل امرأة قائد جيش، وهل في هذا قداسة، بل وحشية؟
الإجابات على هذه الأسئلة:-
- يذكر الكتاب المقدس أن سنحاريب ملك أشور حاصر أورشليم وأهان اسم الله، فضرب ملاك الله من جيشه 185,000 في ليلة واحدة فعاد هو وبقية جيشه مكسورين إلى أشور وقتله ابناه وهو ساجد في بيتنسروخ إلهه. وملك آسرْ حدّون ابنه عوضًا عنه. راجع (إش36،37).
- من المؤكد أنه بعد هذه الخسارة بدأ جيش أشور يضعف بل المملكة كلها بدأت في الضعف وعلامات الضعف ظهرت في تمرد أرفكشاد ملك الماديين، بل تمرد على ملك أشور جميع سكانقيليقية ودمشق ولبنان وغيرهم إلى حدود الحبشة. فأرسل جيشًا بقيادة أليفانا في محاولة لاسترداد مجد أشور الذابل (راجع يهوديت الإصحاح الأول والثاني) وذلك بإخضاع هذه الأمم المتمردة.
- في ذلك الوقت كان نجم بابل قد بدأ في البزوغ.
أ- أطلق ملك أشور على نفسه اسم آلهة بابل لعلها تحميه من بابل. وإسم إله بابل الشهير هو (نبو) فأطلق على نفسه اسم نبوخذ نصر وهذه تعني نبو حامي الحدود، وكانت هذه عادة وثنية.
ب- الشعوب الوثنية قديمًا يعبدون ما يخافون منه حتى يتحاشوا شره، مثلًا كانوا يعبدون النار، بل الآن هناك عبدة للشيطان إذ يخافون منه. ونرى صورة لهذا في تصرف آحاز ملك يهوذا الذي “ذبح لآلهة دمشق الذين ضاربوه وقال لأنَّ آلهة ملوك آرام تساعدهم أنا أذبح لهم فيساعدونني (2أي23:28). وفعل هذا أيضًا أمصيا ملك يهوذا، “ثم بعد مجيء أمصيا من ضرب الأدوميين أتى بآلهة ساعير (هي نفسها أدوم) وأقامهم له آلهة وسجد أمامهم وأوقد لهم” (2أي14:25). وهذا طبعًا حتى لا يساعدوا الأدوميين مرة أخرى. والفلسطينيين حين رأوا تابوت عهد الله فزعوا وقالوا “من ينقذنا من يد هؤلاء الآلهة القادرين” (1صم8:4). فهم يتصورون أن الآلهة هي التي تنتصر. ولذلك يقول الله لشعب إسرائيل “لا تخافوا آلهة الأموريين” (قض10:6). وكان إسرائيل يعبد الأوثان اتقاء لشر هؤلاء الأوثان. وراجع (2مل24-33) فتجد أن الوثنيون الذين أسكنهم ملك أشور في أرض إسرائيل قد عبدوا الرب خوفًا من السباع التي في الأرض. وحينما تشبه إسرائيل بهذه الأمم وعبد الأوثان اتقاء لشرها، قال الله لا بل أنا أنقذكم (2مل37:17-39) وراجع أيضًا (إر28:2+ إر1:10-3+ إر17:44، 18) ولذلك يعاتبهم الله لأنهم لم يأتوا لله قائلًا “أليس بلسان (هذا يستخدم للشفاء) في جلعاد” أي أنا أشفيكم فلماذا لم تأتوا إليّ (إر22:8).
ج- كانوا ينتسبون إلى الآلهة التي يهابونها ويخافون منها، ويتخذون أسماء الآلهة لهم.. أمثلة:- إيشبوشث.. اسمه إشبعل (على اسم البعل) (1اي33:8+ 39:9 + 2صم7:3 + هو17:2).
د- بهذه المفاهيم نجد ملك أشور ينتسب للإله نبو ليحمي حدوده ممن يخاف منهم أي بابل، فَيُسَمِّي نفسه نبوخذ نصر ملك أشور.
ه- لكن نبوخذ نصر المشهور الذي أسقط أورشليم، وَسَبَى يهوذا إلى بابل هو ملك آخر ويقال عنه نبوخذ نصر ملك بابل (دا 1:1).
- هذه القصة حدثت في أيام سبي منسى الملك إلى بابل على يد ملك أشور. وكانت بابل هذه في هذا الوقت تابعة لأشور. لذلك في هذه القصة لا نسمع أن هناك ملك ليهوذا، بل نجد أن رئيس الكهنةهو القائد أو كاهن كبير موفد من قبله. راجع قصة سبي منسى في (2أي1:33-19).
- الكاهن إلياقيم يقال أن اسمه لم يرد في سجلاترؤساء الكهنة تاريخيًا، وربما كان مساعدًا لرئيس الكهنة وهو الذي كان يتولى قيادة الشعب، ولذلك قيل عنه كاهن الرب العظيم (يهو4: 11). بل أن القصة لم تحدث في أورشليم حيث يوجد رئيس الكهنة في الهيكل. لكن الكاهن إلياقيم غالبًا كان كاهنا مشهورا وكان موجودا في هذه المدينة (بيت فلوى)، أو هو مرسل من رئيس الكهنة وجاء وأخذ موقع القيادة أو الرياسة بسبب الحرب.
- الجلاء المذكور هنا هو السبي الذي حدث أيام منسى والذي أسروا فيه منسى إلى أرض بابل، راجع (يهو22:5+ 2مل13:21-15).
- لماذا نتعجب على ما فعلته يهوديت من قتل أليفانا، فهي لم تقتله لثأر شخصي ولا انتقام شخصي منه، لكن دفاعًا عن شعبها، ونفس القصة حدثت مع:
أ- إهود بن جيرا، ضد عجلون ملك موآب (قض12:3-30).
ب- ياعيل، ضد سيسرا (قض10:4-23).
- يهوديت تعني يهودية. وهي سيدة أرملة تقية أنقذت بإيمانها القوي شعبها من ضيقة عظيمة.
- يقال أن كاتب السفر هويوياقيم (يهو15: 9) كبير الكهنة (الكاهن الأعظم). واسم يوياقيم هو تقريبًا اسم إلياقيم.
- بيت فلوي هي أقرب مدينة لمعسكر جيش أشور وهي مدينة حصينة ينبغي لجيش أشور اجتياحها أولًا لأنها في مدخل الجبال المؤدية إلى أورشليم.
- لماذا سمح الله بهذه الضربة لشعب إسرائيل؟ بسبب انحرافهم في خطايا منسى. ثم من مراحمه رفع الضربة ليعطيهم فرصة أخرى.