تفسير إنجيل لوقا 1 للقمص أنطونيوس فكري
الآيات 1-3
آية (1): “إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا.”
كثيرون قد أخذوا بتأليف= قوله أنهم ألفوا كتب أي هم بدون وحي وإرشاد الروح القدس (وهذه كانت قد انتشرت خلال القرن الأول الميلادي ويسمونها كتب الأبوكريفا) ولم تقبل الكنيسة أعمالهم كأسفار قانونية. وكلمة أخذوا فيها اتهام لهم أن محاولاتهم كانت شخصية وليست من إرشاد الروح القدس. الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا = لقد عرف القصة بكل يقين الإيمان والعقل فلم يتردد في تصديقها. ونلاحظ أن لوقا تسلم قصة إنجيله خلال التسليم الشفوي والكتابي وهذا ما تسميه الكنيسة التقليد.
آية (2): “كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة.”
معاينين= لا يعني مجرد الرؤيا الجسدية، إذ كان كثيرون قد رأوا المسيح حسب الجسد ولم يدركوا شخصه ولا تمتعوا بعمله الخلاصي.. وخدامًا للكلمة = فالاكتفاء بالمعرفة دون تطبيقها هو علم بلا نفع. ومن عرف المسيح ورآه رؤية إيمانية لا يستطيع إلا أن يخدمه ويشهد له. ونلاحظ أن هناك رؤية جسدية وهذه لا تفيد كما حدث مع اليهود. وبصيرة روحية بها ندرك المسيح ونؤمن به حتى وإن لم نراه جسديًا.
آية (3): “رأيت أنا أيضًا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق، أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس.”
العزيز ثاوفيلس= هو نفس الشخص الذي وجَّه له لوقا سفر أعمال الرسل والعزيز هو لقب يطلق على أصحاب المراكز الكبرى في الدولة الرومانية. لُقِّبَ به فيلكس (أع26:23+ 3:24) وفستوس (أع25:26). وثاوفيلس كان شخص له مركزه في مدينة الإسكندرية. ويبدو أنه فقد مركزه حينما كتب له بولس سفر الأعمال (1:1).
الآيات 5-17
الآيات (5-9): “كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من فرقة آبيا وامرأته من بنات هرون واسمها أليصابات. وكانا كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم. ولم يكن لهما ولد إذ كانت أليصابات عاقرًا وكانا كلاهما متقدمين في أيامهما. فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام الله. حسب عادة الكهنوت أصابته القرعة أن يدخل إلى هيكل الرب ويبخر.”
وسط هذا الجو القاتم سياسيًا (هيرودس بفساده وطغيانه. وهيرودس هو هيرودس الكبير) ودينيًا (رؤساء كهنة فاسدين) وتوقف النبوة حوالي 400سنة من أيام ملاخي النبي. ظهر إنسانان باران أمام الله هما زكريا ومعنى اسمه الله يذكر وزوجته أليصابات ومعنى اسمها اليشبع أي الله يقسم. اللذان أنجبا يوحنا المعمدان ومعنى اسمه الله حنان، أو الله ينعم. ومعنى اقتران اسم زكريا وأليصابات هو “الله يذكر قسمه” ومعنى اقتران اسميهما مع اسم يوحنا “أن الله يذكر قسمه أن يتحنن على البشر الذين هم في فساد” وهذا المعنى هو ما قاله زكريا في (آيات 72-73).
وميلاد يوحنا هو أول مظاهر رحمة الله. ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس القسم الذي حلف لإبراهيم.
وكان كلاهما بارين أمام الله= فالأبرار أمام الناس ليسوا بالضرورة أبرار أمام الله. (رو29:2). ونلاحظ أن رجال العهد القديم حسبوا أبرارًا أيضًا في المسيح. فبر زكريا قائم على عمل السيد المسيح الذبيحي خلال ممارسته الكهنوتية وتقديمه الذبائح الحيوانية كرمز لذبيحة المسيح. ولكن لنلاحظ أن قول الكتاب عن إنسان أنه بار فليس معنى هذا أنه لم يصنع خطية، بل وإن فعل خطية يبكت نفسه ويندم ويقدم ذبيحة.
أبيا= فرقة أبيا هي الفرقة الثامنة من الأربعة والعشرين فرقة التي قسمت إليها طائفة الكهنة من أيام داود. كل فرقة تقوم بالعمل أسبوعًا كل ستة أشهر حسب قرعتها. وكانوا يلقون قرعة أيضًا ليعرفوا من يقع عليه اختيار الله للقيام بخدمة البخور من وسط الفرقة. وكان البخور عادة يقدم صباحًا ومساءً فقط. وبنفس التقليد تصلي الكنيسة صلوات رفع بخور عشية ورفع بخور باكر.
ونلاحظ أنهما مع كونهما بارين أنهما كانا محرومين من الأطفال، فليس معنى أن أكون باراً أمام الله أن على الله أن يستجيب كل طلباتي. فهو وحده يعرف أين الصالح. ومتى وكيف وأين يستجيب لطلباتي، وهذا ما قصده بولس الرسول بقوله “ملء الزمان”.
آية (10): “وكان كل جمهور الشعب يصلون خارجًا وقت البخور.”
كان الشعب يقفون خارجًا وينتظرون الكاهن الذي يقدم البخور ليخرج ويباركهم.
آية (11): “فظهر له ملاك الرب واقفًا عن يمين مذبح البخور.”
المخلوقات الروحية كالملائكة لا يمكننا أن نراها إلا إذا أخذت شكلاً محسوساً نراه بها، وذلك حين يريد الله ويسمح بذلك، فجسدنا الكثيف لا يعاين الروحيات ولا حتى أن يشعر بها. وهذا ما حدث حينما ظهرت السيدة العذراء مريم فوق كنيستها بالزيتون.
لماذا ظهر الملاك عند مذبح البخور؟
الكاهن اليهودي كان يقدم محرقة على المذبح النحاس خارجاً صباحاً ومساءً. وبعد أن يقدمها يدخل ليقدم البخور. وهكذا فإن المسيح بعد أن قدم نفسه ذبيحة دخل إلى السموات كشفيع لنا (وهذا معنى مذبح البخور). وكان ظهور الملاك في هذا المكان عند مذبح البخور ليخبر زكريا بميلاد ابنه يوحنا السابق للمسيح.
- المسيح له كهنوت لا يزول، وكان كهنوت زكريا رمزًا لكهنوت المسيح (عب24:7) والمسيح هناك حي يشفع فينا (عب25:7)
- المسيح دخل إلى السماء ليصير رئيس كهنة إلى الأبد.
- الكاهن اليهودي الذي هو زكريا هنا يقدم المحرقة ثم يدخل ليقدم البخور ليصلي عن الشعب. وهذا ما قيل عن المسيح “بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا” (عب12:9)
- وهذا ما رأيناه في السماء “وسط العرش خروف قائم كأنه مذبوح” (رؤ6:5) إشارة للمسيح الذي ذبح على الصليب ثم دخل للسماء يشفع فينا.
- فالكهنوت هو عمل شفاعة. وكأن الملاك يقول لزكريا.. هل تفهم ما تفعله؟ ما معنى المحرقة التي قدمتها؟ ما معنى كهنوتك؟ لماذا تقدم البخور هنا؟ كل هذا كان رمزًا للمسيح الذي سيكون ابنك سابقًا له يعد له الطريق.. وها أنا أبشرك بأنه حان الميعاد ليتحقق هذا وسيولد ابنك.
الآيات (12-13): “فلما رآه زكريا اضطرب ووقع عليه خوف. فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وامرأتك أليصابات ستلد لك ابنًا وتسميه يوحنا.”
من الطبيعي أن يضطرب زكريا فهو لم يعتاد على الرؤى، ولكن من طبيعة الرؤي السماوية أنها حتى لو بدأت باضطراب يعقبها سلام وفرح، أما الرؤي الشيطانية (2كو14:11) فهي تبعث في النفس فقدان السلام. الرؤي السماوية تلهب القلب بالاشتياق للسماويات، أما الرؤى الشيطانية تربك العقل بالزمنيات. ولعل زكريا قد نسى طلبته ولكن الله يذكر لنا طلباتنا ويعطيها لنا في الوقت المناسب. بل أن الله حين يتأخر في الاستجابة تكون إستجابته أعظم. فها هو يوحنا يكون أعظم مواليد النساء.
آية (14): “ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته.”
يوحنا سينادي بالتوبة، وطريق التوبة هو طريق الفرح، السمائيون يفرحون بالتائبين، والتائبين يفرحون بالله، والله يفرح بهم. (لو7:15)
تأمل: حتى وإن عشنا زمانًا هذا مقداره بنفس عاقرة وجسد بلا ثمر روحي، فلنقبل وعود الله السمائية، ونحمل حنان الله ونعمته (يوحنا) في داخلنا فنفرح، وتفرح معنا السماء.
آية (15): “لأنه يكون عظيما أمام الرب وخمرًا ومسكرًا لا يشرب ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس.”
عظيمًا= العظمة ليست في الأعمال العظيمة وقوة الجسد، بل بالحياة الداخلية القوية. ويوحنا كنذير للرب لا يكون لملذات العالم أو بهجته موضع في قلبه أو في جسده، بل هو يكون مملوءًا بالروح القدس، ومملوءًا بالخمر السماوي أي الفرح السماوي، ومن امتلأ بالفرح الحقيقي لا يكون لديه فراغ لأفراح العالم المغشوشة. وهو عظيمًا فهو يعمد المسيح.
آية (16): “ويرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم.”
هذه رسالة يوحنا، تمهيد الطريق للمسيح، بدعوة الناس للتوبة ليقبلوا المسيح.
آية (17): “ويتقدم أمامه بروح ايليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ للرب شعبًا مستعدًا.”
الروح الذي سكن في إيليا سكن في يوحنا، والقوة التي في إيليا كانت في يوحنا. والتشابه بين إيليا ويوحنا يظهر في أن كلاهما عاش في البرية زاهدًا بتولًا، وكلاهما لم يسعى لإرضاء الملوك (آخاب/ هيرودس) على حساب الحق. واحد شق الأردن بردائه والثاني جعل من الأردن مغسلًا للخطاة ليطهروا. واحد يسبق المجيء الأول للمسيح (يوحنا) والثاني يسبق المجيء الثاني للمسيح. والكتاب يقصد بروح إيليا “الروح القدس الذي تقبله إيليا.
الآيات (18-22):
“فقال زكريا للملاك كيف اعلم هذا لأني أنا شيخ وامرأتي متقدمة في أيامها. فأجاب الملاك وقال له أنا جبرائيل الواقف قدام الله وأرسلت لأكلمك وأبشرك بهذا. وها أنت تكون صامتًا ولا تقدر أن تتكلم إلى اليوم الذي يكون فيه هذا لأنك لم تصدق كلامي الذي سيتم في وقته. وكان الشعب منتظرين زكريا ومتعجبين من إبطائه في الهيكل. فلما خرج لم يستطع أن يكلمهم ففهموا أنه قد رأي رؤيا في الهيكل فكان يومئ إليهم وبقي صامتًا.”
كيف أعلم= أي يطلب علامة. فزكريا لم يصدق كلام الملاك بالرغم من هذه الرؤيا الواضحة. وما كان يجب على شخص كزكريا الكاهن الدارس للكتاب المقدس أن يشك فهو يعلم أن الرب لا يستحيل عليه شيء، ويعلم أن ما يقوله سبق وحدث مع آخرين وربما حالتهم أصعب من حالته كإبراهيم وسارة. أنا جبرائيل= يعني جبروت الله وسر جبروته أنه واقف أمام الله. وهو جاء يحمل الوعد الإلهي ويبشر بالفرح لزكريا، ولكنه جاء أيضًا بحكم بالتأديب على زكريا لأنه لم يصدق، فالله في أبوته يمنح تعزيات وفي أبوته يؤدب أيضًا. والكلمة صامتًا= تشير للصمم أيضًا (62) فكانوا يكلمونه بالإشارة ليفهم. وصار زكريا بهذا رمزًا لليهود الذين لم يقبلوا المسيح فسقطوا تحت تأديب الصمت حتى يقبلوا الإيمان في أواخر الدهور (هم بلا هيكل أو نبي).
لماذا عاقب الله زكريا بالصمت؟
الله هنا لا يعاقب زكريا بل يؤدب ويُبَكِّت ويُعَلِّم.
زكريا كإنسان يحيا في العهد القديم له مشكلتان.
1- مشكلة عامة: يعاني منها كل شعبه، بل كل البشر، وهي مشكلة خلاص نفسه، كيف يهزم الخطية وهي لها سلطان عليه، وأين سيذهب بعد الموت.
2- مشكلة خاصة: وهي عدم وجود نسل له. وهذا يعتبر عارًا في إسرائيل.
ولكننا نجد زكريا قد انحصر في مشكلته الخاصة ونسى وهو الكاهن الذي يعرف النبوات- المشكلة العامة لكل شعب إسرائيل بل وكل الأمم، نسى أن هناك مخلصاً سيأتي ليخلص الجميع من الموت ومن الشيطان ومن الخطية. وكان عليه ككاهن أن يتمسك بهذه النبوات ويصلي ليتمم الله وعده ويرسل هذا المخلص. بل وأن الملاك يقول له نبوات واضحة عن السابق للمسيح (آيات 16-17) يرد كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم. ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء.. لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً.. وقارن مع (ملا1:3، 5:4-6) وكان لا بُد لهذا الكاهن البار أن يدرك أن الملاك ينبهه أن ابنه المنتظر هو هذا الشخص وبهذا فإن مجيء المخلص هو على الأبواب، إلا أن انحصاره في مشكلته الخاصة جعله لا يدرك ما يقال عوضاً عن أن يفرح ويسبح. بل هو شك وقال “كيف وأنا قد صرت شيخاً، أي كأنه يعاتب الملاك ويقول “لماذا لم تأت لي في شبابي؟ إن ما تقوله أيها الملاك لهو صعب الحدوث!! وللآن فكثيرون منا يريدون أن يحددوا لله توقيت استجابته لطلباتهم والطريقة التي يستجيب بها. وما هو الممكن وما هو غير الممكن. لو أعطى زكريا أذنه للنبوات وصدقها وفهمها – ولو أعطى أذنه للملاك جبرائيل لفهم كلامه وصدقه وبهذا يفرح لسببين :-
- الخلاص الآتي إلى العالم بالمسيا المنتظر، الذي ينتظره شعب الله، سيتم حالًا.
- أن ابنه هو من يهيئ الطريق للمسيا المنتظر.
ولكان قد فرح وسبح الله على الخلاص الآتي.
لقد وصل زكريا إلى حالة من اليأس والانحصار في ذاته فلم يفرح بالبشارة ولا سبح ولا أدرك أن هناك مخلصاً على الأبواب. فكان عقاب الله له هو الصمت وأيضا فقدان السمع (راجع آية 62) من نفس هذا الإصحاح. هذا إعلان عن حال زكريا العاجز عن التسبيح والعاجز عن أن يفرح بالله. الله تركه يتأمل في كلام الملاك ويقارن مع النبوات ويكتشف أن ابنه سيكون السابق للمسيح. وبدأ يسأل نفسه أيهما الأهم [1] حل مشكلتي الخاصة وأن يكون لي ابناً. أم [2] مجيء المخلص.
وأدرك زكريا بالروح القدس أن الأهم هو مجيء المخلص. لذلك نجد أن تسبحة زكريا حين فتح الله فمه قد انصبت على مجيء المخلص “أقام لنا قرن خلاص من بيت داود فتاه” وهذه عن المسيح الذي هو من بيت داود، وليست عن يوحنا الذي هو من بيت هرون فهو من بيت كاهن. هنا أتت العقوبة بالنتيجة المرجوة إذ إنشغل زكريا بالعاطي ولم ينشغل بالعطية، أي إنشغل بالمسيح وسبح على ميلاده ولم يفرح بالعطية التي هي ابنه. أما ما قاله عن ابنه، أن يكون ابنه خادماً لهذا المخلص. وهذا درس لنا أن أي عطية يعطيها لنا الله علينا أن نكرسها لمجد اسمه.
تأمل بالنسبة لنا:- هناك من ينحصر في مشكلته ويدخل في حالة يأس بالرغم من:-
ومثل هؤلاء لا يفرحون بخلاص المسيح وأفراحه، فيسبحون الله على خلاصه ومحبته. هؤلاء يحسبون أن حل مشكلتهم أهم من الخلاص الذي أتى به المسيح. ولو فتح الروح القدس عيوننا وأفهامنا لما أعده الله لنا لقلنا مع بولس الرسول “فاني احسب ان الام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد ان يستعلن فينا” (رو8 : 18). بل أن ضيقتنا الحالية يستخدمها الله لإعدادنا للمجد الأبدي “لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا” (2كو4 : 17).
والله يقول لنا ولهم :-
أنا أقسم أنى أتذكر مشكلتكم وسأتحنن عليكم في الوقت المناسب
فلنقف أمام الله ونصلى أن نمتلئ من الروح القدس الذي يفتح أذنى القلب فنفرح بوعود الله المعزية، ونفرح بالخلاص الذي تم وبالسموات التي فتحت لنا وبالمجد العتيد أن يستعلن فينا كأبناء لله محبوبين منه. ويقول بولس الرسول “ولكن لما جاء ملء الزمان، ارسل الله ابنه مولودا من امرأة، مولودا تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس، لننال التبني. ثم بما انكم ابناء، ارسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخا يا آبا الآب. إذاً لست بعد عبدا بل ابنا، وان كنت ابنا فوارث لله بالمسيح” (غل4 : 4 – 7). إذاً سنرث المجد الذي أعده لنا المسيح بفدائه. فإذا فتح الروح القدس أذاننا سنفهم وعود الله وما حصلنا عليه فتتضاءل مشكلتنا أمام ما أعده الله لنا من مجد. وحينئذ ستنفتح أفواهنا بالتسبيح.
الآيات 23-45
الآيات (23-25): “ولما كملت أيام خدمته مضى إلى بيته. وبعد تلك الأيام حبلت أليصابات امرأته واخفت نفسها خمسة اشهر قائلة. هكذا قد فعل بي الرب في الأيام التي فيها نظر إلى لينزع عاري بين الناس.”
تم تنفيذ وعد الله. وأليصابات أخفت نفسها في خجل ولكنها في فرح تنتظر المولود.
الآيات (26-27): “وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة. إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم.”
(في الشهر السادس= في اليوم السادس سقط الإنسان وفي الشهر السادس البشري بميلاده وهو يوافق شهر نيسان أول شهور العام، فالمسيح بدء خليقة جديدة. وفيه يعمل الفصح والمسيح فصحنا).
البشارة الأولى تمت في الهيكل أثناء العبادة الجماعية وكانت بشارة عن أعظم مواليد النساء. أما البشارة بالمسيح الله المتجسد الذي أخلى ذاته فكانت في بيت فقير مجهول، في قرية فقيرة مجهولة، بطريقة سرية، لم يشعر بها حتى يوسف النجار صاحب البيت نفسه، مع فتاة فقيرة بسيطة عذراء. ولاحظ تكرار لقب العذراء كتأكيد لعذراويتها (خر1:40-3). ومدينة الناصرة= مدينة في الجليل شمال فلسطين تبعد 88 ميلًا شمال أورشليم، 15 ميلًا جنوب غربي طبرية. عاش فيها يوسف النجار والعذراء مريم، وقضى فيها المسيح عمره حتى وصل للثلاثين من عمره بعد عودته من مصر لذلك سمى بالناصري (مر9:1+24:1). وحين بدأ رسالته رفضه أهلها (لو28:4-31). والمدينة مبنية على جبل (لو29:4) وكانت مدينة عديمة الأهمية لم تذكر في العهد القديم ولا وثائق الدول العظمى.
آية (28): “فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك مباركة أنت في النساء.”
سلام لك أيتها المنعم عليها= الترجمة الصحيحة أيتها الممتلئة نعمة. فالرب اختارها لأنها كانت مملوءة نعمة، وأطهر وأشرف إنسانة في الوجود، ثم ملأها بالأكثر، وأعطاها نعمة فوق نعمة. وهيأها لتصير أمًا له. وكلمة سلام= تشير للفرح. والله ملأها من كل نعمة وما أعظم هذه النعمة أن يتحد في بطنها لاهوت المسيح مع ناسوته، إتحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة. الرب معك= ذاقت معية الرب على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدمت له من جسدها ودمها.
الآيات (29-31): “فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمينه يسوع.”
لقد اضطربت ولم تستطع أن تجاوبه فهي لم يسبق لها الكلام مع ملائكة ولكنها صارت الآن تتحدث مع ملاك. يسوع= أي مخلص.
آية (32): “هذا يكون عظيمًا وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه.”
إن كان ابن الله قد صار إبناً لداود، فهذا كان لنصير نحن أبناء الله فيه فهو ابن العلى.
آية (33): “ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية.”
الملك هو ملك روحي وليس ملك أرضي كما يفهمه اليهود لذلك هو أبدي.
الآيات (34-35): “فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلًا. فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعى ابن الله.”
سؤال العذراء لا يدل على شك، بل هي لا تدري كيف يتم هذا الأمر وهي عذراء ولقد نذرت نفسها لتخدم الهيكل دون زواج. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة في التاريخ أن تحبل عذراء بدون زرع بشر. أما في حالة زكريا فلم يكن له العذر وهو الكاهن وحالته سبقت وحدثت. وكانت إجابة الملاك على سؤالها كيف يتم هذا الأمر؟ بقوله أن الروح القدس يحل عليها لتقديسها، روحًا وجسدًا، فتتهيأ لعمل الآب الذي يرسل ابنه في أحشائها يتجسد منها. حقًا هذا سر إلهي فائق فيه يعلن الله حبه العجيب للإنسان وتكريمه له.
الآيات (36-37): “وهوذا أليصابات نسيبتك هي أيضًا حبلى بابن في شيخوختها وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرًا. لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله.”
الملاك يقدم للعذراء دليلين على صدق كلامه [1] أن أليصابات حبلى [2] أنه لا يستحيل على الرب شيء.
آية (38): “فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك.”
أمام هذا الإعلان أحنت العذراء رأسها بالطاعة، وبينما شك زكريا آمنت العذراء. وبينما صمت زكريا انطلقت العذراء تسبح أمام أليصابات. إن طاعة العذراء مريم قد حلت محل عصيان حواء أمها. ونلاحظ أن العذراء كانت إجابتها كلها اتضاع، فهي قد علمت أن من في بطنها هو الله لكنها ها هي تقول هوذا أنا أمة الرب. ويرى علماء اللاهوت أنه في اللحظة التي قبلت فيها العذراء كلام الملاك وقدمت الطاعة لله، قبلت التجسد، فالله يقدس الحرية الإنسانية، وكان غير ممكنًا أن يتجسد المسيح منها وهي لا تقبل هذا.
آية (39): “فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة يهوذا.”
إلى مدينة يهوذا= غالبًا هي حبرون فهي من نصيب بيت هرون. وأليصابات من سبط لاوي وزوجها كاهن. إلى الجبال= من يحل فيه المسيح ينطلق للسماويات. فالجبال بعلوها ترمز للسماويات. وإذ حل الكلمة في داخلها تشبهت به فلم تستطع إلا أن تذهب وتخدم، تنطلق بروح الخدمة تخدم المحتاج، وهكذا جاء المسيح ليَخْدِم لا ليُخدَم. تخرج من الأنا الضيقة تخدم الجميع في اتساع.
الآيات (40-41): “ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات. فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت أليصابات من الروح القدس.”
زيارة مريم لأليصابات تعطي نموذجًا لما يجب أن تكون عليه زياراتنا، فنحن نرى هنا مريم وأليصابات في فرح يسبحان الله على عطاياه، (عوضًا عن جلسات الشكوى والتذمر) وهنا مريم تحمل في داخلها المسيح القدوس وتذهب لتقدم خدمة لأليصابات، وياليتنا نحمل مسيحنا داخلنا ونذهب لنقدمه لكل إنسان، وهذا ما سيفرحنا ويفرح من نزورهم. وبركات الزيارة ظهرت في الحال إذ ارتكض الجنين في بطن أليصابات= كما رقص داود أمام تابوت العهد (كلمة ارتكض هي نفسها كلمة رقص بالعبرية). ومن بركات الزيارة المباركة امتلاء أليصابات بالروح القدس. وإحساس الجنين يوحنا بمجيء المسيح. وابتهاج يوحنا في بطن أمه يشير للثمر الروحي الداخلي في النفس، فالجسد يشترك مع النفس في هذا الثمر. وابتهاج الجنين في بطن أمه أليصابات كان لامتلائه من الروح القدس.
الآيات (42-45): “وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن أين لي هذا أن تأتى أم ربي إلىّ. فهوذا حين صار صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب.”
تسبحة اليصابات:
بينما كان العالم كله يجهل كل شيء عن البشارة للقديسة مريم، إذ بأليصابات تعلن أمومة مريم لربها، بالرغم من عدم وجود أية ظاهرة لهذا الحدث الإلهي. والأمر المدهش أن شهادة أليصابات بأمومة العذراء لربها تمت بمجرد إصغاء أليصابات لسلام مريم. وكان هذا بسبب الساكن في أحشاء مريم والذي أعطاها نعمة في كلامها. من أين لي= أنها فرصة عظيمة لي لا أستحقها، أن تأتي أم ربي إلى. هي تنطق بالروح، وإلا فكيف عرفت أن حركة الجنين في بطنها علامة ابتهاجه، وكيف عرفت بحمل العذراء ومن هو الذي في بطنها.
الآيات (46-55):
“فقالت مريم تعظم نفسي الرب. وتبتهج روحي بالله مخلصي. لأنه نظر إلى اتضاع أمته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني. لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس. ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم. انزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. اشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين. عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة. كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد.”
تسبحة العذراء:
انطلقت أليصابات تسبح، وانطلقت العذراء تسبح الله هي أيضًا. لقد تحولت الزيارة إلى مستوى تسبيح ملائكي، يمجد الله ويعلن أسراره الفائقة. ونلاحظ أن الكتاب لم يقل عن العذراء مريم أنها امتلأت من الروح القدس كما قيل عن أليصابات، لأن العذراء كانت قد امتلأت وظلت مملوءة، بل الله نفسه في أحشائها متجسدًا. أما أليصابات فحلول الروح القدس عليها كان وقتيًا، وحينما حل عليها تنبأت. ونلاحظ أنه كما كان العصيان والسقوط بامرأة، كان الخلاص بامرأة.
تعظم نفسي الرب= هل يزداد الله ويتعظم بتسبيح بشر؟! حاشا. ولكن إذ نتقدس تزداد صورة الرب بهاءً فينا، وإذ نخطئ تصغر الصورة وتبهت. مريم هنا ترد تعظيم أليصابات لها إلى الله. تبتهج روحي بالله مخلصي= فالعذراء تحتاج الخلاص كسائر البشر. نظر إلى اتضاع أمته= لقد أدركت العذراء سر تمتعها بالنعمة الإلهية ألا وهو الاتضاع. بينما أن عدو الخير قد خسر مركزه خلال الكبرياء. جميع الأجيال تطوبني= العذراء أدركت عظم العطية التي نالتها وبسببها تطوبها الأجيال. وها الكنيسة مملوءة تسابيحًا للعذراء مريم وفقًا لنبوءتها. فهي عذراء تجلى في حياتها عمل الله الخلاصي. نرى فيها نعمة الله الفائقة التي وهبت للبشرية.
صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ = الذراع هو إشارة للمسيح يسوع. وكان عمله وفداءه قوياً. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ =المستكبرين هم إبليس وجنوده، واليونان بفلاسفتهم، واليهود غير المؤمنين والرومان بقوتهم الغاشمة. فإبليس هبط للذل والمسكنة، واليهود تشتتوا في العالم كله. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ.= الأعزاء من ملائكة أشرار وبشر أنزلهم الله من كبريائهم، والفريسيون نزلوا من على كراسيهم. ورفع الله المؤمنين وأعطاهم سلطاناً أن يدوسوا الحيات والعقارب (لو19:10). أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ = لقد استمتع اليهود قبل المسيح بشبع روحي من ناموس الله وشريعته والهيكل وسطهم، وبسبب كبريائهم وحسدهم صاروا فارغين إذ رفضوا المسيح. بينما الأمم الذين كانوا قبلاً فارغين وجياع أشبعهم المسيح إذ آمنوا. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ = بإرسال المسيا من نسل اليهود، وإسرائيل هنا ليست إسرائيل المتشامخة الرافضة للمسيح، بل إسرائيل الروحي الذين هم نسل إبراهيم بالإيمان. وهناك قلة من اليهود قبلوا المسيح. وهناك قلة ستؤمن في الأيام الأخيرة. (عب16:2). لِيَذْكُرَ رَحْمَةً = الله يذكر رحمته ويذكر مواعيده لإبراهيم. وذكر الرحمة هو أساس الفداء. ونلاحظ في آية (49) أن العذراء تصف الله بالقدير والقدوس، وفي آية (50) تصفه بالرحمة. فالقدير من مراحمه تجسد ليفدينا ويشتت الشياطين ويكسرهم.
الآيات (57-67):
“وأما أليصابات فتم زمانها لتلد فولدت ابنًا. وسمع جيرانها وأقرباؤها أن الرب عظم رحمته لها ففرحوا معها. وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا. فأجابت أمه وقالت لا بل يسمى يوحنا. فقالوا لها ليس أحد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم. ثم أوماوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمى. فطلب لوحًا وكتب قائلًا اسمه يوحنا فتعجب الجميع. وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلم وبارك الله. فوقع خوف على كل جيرانهم وتحدث بهذه الأمور جميعها في كل جبال اليهودية. فأودعها جميع السامعين في قلوبهم قائلين أترى ماذا يكون هذا الصبي وكانت يد الرب معه. وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلًا.”
دون اتفاق سابق، اتفق زكريا وأليصابات على اسم يوحنا لوليدهما وكان هذا من الروح القدس الذي قاد كلاهما، ولأن زكريا كان يقوده الروح القدس انفتح فمه وتكلم لسانه، بل وتنبأ عن المسيح وعن ابنه يوحنا. ولاحظ أنه بقيادة الروح القدس صار لزكريا ولزوجته فكرًا واحدًا، فأي انقسام في الكنيسة مصدره أن الروح القدس لا يقود الجميع. ونلاحظ أنه حين نمتلئ من الروح القدس يكون لنا جميعًا الفكر الواحد، ويمتلئ فمنا تسبيحًا وفرحًا، فعلامة الامتلاء من الروح القدس هي التسبيح ( أليصابات وزكريا والعذراء المملوءة أصلًا) فتعجب الجميع= بسبب اتفاق الزوجين. ولأن كل أسرة يهودية تستعمل بعض أسماء معينة مأخوذة من أباء هذه الأسرة يطلقونها على أطفالهم لينشأ الطفل متمثلًا بهذه القدوة. واسم يوحنا ليس من الأسماء التي تستعملها عائلة زكريا.
وكانوا عند ختان الطفل وقبل الختان يتلون كلمات البركة على كأس من النبيذ “يا رب إله أبائنا أقم هذا الطفل لأبويه وإجعل اسمه في إسرائيل زكريا بن زكريا وليفرح به أبواه كما في (أم23 : 25 + حز16 : 6 – وكلمات أخرى من البركة مأخوذة من الكتاب) ولينمو الطفل ملتزما بالتوراة ومطيعا لوصايا الله”.
وعند ختان الطفل فوجئ الحاضرين أن أليصابات قاطعت من يتلو البركة وقالت بل يدعى الطفل يوحنا. وهنا إنفكت عقدة لسان زكريا وأمَّن على كلام زوجته أليصابات بأن يكون اسم الطفل يوحنا.
ثُمَّ أَوْمَأُوا إِلَى أَبِيهِ = في الإنجليزية so they made signs to فكونهم يعطون له إشارات فمعنى هذا أنه لا يسمع أيضًا، كما قلنا سابقا في تفسير الآيات (18 – 22) من هذا الإصحاح.
الآيات (68-79):
“مبارك الرب إله إسرائيل لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه. وأقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه. كما تكلم بفم أنبيائه القديسين الذين هم منذ الدهر. خلاص من أعدائنا ومن أيدي جميع مبغضينا. ليصنع رحمة مع آبائنا ويذكر عهده المقدس. القسم الذي حلف لإبراهيم أبينا. أن يعطينا أننا بلا خوف منقذين من أيدي أعدائنا نعبده. بقداسة وبر قدامه جميع أيام حياتنا. وأنت أيها الصبي نبي العلي تدعى لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتعد طرقه. لتعطي شعبه معرفة الخلاص بمغفرة خطاياهم. بأحشاء رحمة إلهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء. ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدي أقدامنا في طريق السلام.”
نبوة زكريا: زكريا يفتتح العهد الجديد:-
وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ = بالروح القدس رأي زكريا خطة الله الخلاصية لشعبه. نعمة الله حولت زكريا المتشكك من صامت لا يتكلم إلى نبي يتنبأ بما يحدث وخطة الله نحو شعبه (فتأديب الله لا بد أن يكون له ثمر إيجابي). قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ = القرن يشير للقوة وللمملكة والسلطان. وهذا إشارة للمسيح الذي سيأتي من بيت داود يصنع خلاصاً بقوة. ويملك على كل مؤمنيه. ويكون هو ملك الملوك. لاحظ أن زكريا لا يتكلم ولا يفرح بابنه المنتظر بل بالمسيح، فهو يتكلم بالروح وهو يفهم أن ابنه مجرد نبي يعد الطريق لهذا المسيا. وهكذا من يعرف المسيح لايفرح بعطاياه بل به هو شخصيا، أما العطية التي حصل عليها فيستخدمها لخدمة المسيح ولمجد اسمه. الْقَسَمَ = (تك16:22-18+ 3:26-4). خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا… مُبْغِضِينَا = أعدائنا الروحيين (الشيطان/ الجسد/ العالم) وأعدائنا السياسيين (الرومان..). لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا = فالمسيح نزل من قبل الصليب إلى الجحيم لينقذ أبائنا من أسرهم. فهو يذكر عهده المقدس لهم. ونفذه في ملء الزمان. نَعْبُدُهُ بِقَدَاسَةٍ وَبِر= أي نحمل طبيعة جديدة نعيشها كل أيام حياتنا. لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ = الخلاص في مفهوم اليهود هو الخلاص من حكم الرومان أما يوحنا فقدم لهم المفهوم الصحيح. وهو أن يتوبوا ويؤمنوا بالمسيح فالخلاص هو الخلاص من سلطان الخطية. بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا = ما حصلنا عليه هو من أعمال محبته من نحونا نحن البشر. الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ = إشارة إلى (ملا2:4) شمس البر لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ = المشرق من العلاء هو المسيح شمس البر وهو سيأتي ليضئ لنا. وكان يوحنا سراجاً ينير قبل أن تشرق الشمس (يو35:5).
آية (80): “أما الصبي فكان ينمو ويتقوى بالروح وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل.”
كان زكريا بالروح يعلم أنه لن يرى ابنه حين يكبر. لذلك وجه كلامه إليه ليسجل، ومن شعر بالمسيح في بطن أمِّه غالبًا شعر بكلام أبيه الذي يقوله بالروح القدس. ويوحنا ذهب للبرية هربًا من هيرودس حينما شرع في قتل الأطفال.
هذا الإصحاح تقسمه الكنيسة على أربعة آحاد كيهك كاستعداد للميلاد.
الأحد الأول: البشارة بيوحنا.
الأحد الثاني: البشارة بالمسيح.
الأحد الثالث: زيارة العذراء لأليصابات.
الأحد الرابع: تسبحة زكريا للمسيح الذي سيولد.
إنجيل القديس لوقا: 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16– 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24
تفسير إنجيل القديس لوقا: مقدمة – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14 – 15– 16 – 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 23 – 24