اختارنا فيه قبل تأسيس العالم

 

 “كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ،” (أف 4:1)

لقد قصد الله أن يهب للإنسان خلقة جديدة يخلع فيها آدميته ويلبس المسيح : “لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح” ، هذا هو الإنسان الجديد الذي يتجدد : “إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله ، ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه “( كو ۱۰:۳ ) . هذا هو الإنسان الجديد الذي أعطي لنا أن نلبسه : “وتتجددوا ….. وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله ” ( أف 4: 24 ) .

لم تكن هذه الخلقة الجديدة للإنسان في الإيمان المسيحي هبة طارئة عليه أو زيادة تكريماً له ، بل كانت من أولى أساسيات خلقة الإنسان التي كانت في قصد الله من قبل إنشاء العالم والزمن ، اسمع الآية : “مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح ، الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح . كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم … إذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه….”.

يتبين من هذا أن خلقتنا أساساً قامت لتكون في المسيح ، أي أن خارجاً عنه لا يكون لنا وجود ، وأن الله عيننا قبل الزمن لنكون أولاده بالتبني بيسوع ، أي باتحادنا في الابن ، وذلك كان لمسرة نفسه ومشيئته .

هذا يعني أن خلقتنا الجديدة التي صارت لنا في النهاية بواسطة المسيح ، هي أصلاً منتهى قصد الله منذ الأزل ، وقبل الزمن ، وقبل خلقة آدم والإنسان الترابي . فقد كان في صميم قصد الله النهائي من خلقة الإنسان أن يلبس صورة السماوي : « وكما لبسنا صورة الترابي ، سنلبس أيضا صورة السماوي » (كو 49:15 ) . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى