تفسير سفر الرؤيا اصحاح 17 لابن كاتب قيصر
الأصحاح السابع عشر
الفصل السابع عشر
رؤ17: 1-5
87- (1) جاء واحد من السبعة الملائكة الذين أعطوا السبعة الجامات فتكلم معى قائلا تعال أريك عظم دينونة الزانية الجالسة على المياه الكثيرة (2) التي أخطأ ملوك الأرض وزنوا معها وسكر من خمر زناها الكائنون على الأرض (3) وحملت بروح إلى البرية فرأيت امرأة راكبة على وحش أحمر مملوء فمه بأسماء تجديف وله سبعة رؤوس وعشرة قرون (4) والمرأة كانت لابسة ثياب برفير وقرمز وهي بحلى ذهب على الذهب والحجر الكريم وجواهر وكأس ذهب في يدها مملوءة نجسا من نجاسات زناها مع الأرض كلها ( 5 ) واسم مكتوب على جبينها سر بابل أم الزناة وقلوب أنجاس الأرض .
لما فرغ الملائكة السبعة من الكشف للرسول عن ضربات الجامات السبعة ، أخذ ملاك منهم يريه مدينة القدس وما يجري على ملوكها وأهلها.
قال الرسول : «وجاء واحد من السبعة الملائكة الذين أعطوا السبعة الجامات فتكلم معی قائلا تعال أريك عظم دينونة الزانية» ، مراده بالزنا هنا عبادة الأوثان وبقية الرذائل.
قوله : «الجالسة على المياه الكثيرة التي أخطأ ملوك الأرض وزنوا معها وسكر من خمر زناها الكائنون على الأرض» ، قد فسر الملاك المياه الكثيرة بأنها شعوب وألسن ولغات يجتمعون ، أما الإشارة بالزانية فإلى مدينة القدس . وأما خطأ ملوك الأرض معها فإنه ارتكابهم الرذائل فيها من عبادة أوثان وسحر وقتل وعسف وظلم وتمرغ في الشهوات والسكر هنا يريد به انفعال العقل باعتقادات رديئة وآراء وبيلة لعدم النظر في الصواب ، فأشبهت حاله بذلك حال السكران والخمر يريد بها قوتى الغضب والشهوة واستيلائهما على الناطقة ، لأن الخمر تقوى هاتين القوتين وتمنع القوى الباطنة من تصريف العقل لها وبها على حسب اختياره ، فيكون تقدير القول : إن قوت الشهوة والغضب استولتا على أهل هذه المدينة من أجل انفعال عقولهم بالآراء الرديئة وعدم بصيرتهم ونظرهم الصواب . ولم يذكر في الرؤيا أن الرسول رأى امرأة جالسة على مياه كثيرة ، بل أن الملاك قال له : تعال أريك ذلك ، فيلزم أن يكون قد رأى المرأة بهذه الصفة أيضا ، وإن لم يذكر ذلك ، وإلا فلا فائدة لتفسير الملاك له ما لم يره.
قوله : «وحملت بروح إلى البرية» ، الأقرب أنه يريد بالروح بعض الملائكة ، والذلك نكر لفظة الروح . ولو كان مراده أنه حمل بجسده لما ذكر لفظة الروح ، بل كان يقول : وحملت بروحه لا بروحی أو بالروح ، ولو أراد الروح القدس لما نكره أيضا . وفي الحقيقة إن الروح الملائكي أراه أنه حمل إلى برية .
قوله : « فرأيت امرأة راكبة على وحش أحمر مملوء فمه بأسماء تجديف » الركوب إشارة إلى اشتمال المدينة على جنس الدجال . وقد فسر الملاك للرسول هذا المثل فيما بعد [في نص 89] فقال : «والمرأة التي رأيتها المدينة العظيمة التي هي ملكة على جميع ملوك الأرض» ، وظاهر أن هذه هي مدينة الدجال : مدينة القدس . ولفظة … في اللغة القبطية مشتركة بين الجلوس والركوب ، لأن الركوب جلوس خاص . والوحش الأحمر يريد به جنس الدجال ، وسيأتي الكلام على ذلك عند تفسير الملاك له . وكونه أحمر قد تقدم في الفص السادس والعشرين أنه رمز على الشر والفساد وإراقة الدماء . وكون فمه مملوءا بأسماء تجديف رمز على افترائه وقوته على عمل آيات الطغيان والفم رمز على النفس ، وقد بينا ذلك في تفسير الفص الثالث والثمانين .
قوله : «وله سبعة رؤوس وعشرة قرون» ، قد فسر الملاك هذه أيضا بأن الرؤوس السبعة سبعة ملوك : خمسة سقطوا وواحد موجود والآخر لم يأت وإذا أتى يقيم قليلا . والقرون العشرة هي عشرة ملوك يتبعون الوحش برأى واحد ، وهذه هي قرون الوحش الصاعد من العمق ، وقد تكلمنا عليها هناك ، وسنزيد هذا بيانا عند تفسير الملاك له.
قوله : « والمرأة كانت لابسة ثياب برفير وقرمز» ، أخذ يصف غنى أهل المدينة وملابسهم الملوكية الفاخرة.
قوله : « وهي بحلى ذهب على الذهب والحجر الكريم وجواهره » ، يريد أن حليهم هي من الذهب والحجر الكريم والجواهر لفرط الغنى والتفاخر والبذخ . قوله : « وكأس ذهب في يدها مملوءة نجسا من نجاسات زناها مع الأرض كلها » ، الكأس يريد بها النفس النزوعية الجامعة لقوتي الشهوة والغضب وكونها ذهبا رمز به هنا على إسرافها في ملاذها وتفننها في البذخ . وكونها في يدها يدل على التمكن من استعمال هذه النفس في الملاذ وتيسير الملاذ لها ، كما أن الشيء الذي في يد الإنسان هو متمكن منه ، متمسك به ، مالك له . وكونها مملوءة رمز على إغراقها في الجواذب الطبيعية . ونجاسات زناها أفعالها الرديئة الصادرة عنها من عبادة أوثان وقتل وفسق وظلم إلى غير ذلك ، والهاء من لفظة زناها عائدة على المرأة ، وكون ذلك مع أهل الأرض كلها على ظاهره إلا قليلا فيهم قوله : «واسم مكتوب على جبينها سر بابل أم الزناة وقلوب أنجاس الأرض» ، كأنما كتب على جبينها عنوان المثل حتى لدى تأمل هذه المرأة تظهر أسرار المدينة المرموز عليها وأهلها وما فعلوا وما كان منهم ، ويريد بالاسم القصة . وأما تسميتها أم فعلى عادة الأنبياء في قولهم : «صهيون الأم» ، وأورشليم أمكم . وقلوب أنجاس الأرض معطوف على الزناة ، أي هي أم الزناة وأم قلوب أنجاس الأرض.
رؤ17: 6-13
الفصل الثامن عشر
88- (6) ورأيت المرأة سكرى من دم القديسين ومن دم شهداء يسوع المسيح فتعجبت تعجبا عظيما (7) فقال لى الملاك لماذا أنا أعلمك تتعجب سر المرأة والوحش الحامل لها الذي له سبعة الرؤوس وعشرة القرون (8) والوحش الذي رأيته فإنه كان وليس بباق يصعد من العمق وهو ماض إلى الهلاك وتتعجب جميع سكان الأرض الذيـن ليست أسماؤهم مكتوبة في سـفـر الحـيـوة من قبـل خـلـق العـالـم وينظرون الوحش أنه كان ولم يكن وسقط (9) من له قلب وعلم فليفهم السبعة الرؤوس هي سبعة جبال والمرأة جالسة عليها هؤلاء سبعة ملوك (10) الخمسة سقطوا وواحد موجود والآخر لم يأت بعد وإذا أتى يقيم قليلا (11) والوحش الذي كان وليس بباق هو ملاك من السبعة ويمضى إلى الهلاك (12) والعشرة القرون التي رأيتها هي عشرة ملوك هؤلاء الذين لم يأخذوا المملكة لكن يأخذون سلطانا مثل ملوك ساعة ويتبعون الوحش (13) ويكون لهؤلاء رأى واحد وسلطان قوتهم يسلم للوحش.
هذه المرأة التي رآها سكرى ، هي بعينها المرأة الراكبة الوحش الأحمر التي سلف ذكرها ، وهي الراكبة على المياه الكثيرة . وإنما أعاد ذكرها توطئة لتفسير الملاك رموز ذلك له ، ويكون تقدير القول الجامع لرؤياه إياها هكذا : رأيت امرأة جالسة على مياه كثيرة ، ورأيتها راكبة على وحش أحمر ورأيتها سكرى . لتفنن أحوالها واختلاف رؤياه لها.
وفي قوله : « ورأيت المرأة سكرى من دم القديسين ومن دم شهداء يسوع المسيح» نظر ، وهو أنه رأى المرأة وعليها من علامات السكر وحركاته ما لا یکاد بخفي في المعتاد . فكيف علم أن سكرها من دم ، لا سيما من دم القديسين ومن دم شهداء يسوع المسيح ، والملاك لم يفسر له ذلك فيما فسر ولا هنا قرينة تدل على ذلك ، ولا تقدم ما يشعر به ؟
والجواب : إن الرسول أدرك أشياء كثيرة بعقله وبإلهام الروح لم يفسرها له الملاك ؛ مثل إدراكه في الفص التاسع عشر أن سبعة مصابيح النار هي سبع أرواح الله ، وكما أدرك في الفص الثاني والعشرين أن السفر مكتوب من داخل ومن خارج ، مع أنه مطوى ،مختوم بسبعة ختوم ، وكإدراكه في الفص الرابع والعشرين أن السبع العيون التي على رأس الحمل هي سبع أرواح الله المرسلة على الأرض كلها ، ومثل إدراكه في الفص السابع والأربعين أن ملاك العمق اسمه ماكادون . فهذا الإدراك ، الذي هو سكر المرأة من دماء القديسين والشهداء ، من هذا القبيل . ويجوز أن يكون رآها تشرب دما ، ورأى إنه من دماء القديسين والشهداء.
قوله : « فتعجبت تعجبا عظيما ، ، تعجب الرسول من مجموع المقول في هذا الفص والفص السالف لا من هذا الفص فقط ، بدليل تفسير الملاك له رموزهما معا . وللعجب أسباب منها الشكل المرئى من ركوب امرأة وحشا بعدة رؤوس ، ونطق الوحش بالتجديف ، وحسن ملابس المرأة وحليها ، والكأس التي في يدها ، وكتابة سرها على جبينها ، ومنها سكرها من الدماء ، وإن هذه الأشياء لمحل لأعظم التعجب لغرابتها وخفاء أسبابها وغموض سرها ، وهذه أسباب التعجب ، ولذلك قال : « فتعجبت تعجبا عظيما » .
قوله : « فقال لى الملاك لماذا تتعجب أنا أعلمك سر المرأة والوحش الحامل لها الذي له سبعة الرؤوس وعشرة القرون» ، في استفهام الملاك عن تعجب الرسول بيان لسبب تعجبه ، وهو خفاء هذه الأسرار وأسبابها ، ثم حل له ستة رموز ، الأول : المرأة الراكبة . الثاني : الوحش المركوب ، الثالث : رؤوسه السبعة الرابع : قرونه العشرة . الخامس : كون الوحش واحد ورؤوسه سبعة السادس : المياه الجالسة عليها المرأة . وإذا ظهرت أسباب المتعجب هی منه ، زال التعجب ، وصار التغريب معهودا والمجهول معلوما .
قوله : «والوحش الذي رأيته فإنه كان وليس بباق» ، هذا الوحش في رؤيا الرسول غير الوحش الذي رآه أولا صاعدا من العمق ، وإن اشتركا في بعض الصفات لسر سنبينه بعد أن نذكر ما اشتركا فيه وما تميز به كل واحد عن الآخر . فأما وجوه الاشتراك فخمسة ، أولها : أن كلا منهما وحش. الثانية : أن له سبعة رؤوس الثالثة : أن له عشرة قرون الرابعة : أن في فمه أسماء تجديف الخامسة : أنه ذكر عن كل منهما إنه صعد من العمق . وأما وجوه التمييز ، فإن في الوحش الأول الذي رآه على رمل البحر صفات ست يتميز بها ، أولها : أن قرونه عليها أربعة تيجـان الثانية : الاسم المكتوب على رؤوسه .. الثالثة : أنه يشبه دبا الرابعة : أن رجليه كرجلى لبؤة الخامسة : أن فمه كفم أسـد السادسة : الجرح الذي في رأسه . وأما الوحش الثاني ففيه صفات ثلاث يتميز بها ، الأولى : أن الرسول رأى هذا في برية حمل إليها ، وذلك رأه على رمل البحر الثانية : أن على هذا امرأة راكبة الثالثة : أن لونه أحمر ، فهذه جهات الاشتراك وجهات التمييز
وزعم إيبوليطس في تفسيره : إن هذا الوحش هو الذي رآه الرسول أولا على رمل البحر صاعدا من العمق وهذا غير صحيح لما بيناه من وجوه التمييز بينهما ، ولما رمز به عليه ، وسيرد عليك إيضاح ذلك وأما قوله : «وليس بباق» ، أي بعد انقضاء مدته القصيرة لا يكون . لأن اسم الفاعل هنا استقبالي
قوله : « يصعد من العمق وهو ماض إلى الهلاك» ، العمق رمز على العالم هنا ، أي يظهر من العالم والهلاك يريد به الجحيم حيث مصير الأشرار ، بمعنی أنه إذا انتهت مدة دولته نقل إلى الجحيم.
قوله : « وتتعجب جميع سكان الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة في سفر الحيوة من قبل خلق العالم» ، تخصيصه هؤلاء القوم بالتعجب لأن اعتقادهم الضال كان عظيما فيه بأنه لا يقهر ولا يزول . فهم أولى بالتعجب من سواهم . وقد علمت بأن السفر رمز على سابق العلم الإلهي ، فكأنه قال إن ضلاله سبق ثبوته في العلم الإلهي الكاشف لكل كائن قبل كونه من قبل خلق العالم.
قوله : « وينظرون الوحش أنه كان ولم يكن وسقط» ، هذا القول ظاهر أي الذين كانوا يرونه ويعتقدون فيه ذلك الاعتقاد ، رأوه قد هلك وعدم سلطانه ، ومحيت قوته وسقط من رتبته ومضى إلى الهلاك
قوله : «من له قلب وعلم فليفهم» ، مراده بالقلب العقل ، وكثيرا ما يعبر عن العقل بالقلب والعلم الصفة القائمة بالعقل والفهم على ظاهره . ومقصده التنبيه على تأمل هذه الغوامض وتمييزها وتصور رموزها قوله : «السبعة الرؤوس هي سبعة جبال والمرأة جالسة عليها » ، إنما أشبه الملوك بالجبال لعظمتهم وقوتهم ، وهذا النوع من التشبيه يقال له في علم البيان : تشبيه الروائح – وتقديره في قوله : هي سبعة جبال ، وهي كسبعة جبال ، فحذف أداة التشبيه وأقام المشبه بمقام المشبه به للمبالغة . وذكر هنا أن المرأة جالسة على رؤوس الوحش وكان قد ذكر في الفص الذي قبله أنها راكبة على الوحش ولا تنافي بينهما ، لأنه أولا ذكر ركوبها على الوحش وهنا عين موضع ركوبها أو جلوسها وهو على رؤوس الوحش ، والسر في هذا أن المدينة مشتملة على هؤلاء الملوك – والرمز إليها برؤوس الوحش لا يظهره فكان الرمز بجلوسها على الرؤوس أولى من ظهر الوحش – وقد عرفت أن جلوسها عليهم أراد به اشتمالها على كل منهم.
قوله : «هؤلاء سبعة ملوك الخمسة سقطوا وواحد موجود والآخر لم يأت بعد وإذا أتى يقيم قليلا» :
أما إيبوليطس فذهب إلى أن هذا الوحش رمز على عبادة الأوثان وأن خمسة رؤوسه الذين سقطوا خمسة ملوك : أحدهم بختنصر الكلداني . والثاني كورش الماهي ، والثالث دارا الفارسي ، والرابع الإسكندر اليوناني والخامس خدامه الأربعة الذين ملكوا أربعة أركان المسكونة وقد فنيت هذه الملوك ، وأما التي وجدت فهي مملكة الروم . وأما الآخر الذي لم يأت بعد ، فبالاتفاق إنه الدجال.
وهذا الموضع من أكبر مشكلات الرؤيا ، لأن الرمز بالوحش لوكان على عبادة الأوثان ، لكانت رؤوسه وقرونه أكثر من هذا العدد بكثير ، فإن عبادة الأوثان بدأت منذ الطوفان وإلى أيام قسطنطين الكبير ، منتشرة في جميع أقاليم المسكونة ، كما تشهد به التواريخ والسير والأخبار . وعلى هذا ، فلم خصت بذاك مدينة القدس دون بقية المسكونة ، حيث قال أن المرأة المرموز بها على المدينة راكبة على رؤوس هذا الوحش ؟ ولا يمكن أن يكون هذا التخصيص هدرا ، ولو كان الرمز بالوحش على الشيطان خزاه الله ، لاقتضى الأمر إلى ذكر أكثر من العشرة الرؤوس المذكورة . ولو كان الرمز بالوحش على الدجال فكيف يكون ملوكه وممالكه قد مضت وهو لم يأت بعد ؟ وكيف يكون هو ملك من السبعة وهي رؤوسه ؟
والذي يقتضيه الرأى الصائب في تفسير هذا الرمز ، بحسب مساق هذا الفص ومغزاه ، اعتبار ستة شروط ، الأول : أن يكون المرموز عليه يجحد أن سيكون سيدنا يسوع هو المسيح. الثاني : أن يكون ملكا ، لأن الملاك فسر رؤوسه وقرونه بملوك ، ولو كان المراد به غير ملوك ، لكان المدعو للألوهية من أرباب البدع كثيرين جدا. الثالث : أن يدعى الألوهية. الرابع : أن يدعو إلى عبادته. الخامس : أن يكون ذلك في مدينة القدس بالتأكيد ، وإن اتفق أن يشترك معها غيرها فيه ، لقوله : إن المرأة التي رمز بها جالسة على رؤوس الوحش. السادس : أن يكون من مضى من ملوكه بهذا العدد إلى حين هذه الرؤيا
وإذا وجدنا من فيهم هذه الشروط ، فقد استوفينا القصد وأصبنا الغرض المقصود بالقول والذي يرجح عندي في ذلك بحسب الاستقراء والقياس أن الرمز بالوحش إشارة إلى جماعة ملوك اعتمدوا في مدينة القدس ما سوف يعتمده الدجال فيها ، فلاتفاق أفعالهم رمز على اجتماعهم بالوحش المشار إليه ، ورميز على شخص منهم برأس
والدليل على أنه يسمى كل من شابهت أفعاله أفعال الدجال دجالا أو مسيحا كذابا ، ما قاله هذا الرسول في رسالته الأولى : «يا أيها الفتيان هي الساعة الأخيرة فكما سمعتم أن المسيح الدجال يأتى فهوذا مسحاء كذبة كثيرون قد كانوا » ، وأشار بذلك إلى قوم من أرباب البدع وقال فيها : «من هو المسيح الكذاب غير الذي يجحد أن يسوع ليس هو المسيح هذا هو المسيح الكذاب » ، وفيها : «كل روح لا يعترف بيسوع ليس هو من الله وهذا هو المسيح الكذاب الذي سمعتم أنه يأتي وهو الآن في العالم» ويرد على هذا ما ذكرناه من أن المسحاء الكذبة بهذا الاعتبار يكونون أكثر من سبعة
والجواب : إن الرؤيا لم تطلق هذه النبوة على كل من ادعى الألوهية أو استعبد لوثن ، ولو كان كذلك لورد هذا الاعتراض ، ولكنها إنما قصدت بها قوما اشتركوا مع الدجال في الصفات الست المذكورة شروطا على التخصيص ، ولم تتعرض إلى سواهم من أرباب البدع ، ولا إلى من دعا إلى عبادة غير الله تعالى . وأما أولئك الذين ذكرهم الرسول في رسالته الأولى فإن المسيح الكذاب يطلق عليهم إطلاقا عاما ، وأما الإشارة في هذه الرؤيا فإلى الملوك السبعة فقط :
فالرأس الأول : من الخمسة التي سقطت هو انطباخوس افيفانوس المقدوني بن انطياخس الأكبر ، الذي ملكه الإسكندر آسيا وما معها وذاك أنه ذكر في أول الجزء الثاني من كتاب المكابيين : إن أنطياخوس هذا ملك الشام ومصر أيضا وأطاعته فارس وغيرها ، فطغى وتجبر وأمر أن تعمل أصنام على صورته ، وأمر في ممالكه بعبادتها والسجود والتقريب لها . ثم حضر إلى بيت المقدس فقتل كثيرا من اليهود وسبى كثيرا ، ثم رحل عنها واستخلف بها رجلا يقال له فيلفود من عظماء قواده ، وتقرب إليه بإسجاد اليهود لصورته التي نصبها في الهيكل ، وتكليفهم أكل الخنزير ، وتقريبه البخور للصورة المذكورة ، ومنعهم من الختان ومن حفظ السبت ، كما قتل خلقا كثيرا . فكان أن سجد للصورة خلق كثير ، واستمر الحال إلى أن انتصر المكابيون وأزالوا ذلك . ومدة ملكه ثلاث سنين ونصف كمدة الدجال .
الرأس الثاني : طيباريوس قيصر ، فإنه ذكر في الجزء السادس من الكتاب المذكور : إن طيباريوس كان رجل سوء قبيح السيرة ، إذ أمر بالسجود لصورته . وبعث بيلاطس ، مقدم جيشه ، ومعه صنم بصورته إلى بيت المقدس ليسجد لها أهله . فامتنع اليهود عن ذلك ، فقتل منهم جماعة كبيرة . ولا يبعد مع هذا الفعل أن سجد لها خلق كثير ، لأن من امتنع قتل ، ثم اجتمعوا عليه فهزموه ومـدة ملك طيباريوس اثنتان وعشرون سنة.
الرأس الثالث : نيرون قيصر بعد طيباريوس ، حكى عنه الكتاب المذكور : إن نيرون قيصر أمر الناس أن يسموه إلها ، وأن يحلفوا باسمه وأن يبنوا له مذابح في جميع مملكته . فأجابته الأمم كلها عدا اليهود . وبنى أصحابه المعابد بمدينة القدس على اسم قيصر ليقرب عليها ، ولم تزل إى أن مات ومدة ملكه ثلاث عشر سنة وملك أقلوديوس فهدمت في أيامه المذابح التي بناها نيرون.
الرأس الرابع : تيطس قيصر ذكر عنه الكتاب المذكور : إنه لم فتح أورشليم ، وكان للقدس باب مصفح بالفضة ، فأحرقه جنده ليأخذوا الفضة التي عليه ، ودخلوا إلى القدس ، ثم نصبوا أصنامهم فيها ، وقربوا القرابين لتيطس سيدهم . ورفعوا أصواتهم بالمدح والثناء عليه ، وأقبلوا يفترون على البيت ويتكلمون بالعظائم
فهذه الخمسة رؤوس التي سقطت(1) ، وأما الرأس السادس الذي قال عنه الملاك : « وواحد موجود » ، فإن وجوده لا يعدو قسمين من الزمان : القسم الأول : مدته ، وهي 1168 سنة ، أولها من حين فرغ الرسول أن يرى الرؤيا ، وكان ذلك في السنة السادسة من ملك طيباريوس قيصر بعد القيامة السيدية بسبعين سنة ، على ما تبين ذلك من سيرة الرسول وذلك أيضا بعد التجسد سنة 163 ، وهو أيضا في سنة 5663 للعالم منذ آدم وإلى عصرنا هذا الذي فسرنا فيه هذه الرؤيا العظيمة ، وهي سنة 987 لديقلاديانوس ، وسنة 1271 للتجسد ، وسنة 6772 للعالم.
والقسم الثاني : مائتان وثلاث وعشرون سنة ونصف ، أولها سنة 6773 للعالم وآخرها سنة 6996 للعالم ؛ وعند هذه الغاية يقوم الرأس السابع وهو الدجال فإن كان الملك المرموز عليه بالرأس السادس ، الذي قال الرسول عنه في ذلك الوقت إنه موجود ، قد وجد في القسم الأول ، فهو إيليا أنريانوس قيصر ، لأن هذا حضر إلى مدينة القدس وبناها بعد خراب تيطس لها ، وفعل أفعالا شريرة .. وأما غيره من ملوك هذه المدة ، فلم نقف من الأخبار على منادعى هذه الدعوى وكملت فيه الشروط الستة المتقدم ذكرها.
وإن كان الملك المرموز عليه بالرأس السادس يظهر في القسم الثاني فإنما يتبين ذلك بطريق كشف أو وحى ، لأنه أمر مغيب عنا ، ولم ندرك شيئا منه في كتب الأنبياء.
فإن كان الملك الذي ينذر أخنوخ وإيليا في أيامه قبل مجيء الدجال فغير بعيد ، لأن الرؤيا تقول إن إنذار هذين الشهيدين في مدينة القدس فبالضرورة تكون عامرة آهلة ، وتقول إن تلك الأمة كثيرة الكفر والسحر وعبادة الأوثان والرذائل ، وإلا لما ضرباها بتلك الضربات العظيمة ، فليس يبعد مع هذا أن يكون ، فليس يبعد مع هذا أن يكون ملكها على هذه السيرة الرديئة ، والله أعلم بغيبه . فإن قيل إنه النبي الكذاب الذي يكون في أيامه الدجال ، فليس بسديد أيضا ، لأن في ذلك الوقت قيام الرأس السابع ، وأما ذلك النبى فليس برأس البتة ، لأنه تبع الدجال كما تقدم بيان ذلك وأما أن المرموز عليه بالرأس السابع يقيم قليلا ، فقد مضى تعيين هذا الرأس بأنه الدجال ، وأن هذا القليل ثلاث سنين ونصف التي هي مدة دولته .
قوله : « والوحش الذي كان وليس بباق هو ملاك من السبعة ويمضى إلى الهلاك» ، في هذا المكان لغزان :
اللغز الأول : قوله إن هذا الوحش واحد من السبعة ، وقد ذكر في الرؤيا أربعة وحوش ، الأول : الوحش الذي رآه على رمل البحر صاعدا من العمق، وهو الدجال . الثاني : الوحش الصاعد من الأرض ، وهو النبي الكذاب الذي يكون بين يدى الدجال . الثالث : التنين الذي بلون النار ، وهو الشيطان ، إذ التنين قد سمى وحشا كما يقول في التوراة : «وكان الحنش أخبث من جميع وحوش الأرض» ، فقد سمى وحشا . الرابع : الوحش الأحمر الذي رؤيت المرأة راكبة عليه ، والرمز به على جماعة ملوك متفقى الأعمال كما بينا ، فالإشارة هنا إلى أى وحش من هذه الأربعة ؟
إن مساق اللغز يوهم الإشارة به إلى الوحش الرابع ، لقول الملاك قبل ذلك : أنا أعلمك سر المرأة والوحش ، ثم فسر له . وباطن اللغز يشير به إلى الوحش الأول بدليلين ، أحدهما : أن الوحش الرابع ليس هو ملاك من السبعة ، وهذه الحجة قائمة في الوحش الثالث أيضا أنه ليس بواحد من السبعة وأما الوحش الثاني ، فليس برأس البتة كما بينا . والدليل الآخر : قوله بعد ذلك في القرون العشرة إنها عشرة ملوك يتبعون الوحش ويسلمون إليه سلطانهم . ومحال أن يكون هذا الوحش هو الرابع ..
اللغز الثاني : قوله هو ملاك من السبعة ، والسبعة ليس ولا واحد منها بملاك ، وليس هذا خطأ من النساخ أو من المترجمين ، لأنه كذلك في اللغة القبطية بلفظ …، وفي النسخ المترجمة من اليونانية والسريانية يدل على ذلك أيضا . وتقدير هذا اللغز أنه لما سلف له ذكر سبعة ملائكة وذكر سبعة أرواح التي هي المنفذة للأوامر الإلهية ، أوهم هنا إنه ملاك أولئك السبعة ، كما أوهم بالوحش إنه الوحش الرابع .. فانظر إلى هذه الأسرار الخفية والغوامض الإلهية.
وإنما يجوز إن يسمى مثل هذا الملك الكافر ملاك ، لوجهين من وجوه التشبيه أحدهما : قوته على عمل الآيات الخارقة ، وإن كانت مضلة ومدلسة. والثاني : تسلطه على البشر واستيلاؤه
ومراده بالهلاك هنا عذاب الأشرار بالنار والكبريت .
قوله : « والعشرة القرون التي رأيتها هي عشرة ملوك هؤلاء الذين لم يأخذوا المملكة لكن يأخذون سلطانا مثل ملوك ساعة ويتبعون الوحش ويكون لهؤلاء رأي واحد وسلطان قوتهم يسلم للوحش» ، قد مضى تقرير هذا التفسير في شرح الفص الثاني والستين
رؤ17: 14-18
89- (14) هؤلاء يحاربون الحمل فيغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والمدعوون معه وولمختارون والأمناء (15) ثم قال لى إن المياه التي رأيتها والمرأة الجالسة عليها هي لغات وأمم كثيرة وألسنة (16) والعشرة القرون التي رأيتها مع الوحش هؤلاء يبغضون الزانية وسوف يخربونها ويتركونها عريانة ويأكلون أجسادها ويحرقونها بالنار (17) لأن الله ألقى في قلوبهم أن يصنعوا برأيه ويكونوا بمشورة واحدة ليعطوا مملكتهم للوحش لتتم أقوال الله (18) والمرأة التي رأيتها هي المدينة العظيمة التي هي ملكة على ملوك الأرض جميع
يشير بلفظة هؤلاء إلى إلى الملوك العشرة والوحش ومن معهم ، ، لأن كلامه فيهم متصل.
وقوله إنهم : «يحاربون الحمل فيغلبهم» ، إشارة إلى الحرب العظمي التي تراءى فيها سيد الكل راكبا على الفرس الأشهب ومعه المائة ألف وأربعة وأربعون ألفا الأطهار ، والملوك الآتون من مشارق الشمس كما تقدم الكلام على ذلك . وقد صرح بغلبة الحمل ومن معه على فئة الدجال الضالة وانتصاره عليها
قوله : «لأنه رب الأرباب وملك الملوك» ، أعطى علة الغلبة والنصر لسيد الكل بأنه رب الأرباب وملك الملوك . ومعنى ذلك إنه رب لكل من ادعى الربوبية من البشر وغيرهم شاءوا أو أبوا ، لأن حكمه جار عليهم نافذ فيهم ، فلا يتصور أن يغلب من هذه صفته ، بل ينتصر على الكل ، لأنه أعطى كل سلطان في السماء وعلى الأرض.
قوله : « والمدعوون معه وولمختارون والأمناء» ، قد قسم التابعين لسيد الكل إلى ثلاثة أقسام ، الأول : المدعوون ، وهم الأبكار المائة ألف وأربعة وأربعون ألفا. الثاني : المختارون وهم الآتون من الملوك من مشارق الشمس . الثالث : الأمناء ، وهم بقية المؤمنين ومن بقى من فتنة الدجال لأن لفظ المؤمنين والأمناء مشترك في اللغة القبطية واللغة اليونانية . ولهذا القول في عطفه على ما قبله احتمالان ، أولهما : أن يكون قوله والمدعوون معه وما بعده معطوف على ضمير الفاعل من قوله فيغلبهم ، أي فيغلبهم هو والمدعوون معه والثاني : أن يكون قوله والمدعوون مفعول معطوف على الحمل ، فيكون تقدير القول : فيحاربون الحمل والمدعوين معه والأول أولى وهو غرض القول.
قوله : « ثم قال لى إن المياه التي رأيتها والمرأة الجالسة عليها هي لغات وأمم كثيرة وألسنة» ، الضمير في قال عائد على الملاك المفسر للرسول هذه الرموز ؛ وقد عرفت الفرق بين اللغات والألسنة ، والمناسبة الشبهية بين المياه وهذه الجموع من أربعة أوجه ، الأول : الكثرة ، فإنها وصف مشترك بينهما ، وفي مثل ذلك يقول أرميا النبي : «صعد على بابل البحر الكبير ومن كثرة أمواجه تغطت »، وقال حزقيال النبي نبوة على خراب صور : « وأصعد عليك شعوبا كثيرة كمثل صعود أمواج البحر » والثاني : ارتجاج الأصوات ، فإن لفظ الجموع واجتماع أصواتها واختلاطها يشبه تصويت المياه ، وفي مثله قال أرميا في الإصحاح المذكور لما تنبأ على فتح ملك ماه لبابل : «لأن أصواتا عظيمة مثل أصوات المياه الكثيرة أصوات المنهزمين إذا أخذوا جبابرتها » ، وقال قبل هذا : « وأصواتهم مثل البحر المرتج ». الثالث : القوة . الرابع : سرعة الحركة . وجلوس المرأة على المياه ، وإن تعذر في الخارج ، فإنه ممكن في الرؤيا . والرمز بالجلوس على الاشتمال كما قلنا متقدما ، أي أن هذه المدينة مشتملة على جيوش كثيرة من الناس وضروب شتی.
قوله : « والعشرة القرون التي رأيتها مع الوحش هؤلاء يبغضون الزانية وسوف يخربونها ويتركونها عريانة ويأكلون أجسادها ويحرقونها بالنار» ، قد مضى تفسير القرون العشرة أنها عشرة ملوك أعوان الدجال ، طائعون له مستسلمون إليه ، لأنهم نوابه . والذي يظهر من القول هنا ، أن الدجال عندما یری علامات خذلانه وإدبار دولته ويحس بضعفه ، يأمر هؤلاء الملوك العشرة بأن يفسدوا المدينة المذكورة بأمور ذكر منها هنا ثلاثة : الخراب والنهب والحريق ، لأن من عوائد الملوك إذا رأوا غلبة عدوهم على مدينة بأيديهم أن يسبقوه إلى خرابها ونهبها وحرقها ، غيرة عليها وحسدا لعدوهم كي لا يملكها ، لا سيما مع بغضة هؤلاء الملوك في المدينة المذكورة كما ذكر ، فإن فعلهم يكون فيها أشد . واعلم أن اسم المدينة تارة يريد به البناء ، وهذا معنى قوله وسوف يخربونها ، وتارة يريد به أهل المدينة كقوله ويتركونها عريانة . ومثل ذلك قال ناحوم النبي عن نينوى : «فأكشف أذيالك على وجهك وأرى عورتك للشعوب وفضيحتك للممالك »، وقال أشعياء عن بابل : «لأن عورتك تنكشف ويظهر عارك». وتارة يريد به المجموع ، وهذا معنى قوله ويحرقونها بالنار . فأما قوله ويأكلون أجسادها فيحتمل معنيين ، أحدهما : النهب ، فإن أشعياء قد سمى النهب أكلا ، إذ يقول لحكام أورشليم : « ويأكلون شعبي أكل الخبز »، أي ينهبونهم ويختلسونهم . وفي مثل ذلك يقول أرميا : «قالت أورشليم أكلني بختنصر ونهبني وتلوى مثل التنين وملأ بطنه من خيراتي» . والمعنى الثاني : أكل ما فيها من أجساد الحيوانات التي تؤكل كالضأن والماعز والبقر والدجاج وما يشبه ذلك.
قوله : «لأن الله ألقى في قلوبهم أن يصنعوا برأيه ويكونوا بمشورة واحدة ليعطوا مملكتهم للوحش لتتم أقوال الله» ، قد صرح بأن طاعة هؤلاء الملوك للدجال وعملهم برأيه واتفاقهم بمشورة واحدة على ذلك ، بإيعاز أو إطلاق إلهي . وأما أقوال الله التي تتم في هذه النبوة التي أنبأ بها قبل كون ما تضمنته بحسب ما ثبت في علمه تعالى ذكره.
قوله : « والمرأة التي رأيتها هي المدينة العظيمة التي هي ملكة على جميع ملوك الأرض» ، هذا التفسير جلى ، وقد بينا أن هذه المدينة هي مدينة القدس ، والمراد بها هنا المسكن وسكانه معا . وقد جاءت المرأة بمعنى القبيلة أو أهل الأرض ، كما قال هوشع أن الله أمره أن يتخذ امرأة زانية من أجل أن الأرض تزني ، وكذلك الابن جاء بمعنى القبيلة في قول هذا النبي أن المرأة الزانية والدت له ابنا وسمته يزرعيل ورمز به على قبيلة يهوذا وولدت له بنتا رمز به على يهوذا . وكونها ملكة على جميع ملوك الأرض باعتبارين ، أحدهما : إنها أعظم المدائن وأجلها وأعمرها ، فكأنها ملكة عليهم بهذه الصفات . الثاني : أن ملكها ملك على سائر ملوك الممالك.
تفسير سفر الرؤيا – 16 | سفر الرؤيا – 17 | تفسير سفر الرؤيا | تفسير العهد الجديد | تفسير سفر الرؤيا – 18 |
ابن كاتب قيصر | ||||
تفاسير سفر الرؤيا – 17 | تفاسير سفر الرؤيا | تفاسير العهد الجديد |