يو2: 3 ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له: ليس لهم خمر

 

1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. 2وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. 3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ:«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ:«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». 6وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ:«اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ:«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». 11هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. (يو2: 1-11)

+++

تفسير الأب متى المسكين 

 

3:2- وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ».

‏هذا هو المحور الذي تدور حوله القصة. وهذا هو السبب الذي اجتذب المسيح إلى العرس، وهذا هو الدور الذي كشفت فيه الأم عن دورها الشفاعي الكبير.
‏ماذا حدث؟ يقول القائلون وهم على صواب, إن هم أخذوا بمظاهر القصة, أن حضور المسيح وتلاميذه وأحبائه، وهم كثرة، أخل بترتيبات رئيس المتكأ؛ فاستنفذ الموجود من الخمر حتى فرغت فجأة. ولكن إن أخذنا بجوهر الإنجيل وأسلوب القديس يوحنا ومقاصده البعيدة الهدف والرؤيا، فحضور المسيح أيضاً هو الذي كشف رداءة الخمر وأفرغها من مضمونها. فهل يمكن أن يكون على مائدة عشاء الرب خمر غير جيدة؟ أو كأس غير كأس الرب؟ الخمر في حضرة الرب وفي يده هي الرمز الكامل والحقيقي للشركة مع الله.
‏أليس من أجل ذلك دعته أمه ليصحح «ليس نقص الخمر» ، بل «نقص وجود الله وحضوره»؟
«ليس لهم خمر».
هذا التعبير مستيكي، اي سرى، بالدرجة الاولى، يعني ليس لهم فرح ولا سرور حقيقي بالله، ‏إن الام العذراء القديسة مريم نذيرة الرب والتي تقدست بالروح القدس نفساً وجسداً وروحاً يستحيل أن تعني إلا هذا، العذراء القديسة التي عرفت أن تقول: «تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي» (لو46:1‏)، تعرف إن كان من خمر الناس تبتهج الروح أم من خمر الله، فحينما قالت «ليس لهم خمر» كان ذلك بمثابة ملتمس عاجل وسري أن يمارس عمله كإله.
‏والظروف كلها حسب الظاهر كانت مواتية، فخمرهم فعلأ نفدت، والنفوس الحاضرة قلقة وملتهبة شوقاً تريد أن ترى من يسوع عملاً، بعد كل الأخبار المذهلة والمتزاحمة التي ملأت البلاد كلها عما قاله المعمدان وعما شاهده وشهد به، وخاصة حينما أعلن أن المسيح هو العريس وأما هو فصديق العريس! كانت عين العذراء وقلبها على عمل إعجازي مثل ما عمل المسيح تماماً. وكما اشتهت العذراء، عمل المسيح, وزاده, لأن حب العريس أقوى من حب العروس. ولكن عتاب المسيح الوحيد للعذراء الأم أنها عجلت بالصليب!! ونحن لا زلنا في صفها «لم تأت ساعتي بعد»!!

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب

 

ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له:

ليس لهم خمر”. (3)

لم يذكر الإنجيلي أن القديسة مريم قد دُعيت للعرس، بل دُعي يسوع وتلاميذه الخمسة (حتى ذلك الحين)، لكنها كانت حاضرة غالبًا بكونها أحد أفراد العائلة.

إذ يُدعى السيد المسيح للحضور بالصلاة، يحل ومعه قديسيه (تلاميذه) ليحول الفرح إلى الكنيسة مقدسة، ويفيض على العروسين وكل الحاضرين من ينابيع فرحه السماوي.

ربما يتساءل البعض: مادام السيد المسيح لم يفعل قبلاً معجزات، فكيف عرفت القديسة مريم أنه قادر أن يقدم للعرس خمرًا بطريقةٍ معجزية؟

لم يكن قد صنع السيد المسيح عملاً معجزيًا علانية من قبل، غير أن القديسة مريم وقد عرفت إمكانياته الإلهية وصلاحه وترفقه بالغير توقعت أنه حتمًا يفعل شيئًا لكي لا يوجد نقص في العرس. إنها تدرك أنه لابد من تدخله عند الضرورة لسد الاحتياجات.

v يليق هنا التساؤل من أين جاء في ذهن أمه أن تتصور في ابنها أمرًا عظيمًا، إذ لم يكن بعد قد صنع أية معجزة، حيث يقول الإنجيلي: هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل”(11)… الحبل به نفسه والظروف المحيطة به قد أوحى لها بفكر عظيم للغاية من جهة الطفل، إذ قال لوقا: “إذ سمعت كل الأقوال عن الطفل كانت تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها”(راجع لو 2: 51).

القديس يوحنا الذهبي الفم

ليس لهم خمر” (3): هذا هو حال إسرائيل إذ زالت عنهم بهجة الخلاص. وكما يقول يوئيل النبي: “اصحوا أيها السكارى وابكوا وولولوا يا جميع شاربي الخمر علي العصير، لأنه قد انقطع عن أفواهكم” (يؤ 1: 5). لقد اكتشفت أم يسوع، ابنة إسرائيل، ما حل بكل شعبها، فصرخت إلي العريس السماوي الذي وحده قادر أن يفيض حياض المعاصر خمرًا وزيتًا (يؤ 2: 24). باسم البشرية كلها رددت قول أبيها داود النبي: “رد لي بهجة خلاصك” (مز 51).

ما أعلنته القديسة مريم إنما خلال خبرتها بالعرس الروحي الجديد الذي تحققت منه حين أحنت رأسها، وقبلت تجسد الكلمة في أحشائها، فصارت أعماقها حفل عرس لا يُعبر عنه، إذ ترنمت قائلة: “تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلصي” (لو 1 : 46). هذا هو خمر الله الذي يبهج الروح، ويرد المجد والبهاء، ليحيا المؤمنون في عرس لا ينقطع. “كفرح العريس بالعروس يفرح بك إلهك” (إش 6: 5).

تصرف القديسة مريم يكشف عن أمومة المؤمن واهتمامه بسد احتياجات الغير وليس احتياجاته هو، وأنه يلجأ أولاً إلى الينبوع لينال منه بفيضٍ بما يفوق الطبيعة. وأن يقدم الطلب بروح التواضع حيث يعرض الإنسان الموقف دون أن يضع الحَلْ لله كما لو كان أكثر منه حكمة أو حبًا للآخرين.

v اللَّه السخي جدًا لا يحتقرنا نحن الذين نجاهد جائعين إلى خيراته.

القديس كيرلس الكبير

فاصل
تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

(آية3): ليس لهم خمر= هي مشكلة كبيرة لأصحاب الفرح قطعاً (والخمر رمز للفرح وكأن العذراء تشكو للمسيح حال البشرية الحزين) هنا لم تحدد العذراء للمسيح كيف يتصرف، هي وضعت أمامه المشكلة وتركته يتصرف كما يريد فهي تؤمن بأن عنده حل لكل مشكلة، وهكذا صنعت أختا لعازر، إذ أرسلتا ليسوع قائلتين هوذا لعازر الذي تحبه مريض، ولم يطلبا شيئاً وهكذا ينبغي أن نصلي. وهنا نرى دور العذراء الشفاعي، فهي تطلب المستحيل من إبنها فيعطيها. وكان لابد للخمر أن تنفذ، ففي وجود المسيح لا يجب أن توجد خمر رديئة، والعذراء تدعو إبنها ليصحح الوضع ويعلن عن حضوره. فرغت الخمر= لا فرح= الله غير موجود في حياة الناس.. لذلك أتى المسيح.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى