غل 1:3 أيها الغلاطيون الأغبياء من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق

 

أَيُّهَا الْغَلاَطِيُّونَ الأَغْبِيَاءُ، مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوبًا! (غل 1:3)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

يبدأ القديس بولس حديثه بخصوص الإيمان كمصدر للتبرير بالإشارة إلى خبرة الغلاطيين أنفسهم. لقد دعاهم أغبياء [1]، ليس “باطلاً ” مت (22:5). وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لأنه بعدما أظهر أنهم رفضوا الإيمان، وحسبوا موت المسيح بلا هدف، قام بتوبيخهم الذي مهما بدا عنيفًا، فهو أقل مما يستحقون!] دعاهم أغبياء لأنهم تجاهلوا خبرتهم الشخصية مع المخلص وعمله الفدائي، وكما يقول القديس أغسطينوس: [نحن ندافع عن الرسول الذي دعا الغلاطيين أغبياء، وقد دعاهم أيضًا إخوة، ذلك لأنه لم يقل هذا باطلاً .]

أ. لقد رسُم المصلوب بوضوح أمام عيونهم [1]: بالإيمان يرى الغلاطيون المسيح المصلوب أكثر وضوحًا من كثير من اليهود الذين كانوا في أورشليم منهمكين في أعمال الناموس الحرفية؛ فكيف يقللون الآن من شأن الإيمان في غباوة بقبولهم خداع هؤلاء الذين يتكلمون على أعمال الناموس؟

v لم يصلب (السيد المسيح) في غلاطية بل في أورشليم، ومع هذا يقول: “بينكم” ليعلن عن قوة الإيمان في رؤية أحداث تمت على بعد مسافات (حدث الصلب)… لقد رأوا بعيني الإيمان بأكثر وضوح من بعض الذين كانوا حاضرين ومشاهدين للصلب…

هذه الكلمات تحمل مديحًا ولومًا؛ تمدحهم لقبولهم الحق المطلق، وتلومهم لأنهم تركوا المسيح الذي شاهدوه عاريًا، مطعونًا، مسمرًا على الصليب من أجلهم، ولجأوا إلى الناموس، دون أن يخجلوا من هذه الآلام (التي احتملها عنهم).]

القديس يوحنا الذهبي الفم

ب. لقد اختبروا نعمة الروح القدس [2] بالإيمان وليس بأعمال الناموس. لقد نالوا بالفعل قوة الروح العظيمة ومزاياها في حياتهم اليومية وسلوكهم، فلماذا يتركون هذا ويرتدون إلى الناموس العاجز عن أن يهبهم شيئًا كهذا؟

ج. هم أغبياء، لأنهم بدأوا بالروح، بالأمور العليا، وانحدروا إلى الأسفل، أي إلى أعمال الناموس الخاصة بالجسد [3]. يبدأ الإنسان الحكيم عادة ببدايات صغيرة ثم يتقدم إلى الأمور العليا، أما هم ففعلوا العكس. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [بعدما تتفرسون في الشمس تطلبون شمعة؟ بعدما تأكلون طعامًا قويًا تجرون وراء اللبن؟]

د. لقد احتملوا الكثير من أجل إيمانهم، فهل كان هذا عبثًا؟ [4]. لقد تألمتم كثيرًا بسبب إيمانكم، فلا تخافوا من هؤلاء المخادعين، لئلا يجردونكم من إكليلكم ويسرقونه منكم.

ه. لقد نلتم الروح القدس الذي يعمل عجائب بينكم، وذلك بخبر الإيمان وليس بأعمال الناموس.

v يقول: هل نلتم عطية عظيمة كهذه، وتممتم مثل هذه العجائب، لأنكم حفظتم الناموس أم لأنكم التصقتم بالإيمان؟ واضح أن هذا تحقق بسبب الإيمان.

القديس يوحنا الذهبي الفم

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

غل1:3 ” أيها الغلاطيون الأغبياء من رقاكم حتى لا تذعنوا للحق أنتم الذين أمام عيونكم قد رُسِمَ يسوع المسيح بينكم مصلوبًا”.

أيها الغلاطيون الأغبياء= (راجع تفسير الأغبياء فى الصفحة الأولى من المقدمة)، والسيد المسيح حين قال: “ من قال لأخيه يا أحمق“ كان هذا بعد قوله: “ من يغضب على أخيه  باطلاً..“، وباطلاً تعنى أن تهين شخصًا لأسباب دنيوية كأن يهينك مثلاً. وبولس لم يغضب عليهم ويصفهم بالأغبياء باطلاً أى لأسباب شخصية، بل كان له سبب وجيه، هو خوفه على خلاص نفوسهم.حزن بولس وغضبه يرجعان لسرعة اٍرتداد الغلاطيون للعبودية بعد أن تعب معهم وأراهم طريق النعمة وطريق الحرية وطريق الإيمان، بسبب الاخوة الكذبة. رقاكم: الرقية هنا هى السحر، أى من كتب لكم تعويذة أو سحرًا، فارتدادهم كان سريعًا بدرجة عجيبة كأن عقلهم فى غيبوبة لذلك أسماهم بالأغبياء. فهم قد عميت عيونهم كأنها بسحر شيطانى، فلم يعودوا يميزون الحق من الباطل. وذهبى الفم يقول إن الرُقية هنا ناتجة ليس عن سحر حقيقى، بل هى ناتجة عن حسد الاخوة الكذبة  بمفهوم العين الشريرة الحاسدة، وهم حسدوهم على الحرية التى هم فيها، فأرادوا أن يزعزعوهم عنالحق الذى هم فيه. الشيطان أغواهم لكى لا يطيعوا الحق.

قد رُسِم: فيها تصوير لقدرة بولس الرسول على شرح عمل المسيح كأنه قدم لهم لوحة مرسومة، فهو أوضح لهم كل صفات المسيح، قوته ومحبته وتواضعه… وأوضح صفة تميز شخص المسيح وتبرزالصفات السابقة كلها هى صليبه (1كو23:1، 2:2) وهذه الصفة هى التى أثرت فى الغلاطيين وألهبت قلوبهم بحب المسيح. ونلاحظ أنه ليس من المهم أن نعرف شكل المسيح جسديًا، فعين الإيمان ترى بوضوح أكثر من عين الجسد. فبعين الاٍيمان نرى المسيح مصلوبًا بحب وبذل عجيب عنا وهذا لا تراه عين الجسد. فاليهود رأوه بعيونهم الجسدية مصلوباًً ولم يروا حبه، رأوه بالجسد وصلبوه.. رأوه ولم يؤمنوا به ولم يحبوه. وحتى تكون لنا العيون الداخلية التى نرى بها الله والأذانالتى تميز صوته، وحتى نتذوق حلاوة عشرته، هذا يستلزم نقاوة القلب ويستلزم القداسة (مت8:5+عب14:12) 

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى