تي 15:1 كل شيء طاهر للطاهرين
كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ، وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِرًا، بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضًا وَضَمِيرُهُمْ.
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
إذن ليس شيء نجسًا، بل “كل شيء طاهر للطاهرين، وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهرًا، بل قد تنجس ذهنهم أيضًا وضميرهم“. [15]
فحيث يكون الإنسان طاهرًا أي نقي القلب يرى كل شيء في خليقة الله طاهرًا.
ويعرّف القديس جيروم القلب الطاهر هو ذاك الذي يتطلع إليه الله. إذ بالله القدوس يتقدس القلب، فتصير له نظره الله الطاهرة إلى كل أحدٍ وإلى كل شيءٍ.
أما كيف تطهر فيقول القديس أغسطينوس: ]الحقيقة هي أن الكل يكون غير طاهر، أولئك الذين لم يتطهروا بواسطة الإيمان بالمسيح، وذلك كقول العبارة: “إذ طهر بالإيمان قلوبهم” (أع 15: 9).]
غير أن قول هذا القديس لا يعني أن نأكل بغير حساب وبلا تمييز في الأماكن المعثرة وموائد المستهترين، إنما كما يحذرنا القديس ايرونيموس قائلاً: ]“بالرغم من أنه “كل شيء طاهر للطاهرين”، و”لا يرفض شيء إذا أخذ مع الشكر” (1 تي 4: 4)، إلا أنه لا يليق أن نشرب كأس المسيح وفي نفس الوقت نشرب كأس الشياطين“ (1 كو 10: 21).
وبالرغم من أن القديس أغسطينوس كثيرًا ما استخدم هذا النص للرد على أتباع ماني الذين نادوا بدنس الزواج ونجاسة اللحوم وتحريم بعض المأكولات، إلا أنه خشي لئلا يفهم البعض أن النساك يصومون عن الأطعمة لفترات طويلة ويمتنعون عن بعضها نهائيًا بهذا القصد أي هي مأكولات نجسة يلتزم كل المسيحيين بالامتناع عنها، لهذا قال:
[مع هذا كله (أي شدة صومهم وكثرة نسكهم) يلزم على الإنسان ألا يضغط على نفسه أكثر مما يتناسب معه، فلا يُلزم إنسان بشيء قسرًا، كما لا يدينه الآخرون بسبب عجزه عن الامتثال بهم، إذ يضعون في ذهنهم كيف يربط الكتاب المقدس الجميع بالحب. إنهم يضعون في ذهنهم أن “كل شيء طاهر للطاهرين”، وأنه “ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان بل ما يخرج من الفم هو ينجس الإنسان” (مت 15: 11) لهذا فإن جهادهم ليس ازدراء ببعض الأطعمة بكونها دنسه، بل إخضاعًا للرغبة الجامحة مع تثبيت الحب الأخوي. “إنهم يذكرون أن الأطعمة للجوف والجوف للأطعمة والله سيبيد هذا وتلك” (1 كو 6: 13)، وأيضًا لأننا “إن أكلنا لا نزيد، وإن لم نأكل لا ننقص” (1كو 8: 8)].
كتب البابا اثناسيوس الرسولي إلى الأب آمون يقول: ]كل الأشياء التي صنعها الله جميلة وطاهرة، لأن كلمة الله لا يخلق شيئًا غير نافع أو دنس… لكن سهام الشياطين متنوعة وخبيثة، فهو يعمل على إقلاق أصحاب الأذهان البسيطة، محاولاً عرقلة التدابير العادية للإخوة، فيبث في داخلهم أفكار الدنس وعدم الطهارة خفية. لذلك ليتنا باختصار نبدد خطأ الشرير بواسطة نعمة المخلص ونثبت ذهن البسطاء (بأن الامتناع عن الطعام ليس عن دنس أو عدم طهارة).[
نعود إلى كلمات الرسول الذي يحذر تيطس من المضللين الذين ينجسون نظرة البسطاء إلى بعض الأطعمة فيقول:
“يعترفون بأنهم يعرفون الله،
ولكنهم بالأعمال ينكرونه،
إذ هم رجسون، غير طائعين،
ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون”. [16]
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية 15 :- كل شيء طاهر للطاهرين و أما للنجسين و غير المؤمنين فليس شيء طاهرا بل قد تنجس ذهنهم أيضا و ضميرهم.
حيث يكون الإنسان طاهراً يكون كل شئ له طاهراً، كل خليقة الله له طاهرة. ونحن نصير طاهرين بالإيمان (أع 15 : 9) ولكن غير الطاهرين فإن قلبهم يكون نجساً ويرون كل شئ نجسا بحسب نظرة قلبهم كمن يلبس نظارة سوداء فسيري كل شئ به سواد، فهم اعتبروا اللحوم نجسة بل حتي الكلمات الطاهرة لها معاني نجسة عند البعض، والتصرفات الطاهرة تؤول عند البعض ممن قلوبهم نجسة إلي نجاسة.