نش 8:8-10 لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان فماذا نصنع لأختنا في يوم تخطب
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
عندما قدمت حبها كله للرب أتسع قلبها لاخوتها فقامت تطلب عنهم، قائلة:
“لَنَا أُخْتٌ صَغِيرَةٌ لَيْسَ لَهَا ثَدْيَانِ.
فَمَاذَا نَصْنَعُ لاُُخْتِنَا فِي يَوْمٍ تُخْطَبُ؟!
إِنْ تَكُنْ سُورًا فَنَبْنِي عَلَيْهَا بُرْجَ فِضَّةٍ،
وَإِنْ تَكُنْ بَابًا فَنَحْصُرُهَا بِأَلْوَاحِ أَرْزٍ.
أَنَا سُورٌ وَثَدْيَيَّ كَبُرْجَيْنِ،
حِينَئِذٍ كُنْتُ فِي أعينهم كَوَاجِدَةٍ سَلاَمَةً” [٨ -١٠].
هذه العبارات البسيطة تحمل دستورًا لحياة الخدمة تتلخص بنوده في النقاط التالية:
- إدراك مركز غير المؤمنين بالنسبة للكنيسة، أنهم يمثلون “الأخت الصغيرة”، ليست أختها فحسب، بل هي أخت للعريس كما للعروس. خلال هذا المنظر لا تتعامل الكنيسة مع غير المؤمنين، حتى المضايقين لها أو المضادين للحق… وإن كانوا حتى ملحدين، على مستوى المعلم مع التلميذ بل الأخ الأكبر الذي يترفق بالأصغر. قد تخطئ الأخت الصغرى في حق الكبرى، فلتحتملها الثانية لأنها “الكبرى”، ولتعطها عذرًا لأن الصغرى ليس لها ثديان… أي لم تكتشف الحق خلال العهدين.
- إن سرّ ضعف الصغرى أنها بلا ثديين، فعمل الكبرى تقديم كلمة الله أي العهدين القديم والجديد، لكي تتذوقهما الأخت الصغرى وتحبهما وتقتنيهما كثديين لها. هذا هو عمل الكنيسة الإنجيلي… تُقديم كلمة الله الحية لكل إنسان.
- ماذا تفعل الكنيسة للأخت الصغرى وقد طلبها العريس كخاطب وها هي بلا ثديين؟! لتعاملها بكل عطف وحب، فلا تعيرها ولا تجرح مشاعرها وإنما تترفق بها وتقدم لها كل إمكانية. فإن كانت الصغرى سورًا تبني عليها برجًا فضيًا، وإن تكن بابًا تُحصرها بألواح الأرز… إنها تسندها بالعمل الإيجابي.
تُقدم الأخت الكبرى نفسها وحياتها للصغرى، فتقول لها إن كنتي في حاجة إلى سور يحوط حولك وبرجين يرتفعان بك… فأنا في خدمتك “أنا سور وثدييّ كبرجين”. اقبلي السيد المسيح الذي في داخلي سورًا لك وكتابي المقدس ثديين يشبعانك.
- لا يقف الأمر عند معالجة ما نقص في حياة الأخت الصغرى التي بلا ثديين، لكن الكبرى تبني عليها برجًا من الفضة وتحوطها بألواح أرز… وكأنها تسند أختها حتى تصير خادمة عاملة في كرم الرب. إن عمل الكنيسة هو الدخول بغير المؤمنين إلى الإيمان ودفعهم إلى الشهادة العملية لكلمة الله أمام الغير… بهذا يصيرون كالبرج الفضي (الفضة تُشير لكلمة الله المصفاة كالفضة، والبرج يُشير للشهادة العلنية).
بهذا تصير الكنيسة في أعين الجميع كواجدة سلامًا حقيقيًا في حياة البشرية.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (8): “لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان فماذا نصنع لأختنا في يوم تخطب.“
لنا أخت صغيرة= قد يكون هذا قول كنيسة العهد القديم إذ انشغلت بالأمم الوثنيين غير المؤمنين. وقد يكون هذا قول كل نفس أحبت المسيح وتذوقت حلاوة الحب إذ انشغلت بكل من لم يتذوق النعمة وليس له ثمر روحي بعد. ليس لها ثديان= ليس للأمم الوثنية ناموس ولا توراة، ليس لهم عهد جديد أو عهد قديم، ليس لهم كلمة الله ولا رؤيا إلهية وهكذا كل نفس لم تتذوق لذة الكتاب المقدس. فماذا نصنع لأختنا في يوم تخطب= أي إذا جاء المسيح ليخطبها كيف ستتعرف عليه. فالأخت الكبرى تسند وتصلي للأخت الصغرى التي لم تكتشف الحق الإنجيلي بعد ولم تتعرف على المسيح عريسها.
آية (9): “أن تكن سوراً فنبني عليها برج فضة وأن تكن باباً فنحصرها بألواح أرز.“
هذه إجابة العريس المطمئنة، ومعنى ما قيل هنا لو بدأت النفس تستجيب لعمل الله، وظهرت أي بادرة استجابة واقتنعت النفس بالجهاد لإنسكبت نعمة الله بشكل لا يمكن تصوره وساندها الله بعمل إيجابي.
إن تكن سوراً= إن بدأت كلمة الله تحصرها وبدأت تستجيب للوصايا وتنفصل عن خطايا العالم. نبني عليها برج فضة= الفضة تشير لكلمة الله، أي ستتحول هذه النفس لكارزة بشهادتها بكلمة الله في العلن. وإن تكن باباً= بعد الخطوة الأولى صارت باباً يدخل منه المؤمنون لحب المسيح أو غير المؤمنين للإيمان، لقد شاهد الآخرين فيها تحولاً فسألوها عن سبب الرجاء الذي فيها وصارت معبراً يعبر الآخرون بواسطتها للمسيح فنحصرها بألواح أرز= بعدما صارت باباً سيهاجمها العدو ويحاربه ولكن الله سيسيج حولها بألواح أرز. وهناك تأمل آخر أن غير المؤمنين نوعان:
1. يقاوم عمل الله كسور، وهذا نبني عليه برج فضة لنهزمه بكلمة الله.
2. مندمج في العالم يدخل منه كل فكر خاطئ كباب، وهذا نحصره بقوة المسيح التي تطرد إبليس عنه، نحصره بألواح أرز لحمايته.
آية (10): “أنا سور وثدياي كبرجين حينئذ كنت في عينيه كواجدة سلامة.”
الكنيسة هنا ترد على عريسها قائلة أنا أعلم أن هذا في استطاعتك فقد اعطيتني أن أكون سور أحمي أولادي داخلي. وثدياي كبرجين= الكتاب المقدس بعهديه ترضع بهما أولادها لتحميهما. والكنيسة التي تطعم أولادها وتحميهم كسور تكون كواجدة سلامة= هي تحيا في سلام وتنشر السلام وسط من حولها.