2كو 3:1 مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح
مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ،
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“مبارك اللَّه أبو ربنا يسوع المسيح
أبو الرأفة وإله كل تعزية” [3].
إذ يتحدث عن الآلام التي يجتازها هو، وتلك التي يتعرض لها بعض الكورنثيين يبدأ بالحديث عن التعزيات الصادرة عن اللَّه، حتى لا يركز أحد فكره في الألم بل في التعزيات الإلهية، وقد قدم لنا الآب هنا بثلاثة ألقاب:
أولاً: أبو ربنا يسوع المسيح.
ثانيًا: أب الرأفات (المراحم)، يترفق بالنفس كما بالجسد، في هذا الزمان الحاضر كما في الأبدية.
ثالثًا: إله كل تعزية.
اعتاد العهد القديم تقديم اللَّه بكونه “إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب” (خر ١٥:٣، ١٦ ؛ ٥:٤ ،١٥:٧) ليؤكد أنه إله العهد مع الآباء ونسلهم. أما هنا فيشير إلى الابن لتأكيد العهد الجديد بين الآب والمؤمنين خلال دم ربنا يسوع. وكما يقول الرسول نفسه: “وأما المواعيد فقُبلت في إبراهيم وفي نسله، لا يقول وفي الأنسال كأنه عن كثيرين، بل كأنه عن واحدٍ، وفي نسلك الذي هو المسيح” (غلا ١٦:٣).
يدعوه أيضًا “أبو الرأفات“، فإنه يسر بالرأفة ويبتهج بتقديم الرحمة. وكما يقول ميخا النبي: “من هو مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه، لا يحفظ إلى الأبد غضبه، فإنه يسر بالرأفة” (مي ١٨:٧). كما يدعوه “إله كل تعزية“، إذ ينبثق منه المعزي الروح القدس (يو ٢٦:١٥)، مصدر كل تعزية وينبوع راحتنا.
إن كان عنف بعض الكورنثيين لم ينزع عن الرسول حنوه الشديد نحوهم إنما لأنه يتمتع معهم برأفات اللَّه وتعزياته الإلهية بالرغم من الأخطاء الصادرة عن الكل. هذه التعزيات هي سند لنا وسط أتعاب العالم وآلامه.
v يتحدث هنا عن “إله الرأفات” ليبث فيهم روح الرجاء بأن اللَّه يترقب توبتهم ليهبهم مراحمه ويُصلح من حياتهم. أراد الرسول أن يهبهم شيئًا من الراحة حتى لا يحطمهم التوبيخ أو الحزم. أما استخدامه صيغة الجمع فلتأكيد أنه مهما كثرت آثامهم فإن مراحم اللَّه ورأفاته أعظم وأقوى.
اللَّه وحده قدوس وصالح، يقدس الآخرين ويجعلهم صالحين. هو وحده الطوباوي، إذ يهب البركة ولا ينقلها من أحدٍ غيره. بالمثل هو أب المراحم بالطبيعة، لأنه مصدر كل رحمة وليس لأنه يطلبها من أحدٍ سواه.
v لم يبدأ بولس بذكر الألم بل الراحة، مقدمًا الشكر علي ذلك قبل حدوثها، وموضحًا أن الراحة تحل خلال الألم.
ثيؤدور أسقف المصيصة
v إننا نؤمن “بالمعزي“، لكنني علَّمت بأن هذا اللقب ينطبق أيضًا على الآب والابن والروح القدس مشابهة وذلك كشهادة الكتاب المقدس الموحى به. أعطى الابن هذا الاسم “المعزي” لنفسه كما للروح القدس والآب بالتساوي…
يقول داود للآب: “أنت يارب اعنتني وعزيتني”. والرسول العظيم طبق ذلك على الآب بنفس الأسلوب، إذ يقول: “فبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح أبو الرأفة وإله كل تعزية.
ويوحنا في إحدى رسائله الجامعة يستخدم بوضوح هذا الاسم “المعزي” للابن. بالأحرى الرب نفسه يقول انه سيرسل معزيًا آخر وذلك عندما تحدث عن الروح القدس.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية 3 :- مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرافة واله كل تعزية.
مبارك الله.. = يبدأ الرسول الآية بالتسبيح وينهيها بقولـه إله كل تعزية = فالله هو مصدر كل تعزية للمؤمنين. ولكن يفهم من الآية أنها تبدأ بالتسبيح وتنتهي بالتعزية. فالتسبيح يزيد التعزيات. وبهذا يعلم الرسول أهل كورنثوس أن ينشغلوا بتمجيد الله وتسبيحه عوضاً عن شقا قات لا معنى لها، ومن يسبح سيحصل على هذه التعزية، أمّا من يدخل في شقاقات فلن يحصد سوى المرارة والرسول يشير للتعزية فهو سيتكلم الآن كثيراً عن التعزيات وسط الضيقات.
أبو ربنا يسوع المسيح = الآب هو أبو ربنا يسوع من ناحية اللاهوت وهو إلهه من حيث الطبيعة الناسوتية. وهذا التعبير محبب عند الرسول، فأبوة الآب للإبن صارت أبوة لنا حينما إتحدنا بإبنه. أبو الرأفة = مصدر كل رحمة ” هو يسر بأن يعاملنا بالرأفه ” (مى 7 :18). فمن يصوم ويقمع جسده، فالله يُسَّرْ بأن يتعامل مع جسده بكل رأفة فلا يخور. وهكذا فالله يعاملنا بكل رأفة وسط آلامنا وضيقاتنا. ففي الآيات 3 – 10 جاءت كلمة تعزية 10 مرات. وكلمة ضيقة وألم وموت 10 مرات. فبقدر الآلام يعطى الله التعزيات وراجع ألام بولس وتعزياته(راجع في المقدمة الصليب والآلام عند بولس الرسول + كيف فهم بولس الرسول أهمية الألم والصليب). وبولس كان له الكثير من الرؤى والمواهب، لذلك سمح الله بزيادة الآلام حتى لا ينتفخ، ومع زيادة الآلام زادت التعزيات حتى لا ينكسر. وهذا معنى ” شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني ” (نش 2 :6).
- تفسير رسالة كورنثوس الثانية 1 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير رسالة كورنثوس الثانية 1 للقس أنطونيوس فكري