يو1: 33 …الذي ترى الروح نازلاً ومستقرًا عليه، فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس

 

29وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ:«هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ! 30هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي. 31وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لكِنْ لِيُظْهَرَ لإِسْرَائِيلَ لِذلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ». 32وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائلاً:«إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. 33وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 34وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هذَا هُوَ ابْنُ اللهِ».” (يو1: 29-34)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب

 

“وأنا لم أكن أعرفه،

لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي:

الذي ترى الروح نازلاً ومستقرًا عليه،

فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس” (33).

يسوع المسيح هو ابن اللُه، ومع هذا لم يكرز قبل العماد بالإنجيل (الذي صُلبه التمتع بالتبني للُه خلال السيد المسيح).

إن كان السيد نفسه قد اتبع هذا الوقت المناسب اللائق، فهل يجوز لنا نحن خدامه أن نخالفه النظام؟! إذ (من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز) عندما “نزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة” (مت 17:4، لو 22:3)، لا لكي يراه يسوع فيعرفه، إذ هو يعرفه قبلما يأتي عليه على هيئة جسمية، إنما لكي يراه يوحنا الذي يعمده إذ يقول: “لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلاً ومستقرًا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس” (يو 23:1).

إن كنت أنت أيضًا تحمل درعًا قويًا فإن الروح القدس يحل عليك، والآب يكلمك من فوق من الأعالي ليس قائلاً: “هذا هو ابني” بل “الآن صرت ابني”، لأن فعل المضارع في “هذا هو ابني” يخص الابن وحده الذي “في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند اللُه وكان الكلمة اللُه” (يو 1:1)، فهو وحده الذي يقال له: “هو ابني” إذ هو على الدوام ابن اللٌه. أما أنت فيُقال لك: “الآن تكون” إذ لا تحمل بنوة طبيعية بل تتقبلها بالتبني. هو ابن سرمدي، أما أنت فتقبلت النعمة مؤخرًا.

القديس كيرلس الأورشليمي

v ما الذي لم يكن قد عرفه؟ إنها قوة معمودية الرب، فهي لن تنتقل من الرب إلى أي إنسانٍ، بل تتم خدمتها بكل وضوح هكذا. لا تنتقل القوة من الرب إلى أي أحدٍ، يقوم بالخدمة الشخص الصالح أو الشرير. لا ترتد الحمامة عن خدمة (الخادم الشرير) بل تتطلع إلى قوة الرب. أي ضرر يليق بكم من الخادم الشرير ما دام الرب صالح؟

v لقد عرف (يوحنا المعمدان) أنه هو الرب، واعترف أنه هو الحق، وأنه (يوحنا) إنسان حق مُرسل من الحق، هذا ما عرفه يوحنا. ولكن ماذا كان في (المسيح) لم يعرفه يوحنا؟ إنه قد حان الوقت أن يحتفظ لنفسه بقوة عماده، ولا يحولها إلى أي خادم… ما الذي لم يكن يعرفه؟ إن سلطان المعمودية العظيم هو للرب وأنه يرده لنفسه سواء وهو حاضر هنا على الأرض أو عند غيابه بالجسد في السماء، وحضور جلاله، لئلا يقول بولس: “معموديتي”، ولئلا يقول بطرس: “معموديتي”. انظروا وانتبهوا لكلمات الرسل. لم يقل أحدهم: “معموديتي”. مع وجود إنجيل واحد للكل، لكنك تجدهم يقولون: “إنجيلي”، ولا تجدهم يقولون “معموديتي”. هذا ما تعلمه يوحنا يا اخوتي. ما تعلمه يوحنا بالحمامة فلنتعلمه نحن أيضًا. لأن الحمامة لم تعلم يوحنا دون تعليم الكنيسة، هذه التي قيل عنها: “واحدة هي حمامتي” (نش 6: 8). ليت الحمامة (الروح القدس) تعلم الحمامة (الكنيسة).

v تقول لي: هذا الشخص أو ذاك عمدك، لكن بالحمامة (الروح القدس) يُقال لي ولك: “إنه هو (الرب) الذي يعمدك. من الذي أصدقه: الحدأة أم الحمامة؟

v هذا السرّ مقدس جدًا حتى أن خدمة قاتل له لن يفسده.

v أي نفع كان في أن تتقبل عماد خادمٍ معين لكي ما لا تزدري من قبول عماد الرب؟…

إن كنت قد جئت إلى الخادم فهل تستنكف من المجيء إلى الرب؟ إن كنت قد قبلت معمودية الخادم، فهل تستنكف من أن تتعمد بواسطة الرب؟

v لو أنه كان يجهله تمامًا لما قال له عند مجيئه إلى النهر ليعتمد: “أنا محتاج أن أعتمد منك، فكيف تأتي إليّ؟”… لقد عُرف الرب بواسطة الحمامة، لا لذاك الذي لم يعرفه، بل لذاك الذي عرفه بطريقة ما، ولم يعرفه من جانب آخر. إنه من أجلنا لكي نكتشف ما هو فيه، الأمر الذي لم يعرفه يوحنا وتعلمه بالحمامة.

القديس أغسطينوس

v أظن أننا لا نستطيع أن نكف عن رؤية تلك النار عندما نقرأ أن الرب يسوع يعمد بالروح القدس ونار (33)، كما يقول يوحنا في إنجيله… لذلك يقول إرميا بعد قبوله الروح: “صارت في قلبي كنارٍ حارقة ملتهبة في عظامي، وأنا كحقير لا أحتملها ” (إر 9:20)… ماذا يعني هذا – أعني أن هذه النار تصير ماءً، والماء يستدعي نارًا – إلا تلك النعمة الروحية التي تحرق خطايانا بالنار وتغسلها بالماء؟ فإن الخطية تُغسل وتحترق.

القديس أمبروسيوس

v قَبِلْ العماد من يوحنا لهذا الهدف، وهو إذ يقبل ما هو أقل ممن هو أقل، يحثنا نحن الأقل أن نقبل ما هو أسمى.

v لو أن ربنا يسوع المسيح وحده اعتمد بمعمودية يوحنا، لظن البعض أن معمودية يوحنا أعظم من معمودية المسيح. إذ يقولون: إن هذه المعمودية هي الأعظم، لأن المسيح وحده هو الذي تأهل لها. لهذا كمثال للتواضع يقدمه لنا الرب أن ننال خلاص المعمودية.

قبل المسيح ما هو ليس ضروري له، لكنه ضروري لحسابنا نحن.

مرة أخرى لئلا ما تقبله المسيح من يوحنا يُفضل عن عماد المسيح سمح للآخرين أيضًا أن يعتمدوا بواسطة يوحنا. وأما الذين اعتمدوا بواسطة يوحنا فمعموديتهم لم تكن كافية، إذ كان يلزمهم أن يعتمدوا بمعمودية المسيح.

v كما كان المسيح هكذا كانت معموديته: معمودية الرب، إلهية لأن الرب هو اللَّه.

القديس أغسطينوس

فاصلتفسير الأب متى المسكين 

 

32:1، 33- وَشَهِدَ يُوحَنَّا: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لِأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.

‏الأية الاولى على لسان الرسول القديس يوحنا وقد سمعها بأذنيه منه رأساً، لذلك أوردها هنا في البداية تأكيداً لما سيرويه عن لسان المعمدان نفسه. وفي شهادة الرسول يتذكر أنه وصف الروح القدس الذي نزل من السماء واستقر عليه بأنه كان «مثل حمامة»، وهذا هو التقليد الرسولي كما وصفه الإنجيليون الثلاثة.
‏والذي يلفت أنظارنا هو قول المعمدان: «إني قد رأيت الروح». هنا كلمة «الرؤيا» تأتي بمعنى المشاهدة فوة العادة أي الرؤيا الإيمانية. هنا وهنا فقط تكمن القدرة السرية الموهوبة للمعمدان مسبقاً منذ أن كان في بطن أمه لكشف سر المسيح! وحضور الروح القدس هنا هو الحضرة الإلهية التي من خلاها وهب للمعمدان الرؤية الإيمانية التي بها اكتشف سر المسيح ابن الله. فكانت نعمة «رؤية» الروح هي التي أوصلته لنعمة رؤية المسيح والإيمان أنه هو ‏المسيا ابن الله.
‏ويخطىء من يعتبر حلول الروح القدس هو حلول أقنومي أو أن المسيح امتلأ بالروح وقتئذ. فالمسيح هو الكلمة المتجسد ابن الله قبل أن يعتمد كما هو بعد أن اعتمد، واحد مع الأب والروح القدس بالإتحاد، جوهر واحد للآب والابن والروح القدس.
‏علماً بأن كلمة: «ومستقراًعليه» هي جزء من العلامة أو جزء آخر من الدليل، لكي يتأكد به المعمدان أن من تستقر عليه الحمامة تماماً هو هو يكون.
‏كذلك لا يقول اللاهوت إن المسيح صار مسيحاً بعد العماد، بل هو المسيح يوم أن حبل به في البطن، فهو ممسوح من الله ملكاً للدهور كلها ورئيس كهنة الخيرات العتيدة لحظة أن قبل الإرسالية، لحظة آن أخلى ذاته ليأخذ شكل العبد ويصير في الهيئة كإنسان وهو الله.
‏أي أن المسحة التي أخذها على الاردن هي مسحة بدء الخدمة كإشارة من الروح فقط وليست للملء أو الإرسالية، فالإرسالية تمت قبل التجسد، والملء فيه لحظة حبل به في البطن حين قدسه الله وأرسله إل العالم. وللتأكيد نعود فنقول إن الحلول والملء والتقديس والمسح هذه كلها تمت بالتجسد وليس بالعماد. والعماد اظهرها وأعلنها وأطلقها للعمل.
فالذي تم على الاردن هو عملية التكريس العلني التي هي بمثابة استقلان بدء حياة المسيح المخصصة للصليب؛ انتقل بعدها المسيح من الحياة العادية التي كان يظهر فيها كأنه إنسان عادي, نجار الناصرة, إلى حياة الصليب العلنية حيث يظهر فيها لاهوته بانفتاح السماء وإعلان الآب عن حقيقته المخفية أنه ابنه الحبيب. والروح القدس النازل عليه للتعيين والإشارة كشفت في الحال للمعمدان, بالعين الإيمانية, أنه ابن الله المملوء من الروح القدس والمزمع أن يعمد بالروح القدس.
‏فهذه المسحة التي تمت بصوت الأب من السماء وحضور الروح القدس والمعمدان كشاهد، كانت هي بدء الإرسالية العملية بصورتها العلنية وبشهادة الشهود في السماء والأرض، لم يأخذ المسيح فيها مؤهلات جديدة للخدمة فهو الكامل وملء الذي يملأ الكل. ولكن هذه المسحة استعلنت علنا بنوته للآب واحتيازه ملء حب الآب وملء الروح القدس, فهي كانت لحظة تنصيب للخدمة وليست إعداداً أو تكميلاً. وهذه اللحظة عينها قال عنها المسيح بعدئذ «من أجلهم أنا أقدس ذاتي». و يلاحظ أنه لم يقل «أقدس جسد»، فالجسد مقدس باتحاد اللاهوت، منذ كان في البطن، تقديساً كلياً وكاملاً لا يحتاج قط إلى تكميل أو تقديس أخر في المعمودية، وإلا أصبنا حقيقة إتحاد اللاهوت بالناسوت إصابة خطرة وبليغة, ولكن قوله هو: «اقدس ذاتي» وتفيد «أقدس ذاتي بإرادتي», بمعنى أكرس حياتي منذ لحظة المسحة للارسالية تكريساً كلياً لحساب الفداء وذبيحة الصليب التي فيها وبها وحدها نتقدس نحن.
‏من هذا يتضح قوله: «من أجلهم أنا أقدس ذاتي»، أي من أجلهم أخصص حياتي للموت عنهم، ولا تفيد أبداً أنه لم يكن مقدساً قبل أن يحصر حياته العملية في خدمة الصليب وحده، بل كان مقساً بل قدوساً من البطن: «فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله» (لو35:1). هذه شهادة الملاك من السماء. لذلك فحياته كلها كانت مقدسة وهو وُلد لحساب الصليب.
‏ولكننا نعلم من الإنجيل أنه مارس حياته العملية ثلاثين سنة وكان نجاراً في الناصرة، ولكن بعد لحظة المسحة أي التكريس للخدمة في الأردن انحصرت حياته في الصليب. هذا هو بدء «من ‏اجلهم أقدس ذاتي»، وفيها استعلن لاهوته وبنوته للآب، وبالتالي وبالضرورة استعلن ملؤه من الروح القدس لما حل عليه الروح القدس، مشيراً إليه، فكانت مسحة استعلان، فظهر للناس, وخاصة للتلاميذ في هذا الملء، فهو لم يمتلىء من الروح القدس في الاردن بل بالحري استعلن ملؤه من الروح القاص كما استعلنت بنوته للأب تماماً وبالتساوي. فالابن له الروح القدس خاصة ‏كالآب؛ وهو لا بأخذه ‏بل يعطيه.
‏نفهم من هذا أن قول القديس لوقا في إنجيله: «أما يسوع فرجع من الاردن ممتلئاً من الروح القدس» أنه رجع من الاردن وقد استعلن ملؤه من الروح القدس . لأننا بالمثل لا نستطيع أن نقول أنه رجع من الاردن وهو ابن الله كأنه أخذ البنوة الإلهية في العماد؛ فكما أن المسيح كان ابن الله قبل العماد وبعد العماد، هكذا يتحتم أنه كان ممتلئاً من الروح القدس قبل العماد وبعد العماد. ولا يجوز لاهوتيأ أن يقال أن المسيح امتلأ من الروح القدس مرتين كبطرس أو بولس.
‏والمعمدان دائماً يكرر «وأنا لم أكن أعرفه» ولكن ليس المعمدان وحسب، بل إن المسيح فعلاً كان مخفياً عن أقرب المقربين إليه: «لأن إخوته أيضاً لم يكونوا يؤمنون به» (يو5:7). فالمسيح باعتباره المسيا الأتي, ابن الله، عُرف لحظة حلول الروح القدس عليه من السماء كإشارة عليا ونداء الصوت من المجد الآسنى: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت» (مت17:3). فهذه لحظة دخوله إلى العالم مخلصاً وفادياً، لحظة الخدمة التي بدأت بالعد التنازلي حتى نقطة الصفرحينما قال: «قد أكمل» ‏(يو30:19‏)، وأسلم الروح على الصليب!
‏ومرة أخرى يتضح لنا دور المعمدان الرئيسي في استقلان شخص المسيا يسوع المسيح ابن الله، وهذا هو محور الأصحاح الأول في إنجيل القديس يوحنا بل وفي الإنجيل كله. فمن الخطأ الظن أنه بحسب إنجيل القديس يوحنا كان للمعمدان دور ما في الخلاص أو في ملكوت الله، لأن هذا كله هو عمل المسيح وحده. كذلك نفهم أن المعمدان أخذ وعداً إلهياً مباشراً مُسبقاً من مصدر لم يصح به، ولكنه هو هو الله وليس آخر وهو الآب الذي يشهد دائماً للابن، أن في أثناء التعميد فإن الذي يرى الروح نازلاً ومستقراً عليه يكون هو المسيا الآتي: «الذي سيعمد بالروح القدس».
ولم يشير المعمدان إلى أن المسيح أخذ الروح القدس، ولا المسيح نفسه أشار إلى مثل هذا.
‏ومرة أخرى نصحح ما جاء في شرح كثير من كتب الشرح ، فإن عماد المسيح واستقرار الروح القدس عليه بهيئة حمامة لم يكن أبداً لتأهيل المسيح للتعميد بالروح القدس أو لنوال الروح القدس أصلاً، وإنما كان لاستعلان المسيح وإظهاره لإسرائيل.
‏بل ويقول ذهبي الفم إن المعمدان نفسه لم يكن في حاجة شخصية للتعميد أكثر من أنه بواسطة الإغتسال يُعد الآخرين للايمان بالمسيح: [هو(المعمدان) لم يكن، إذن، بحاجة إلى المعمودية (بالماء)، ولا هذا الإغتسال كان له هدف أكثر من أن يعد الآخرين جميعاً لطريق للايمان بالمسيح، لأن المعمدان لم يقل, بالنسبة للعماد, «حتى لكي أُظهر الذين يعتمدون» أو «حتى لكي أخلصهم من خطاياهم»، ولكن قال «لكي أظهره لإسرائيل».]

فاصل
تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

الآيات (32-33): “وشهد يوحنا قائلًا أني قد رأيت الروح نازلًا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وأنا لم اكن اعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلًا  ومستقرًا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس.”

هنا نجد شهادة يوحنا الإنجيلي بأنه سمع من المعمدان شهادته عن المسيحرأيت الروح= هو رأى رؤيا غير عادية، رأى حمامة وعرف أنها هي الروح القدس وقد استقر على المسيح. وكانت هذه علامة معطاة له ليعرف أن هذا هو المسيح ابن الله. ونلاحظ أن الله حين ظهر في العهد القديم لبني إسرائيل حدثت بروق ورعود وزلازل، ولكن العهد الجديد عهد السلام، يحل فيه الروح القدس على هيئة حمامة رمزًا للسلام. فالمسيح أتي وهو ملك السلام. مستقرًا= ثابتًا لأنه أرتاح وصار حلوله في الكنيسة ثابتًا فالكنيسة هي جسد المسيح. وراجع (تك3:6) فلقد حُرم البشر من سكنى الروح القدس بسبب خطاياهم.

ارسلنى لأعمد بالماء= الله أرسل يوحنا المعمدان ليعمد التائبين كعلامة علي توبتهم، والماء للتنظيف، والتوبة تنقي وتغسل، وكل من يتنقى قلبه سيعرف المسيح، وهذا هو الهدف الأول من إرسالية يوحنا. أما     الهدف الثاني والأهم فكان ليعمد المسيح، فيؤسس المسيح سر المعمودية الذي هو دفن مع المسيح (بالنزول في الماء)، وقيامة معه (بالخروج من الماء) راجع رو6. فالإنسان لا يمكن أن يحيا في الماء، وبالتالي فالنزول في الماء يعنى بالضرورة موت الإنسان.

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى