أكتشف كنزك
جربها بنفسك
احضر إناء وأملأه بالماء واحكمه إحكاماً جيداً وضعه فوق النار لمدة طويلة .. ماذا يحدث ؟ وبنفس الطريقة ضع الإناء على النار ، ولكن بدون غطاء .. ماذا يحدث ؟
صدیقی هل لاحظت ما حدث في كلتا الحالتين ..
في الحالة الأولى يحدث إنفجار لهذا الإناء ويتبدد السائل .. وفي الحالة الثانية يتبخر السائل . ويضمحل .. هكذا العاطفة .
أكتشف کنزك
أخى الشاب هل تعرف معنى العاطفة الحقيقي .. هل اختبرتها في حياتك ؟ هل إستطعت كبتها أم التحكم فيها :
– العاطفة طاقة كبيرة نشبهها بالبخار ، إذا كبتها إنفجرت في أي إتجاه .. وإذا أطلقتها بحرية دون ضابط ( ضاعت ) دون وجود . وإذا تحكمت فيها من البداية وكنت أميناً عليها – تستغلها بطريقة جميلة تجاه الآخرين طوال الحياة.
– العاطفة جهاز حساس داخل النفس الإنسانية . مسئول عن المشاعر ( كالحب والكراهية ) والانفعالات ( كالفرح والحزن ) , والرغبات ( كالقناعة والطمع ) وكل من المشاعر والانفعالات والرغبات لها جانب إيجابي وجانب سلبي ( يسبب السقوط ) ولكن بحلول الروح القدس فينا صارت لنا إمكانية تقديس العاطفة ، والاتجاه بها إتجاهاً إيجابياً ونافعاً
أخي الشاب إذا كنت ترغب في أن تكون متوازن في شخصيتك , أحرص أن تكون إيجابي التفكير , وإيجابي التعبير عن المشاعر والانفعالات والرغبات.
فهل تريد أن تكون مشاعرك إيجابية اقترب من الله لتشبع عاطفتك وحينئذ تجد مشاعرك موجهة للأخرين بطريقة إيجابية , وبصورة متميزة , من خلال إبداء الإهتمام مرة , والتقدير والشكر مرة أخرى , والتشجيع والمساندة مرة ثالثة , وقد نراك تستخدم كلمات منطوقة أو مكتوبة رقيقة وجميلة , أو حتى مجرد التعبير بملامح الوجه أو بالهدايا .. وهذه هي المشاعر الإيجابية الراقية الموجهة .
فكر بفهم ..ما هي العاطفة؟
هي شعور وجداني يدفع الإنسان إلى الميل نحو شئ ما قد يكون شخصاً أو جماعة ، مادياً أو نفسياً .. ويقال عطف إليه أي مال إليه ، وهذا الشعور يصحبه نشاط وعطاء دائم , فالأم تشعر بحب نحو أولادها يدفعها إلى العمل المتواصل من أجلهم ولهذا لا يمكن أن نفصل العاطفة عن العطاء , الذي يحدد مستوى العاطفة .
– تتأثر العاطفة بالوسط العائلي والإجتماعي وأساليب التربية والثقافة .
– أما طريقة التفكير , فلها دور هام في نمو وتقوية العاطفة ، فالإنسان الناضج يستطيع أن يقوى عواطفه الإيجابية وينميها , ويتخلص من العواطف السلبية هنا يأتي دور الإرادة ودور الإيمان .
هل هناك فرق بين العاطفة والإنفعال؟
ربما يخلط البعض بين العاطفة والإنفعال رغم الفرق الواضح بينهما فالعاطفة : شعور مكتسب تكون بالتدريج . ويحتاج إلى جهد كبير للتخلص منه . أما الإنفعال : فهو شعور عابر بزول أثره بزوال المؤثر , فقد يقع بصر شخص ما على منظر مفزع فينزعج لرؤيته ، ثم سرعان ما يهدأ ويزول إنفعاله ما أن يبتعد عن هذا المنظر .
معلومة لك : إنفعال و في اللغة اللاتينية مشتقة من فعل لاتيني يترجم موتور , ومعناه يتحرك . وفي هذا إشارة إلى أن كل إنفعال يتضمن رغبة في القيام بعمل ما . ففي حالة الغضب يتدفق الدم بقوة لليدين ليجعلهما قادرتين بصورة أسهل للقبض على سلاح أو ضرب عدو . كما تندفع كمية كبيرة من هرمون الأدرينالين , فيتولد کم هائل کم هائل من الطاقة يكفي للقيام بعمل عنيف.
تكوين العاطفة
يتم عندما تنشط عدة غرائز أو انفعالات معاً، فعاطفة الأمومة : تبدأ بتركيز شديد من الأم للعناية بطفلها , لأن أقل إهمال يقضي على حياتهم والتركيز يولد لديها انفعال راقي وهو الحنان والعطف عليه , كما يسبب لها غضب إذا أخطأ . وسرورا إذا فرح . أو قلقاً أو ألما إذا مرض , وهذه كلها انفعالات سامية لولاها ما اهتمت الأم بأولادها.
عوامل تؤثر في تكوين العاطفة :
وهي التكرار والتقليد والإقتران . فلابد من تكرار اللقاءات لتكون عاطفة الحب . أما التقليد : فيظهر أثره في تكوين العواطف , كالتدين حينما يشبه الفرد قومه , وقد سيطرت عليهم عاطفة دينية فيقلدهم في طقوسهم وأساليب عبادتهم . أما الإقتران أو التشابه : فله دور هام وخطير في تكوين العاطفة , فقد يفقد الإنسان والده فإذا رأى رجل يشبهه تنشط لديه عاطفة الحب والإحترام نحوه , وقد تحب فتاة رجلا لأنه يشبه والدها . هنا تكمن الخطورة فهذه عقدة أوديب.
أنت والعاطفة
دور العاطفة في حياتنا : إن العاطفة هي التي تحرك البشر وهي مصدر دوافعنا وجهودنا .
– عاطفة الأم نحو أولادها , وكيف تصوغ هذه العاطفة وتشكل حياتها , وتجعلها تتحمل المتاعب من أجلهم , دون أي شكوى أو تذمر , والغريب أن الأم تتألم , إلا أنها تجد السعادة دائما في الألم من أجل أولادها.
– كما أن العاطفة تربط الإنسان بالأخر والمجتمع ، وهي مصدر إلهام الشاعر والكاتب ، ولها دور في تثبيت الذكريات وحفظ الأقوال ، وتساعد في كشف الذات ، فإن أردنا أن نفهم أنفسنا علينا أن نفهم عواطفنا .
– على المستوى الروحي : فإن أي صلاة خالية من الانفعالات العاطفية أو التلامس مع الله هي صلاة ناقصة ولابد من فحص الذات ، ولو أن الله يريد أن تكون صلواتنا إليه وأحاديثنا معه بلا مشاعر لما قال في هوشع : “وأخطبك لنفسي بالعدل والحق والإحسان والمراحم (هو19:2). فالله هنا يتحدث عن المحبة والرأفة .. وهذه كلها تعبيرات عاطفية راقية .
هل أنت عاطفي ؟ !
مسئوليتك تجاه عواطفك:
إن أردت تقييم سلوكك العاطفي يجب أن تضع نفسك أمام خيارين :
إما أن تتحمل مسئولية سلوكك , أو أن تلقي باللائمة على الآخرين ، وهذا لا يمكنك من الدخول إلى عمق ذاتك , وسوف يؤثر سلبياً على نموك الروحي والنفسي ، ولهذا يجب أن تتذكر أن تقدمك يبدأ من حيث تتوقف عن ملامة الآخرين , وتحميلهم مسئولية سلوكك.
ما من أحد ينساق إلى الخطية بخطأ شخص آخر ، ما لم يكن وقود الشر مختزناً في قلبه … وينبغي ألا نتوهم أن إنسان يتم غوايته فجأة حين يتطلع إلى إمرأة ، لكن الواقع أن فرصة رؤيته لها أظهرت أعراض المرض المختبئ في أعماقه كما يقول الكتاب : ” ولكن كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته” (یع 14:1) .
تساؤل
– ألم تأت الخطية إلى يوسف الصديق متوسلة لكي يسقط فيها ؟
– القديس الأنبا صموئيل المعترف ربطوا قدميه في رجل جاريه لكي تسقطه في الخطية .
– الشهيد العظيم مارجرجس دفعوا إليه بزانية لتغريه وتثنيه عن إيمانه. فلماذا لم يسقط هؤلاء .. وكثيرون غيرهم؟
دعونا نتطرق لموضوع يرتبط ارتباط وثيق بعواطفنا .. وهو الذكاء العاطفي :
النجاح في الحياة العملية لا يرجع إلى مستوى الذكاء عندنا بأكثر من 20 % فقط , بينما النجاح في العمل يعتمد بنسبة 80 % على الذكاء العاطفي.
الذكاء العاطفي : هو المكون الجوهري للوصول والبقاء في القمة في أي میدان.
ما هو الذكاء العاطفي؟
– الذكاء العاطفي: هو قدرة الإنسان على التواصل مع الآخرين ، ولهذا فهو يحتاج لصفات مميزة ، لإختلاف البشر في الثقافة والطباع والتدين , وعلى قدر ذكائك تستطيع أن تربح أو تخسر نفوس … “رابح النفوس حكيم” ( أم 30:11).
– أما الذكاء العلمی : فله علاقة محدودة بالحياة العاطفية , فقد يفشل متعلم في تكوين علاقات مستقرة لعام سيطرته على عواطفه. بينما ينجح أمي في كسب صداقات كثيرين .
هل تعلم أن : العمى العاطفي هي حالة مرضية أطلق عليها علماء الطب النفسي مرض الألكس ثايميا وهي كلمة يونانية معناها العجز عن التعبير عن النفس ، لأن هؤلاء المرضى يفتقدون إلى الكلمات التي تعبر عن مشاعرهم , ومن ثم يظهرون كأنهم بلا مشاعر على الإطلاق .. وهم بالفعل هكذا ، فقد أصيب طبيب بهذا المرض وأثناء علاجه قال : أنا لا أعرف مشاعر الغضب أو الحزن أو الفرح .
لماذا تخاف ؟!
– لا تخف من العاطفة : إن وسائل التربية التقليدية جعلتنا نتعامل مع العاطفة لا بالحوار بل بالهروب . فقد تعلمنا أن نتجنب التعبيرات العاطفية ونحترس منها وتقمعها . علمونا بأننا مذنبون إذا عبرنا عن عواطفنا . وقد كان من الأفضل أن يعلمونا كيف نفهمها ونوجهها ؟ فهذا يجعلنا نتنبه إلى ما يُمكننا ويساعدنا أن نكون أحراراً وأمناء في علاقتنا مع الآخرين .
فلا تخف من العاطفة . بل أرصدها واسأل نفسك : هل هي إيجابية أم سلبية . فإن كانت مفيدة نمیها , وإن كانت ضاره تخلص منها .
– استغل طاقتك العاطفية : إن الطاقة العاطفية هي التي تهبنا تذوق الفن والموسيقى والشعر وكل أنواع الجمال . فلو إستطاع الإنسان أن يوجه طاقته الإبداع في شتى المجالات . فالقصر الجميل عبارة عن طاقة عاطفية تحولت إلى عمل وبناء , ولهذا عندما يبدد الإنسان طاقته العاطفية بالإنغماس في الخطية , أو الإدمان , فإن قواه تتعطل ويصير بلا فائدة , وعالة على المجتمع.
غذ عقلك بأفكار إيجابية :
إن مبدأ ضبط العقل والمشاعر عن طريق إظهار الصور البناءة ، يجعل الإنسان يتخلص من اضطراباته العاطفية ، وكثيرين من مرضى الإكتئاب استطاعوا أن يحصلوا على نتائج طيبة عندما غيروا أفكارهم الحزينة بأخرى مفرحة ، ولهذا يقول معلمنا بولس الرسول : “تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم ( رو 2:12 ) فالعقل المتجدد يتبعه سلوك متجدد.
املأ قلبك بحب الله:
إن أي إرتباط عاطفی خاطئ ينم عن حالة هبوط روحي ، فيستطيع أي مؤثر أن يؤثر عليه أو يلعب بعقله أو قلبه الخالي من محبة الله.
فما أن تستنير بنور المحبة الإلهية فسرعان ما يتبدد بنورها ظلام العواطف السلبية التي تسللت خلسه إلى قلبك .
نفسك ثمينة :
الإنسان نفسه خُلقت وأُعدت وهيئت کی تشبع بالله غير المحدود ، وهو ما عبر عنه القديس أغسطينوس في إعترافاته قائلا : “وفتشت عنك في كل مكان ولكني أخيراً وجدتك عميقاً أعمق من عمقي ، وعالياً أعلى من علوی .. يا الله لقد خلقتنا متجهين إليك ولن ترتاح نفوسنا إلا إذا أستقرت فيك” .. فهذا يعني أن الله هو الرغبة الحقيقية التي لو رغبها الإنسان لنال شبعاً لا يتوقف ، ولما أحتاج إلى أشباه الرغبات التي تتمثل في الماديات والحسيات التي يرغبها ، لا يكاد يحقق إحداها حتى تنشأ فيه رغبة أخرى ، وكلما حصل على شئ ظن بأنه سيكفيه ولن يحتاج إلى غيره ، فإذا بالشئ الذي حصل عليه يثير فيه رغبة جديدة في الحصول على أشياء أخرى .
ولعلك تسأل ياصديقي … هل من الخطأ إذا أن نرغب في الأشياء أو نرغب في أشخاص نحبهم ؟ !
بالطبع لا .. لقد منحنا الله كل شئ وصنع لنا كل العالم بغنى للتمتع (1تی 17:6) ولكنها كلها وسيلة للحياة لا كهدف . لذلك عزيزى لا تجعل رغباتك هي التي تقودك، لأنها ستقودك للدوامة المادية والإستهلاكية فيضيع منك الهدف الروحي ( اتی 8:6 ، في 11:4-12 ) ، كذلك فإن المسيحي يستخدم الماديات التي يرغبها للخير. ويعتبرها كمستلزمات الحياته فقط ليخدم بها حياته وأما التقوى مع القناعة فهى تجارة عظيمة ( اتی 6:6 ) ولا يعطى قلبه للعالم (1يو 15:2) ولا يرغبها كأنها سوف تهبه الحياة ( مت 4 : 4 ) ولا ينحرف برغباته في طريق الشهوة التي تضيع حياته ( ايو 16:2 ) .
أخيراً:
عواطفك ومشاعرك هي شئ مقدس وضعه الله في داخلك لهدف . ولكن أحيانا ما ننسى هذا الهدف فتتدني مشاعرنا وتتجه للشهوة ، فإن عرفنا كيف نوجه مشاعرنا في ضوء الوصية وتدربنا على التعبير عنها بصورة صحيحة , وصلنا للهدف الذي يريده الله . الله خلق في داخلك الحب لتحبه وتحب الناس جميعاً .. وتكون نتيجة هذا الحب أنك تسعی لخلاص كل إنسان ، وسمح بمشاعر الحزن لتحزن على خطاياك فتتوب عنها ، خلق مشاعر الفرح لتفرح بعشرته فتتشجع على الإستمرار فيها . وسمح بمشاعر الغضب لتغضب من الأوضاع السيئة فتسعى لإصلاحها .
تطبيق: كثيراً يتعجل الشباب موضوع الزواج وهذا إحساس طبيعي مع بداية الشباب وحرارة نداء الغريزة ، ولكن الخطأ ينجم عن هذا الإستعجال .. لذا عزيزي الشاب عليك أولاً: أن تنضج عاطفياً كما نضجت روحياً ونفسياً وجسدياً .. فتتمتع بإنسكاب محبة الله الباذلة في قلبك لتتمكن من العطاء السخي دون انتظار العوض ، وهنا يزدهر الحب بالزواج ، ويستمر رغم مصادمات الحياة “أيها الرجال ، أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها ” ( أف25:5 ).
لذا يوظف الشاب المسيحي رغباته الجنسية الطبيعية في خدمة الحب الحقيقى , ولا ينساق وراء رغباته الحسية بهدف المتعة الوقتية , بل يرى في الزواج حباً کامنا ويؤجل النواحي الحسية من الجنس إلى ما بعد الإرتباط بزيجة مقدسة يتبادل فيها المحبة المسيحية مع شريك الحياة, ومن ثم يدخل الجانب الحسی كوسيلة للتعبير عن الحب الزيجى النقي .. ويحفظ مشاعره العاطفية وإنفعالاته ، الجنسية منضبطة .. وأما رغباته فيرتقي بها من خلال الحب العام للأخر بوجه عام ، ولا يحدد شخصية معينة من الجنس الآخر ، إلا في الوقت المناسب حيث يصبح كما ذكرنا ناضجاً على كل النواحی ومهيأ للارتباط الزيجي .
أخي الشاب إن الضبط الإيجابي غير الكبت السلبي الذي يتبعه اضطراب نفسي وتوتر وخوف من الأمور الجنسية .. أما الضبط فهو عملية إيجابية تعترف بالطاقة الجنسية , دون أن نشين بها ونحتقرها ، دون أن تحرم النفس من الإستفادة من قوتها وحيويتها , بل من خلال الضبط الإيجابي للطاقة الجنسية تعيش القدرات الإنسانية وتتفتح براعم الحب ، فينطلق الشاب بحبه نحو الآخرين بالخدمة والتضحية والبذل وتنمية الحب العام . ومن هنا إذا إرتبط بشريك حياته إستطاع أن يكون ناجا ، وقادرا على التضحية والبذل والعطاء أساس الزواج المسيحي الأصيل .
نسيت ذاتی بهذيذ أولئك القديسين الذين لست أنا واحداً منهم ! أجاهد أن أمسك الله القدوس فلا يُمسك ! أصوره فلا يتصور ! إذ أنا مملوء فحينئذ أنا فارغ واذ أنا ماسكه ليس هو وإذ أنا ساكن فيه فيَّ يسكن ! واذا هو مخفي عني ، أنا مخفي فيه ! وإذا أردت أن أطلبه أبصره داخلی ! ومن أي موضوع وإلى أي موضوع أذهب به لا يتركني ! وإذ أنصت إليه يتكلم معی ! وإذا التمسه لا يتحرك ! السبح !! إنك مخفی عن الكل ، ولمحبيك تشرق بلا انقطاع ! السبح لك وعلينا رحمتك إلى الأبد أمين !
الشيخ الروحاني