خلي عندك النية
كثيراً ما يرغب الإنسان في أن يسلك حسناً. ولكنه لا يستطيع. أو أن يعرف خطأ أو خطورة أمر من الأمور. وأنه ينبغي أن يبتعد عنه. ولكنه لا يقدر. والسبب في كل ذلك أن إرادته ضعيفة. كإنسان واقع تحت سيطرة وعادة رديئة. ويعجز عن التخلص منها.
يعرف مثلاً أن التدخين يتعب صحته. ويضيع ماله. ويفقده إرادته. وتبقي رائحته في فمه وأسنانه ومع ذلك لا يقدر علي إبطال التدخين. يود ذلك. ولكنه لا يستطيع.. إنها حالة إنسان عاجز عن مقاومة الخطيئة. وعاجز أيضاً عن فعل الخير.. إرادته ضعيفة في الحالين.
أسباب ضعف الإرادة:-
1- الشهوة
أول شئ يضعف الإرادة هو الشهوة، سواء شهوة الجسد. أو شهوة المال والاقتناء. أو شهوة المناصب وتعظم المعيشة. أو شهوة الانتقام.. كلها وغيرها شهوات تتسبب في إضعاف الإرادة.
فعندما تدخل الشهوة إلي القلب تؤثر علي الإرادة وتجذبها إليها. وكلما ازدادت الشهوة. تضعف الإرادة عن مقاومتها. وبتوالي ضغط الشهوة علي الإرادة. ربما تنهار الإرادة تماماً. وتستسلم للشهوة والعلاج هو البعد عن هذه الشهوات بقدر الإمكان. وإن حُورب الإنسان بها. يسرع في مقاومتها والبعد عنها.
2-البعد عن مصدر الخطية ومادتها
قد تأتيك حرب الشهوة من داخل قلبك وعلاج ذلك أن تقوي حياتك الروحية محاولاً أن تصل إلي نقاوة القلب بقدر استطاعتك أما إن صرت قريباً من مادة الخطيئة أو مصدرها. فحينئذ تقوم عليك حربان: إحداهما من الداخل. والأخري من الخارج. ويتعاونان معاً علي إسقاطك وعلي إضعاف إرادتك. وإضعاف مقاومتك للخطأ.. ولذلك علي الإنسان الحكيم أن يبعد عن مغريات الخطيئة. وعن الأوساط والمعاشرات الرديئة التي تسهل له السقوط وتدعوه إليه.
3- طول المدة في جو الخطيئة
ومما يضعف الإرادة بالأكثر: طول المدة، إن عنصر السرعة هام جداً في البعد عن مصادر الخطيئة ومن يساعد عليها.. وهذا واضح جداً في كل مشاكل الإدمان بشتي أنواعه.. وواضح أيضا بالنسبة إلي محاربة فكر الانتقام أو شهوة الجسد.
فإن حاربتك الخطيئة وقاومتها بسرعة. ولم تستبق فكرها عندك لا لحظة ولا لحيظة. تجد إرادتك قد قويت وتخلصت من الإغراءات.. أما إن تركت الشهوة ترعي في قلبك. وتلعب بعواطفك. وتقنع عقلك. فإنها بطول المدة تقوي عليك. فتضعف إرادتك عن مقاومتها.. وحتي إن انتصرت. إنما يكون ذلك بمجهود كبير تبذله. وبمعونة الهية تنقذك.. سهل أن تنتزع عشباً من الأرض. ولكن يصعب الأمر عليك إن تركته حتي يتحول إلي شجرة: تتأصل جذورها في الأرض. ويرتفع جذعها في الهواء. وتنتشر فروعها هنا وهناك.
السرعة لازمة لتقوية الإرادة في عمل الخير أو في مقاومة الخطية.
لا تتباطأ في عمل الخير ولا تؤجل ذلك. لئلا يغريك الشيطان بإعادة التفكير. وربما يحاول تغيير فكرك. فالشيطان لكي يبعد الإنسان عن فعل الخير. أو يضعف إرادته في ذلك. لا يقول له لا تفعل. بل يقول له: انتظر فكر.. لا تندفع ولنناقش الأمر معاً. وهكذا يدفعه في عمل الخير إلي شيء من التردد. تضعف الإرادة فيه وبالتباطؤ يتحول قلب الإنسان من العزيمة إلي التفكير. وربما يفتح المجال أمام حرب مضادة تمنع الإنسان من فعل ذلك الخير!!.
وقد يتسع الأمر إلي نقاش تفصيلي: لماذا فعل الخير لهذا المكان بالذات؟ ولماذا لهذا الشخص بالذات؟ ألا يوجد من هو أحق؟ ألا يوجد مشروع أفضل. ووسط هذا النقاش وأمثلة تتقاعس الإرادة وتضعف!.
مثال ذلك: نصيب الله في مالك:
إن عزمت بسرعة علي دفع نصيب الله من مالك؟ حالما يصل إليك مرتبك. أو أي إيراد جديد. تجد إرادتك قوية لتنفيذ الوصية الالهية.
أما إن تباطأت. وقلت: ننتظر قليلا حتي ندبر بعض الأمور أو إن أخذت تفكر لمن تدفع المال؟ هل إلي بيت الله مباشرة أم إلي بعض الجمعيات الخيرية والملاجيء المحتاجة أم إلي الطلبة الفقراء أو إلي الأسرات المستورة. أو.. ربما في اثناء هذا التباطؤ قد تتردد. وتقول لنفسك. أنا أريد أن أفعل الخير. ولكني لا أدري كيف؟ وإلي من ؟وإلي أين؟.. وقد لا تفعل شيئاً.. وربما تنسي ما تريد أن تدفعه. وقد يضيع منك قبل أن تبت في الأمر. وتضعف إرادتك.
4- التردد
الإرادة يضعفها عنصر التردد سواء الإرادة في فعل الخير. أو في البعد عن الخطية. أو حتي التردد في القيام بالواجب. كتردد التلميذ في استذكار دروسه يوماً بيوم. أو التردد في القيام بواجب مجاملة في تعزية حزين. أو في زيارة مريض. أو في إعانة محتاج.
التردد يضعف العزيمة. ويضعف الإرادة في التنفيذ ويربك العقل في اتخاذ القرار. ويغرس الشك في القلب: هل أفعل أم لا أفعل؟.
وهل الآن أم فيما بعد؟ وهل يجب أم لا يجب؟.. وفي كل هذا. تضعف الإرادة وربما لا تنفذ علي الإطلاق.
لذلك عالج التردد في نفسيتك بصفة عامة. وفي قيامك بعمل الخير بصفة خاصة كذلك لا تتردد علي الإطلاق في السرعة بمقاومة كل أسباب الخطية. وكل مصادرها بشرية أو مادية.
5- التدرج في جو الخطية
مما يضعف الإرادة في مقاومة الخطية: التدرج في جو الخطية . إن الإنحدار المفاجيء أو السريع هو أمر ملحوظ ولكن الإنحدار التدريجي قد لا تلحظه .
في الحياة الروحية: قد تنزل تدريجياً من الحرارة الروحية. إلي الفتور. إلي البرودة فالسقوط. حيث تنهار إرادتك. وأنت لم تلحظ كيف ضعفت بالتدريج. ولم تعد إرادتك مرتبطة بالخير. احترس إذن لنفسك.. إن وجدت أنك ترفض تلقائياً خطايا معينة. وبسرعة اعرف ان إرادتك لا تزال قوية.
ولكن إن وجدت أنك ترفض: الخطأ. ولكن بعد تردد. اعرف أن إرادتك للخير قد بدأت تفقد قوتها الأولي. وبدأت تضعف.
إن سقطت ولم تعرف كيف تقوم. أو لا تريد أن تقوم! فاعرف ان إرادتك قد انهارت أصابها العجز. وأصبحت في حاجة إلي علاج قوي وسريع.
إن وجدت أنك تسير مع فكر الخطيئة بضع خطوات ثم تستيقظ لنفسك وتمتنع عن الاستمرار. اعرف ان إرادتك ضعفت ولكنها شعرت بذلك ولم تستمر. سقطت ولم تكمل درجات السقوط.
إن الخطيئة قد لا تحاربك دفعة واحدة وبوجه مكشوف. لكي لا ترفضها إرادتك الصالحة. ولكنها قد تخدع هذه الإرادة بالتدرج لهذا تتدرج معك تدرجاً طويلاً. ربما لا تشعر به. وفي كل ذلك تضعف إرادتك بقبول ذلك التدرج.. إلي أن توقعك في الهوة.
وربما تكون الخطوة الأولي. التي تقودك إلي الخطية. ليست خطية في ذاتها بل هي خطوة مخادعة مستترة. وبتدرجها تخدع إرادتك فتقبلها وتفقد هيبتك الأولي. وتسلبك قوة الإرادة بالتدريج حتي تستسلم أخيراً.
اذن مما يضعف الإرادة عدم الحزم والحسم من أول خطوة.
وبسبب التهاون والتراخي. تفقد الإرادة قوتها. وتقف في ضعف. فينبغي علي الإرادة أن تصد كل أسباب الخطية من باديء الأمر. ببصيرة حكيمة تتفهم العواقب وتدركها قبل وقوعها.
كيف تقوي الإرادة
1- مما يقوي الإرادة أن يعيش الإنسان في جو يساعده علي الخير
سواء من جهة الأشخاص الذين يساعدونه علي الثبات في عمل الخير. وبتقديم القدوة الصالحة له التي تشجعه أو تقوي إرادته. أو بتوبيخه إن مال ولو قليلاً عن الطريق الخير. وضعفت إرادته.. كذلك تقوي الإرادة بجو الفضيلة التي تحيط به. والتي يؤمن بها قلبه.
أمامنا في ميزان الحياة كفتان: كفة الخير. وكفة الشر، فإن رجحت كفة الخير في حياتنا تقوي الإرادة. وإن رجحت كفة المغريات الشريرة. تضعف الإرادة.. تذكر إنك إنسان تتأثر باشياء كثيرة حولك. وأنك أحياناً تشبه بندول الساعة. تارة تتحرك يميناً وتارة شمالاً. فاجعل ميلك نحو الخير هو العنصر الغالب في حياتك. تقوي به إرادتك.
2- تداريب ضبط النفس
إن لم تكن نفسك تميل بطبيعتها نحو الخير. فاضبطها بإرادة قوية. إن ضبط النفس يقوي الإرادة. وقوة الإرادة تضبط النفس إذا انحرفت وتعدل مسارها.. وذلك إن كنت في كل حين تعط نفسك كل ما تهواه بدون حكمة سوف تضعف إرادتك وتقودها الشهوات والرغبات! لذلك اغصب نفسك علي عمل الخير. إن لم يكن لك ميل طبيعي نحو الخير. وكلما تغضب نفسك. تقوي إرادتك. وتصل أخيراً إلي محبة الخير.
إن التغصب هو نقطة البدء. ولكنه لا يستمر هكذا فالطفل الصغير حينما يرسلونه إلي المدرسة لأول مرة. قد يرفض ويبكي. لأنه سيبعد عن حضن والديه ومحبة اقربائه له. ويترك الجو الذي تعود عليه في بيته. ويذهب إلي جو غريب عنه. ولكنه بعد قليل يجد لذة في جو المدرسة أو في الحضانة أو روضة الأطفال. ويجد تسليات كثيرة وأصدقاء جدداً وما في الجو الجديد من دروس وتعليم. فيألفه ويشتاق إليه ويذهب إليه برغبة.. وهكذا في الجو الروحي التغصب أولاً يوصل الإنسان إلي محبة الخير.
اغصب نفسك علي حياة التوبة. وستجد في التوبة ما يريحك.
3- مخافة الله ويقظة الضمير
شعورك ان الله يراك في كل عمل تعمله. ويسمعك في كل كلمة تقولها. هذا يغرس مخافة الله في قلبك. ويقوي إيرادتك نحو الخير. ويجعل ضميرك صاحياً باستمرار لا ينعس ولا ينام. والضمير الحي يقوي الإرادة وارتباطك بالله في حياتك. وبحياة التأمل والصلاة. وترديد كلمات الله في فكرك. وتشبعك بسير الأبرار من البشر.. كل ذلك يحفظه فكرك وقلبك في جو روحي يقوي إرادتك نحو الخير. ويجعلك بهذه الإرادة تشمئز من كل ألوان الخطية. وتكون قوياً في مقاومتها.
4- لابد من قيم يتمسك بها الإنسان ويلتزم بها
لابد أن تكون له قيم معينة. لو قامت الدنيا وقعدت لا يمكنه أن يتنازل عنها فالإنسان الذي جعل الأمانة والصدق من القيم التي يتمسك بها. تكون إرادته في منتهي القوة إن حورب بإغراء ضد الأمانة.. انه لا يستطيع أن يكون غير أمين أو غير صادق. الشهداء مثلاً. الذين جعلوا الإيمان من القيم الثابتة في قلوبهم. هؤلاء تكون إرادتهم قوية جداً في الحفاظ علي إيمانهم مهما قوبلوا بتهديدات. وما احتملوا من عذابات إرادتهم لا يمكن أن تضعف. أما الذي بلا قيم ملتزم بها. فهو كإنسان تائه في صحراء. لا يعرف الاتجاه الذي يسير فيه. فتكون إرادته مزعزعة.
إن إرادتنا تضعف أحياناً. لأن بعض القيم في حياتنا قد ضعفت
قد تتسأل الآن : كيف أبني الثقة في نفسي؟!
الخطوات العملية لبناء الثقة في النفس:
اعرف نفسك
تعرف على المميزات التي بداخلك وكيف تستخدمها .
لا تربط نفسك بمجال معين
افتح عقلك في أكثر من أمر وأكثر من مجال .
استعن بالأصدقاء الذين يصدقونك القول (يبينون لك أنك مبدع في هذا المجال وأقل في المجال الآخر ) .
– استعن بخادمك أو بمرشدك وبأب اعترافك .
– ردد الكلمات التي تدفعك للنجاح مثل : ( أحاول – سوف أتعلم – أفكر في هذا الموضوع ) ولا تردد الكلمات المثبطة : ( لا أقدر – لا أستطيع ) .
– حدد نقاط القوة لديك .. خذ ورقة واكتب فيها المميزات والقدرات التي لديك .. وإذا أردت أن تعمل قارن هذه المميزات والقدرات بالعمل الذي تقوم به .
ولعل بعض الناس ليس لديهم نقاط قوة ( هكذا يحدثون أنفسهم ) نقول لهم نعم .. ولكن هل بحثت ووجدت بذرة خير صغيرة في داخلك .. نعم بالتأكيد لديك بذرة قوة .. تعدها بالسقي ، وستصبح نقطة انطلاق لنفسك ، لا تهملها ، لأنها إذا توقفت عن النمو فهي توقفت عن الحياة .
طور نفسك
بعد تحديد نقاط القوة عندك ، انتقل إلى المرحلة القادمة وهي طور نفسك .. وذلك بالترقي والتدرج والثبات ، لا تكثر على نفسك ثم تنقطع ، مارس دائما ولو فشلت .. فالفشل يبقى في الماضي وأنت في الحاضر . ” لأن الله لم يعطنا روح الفشل ، بل روح القوة والمحبة والنصح ” ( 2 تي 7 : 1 )
– تخلص من عيوبك : لكل إنسان عیوب وهي تحد من النجاح ..
– كيف تتخلص من عيوبك ؟
اعترف بعيوبك ، أكتب النقائص التي فيك على ورقة مثل : استعجال – عدم الثقة في الآخرين – إفراط في الثقة في الآخرين .
ثم ابدأ بعلاج نفسك ..
واعلم أخي أن سعيك بإصلاح نفسك والقضاء على نقاط الضعف هي من أعلى نقاط القوه فيك وهي البداية الصحيحة ( ومن صحة بدايته صحة نهايته ) .
شد خيوطك
لقد وثقت بنفسك ، ثم طورت نفسك وتعرفت على عيوبك .. الآن شد خيوطك . أنت شخصية مستقلة .. بداخلها شخصية مستقلة أخرى .. وهذه الشخصيات لابد أن تكون عون لك .. مثال : إن الشخصية المستقلة بداخلها شخصية والد وطفل متقدم في السن .. شخصية الوالد وذلك بحرصه على أبناءه وتربيته لهم واهتمامه بهم ، فأنت عندما تحرص على نفسك ففيك شخصية الوالد . أما شخصية الطفل تتمثل في روح المرح لديك .
فعندما تكون مرح دائما لا تهتم .. فتكون شخصية الطفل لديك تغلبت عليك أصبحت هي السيد وأنت الخادم . لذلك اجعل الشخصيات التي بداخلك تنشد وتخدم نفسك .. ابدأ من الداخل .
الإرادة الصلبة
الإرادة هي القوة الخفية لدى الإنسان وهي تعني اشتياق النفس وميلها الشديد إلى فعل شيء ما ، وتجد أنها راغبة فيه ومدفوعة إليه…
الإرادة = الرغبة + الحاجة + الأمل
من المسابقة الدراسية – خريجين – مهرجان الكرازة 2012