مباديء حياة الحب في الزواج

الرومانسية

الرومانسية هي التعبير عن المشاعر الإيجابية وعاطفة الحب للآخر، وهناك فرق بين وجود الحب وبين التعبير عنه، فالتعبير عن الحب هو مرحلة تالية لوجوده وتسمى الرومانسية، فإذا وجد الحب من المهم جدا التعبير عنه لدعم بقائه واستمراره، والرومانسية وصية كنسية توصي بها الكنيسة كل عريس في طقس صلاة الإكليل قائلة: [ويكون هو (العريس) حنونا عليها وشفوقا بها ولا يهملها… تجتهد فيما يعود لصالحها. وتكون حنونا عليها، وتسرع إلى ما يسر قلبها …] وللعروس: [يجب عليك أن تكرميه وتهابيه… يجب عليك أن تقابليه بالبشاشة والترحاب، ولا تضجري في وجهه].

ويهتم القديس يوحنا ذهبي الفم بالجانب الرومانسي في العلاقة بين الزوجين فيوصي الزوج قائلا: [لا تدخل مع زوجتك في مناقشات غبية لأنها مناقشات غير مفيدة لأحد، وحينما تريد أن تعطي زوجتك نصيحة ابدأ دائما بأن تؤكد لها أنك تحبها جدا، ولن يقنعها شيء بكلامك أكثر من الحديث إليها برقة مؤثرة… أخبرها أنك تحبها أكثر من الذهب… أخبرها أنك تحبها أكثر من حياتك الخاصة، لأن الحياة الحاضرة هي لا شيء، وهدفك أن تعبر أنت وهي من هذه الحياة الزائلة لكي تكونا متحدين في الحياة الأخرى بالحب الكامل… قل لها: إنك تضع حبك لها فوق كل الأشياء، ولا شيء يؤلمك أو يضايقك أكثر من وجود خلاف بينكما، وحتى لو فقدت كل شيء فإن كل شيء يمكن احتماله مادامت هي موجودة معك… أظهر لها أنك تقدّر جدا صحبتها، وتفضل البقاء معها في المنزل عن الخروج قدرها أمام أصدقائك وأولادك، امدحها  وأظهر إعجابك بها من أجل أعمالها الحسنة، ولو فعلت شيئًا غير لائق انصحها بطول أناة. ولأهمية الرومانسية بين الزوجين، وعمق العلاقة بينهما شبه الله علاقته بالنفس البشرية بعلاقة الزوج بزوجته، علاقة تسودها كلمات الحب والإعجاب، كما في سفر النشيد.

أهمية وجود الحب قبل التعبير عنه

الرومانسية هي تعبير عن مشاعر حقيقية توجد في القلب، وكما أن عدم التعبير عن هذه المشاعر يُعد خطراً يهدد استمرار الحب، فإن التعبير عن مشاعر غير موجودة يُعد نفاقاً ورياء. وهذا يقودنا إلى أهمية الالتصاق الكامل بالله في حياة روحية عميقة نعد ذواتنا بها لندخل لحياة زوجية ونحن أغنياء بالحب الإلهي فتعبر لشريك الحياة عما داخلنا من هذه الحياة الغنية بالحب. وأيضا لنتسلح بالتسامح الدائم والصفح والغفران، فلا نسمح لشيء يعكر صفاء الحب في داخلنا ويفصلنا عن شريكنا في الحياة، فنجد ما نعبر به في لحظات الرومانسية كنتيجة طبيعية لحب داخلي عميق وحقيقي، وإن كان الزوج غير معتاد على كلام الحب فلا يجب أن يبدأ فيه فجأة حتى لا يعطي انطباعاً عكسياً وكأنه يستهزيء بشريك حياته.

درب نفسك أن تكون رومانسيا.

إذا كان زواجك ينقصه الرومانسية فيمكنك أن تدرب نفسك على ذلك، فالرومانسية شيء مكتسب يمكن لأي شخص أن يكون رومانسياً إذا أراد ذلك ودرب ذاته عليه، يُنتظر أن يبادر الزوج بالتعبير عن كلمات الحب والإعجاب، وتؤثر هذه الكلمات على الزوجة وعلى نجاح الحياة الزوجية. وقد يتجاهل الزوج هذا التعبير مبررًا ذلك بأنه حقا يحب ولا داع للكلام، أو أن ما يقوم به ويبذله من جهد لأجل زوجته واضح ولا داع للكلمات، ولكن التعبير مهم جدا، فنحن لا نشبع بالنظر للأكل، ولكننا نأكل فعلاً حتى نشبع، وهكذا لا يجب أن نكتفي بوجود الحب في قلوبنا لنحيا حياة سعيدة، ولكن يجب أن نعبر عن حبنا بكل وسيلة ممكنة منها كلام الحب، فنحن نحتاج أن نروي ظماً حياتنا بسماع كلام الحب، فليبادر الزوج بالتعبير عن الحب، ولا يكتف بمجرد وجوده، ولتنبه الزوجة زوجها لذلك إذا كان خجولاً أو مقصرا، ولتشجعه على ذلك بردود أفعال إيجابية ومشاركة رومانسية، لتشكره على كل كلمة أو موقف رومانسي وتبادله برد فعل رومانسي حتى يستمر هو في العطاء، ولتوضح له أهمية ما يقول وتأثيره على حياتها، ويجب أن يكون كلامه ومواقفه صادقه نابعة من القلب، وليس تكرارا مملاً لما اعتاد أن يفعله، أو تقليدًا لكلام الآخرين، الأمر ليس صعبًا ولا مكلفا، ولكنه مهم ويحتاج لاستغلال المواقف البسيطة للتعبير عن الرومانسية، فيمكن لرسالة غير متوقعة على الموبايل فيها كلمة “أحبك” أو هدية بسيطة أو وردة أن يكون لها تأثير قوي جدا في نمو الحب وإضافة بهجة الرومانسية على الحياة الزوجية.

كلام الحب بين الزوجين مثل ملح الطعام من السهل الحصول عليه، فهو قليل التكلفة ولكنه في غاية الأهمية ليعطي مذاقا ممتعًا للحياة، فكثيرا ما تكون الابتسامات، ونظرات العيون، ونبرة الصوت اللمسات الحانية، الكلمات الرقيقة … وأشياء أخرى كثيرة بسيطة ولكنها مؤثرة ومهمة لحياة زوجية تسودها الرومانسية، ولنبحث عن الطريقة المؤثرة التي تناسب شريك الحياة، ولغة الحب الخاصة به ونعبر بها عن حبنا له.

من لا يجد شيئا جديرًا بالإعجاب في شريك حياته، فليتذكر السيد المسيح في لقائه مع السامرية وكيف استطاع أن يرى شيئًا حسنا في امرأة رفضها الجميع، والحقيقة هو أن لكل منا سلبيات وإيجابيات والتركيز على الإيجابيات سيقلل من السلبيات والعكس، فإذا بحثنا عن العيوب سنجدها، وإذا بحثنا عن المميزات سنجدها أيضا، فالأفضل أن نفكر ونمدح الخير بدلاً نقد الشر، الله يقبلنا بكل ما نحن فيه، يترك نقد الضعفات وينمي قوتنا، لماذا لا نفعل مثله في سلوكنا نحو شريك الحياة؟

من المهم أن نعرف أن الكلمات تكتسب قوتها ومعناها من السياق الذي تُقال فيه، ومن خبرتنا وعلاقتنا بالشخص الذي يقولها، فإذا قلنا لشخص لا نحبه كلمة “أحبك” ستكون هذه الكلمة نوعاً من الاستهزاء والإهانة. ولذلك يجب أن تكون مواقفنا وأفعالنا اليومية تجاه شريك الحياة تتفق وتدعم رومانسيتنا، وإلا جاء تعبيرنا عن الحب فاترا وضعيفا وعاجزا عن أن يرتقي للرومانسية.

خطورة غياب الرومانسية.

من الطبيعي أنه يوجد اختلافات شاسعة بين الرجل والمرأة يدعمها التباين السيكولوجي وعوامل أخرى كثيرة، وهذه الاختلافات قادرة أن تفسد وتخنق كل علاقة زوجية، وهنا تكمن الرومانسية في التخفيف من حدة هذه الاختلافات الرومانسية تهب قدرة لقبول الآخر المختلف. الرومانسية تعطي قوة لقبول أشياء غريبة لم نعتدها لأجل الشخص الذي نشعر بحبه الرومانسية تجعلنا نتقبل تحمل الأتعاب والأثقال بفرح لأجل من نحب الرومانسية تجعلنا نرى آلام الحياة بسيطة تافهة وغياب الرومانسية يجعلنا نرى الصعاب البسيطة ثقيلة ولا تحتمل الرومانسية تعطي للحياة بهجة وفرح، بينما غيابها يجعل الحياة كتيبة ولا تحتمل. قد يؤدي غياب الرومانسية إلى انهيار للأسرة. كما أن الرومانسية هي إشباع لاحتياجنا للشعور بأننا محبوبون، وعدم إشباع هذا الاحتياج من شريك الحياة قد يقود للخيانة، ويشير لذلك القديس يوحنا ذهبي الفم فيقول:

[لا تخاطب زوجتك باسمها فقط دون ذكر كلمات الاحترام والتدليل والحب والمودة، فإذا احترمتها فإنها لن تحتاج إلى هذا التقدير من الآخرين، ولن تطلب المديح من الناس إذا استمتعت بالمديح الذي يأتيها منك ، احترمها وقدرها أمام الآخرين بنوع من المديح لأجل جمالها وحكمتها، وعندئذ لن تعطي أذنيها لأحد من الخارج، بل سوف تتجاهل كل الكلمات عدا كلماتك].

وغير ذلك قد يحرمنا غياب الرومانسية من حياة سعيدة ممتعة مع شريك الحياة، بل قد لا تقوم ولا تبدأ هذه العلاقة في الأصل بسبب غياب الرومانسية، أي غياب التعبير عن الحب.

استمرار الرومانسية

قد تبدأ العلاقة خاصة في فترة الخطوبة برومانسية شديدة ، وبعد فترة تفتر هذه الرومانسية فيظنا أن حبهما لبعض قد ضعف وأنهما لم يعدا يحبان بعضهما ولا أمل في رجوع الرومانسية بينهما، والحقيقة هي أنه في بداية العلاقة في الخطوبة وبداية الزواج يكون للهرمونات التي يفرزها المخ (الفيرومون، والدوبامين والاندروفين، والأوسيتوسين) دور كبير في التقارب الشديد بينهما، وإحساسهما بالسعادة والانجذاب المتبادل، ومدة تأثير هذه الهرمونات لا يتعدى ثلاث سنوات، وتوقف عمل الهرمونات لا يعني توقف الحب أو انعدام الرومانسية، ولكن على الزوجين محاولة تجديد الرومانسية المتبادلة بينهما دون انتظار لتأثير الهرمونات، ودون أن يكون غياب تأثير الهرمونات إشارة لغياب الرومانسية التي يمكن إعادتها من خلال المحاولات المتبادلة بينهما.

وأنا لا أفضل أن يبدأ اثنان بالرومانسية القوية والعواطف الشديد في بداية علاقة التعارف للارتباط بشكل يضعف التفكير العقلي والمنطقي في الحقائق التي يحتاجانها لبناء حياتهما معا، أو تضعف رؤيتهما وإدراكهما للخلافات الحقيقية الموجودة بينهما. فرغم أهمية الرومانسية لكن يفضل التدرج في التعبير عن الرومانسية، وأن تأتي بعد الاقتناع العقلي والتوافق والموافقة حتى لا تكون عائقا نحو الفهم الواعي المتبادل بين الاثنين.

التكريس الكامل لشريك الحياة له دور هام في استمرار الرومانسية بينهما، وهذا يتطلب وضع حدود في العلاقات مع الآخرين الذين قد يكون وجودهم له تأثيره السلبي على قوة العلاقة مع شريك الحياة خاصة من الجنس الآخر، فأي حب زائد عن حدوده يوجه لشخص غير شريك الحياة هو ظلم لشريك الحياة واغتصاب لحقه، فيجب أن نضع نصب أعيننا أن نحيا بأمانة وإخلاص لشريك الحياة ولا نسلبه حقه.

نصائح للحفاظ على الرومانسية

للحفاظ على الرومانسية يُقدم البعض النصائح التالية:

  • ينصح الزوجان بعدم الغضب في وقت واحد
  • تجنب الصراخ على الشريك الآخر ما لم يكن المنزل يحترق .
  • إذا كان لا بد من أن يكون أحد شريكي الحياة هو الفائز بالمناقشة أو الجدل فاترك ذلك له.
  • إذا كان لا بد من توجيه نقد للطرف الآخر، فليكن ذلك بطريقة محببة .
  • لا تثر أخطاء الماضي .
  • إهملا بقية العالم بدل إهمال أحدكما الآخر
  • لا تذهبا أبداً إلى النوم قبل تسوية الخلافات إن وجدت .
  • قوما بالثناء على بعضكما البعض مرة واحدة في اليوم على الأقل.
  • عندما يفعل أحدكما شيئا خطأ، يجب عليه الاعتراف به وطلب الصفح.
  • تذكرا أن المشاجرة تحتاج إلى شخصين

أخيرا… لقد أنعم علينا الله بالحياة لنحيا في حب وسلام، فلماذا نحرم أنفسنا والآخرين من الحياة في الحب وبالحب الذي أراده الله لنا عبر عن حبك ليزداد، ولتحيا سعيدًا بحبك عبر عن حبك للشخص الذي تحبه قل له إنك تحبه بالطريقة التي يحبها ويدركها، لا تتردد أن تحب، ولا تتأخر في التعبير عن حبك ، فستكون حياة سعيدة وسهلة مع الحب.

زر الذهاب إلى الأعلى