يو2: 7 قال لهم يسوع: املأوا الأجران ماء، فملأوها إلى فوق

 

1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. 2وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. 3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ:«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ:«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». 6وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ:«اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ:«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». 11هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. (يو2: 1-11)

+++

تفسير الأب متى المسكين 

 

7:2- قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلَأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلَأُوهَا إِلَى فَوْقُ.

‏هنا المسيح يأخذ موقف الذي يُجري السر أو الآية سيان، وكونه يأمر الذياكونيين بملء الأجران ماء فهو يحضر بنفسه كيفية العمل ومادة السر من أخصاء الخدمة. واستجابة الخدام الفورية لملء 134 جالوناً من الماء، أي ما يزيد عن70 صفيحة ماء، أخذ وقتاً وجهداً ليس بقليل, لأن الأجران كلها كانت قد فرغت من الماء بسبب عدد المدعوين الكبير. كل هذا جعل المنظر مثيراً وملفتاً جداً للأنظار، وهذا بحد ذاته تحضير ليس بقليل بالنسبة لأداء المعجزة.
والملاحظ أن الخدم ملأوا الأجران حتى حافتها العليا. هكذا يصنع المسيح دائماً: فهو«الملء الذي يملأ الكل في الكل» (أف23:1). «ومن ملئه نحن جيمعاً أخذنا ونعمة فوق نعمة» (يو16:1‏). وهذا الملء حتى الحافة يمثل في الحقيقة مع الكثرة الهائلة في الكمية المتحولة إلى خمر، مستوى عطية المسيح الروحية: «لأنه ليس بكيل يعطي الله الروح» (يو34:3‏)؛ و«القادر أن يفعل فوة كل شيء أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا» (أف20:3)، يعطي دائماً «بحسب غنى مجده» (أف16:3‏)، وبحسب «غنى المسيح الذي لا يُستقصىى…» (أف8:3‏)
هذه الصورة الفائضة لعمل النعمة في عطية المسيح هي المعيار المنصوص عنه للعهد الماسياني، أي العهد الجديد، عهد الخلاص، عهد الفيض والملء.
لذلك لزم هنا، بالدرجة الاولى, مع هذه الكثرة أن ينتزع المسيح من رئيس المتكأ الشهادة بنوع جودة الخمر الذي ينفي عنه صورته المادية المؤدية للخلاعة والسكر, فالكثرة والفيض والملء هنا إنما تعمل لحساب فرح الروح وبهجة حضور الله. الأ مر الذي طلبته العذراء وتمنته أن يكون فكان. والكثرة مع الملء والفيض في هذه الأية توازي تماماً ما حدث في آية الخمس خبزات والسمكتين، والكثرة في صيد السمك الأخير حتى كادت الشباك تتخرق.
‏أما التمادي في وصف الملء والسعة والأعداد فهي الصفة الملازمة لآيات إنجيل يوحنا، فهدم الهيكل الذي تم بناؤه في 46 سنة يتم في ثلاثة أيام، والأعمى مولود من بطن أمه أعمى، والمشلول 38 سنة في مرضه، والخمس خبزات والسمكتان أشبعت خمسة آلاف رجل ما عدا النساء والأطفال، ولعازر قام بعد أربعة أيام في القبر، فاختيار التمادي هو جزء من اختيار الأية.

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب

 

“قال لهم يسوع:

املأوا الأجران ماء،

فملأوها إلى فوق”. (7)

كان يمكن أن يخلق الخمر من العدم، لكنه حول الماء خمرًا ليؤكد أنه ما جاء ليتجاهل الناموس أو يبطله، بل ليكمله، فجاء الإنجيل امتدادًا روحيًا للناموس في غير حرفية. ولكي يجعل الذين استقوا الماء بأنفسهم شهودًا على الأعجوبة الكائنة، ويشهدون أن الأعجوبة لم تكن خيالاً.

يرى القديس أغسطينوس أن الماء هنا يشير إلى العهد القديم “الناموس والأنبياء والمزامير”، العهد القديم كله الذي كان له مذاق الماء لمن لم يدركه روحيًا ويكتشف فيه سرّ المسيح. وقد جاء السيد ليحول الماء إلى خمر مفرح، له مذاق جديد وفاعلية جديدة. [كيف حوّل الماء خمرً؟ عندما فتح فهمهم وشرح لهم الكتب المقدسة، مبتدأ من موسى وكل الأنبياء، فسكروا وقالوا: “ألم تكن قلوبنا ملتهبة فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب؟!” (لو 24: 32). فقد فهموا المسيح في هذه الكتب، الذي لم يعرفوه من قبل. هكذا حوّل ربنا يسوع الماء إلى خمر، وصار له الآن مذاقًا لم يكن له من قبل، صار الآن يُسكر، الأمر الذي لم يكن له من قبل… لقد أظهر لنا أن الكتاب القديم هو من عنده، إذ بأمره امتلأت أجران الماء. إنها من الرب حقًا، كانت كتب العهد القديم أيضًا، لكن لم يكن لها مذاق ما لم يُفهم المسيح فيها].

في طاعة لوصية الرب ملأ الخدام الأجران إلي الملء، إلي الحافة العليا. هكذا لا يليق بالخادم أن يستريح حتى يتمم الوصية بأن يتلمس في خدمته عمل السيد المسيح “الملء الذي يملأ الكل في الكل” (أف 1: 23). لأنه ليس بكيل يعطي الروح” (يو 3: 34). ليس ما يشغل رجل الله إلا تمتع كل نفسٍ بغنى مجد المسيح الذي لا يُستقصي، فيترنم: “من ملئه نحن جميعًا أخذنا، ونعمة فوق نعمة” (يو 1: 16).

الذي حول الماء خمرا، والذي يبعث الأمطار إلينا كان قادرًا أن يملأ الأجران ماء، ثم يحوله إلي خمر. لكنه في حبه للبشرية لا يتجاهل التزامنا بالعمل معه. فمادام في استطاعتنا أن نملأ الأجران ماء نعمل ما في وسعنا، ويعمل هو ما يستحيل علينا عمله. هكذا في كثير من الأعمال يهبنا كرامة العمل معه ولحساب ملكوته فينا، فيطلب من الحاضرين أن يرفعوا الحجر عن القبر، ويأمر لعازر أن يخرج. هو يهب الحياة والقيامة، ويطلب من التلاميذ أن يحلوا الميت من الأربطة. بهذا نترنم مع الرسول متهللين: “العاملان مع الله”!

فاصل
تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

(آية7): الجهد المطلوب لملء الأجران ماء، ليس جهد قليل فهم سيملأون ما يقرب من 20صفيحة ماء، هذا إشارة للجهاد. وهذه المعجزة تشبه تماماً معجزة الخمس خبزات والسمكتين، فالخمس خبزات هم الجهاد الإنساني والنعمة أشبعت بهم 5000شخص. وتشبه معجزة صيد السمك الوفير. وإذا فهمنا أن الخدام هم خدام

طقوس الأسرار فالكاهن والشمامسة يخدمون ويملأون المعمودية ماء والروح القدس يعطي للماء قوته والكاهن يصلي على الخبز والخمر والله يحوله إلى جسده ودمه. ونلاحظ هنا طاعة الخدام في ملء الأجران ثم تقديم خمر كان أصله ماء منذ ثوان لرئيس المتكأ. وهذه هي عطية المسيح بوفرة وبفيض وهي عطايا جيدة، أما أفراح العالم فسريعاً ما تزول. إملأوا الأجران= علينا أن نبذل كل ما بوسعنا حتى نتطهر، ونجاهد حتى الدم حينئذ يملأ الرب حياتنا فرحاً.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى