القديس كيرلس الأورشليمي

نشأته

من أساقفة كرسي أورشليم في القرن الرابع الميلادي ، حاز معرفة كنسية عظيمة ، مشهور محاضراته التي كان يقدمها للموعوظين ، غیر معروف مكان وزمان میلاده ، يرجح أنه ولد في أورشليم حوالي عام۳۱۰م.القديس كيرلس الأورشليمي

 

رسامته أسقفاً

صار أسقف عام 348م على مدينة أورشليم . رسمه مطران قيصرية الأسقف الآريوسي أكاكيوس ، لكي يضمن إنضمامه إلى الآريوسية ، وقد قال بهذا سقراط وسوزومين المؤرخين حيث يذكر أن سلف کیرلس وهو مكسيموس کان أرثوذكسيا ، بينما کیرلس کان میالاً إلى الآريوسية ، ولكن هذا الكلام يتناقض مع ما يذكره ثيئودوریت وما قيل في الرسالة المجمعية  رسالة مجمع القسطنطينية في عام ۳۸۲م .

 

النزاع مع أكاكيوس 

في الحقيقة أنه بعد تكريس القديس كيرلس ، قام نزاع بین کیرلس وأكاكيوس ، وكان الهجوم قد بدأ على أسقف أورشليم باعتباره مدافعة ومعترفا بقوانين مجمع نيقية.

نفي القديس كيرلس ثلاث مرات من أسقفيته ، نفى أولاً بعد عقد مجمع في أورشليم عام ۳۵۷م ، ثم عاد بعد أن إنعقد مجمع في سلوكية في العام التالي، ثم إصطدم به أكاکیوس مرة أخرى عام 360م ، ولكن سمح له بالعودة إلى إيبارشيته عام362م  ، بعد أن أعتلی يولیانوس العرش.

بالرغم من موت أكاكيوس عام 366م ، إلا أن القديس كيرلس قد عانى طرداً طويلاً . في عام 367م عزله الإمبراطور فالنس  من إيبارشيته، ولم يعود ثانية إلا بعد إحدى عشر عاماً في عام ۳۷۸م بعد وفاة الإمبراطور.

 

نياحته

في عام ۳۸۱م حضر المجمع المسكونی الثانی وقد تنيح في 18 مارس 386م.

 

كتاباته

  1.  محاضرات للموعوظين
    عبارة عن 24 عظة ألقيت على الموعوظين في كنيسة القبر المقدس  ، وتعتبر من أثمن العظات في الأدب المسيحي القديم ، وقد حفظت في مخطوطات عديدة ، بعد أن تسجلت بطريقة الاختزال وقد كتبت بواسطة واحد من مستمعى الأسقف وليست نسخة الأسقف الشخصية.
  2. خطاب إلى الإمبراطور قسطنطين
    يذكر في هذه الرسالة معجزة ظهور صليب كبير من النور رؤيا فوق أورشليم في 7 مایو 351م في هذه الأيام التي نحتفل فيها بعيد البنطبقستی في السابع من مايو حوالی الساعة الثالثة رؤی صلیب عملاق ، من النور ظهر في السماء فوق الجلجثة المقدسة ، منتشرة حتى جبل الزيتون ، لم يراه واحد أو اثنين بل رأياه كل سكان المدينة ، لم يكن خيالا أو تخیلا بل كان منظر ظاهرة مرئية لكل سكان الأرض لمدة ساعات . كان كمثل شعاع الشمس ، وكان في لمعانه أكثر وضوحا من الشمس ، هذا المنظر جعلهم يشعرون بالخوف المشوب بالفرح من ذلك المنظر السماوي ، لم يراء الكبار فقط بل والصغار والنساء والرجال وكذلك المؤمنين والوثنيين . كل الذين كانوا في أورشليم وإرتفعت من الأفواه أناشيد التسبيح والتمجيد ليسوع المسيح ربنا ، إبن الله الوحيد صانع العجائب».

 

المفاهيم اللاهوتية لدي القديس كيرلس

ليس هناك مدعاة للحديث عنه أنه كان آريوسية . لا يذكر في عظاته الآريوسية، أنه يقاوم تعليم الآريوسية بصراحة ويدافع دائما عن الإتحاد الجوهري بين الأب والإبن .

1- الكريستولوجی

في عظته الحادية عشرة يعلم بوضوح عن لاهوت المسيح ، ويرفض إدعاء آريوس ، القائل إنه كان هناك وقت حيث لم يوجد الأبن ويرفض الإدعاء بأن المسيح ابن الله بالتبني . يقول «أنه (المسيح) مولود من الآب ، هو ابن الله بالطبيعة وليس بالتبني ، عندما تسمع أنه مولود من الله لا تسقط في التعبيرات أو المصطلحات الجسدية ، أو التخيل . أو أنه مولود لحمى فإن الله هو الروح (يوحنا 4 : 24) 
الميلاد الإلهی روحی ، الأجساد مولودة من الأجساد وتحتاج إلى وقت للنمو والإكتمال . ولكن ولادة الإبن من الآب لاتحتاج الى وقت . الأجساد التي تولد تكون في حالة عدم إكتمال ، ولكن الابن ولد کاملاً ، وهو مولود في اللازمن منذ البداية .

نحن نولد ثم ننمو في الطفولة ، حتى نصل الى التعقل، ولكن لا نتخيل أي نوع مثل ذلك عن الميلاد الإلهي ، إنه لم يكن محتاجاً إلى النمو ، ولم ينقص في القدرة کان کاملاً منذ البدء.. لاتظن أنه مثلما ولد ابراهيم إسحق ، ابراهيم ولد إسحق حقا ، ولكن عندما ولد الآب الإبن لم يلده بعد تفكير ، كان من التجديف أن نقول أن الإبن كان غير معروف للذي ولده ، ومن التجديف أيضا أن نقول أن الآب صار آباً بعدما ولد الإبن أو أن الآب کان بلا ولاده ثم صار آبا.

* أنه ابنه الذي منذ الأزل ، لم يلده ، كما يلد الانسان آخر ، إنه وحده يعرف الذي ولده ، الإبن الحقيقيي قبل كل الأجيال.

 
“الأب نفسه هو الله الحقيقي الذي ولد الإبن الذي مثله اله حقیقی”. 
کیرلس هنا يرفض فكر آریوس ، کیرلس على إتفاق تام مع إيمان نيقية يقول
« المسيح هو اله حقيقى مثل الآب تماماً وهو واحد مع الآب واحد لأنهما
متساويان في الألوهة وفي الإكرام في الملكوت الواحد، ليس هناك إنفصال أو عدم إتفاق بينهما الآب خالق والإبن أيضاً” 
“يذكر أنه من أجل الإنسان نزل الى الجحيم ليسترد الإنسان الذي خلقه من الطين.


کان کیرلس يصف للمعمد الجديد (المتقدم للمعمودية) أنه يجب أن يكون الايمان من القلب (التعليم القلبي).

يقول «الآن الايمان الواحد الذي تحصل عليه وتحفظه متعلماً من الكنيسة الذي إستقته من الأسفار المقدسة، لأن ليس كل إنسان يستطيع قراءة الأسفار المقدسة، البعض ينقصهم التعليم والبعض ينقصهم العقل ولذلك لا يستطيعون أن يجدوه ، نحن نستحوذ على تعليم الإيمان المسيحي في مصطلحات قليلة .

“إن مصطلحات إيماننا ليست من مكونات وجهة نظر بشرية ، ولكنها مبادئ أساسية جمعت من كلالأسفار المقدسة لتشكل لنا صيغة الإيمان”.

يقول “نؤمن أيضا بإبن الله ، هو واحد وفريد ربنا يسوع المسيح ، اله مولود من اله ، حياة مولود من حياة ، نور من جنس النور ، مشابه للذي ولده في كل شئلم ينل وجوده في زمن ، ولكن من الآب قبل كل الدهور في الأزلية على نحو لايمكن إدراكه. إنه حكمة الأب وقوته وبره ، موجود جوهرياً  يجلس عن يمين الآب قبل كل الدهور ، وليس كما يظن البعض أنه توج بعد الآمه ، إذ أجلسه على يمينه بعد ما تألم على الصليب ، إنه متفرد بالملوكية منذ الأزل. مولود أزلياً من الأب ، ويشترك معه في عرشه كإله ، وكما نقول إنه حكمة وقوة الله ويملك مع الآب ، ومن خلال الآب هو خالق لكل الأشياء.

لايوجد نقص في عظمته أو إلوهته ، ويعرف الآب الذي ولده ، كما أنه معروف للآب أبيه.


2- الروح القدس

وكما الإبن ، هكذا الروح القدس يتشارك مع الآب في الألوهية .

 فقط الروح القدس الذي هو مع الإبن ، الرؤية الحقيقية لله ، الذي يفحص كل الأشياء ، ويعرف أعماق الله . ( اکو ۲: ۱۰).

كما أن الإبن الوحيد يعرف الآب معرفة حقيقية ، هكذا أيضا الروح القدس، إذ يقول لا أحد يعرف الآب إلا الإبن ومن أراد الإبن أن يعلن له (مت ۱۱ : ۲۷)، إن معرفة الله تعلن بواسطة الروح القدس ، كل على حسب إستطاعته، وهكذا فالابن مع الروح القدس في الآب الوهية واحدة.
يؤكد کیرلس على أقنومية الروح القدس ، يقول عنه أنه يتكلم ويرسل الحياة والوجود.
يذكر هناك مسميات مختلفة ولكن الروح واحد ، الروح القدس – الحي – الذي له الوجود الشخصي Personally Subsisting ، والموجود دائما مع الآب والإبن ، ليس كنفس خارج من شفتى الآب والإبن ، أو منبعث في الهواء. ولكن وجود شخصي Personally existing being .

کیرلس يجمع إيمانه بالثالوث إيماننا غیر منقسم ، تكريمنا للثالوث غیر منقسم ، نحن لا نقسم الثالوث القدس ولا نفرقه مثل السابيلليين.
نحن ندين للقديس كيرلس وفرة معلوماته التي قدمها في عظاته عن الليتورجيا والأسرار ، إنه يقدم وصفة لطقوس المعمودية والإفخاریسیتا ولاهوت الليتورجيا .

 

3- المعمودية

کیرلس يعلق على الإصحاح السادس من رسالة بولس الى روما ، ليشرح الليتوجيه المبكرة للمعمودية ، إن الخاطئ يغطس في الماء كما المسيح الذي دفن في القبر ، ويتبع المثال أن الشخص المعمد ينزل الى الماء ويقوم في الحياة الجديدة .
بعد ذلك نقتاد الى الجرن الإلهي الخاص بالمعمودية ، كما انزل المسيح من علي الصليب الى القبر الذي هو أمام أعينكم ، وسئل كل واحد منكم هل يؤمن بالآب والإبن والروح القدس ، وأنتم قد إعترفتم الإعتراف
المخلص ، ونزلتم ثلاث مرات الى الماء وأصعدتم منه ، أن هذا مثال لدفن المسيح ثلاثة أيام في القبر ، وكما ظل المسيح ثلاثة أيام وثلاثة ليال في الأرض ، وكما صعدتم في المرة الأولى ، يشبه ذلك اليوم الأول للمسيح في بطن الأرض وبواسطة نزولكم يشبه ليل المسيح في القبر ، لأنه ليس ليل لأنه النهار الذي لا يعتريه ليل ، كما أن النزول يشبه الليل هكذا في صعود كم تكونون في النهار.
يقول «أنت قد مت ثم ولدت في نفس الوقت ، الماء المخلص قد صار قبرأ وأماً،  وكما قال سليمان كلمات مناسبة يوجد وقت للولادة ووقت للموت (جامعة ۳ :۲).

ولكن معكم الأمر عکسياً يوجد وقت للموت ووقت للولادة ، أنه وقت مناسب لكل الأمرين ، إن میلادكم يبدأ بعد أن يأتي الموت. 
المعمودية تتقاسم مع موت المسيح وقيامته عن طريق الصورة والمحاكاة.
لا يستطيع أحد أن يفترض أن المعمودية مجرد نعمة غفران الخطايا أو أكثر مجرد تبنی ، كما كانت معمودية يوحنا لغفران الخطايا ، الآن نحن نعرف جيداً أن معموديتنا لمغفرة الخطايا ، ونوال عطية الروح القدس وأنها تحسب شركة في موت المسيح وآلامه.

لذلك السبب يقول بولس الرسول صارخاً «أليس نحن الذين اعتمدنا ليسوع المسيح ، قد إعتمدنا لموته ؟لقد دفنا معه للمعمودية بالموت» (رو 6: 3)
 


4 – الإفخاريستيا

تعلیم کیرلس عن الإفخاريستيا واضح ومتقدم عن سابقيه ، أنه يعبر بوضوح عن الحضور الحقيقي أكثر من الكتاب السابقين .

بعدما يقتبس من (اكو ۱۱ : ۲۳-۲۵) يضيف ويقول لقد أعلن المسيح نفسه أنه الخبز ، هذا هو جسدی من يستطيع أن يشكك في ذلك ، لقد ثبت کلامه عندما قال هذا هو دمي من يستطيع أن يقول أن هذا ليس دمه . 

إنه يعطى لنا تأكيدا أننا نشترك في جسد ودم المسيح في شكل الخبز، يعطى لك جسده ، وفي شكل الخمر يعطى لك دمه ، لأنك عندما تشترك في جسد ودم المسيح سوف تصبح واحداً في الجسد الواحد والدم الواحد معه . ونحن سوف نصير حاملين للمسيح ، لأن جسده ودمه قد تغلغل خلال أعضائنا كما يقول بطرس الرسول (۲ بط 1: 4)  لقد صرنا شركاء الطبيعة الإلهية.
 لأنه فيما يبدو أنه خبز ، هو ليس خبزا ، إنه خبز بالمذاق ولكنه جسد المسيح ، وفيما يظهر أنه خمر ليس هو خمراً، بالمذاق خمرا ولكنه دم المسيح
لذلك تأمل الخبز والخمر ليس كعناصر مجردة لأنها حسب إعلان الرب ، جسد ودم المسيح ، الإيمان هو الذي يخبرك بذلك ، لاتحكم عليها بالمذاق ، ولكن بالإيمان بدون إرتياب، وتأكد أن هذا هو جسد ودم المسيح.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى