القديس تادرس

كان خلفاً للقديس هورسيسيوس وكان شخصاً له إنجازات رائعة مما أكسبه إعجاب معاصريه.

 ولد في أسرة شريفة غنية وكان أبوه أرخناً واهتم بتعليمه الكتب وأمه كانت إنسانة مؤمنة تقية. وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره كرس نفسه للنسك الشديد ولم يكن يأكل إلا مما اعتاد الرهبان أن يأكلوه. وكان يصوم يومياً إلى المساء وأحيانا يومين بومین.

 وعندما بلغ الرابعة عشرة ترك بيته ومدينته وذهب إلى دير صغیر خارج قريته يسكنه رهبان قدامی نساك وأتقياء، وفي الدير انفرد في عبادته وكان ينمو يوماً فيوم محبوباً من الجميع في هذا الدير.

و سمع تادرس عن القديس باخوميوس من راهب من هذا الدير تقابل مع باخوميوس. فأحب تادرس باخوميوس واشتهى كثيراً أن يراه ويتتلمذ على يديه. وصلى كثيراً من أجل ذلك.

و بعد ذلك بأربعة شهور جاء إلى هذا الدير أحد رهبان باخوميوس واسمه باكيسيوس، شعر تادرس أن الرب أرسله لكي يوصله إلى باخوميوس .

كان باخوميوس قد تنبأ عن مجيء تادرس إليه بصحبة باكيسيوس وأن عمره حوالي 14 عاماً وأنه إناء مختار واسمه تادرس. وهذا ما تم فعلاً.

عاش تادرس تلميذاً للقديس باخوميوس في طاعة كاملة ومحبة عظيمة فأحبه باخوميوس من أجل فضائله الكثيرة وجهاده الأمين.

أثرت محبة تادرس العظيمة لله في والدته التي ترهبت هي الأخرى في دير العذارى القريب الذي كانت مریم أخت القديس باخوميوس هي مدبرته، وأيضا أخوه الأكبر بفنوتي صار راهباً صالحا مع تادرس.

اشتهر تادرس بحكمته وإفرازه على الرغم من صغر سنه، وبطول أناته في معاملة الإخوة الضعفاء والمنحلين حتى يأتي بهم إلى الطريق المستقيم. ورغم صغر سنه إلا أنه كان سبباً في قيام كثير من الساقطين وأطلقوا عليه لقب “معزي الإخوة”.

عينه باخوميوس مدبراً لدير طبانسين وهو لم يبلغ بعد الرابعة والعشرين من عمره. فكان يستشير الإخوة في كل شئون الدير ويلتقي يومياً في المساء بالأب باخوميوس في دير بافو ليستشيره في أموره وأمور الدير.

بعد نجاحه في دير طبانسين أخذه القديس باخوميوس عنده في دير بافو ليكون مساعداً له ومشرفاً عاماً على سائر الأديرة، يفتقد الإخوة ويشفي أمراض نفوسهم ويقبل الراغبين في الرهبنة. وكان يمتاز ببشاشته ولطفه مع الجميع وكان كالحمل الوديع لذلك كان محبوباً من الكل.

و بعد نياحة باخوميوس صار بترونيوس الأب العام للأديرة لمدة قصيرة ثم تتيح. ثم تلاه هورسیسیوس (أورسیسیوس) وكان تادرس يحبه ويطيعه وكان هو متعلقاً جداً بتادرس. وعندما حدث شقاق طلب هورسیسیوس بإرشاد إلهي أن يكون تادرس هو الأب العام. فوافق تادرس بعد إلحاح شديد ولكنه ما كان يصنع شيئا إلا بعد إستشارة هورسیسیوس. وفعلاً عاد كثيرون إلى الشركة، ونجح في تهدئة الثورة التي هددت بإفساد نظام باخوميوس. ولكن بقى قليلون في عنادهم مما أحزن نفس تادرس جداً.

أسس تادرس أيضا العديد من الأديرة الجديدة.

 مرض تادرس وعرف أن انتقاله قريب فدعا رؤساء الأديرة طالباً منهم الصفح وسائلاً صلواتهم وانتقل إلى الفردوس في ۲ بشنس 368م.

اختلفت الآراء حول عمره حينما ذهب إلى القديس باخوميوس: يقول البعض إنه ذهب إلى الدير القريب وعمره 14 سنة ومكث يجاهد فيه ست سنوات ثم صاحبه الراهب باكوس أو باكيسيوس إلى القديس باخوميوس. وكان عمر تادرس عندئذ عشرون عاما. والرأي الآخر يقول إنه مكث 4 شهور فقط في الدير القريب ثم تقابل مع القديس باخوميوس وانضم إلى الشركة الباخومية وعمره 14 سنة فقط. ولذلك اختلفت الآراء في تاريخ نياحته، قيل 368م وقيل أيضا 375م.

في الرسالة الأولى من البابا أثناسيوس إلى هورسیسیوس والتي حملها القديس تادرس، يذكر البابا أثناسيوس أنه عندما سأله تادرس قائلا: “اذكرني”، أجابه القديس أثناسيوس: “إن نسيتك يا أورشليم تنسي يميني ويلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك”.

كتاباته

  • عظة يذكر فيها بدايات حياة باخوميوس والصعوبات التي واجهته في تأسيس الشركة. وهي تفاصيل لم تذكرها باقي سیر باخوميوس، وحفظت في نصها القبطي فقط.
  • رسالة حفظت في نصها القبطي فقط.
  • كتب مار أو غريس البنطي ما يلي عن القديس تادرس: سأل أحد الرهبان القديس تادرس “أيها القديس، لماذا أغضب بمجرد أن تقال لي كلمة قاسية؟” فأجابه قائلا: “رجل الله مثل الكرمة، فعندما يقطف أحد من ثمرها ويعصره لا يعطي سوى نبيذ حلو. وهكذا أيضا إنسان الله مهما أصابه فهو لن يصدر منه سوى حلاوة كلمة الله المكتوبة في الكتاب المقدس. أما الرجل الجسدي والغضوب فهو من الناحية الأخرى يخرج فقط مرارة الكلمات التي لا تفيد الرجال المؤمنين الذين يحتملون بصبر كل شيء يأتي عليهم من الله”.

من تعاليم أبا تادرس:

  •  نعرف يقينا أن روحه القدوس يسكن فينا وسيعطينا القوة فلا تكن ذوي همة مثبطة ولا نفكر بأن نجد العزاء عند أي إنسان .. فقط سخاء الله هو الذي يبقى.. ولهذا فلنتكل على الرب “.
  •  إني أؤكد لكم أيها الإخوة إننا إذا لم نهتم كل وقت بكلمات الإنجيل، فإن عدو الخير سينزع منا خوف الله ويجعلنا نخافه هو وعندئذ نسقط في أعماله الشريرة ونبتعد عن الله الذي خلقنا على صورته.
  •  إني أخاف أنا أيضا من السقوط في أيدي العدو… لأنه إن كان هناك ملائكة قد سقطوا وكذلك أنبياء و أيضا من الرسل الذين تبعوا الرب يهوذا، وآخرون من الذين تحدث عنهم بولس الرسول… فكم يجب علينا أن نعيش في مخافة الرب كل حين.

و كثيرا ما أراه الله رؤى لتعزيه مثل أن يرى السيد المسيح جالساً على عرشه وحوله الاثنا عشر رسولا وذلك في الكنيسة أثناء ترتيل الإخوة للمزامير. وأحيانا يرى ملائكة في قلايته يشجعونه على الجهاد. وكثيرا ما كشف له الله هو وأبيه باخوميوس فرأيا نفوس الإخوة المنتقلين تحملها الملائكة بتهليل، وغير ذلك من الرؤی.

 تتيح بعد أن رأس الشركة حوالي 18 عاما. وفي هذه المناسبة أرسل القديس أثناسيوس رسالة إلى هورسیسیوس متوسط إليه أن يتقلد رئاسة الشركة مرة أخرى. وتشهد هذه الرسالة إلى التقدير العظيم الذي تمتع به القديس تادرس. وهذا هو أغلب نصها: … سمعت في هذه اللحظة أن المطوب ثيئودورس قد ذهب إلى مساكن النور، ولو أن خدماته انتهت بانتقاله لكنت مزجت دموعي بدموعكم، ونحت طويلاً على هذه الخسارة الفادحة.… ولكني واثق تمام الثقة من أنه لا يزال يخدم وهو يتنعم بالمجد الأبدي. وأدعو الله أن تكون خاتمة حياتنا شبيهة بخاتمة حياته، كما أدعو أيضا أن ينجح كل منا في أن يصل بسفينته إلى ميناء السلام… ويا إخوتي الأحباء الذين أشتهي أن أراهم لا تبكوا على فراق ثيئودورس، بل بالحري جاهدوا لتقتفوا آثاره وتحيوا حياته. لا ينبغي أن يحزن المرء على من ذهب إلى الموضع الذي لا حزن فيه… أما أنت يا هورسیسیوس المحبوب فاحمل عبء قيادة الإخوة بعد ثيئودورس، تفقدهم في مختلف الأديرة، ثبت وشدد قلوبهم للجهاد. ولقد شاركت ثيئودورس وهو بعد في الجسد عبء الرياسة، فاعمل على مضاعفة مجهوداتك لأنك الآن تحمل العبء وحدك. ختاما أرجو من جميع الإخوة أن يصلوا ليقر الله السلام في بيعته المقدسة. وإننا لنشكره تعالى لأنه سمح أن نعيد القيامة المجيدة والصعود الممتليء جلالاً في هدوء وسلام وهذه النعمة الفائضة من إلهنا قد ملأتني غبطة. وحين يصل إليك خطابي هذا بلغ جميع الإخوة سلام کهنتي الذين يشاركوني في تقديم عزائهم إليكم. وأدعو الله أن يحفظكم جميعاً في صحة وعافية أيها الإخوة المحبوبون المؤمنون حقا.

أثناسيوس بنعمة الله                
إلى هورسيسيوس أبي جميع الرهبان     
وإلى الإخوة العائشين معه في إخلاص الإيمان المستقيم

فاصل

 من كتاب نظرة شاملة لعلم الباترولوجى للقمص تادرس يعقوب ملطي

فاصل

 

القديس باخوميوس

 
القرن الرابع العصر الذهبي

 

القديس يوحنا الأسيوطي

 
مشاهير وقديسين الكنيسة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى