البابا شنودة الثاني
بعد وفاة البابا زكريا انتخب مجمع الاساقفة راهب يسمي شنودة من دير أبي مقار.
وكانت العادة أن الخليفة لا يصرح بتقليد البطريرك إلا اذا اورد مبلغاً مقداره 6000 دينار نقداً أو يكتب صكاً ليدفعه في ميعاد معين، وكان من بين الاقباط رجل مسموع الكلمة يسمي ابن بكر فسعي لدي الخليفة فأصدر أمر برفع هذه الغرامة وأذن برسامة الاب شنودة بطريرك، فرسم في شهر كيهك سنة 745 ش و 1032 م في عهد خلافة الظاهر بن الحاكم
وفي وقت ترشيح شنودة اشترط عليه اكليروس الاسكندرية ان ينفق علي كنائسهم كل سنة 500 دينار، واشترط عليه أعيان الطائفة ان يرفض قبول اي رشوة لاسيما ممن يريد أن ينال درجة كهنوتية.
ولكن هذا البطريرك لم يكد يستقر علي الكرسي المرقسي حتى اظهر من محبة المال ما أوجب اعتراض أهم أبناء أمته علية لاسيما ابن بكر الذي نصحه بالسير في طريق الاعتدال فأهانه وتجاوز عهده، ولم يكن يسمح برتبة الاسقفية او القسوسية إلا لمن يدفع له رشوة.
ويقال ان الايغومانوس يوحنا الذي طالب بالاسقفية في عهد البابا ذكريا ولم ينالها رأي الفرصة مناسبة للحصول عليها فقدم للبطريرك ما جعله اهلا للاسقفية علي ابروشية العريش وصار يدفع ستين دينار سنويا لحصوله علي امنيته.
وباع البطريرك اسقفية بانفيوس للاسقف روفائيل بالف ومائتي دينار
واسقفية ليكوبوليس (اسيوط) بمبلغ فادح. غير ان شعب ليكوبوليس رفض قبول هذا الايغومانوس اسقفاً عليه لعلمه بنوال الرتبة بالسيمونية، فطلب من البابا إما ان يقنع الشعب أو أن يعطيه ما دفعه فرفض اجابة الطلبين
وأصدر هذا البابا قرارا يقضي بأن تكون جميع مقتنيات الاساقفة ملكا للبطريركية بعد وفاتهم وكان أول من نفذ فيه هذا القرار أسقف شنان فأمر أخاه أن يسلم كل ما كان لاخيه الي البطريركية، فطلب منه أن يترك له ولو شيئاً يسيرا يعيش منه فلم يقبل، فاعتنق الرجل الديانة الاسلامية ورفع دعواه للمحاكم الشرعية التي حكمت له بأحقية امتلاك جميع املاك اخيه.
غير أن هذا القرار أي تحويل مقتنيات الاساقفة الي البطريركية بعد وفاتهم صار نافذ المفعول وعمل به لغاية يومنا هذا
وفي السنة الثانية من رئاسة هذا البطريرك أظهر رفضه لدفع الاغاثة التى قررها للاسكندريين واعتذر بعدم كفاية ايراد البطريركية لمصروفاته، فرفع عليه اكليروس الاسكندرية دعوى في مجمع انعقد بالقاهرة حضره ابن بكر ولما طال الجدال بين البطريرك والاسكندريين تعهد ابن بكر و وجهاء الطائفة بدفع هذه الاعانة إذا اقلع البطريرك والاساقفة عن بيع الرتب الكهنوتية، فقبل التوقيع علي قرار بهذا الشكل. وكان بعض الاساقفة قد اخذوا أموالا من بعض العلمانيين ليكرسوهم كهنة قرقضوا التوقيع معتبرين عملهم شريفا.
فتقدم اليهم ابن بكر ونصحهم بالعدول عن هذا التصرف الوخيم فأظهر البطريرك ارتياحه لكلامه وطلب منه القرار ليعيد قراءته علي مسمع الاساقفة فأعطاه اياه ابن بكر مطمئناً ولكنه اندهش اذ راه ممزقا بين يديه وانتهي المجمع علي هذه الحالة المحزنة
غير ان الاساقفة الذين اثر فيهم كلام ابن بكر اجتمعوا في كنيسة أبي سيفين وأظهروا رضاءهم علي قراره واتفقوا علي السير بموجبه. فتحزب البطريرك ولبس في كنيسة الملاك ميخائيل ثم توجه في اليوم التالي الي كنيسة أبي سيفين وتقابل مع الاساقفة وابن بكر وأخذ في مناقشتهم حتى قبل اخيرا أن يمضي ذلك القرار
ولكن اذ راى ابن بكر يتدخل في شئونه المالية رجع الي عناده وعمل علي إهانته وقضي بقية حياته مبغوضاً حتى ادركته المنية في 12 هاتور سنة 761 ش و 1047 بعد أن قضي بطريركا 14 سنة و 7
أشهر و 15 يوما
__________________
المراجع :
- كتاب تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا
البابا زكريا | القرن الحادي عشر | العصور الوسطى | البابا خيروستوذولو |
تاريخ البطاركة | |||
تاريخ الكنيسة القبطية |