انبا موسى أسقف أوسيم

 

من اعلام آباء الكنيسة في هذا الجيل، نشأ على حب الطهارة والبتولية من صغره وتعلم علوم البيعة وصار شماساً. ثم قصد برية شيهات وترهب عند رجل قديس فمكث في خدمته مدة ثمان عشرة سنة سالكاً طريق الفضيلة والنسك الزائد . ولما اشتهر أمره أختير أسقفاً لاوسيم فرعي رعيته أحسن رعاية، ولم يقتن شيئا في كل زمانه وعرف بالتقوى والشجاعة وكان يقضي جل أوقاته في الأصوام والصلوات حتى لم يكن يتيسر للناس مقابلته الا في يومي السبت والاحد وكان غيوراً على الإيمان المستقيم ففي أول رسامته كان في مدينة أوسيم اديرة كثيرة لاصحاب ميليتس المنشق فوعظهم بكلام كثير وكان جلهم قد لبسوا الاسكيم من يده فلما لم يطيعوه نفاهم جميعاً.

واعطاه الرب موهبة صنع الايات والعجائب فشفى كثيرين من امراض مختلفة وتنبأ كثيراً عن حوادث قبل وقوعها فكان كما قال . وقبل انتخاب البابا خائيل الأول كان والي مصر يضايق الأقباط فتنبأ الانبا موسى عن آخرته السيئة وتم قوله، وتولى بعده حفص بن الوليد فطلب منه الانبا موسى أن يسمح لهم بانتخاب بطريرك فسمح لهم.
 ولما جرى الاضطهاد على البيعة هرب كل الأساقفة الى كراسيهم الا ان أبروشية الانبا موسي تعلقت به لكي لا يتركها فريسة للذئاب فكان يطوف الجيزة وأعمال مصر مفتقدا المؤمنين ومثبتا اياهما. وأتاه يوماً بعض اراخنة مصر وطلبوا اليه أن يصلي الى الله ليرفع الكرب عنهم وعن شعبه لانهم كانوا قد أحصوا الذين اعتنقوا الإسلام فوجدوهم أربعة وعشرين الفاً فقال لهم آمنوا يا أولادي «ان الوالي الذي يضطهد كم يهلك في بحر هذا الشهر » فكان كما قال.

ولما بلغ أمره حوثرة الوالي الذي خلف ذال قرب اليه القديس وكان يستشيره في الأمور المهمة.
وحدث بعد ذلك خلاف بين الأرثود كسيين والخلقدونيين على البيع فخاف الشمامسة ان يدفع الخلقدونيين رشوة للوالي فيسلم لهم كنائس الأرثوذكسيين ولذلك طلبوا من الانبا موسى أن يرشي الوالي مثلهم فأجابهم « يا أولادي لا يليق بالبطاركة ولا الاساقفة أن يدفعوا رشوة لاحد، كما لا يليق بهم ان يأخذوا من أحد، فإن الله لا يتخلى عنا حسب وعده » وقد حقق الرب قوله فحكم
بالكنيسة للأرثوذكسيين.

وفي أثناء ثورة البشامرة ضد الحكومة سأل تلميذ له عن النتيجة فأجابه لا يترك الله بيعته الى التمام بل يخلصها وهذه المملكة تبيد وتحل أخرى محلها، و بعد مدة وجيزة ضيق ابن مروان الوالي على البابا خائيل فأتي هذا صباح يوم احد الى اوسيم والجنود تقوده فعندما ابصرهم الأنبا موسى قال “هذا هو اليوم الذي أتوقعه ومن اراد ان يبذل نفسه فليتبعني لأني أشتهي من زمان ان أسفك دمي الدنس عوضاً عن الدم الزكي المسفوك عنا . ولكن عظيم هو حزني لان جيل القديسين قد اضمحل وافتقرنا جدا اذ لا نجد انساناً يشاركاني هذه التضحية” .
ولبس القديس ثوبا وترك جميع ما في بيعته وتبع البطريرك، ولما  مثلوا امام الوالى طرح الأنبا موسى على ركبتيه ورفعت رجلاه الى فوق وضرب بدبابيس نحاس على جنبيه ورقبته و كان الجنود المكلفون يضر به يقولون له اعطنا مالا ونحن نتركك، فلم يكن يجاوب بكلمة واحدة.
وأمر الوالي بقطع رقبة البطريرك وساقه السياف الى موضع القتلى، فجرى الأنبا موسى خلفه ولم يشأ أن يتركه فمنعه السياف وهو لا يمتنع حتى غضب منه ورفع عليه دبوس نحاس ليضربه به فمد القديس رأسه، الا ان بعض الموظفين منعوا السياف من أن يضربه . وكان الجنود يشهدون عنه قائلين بلغتهم العربية ” نعم هذا الخادم لربه”. ثم وضُع في السجن مع البطريرك مع البطريرك وقيدت رجلاه مع كثيرين من الأساقفة فتنبأ لهم الأنبا موسى بأنهم يخرجون بالسلامة وتم قوله لأن مروان مضطهدهم أنهزم فخرجوا من السجن سالمين إلى كراسيهم.

وأستمر القديس موسى مرافقاً للبابا خائيل طول أيام تجاربه، ولما أكمل جهاده مرض وعرف أن وفاته قد دنت فأستدعى إليه رعيته وأوصاهم ثم باركهم وتنيح بسلام.

فاصل

أنبا صموئيل أسقف أوسيم

القرن الثامن عصر التراجع

أبو المكارم

مشاهير وقديسين الكنيسة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

زر الذهاب إلى الأعلى