البابا الكسندروس الثاني

البطريرك رقم 43

بعد نياحة البابا سيمون لم يتمكن الأساقفة من إقامة خلف له، فخلا الكرسي ثلاث سنوات، بعد ذلك طلب أثناسيوس رئيس ديوان الأمير عبد العزيز من الأمير أن يسمح للأنبا غريغوريوس أسقف القيس أن يتولى شئون الكنيسة، فكتب له أمرًا بذلك. وكان الأنبا غريغوريوس إنسانًا تقيًا محبوبًا حتى لم يفكر الكل في سيامة بطريرك لمدة أربع سنوات، وأخيرًا أجمع الرأي علي سيامة ألكسندروس بطريركًا، وكان راهبًا بدير الزجاج وديعًا حكيمًا عالمًا بالكتب المقدسة، ما أن رآه الأمير حتى أحبه.

سيامته:

بعد استئذان الوالي أُقيم الكسندروس بطريركًا في 30 برمودة من عام 695 م.، في عيد القديس مارمرقس، وكانت أيامه الأولي كلها صفاء وشمل الجميع سرور عظيم، وساد الكنيسة السلام.

متاعبه:

مات الأمير عبد العزيز فحزن عليه جميع المصريين من مسلمين ومسيحيين، إذ عرف بعدالته وحكمته، وجاء من بعده عدة ولاة هم عبد الله وقرة وأسامة وعبيد الله كانت أسماؤهم رمزًا للعنف والقسوة علي الجميع، حيث ضاعفوا الضرائب بصورة صارخة، فلم يسمحوا بدفن ميت دون دفع ضريبة عنه، وكان الكل ساخطًا عليهم، وبلا شك كانت الضرائب أضعافًا مضاعفة علي المسيحيين.

إذ تولي عبد الله الولاية وجاء إلي الفسطاط جاء البابا يحييه، فسأل عنه فقيل إنه أبو الأقباط، فقبض عليه وسلمه لأحد حجابه وطلب منه أن يهينه حتى يدفع ثلاثة آلاف دينار. تقدم شماس يدعي جرجس إلي الأمير يسأله: “أيهدف مولاي إلي اعتقال البابا أم إلي الحصول علي المال؟”، وإذ أظهر الأمير رغبته في المال طلب منه أن يخلي سبيل البابا حتى يقدر أن يطوف معه وسط الشعب ويجمع له المال، وبالفعل طاف معه في الوجه البحري حتى جمع المبلغ وسلمه للوالي. هذا وقد بذل عبد الله كل طاقاته للإبطال اللغة القبطية في الدواوين والمدارس ومحاكمة من يستخدمها.

بعد عبد الله تولي الأمير قرة الولاية عام 701، وتكررت نفس المأساة وقام البابا بزيارة الوجه القبلي، ففرح به الشعب جدًا إذ لم يكن قد زراهم البطريرك قط منذ أيام الأنبا بنيامين (البابا 38) حين كان مختفيًا بينهم، وأخيرًا قام بسداد المبلغ.

ارتفعت الضرائب جدًا خاصة علي الأقباط، حتى اضطروا إلي بيع أواني المذبح الفضية، واستبدالها بأوانٍ خشبية أو زجاجية لتسديد الجزية، وكان هناك سخط من المسلمين أيضًا علي الأمير.

مرة سعي بعض الأشرار لدي الوالي متهمين البابا بأن قومًا لديه يضربون الدنانير، فأرسل جماعة من الجند أهانوا البابا وصاروا يضربون أصحابه حتى قاربوا الموت، وإذ ظهر بطلان هذه الوشاية تركوا الدار البطريركية.

بجانب هذه المتاعب الخارجية سقط البابا تحت متاعب من كنائس الإسكندرية وكهنتها إذ اعتادت منذ عهد قسطنطين أن تقدم لها البطريركية معونات، لكن بسبب الغرامات التي حلت بالبابا والضيق الخارجي لم يستطع البابا أن يقدم شيئًا فثار بعض الكهنة والأراخنة ضده، وكان يتوسل إليهم موضحًا لهم كيف صارت الكاسات التي تقدم فيها الأسرار المقدسة من زجاج بسبب ما حلّ بالكنيسة من ضيق، وإذ يقبلوا كلماته اضطر إلي انتهارهم وطردهم فخرجوا يشنعون عليه.

بجانب هذه المتاعب حلّ بالبلاد قحط شديد ووباء، فمات كثيرون بسبب الجوع والمرض، وكان البابا مع الأساقفة يجولون في البلاد ليسندوا الشعب بسبب ما حلّ بهم من كوارث.

ومن متاعبه أيضًا ما أثاره طبيب بيزنطي اسمه أنوبيس نجح في استمالة والي الإسكندرية بسبب مهنته، مقنعًا إياه أن يقيمه أسقفًا علي الإسكندرية، وإذ تحقق له لك صار يقاوم البابا بكل طاقاته مستغلًا صداقته مع الوالي، فثار الشعب عليه جدًا، واضطر من الخوف أن يلجأ إلي البابا الذي استقبله بمحبة، فخجل جدًا وأعلن ولاءه للبابا، وبقي هكذا علي ولائه مدي حياته.

لما صار حنظله بن صفوان واليًا عام 713 أراد أن يرسم علي يدي كل مسيحي صورة الأسد (الوحش)، ثم قبض علي البابا البطريرك وأمره بذلك، فطلب منه مهلة ثلاثة أيام، فدخل إلي مخدعه واشتهي الانطلاق من هذا العالم ولا يري ما يحل بشعب الله. وإذ تزايد المرض به جدًا سأل قوم الوالي أن يسمح له بالانطلاق إلي كرسيه بالإسكندرية فحسبه يتمارض، لكنه أخذ مركبًا وانطلق سرًا إلي الإسكندرية، وإذ علم الوالي أرسل وراءه قومًا ليقبضوا عليه فوجدوه قد تنيح، فقاموا بتعذيب تلاميذه.

كانت مدة إقامته علي الكرسي 34 سنة ونصف، وقد تنيح في 7 أمشير (سنة726 م).

فاصل

البابا سيمون الأول القرن الثامن عصر التراجع البابا قزمان الأول
تاريخ البطاركة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى