أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته
“أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟” (رو 4:2)
خطران محدقان بك أيها الإنسان ، كنت من كنت : الخطر الأول : أن تستثني نفسك من دينونة الله لأي سبب كان.
الخطر الثاني : أن تستخف برحمة الله وصبره على الخطاة ، كونه لا ينزل بهم العقاب في هذا الدهر علناً.
في هذه الآية نلمح ثلاث صفات طبيعية في الله على أعظم مستوى من الخير والرحمة يتعامل بها الله مع الخطاة في هذا العالم يلزم أن نعتبرها جداً وإلا تتحول ضدنا إلى مزيد من الغضب ومزيد من القسوة في الدينونة العتيدة ، وهي : اللطف وهو الشفقة . الإمهال ، الذي هو الاحتمال . طول الأناة أي النفس الطويل .
فمعاملات الله مع الخاطئ ، حتى دون أن يلتفت أو ينتبه ، هي في غاية الرقة والحنو ، وهو يطيل أناته بصبر فائق عليه ليتوب ، يحاصره بكل عوامل النصح والتوجيه ، وأحيانا التأديب الحاني ، لعله يلتفت إلى هذه الرقة والحنان فيتحشم ويتوب ، ولكن ليس إلى النهاية ، ففي وقت ما لا يعلمه الخاطئ ، تنتهي فترة السماح الممنوحة له ، ويدخل في دور رفع العناية ، ويا لها من مصيبة!
والرسول يصرخ في وجه الخاطئ المستمرئ(وجده مستساغًا) أناة الله ولطفه ليقول له : انتبه! فهذا الصبر سيحسب ضدك . لا تستغل هذه الفرص للاستمرار في خطيتك ، بل هي فرص معطاة لك ، لا لتستغلها لحساب الشيطان ؛ ولكن هي فقط لحساب نفسك.
مصيبة الإنسان هو أن ينسى أن لهذه النعم والمراحم الإلهية عليه مطالب وحقوق ، وهي التوبة . فإذا تغافل الشخص عن هذه الالتزامات ؛ فإن غنى الله وإمهاله تتحول إلى شهادة ضده يوم الدينونة .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين