أيها الأحباء
“أيها الأحباء ، إن كان الله قد أحبنا هكذا ينبغي لنا أيضا أن يحب بعضنا بعضاً” (1یو4: 11)
إن كان الله قد أحبنا وبادلناه الحب بحب بنوي صادق ؛ أصبحت لنا خبرة الحب وعطاؤه . وأصبح علينا في الحال أن نعبر عن هذه الخبرة بأن نحب بعضنا بعضاً ، وإلا فإن محبة الله لنا تتوقف ، لأنه أعطانا من حبه لكي نعطيه للآخرين.
ولكن الله لا يجبرنا على محبة بعضنا بعضاً وإنما هو فيض نابع أصلاً منه ، فإذا توقف دون أن نعطيه توقف من طريقه إلينا ، فمحبتنا هي تشغيل محبته المنسكبة فينا.
إن كان الله قد وهبك رائحة عطرية جميلة سرت بين الناس ؛ فهل تستطيع أن تمنعها عن واحد وتعطيها لآخر؟ هكذا المحبة فهي رائحة المسيح الذكية قد حصلنا عليها من مصدرها الدائم ، تفوح من عيوننا وأفواهنا وأعمالنا وتصرفاتنا ، يشتمها ابن الله فيمجد صاحبها ، ويشتمها ابن العدو فيلعننا ، ولكننا نظل نفوح برائحة المسيح وسط اللعنات ، وهي قادرة أن تعطي الحياة أو الموت دون أن تتدخل.
وعطر المحبة لا يُباع ولا يشترى ، ولا يستطيع أحد أن يأخذه لذاته فقط ؛ بل هو لا يفوح إلا في حالة العطاء . فإذا لم يُعط المحب يفسد ولا يكون له رائحة ! ولكن لا تستنفد رائحته أبدا ، فهو دائم الفواح يُعلن عن ذاته دون صوت أو كلام . وفي إعلانه لذاته يعلن عن أصله ومصدره ، ولا يستطيع أحد تقليده. فالمحبة مختومة دائماً بعلامة الصليب +، ولكنها علامة حية إذا دققت فيها ترى صاحبها بجروحه.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين