إن أعثرتك عينك فاقلعها

 

“إن أعثرتك عينك فاقلعها” (مت ۹:۱۸)

الوصية في الكتاب المقدس بصورتها الصارمة ، كأن يقلع الإنسان عينه أو يقطع يده أو يخصي نفسه ، لا تعتمد على قدرة الإنسان الطبيعية أو شجاعته وإنما تستمد ثقلها الروحي من طاعة الوصية طاعة حرفية ، ومن الاعتماد على القوة الروحية الموهوبة للإنسان بواسطة الخليقة الجديدة التي نالها من الله . هذا بالإضافة إلى استعداد المسيح الكامل للمعونة الشخصية في اللحظة الحرجة حين يصل الإنسان بالفعل إلى مستوى نية إبراهيم في ذبحه ابنه إسحق ، وحينئذ تتم معجزة التحول والنجاة.

الوصية في الكتاب المقدس موضوعة للتنفيذ الفعلي ، إنما على مستوى الضمير بكل صدق وأمانة وإخلاص . والمسيح في حياته أتم العملين معاً: عمل النية مع العمل الفعلي ؛ فالمسيح ذبح نفسه بالنية يوم الخميس حين قدم لتلاميذه جسده المكسور ودمه المسفوك ، وفي يوم الجمعة سلم الجسد فعلاً للذبح على الصليب .

الكتاب المقدس يتشدد في الوصية بقدر ما يضمن نتيجة بلوغ حد تنفيذها! فالوصية ، قبل أن تبلغ هذه الصورة العظمى من العنف والصرامة تجاه الجسد ؛ سبق وغرست في الجسد عينه – كخليقة جديدة – غلبة الموت وقوة الحياة .

الكتاب المقدس ، قبل أن يطلب أن تقلع العينان وتقطع اليد والرجل ، سبق فولد فينا إنساناً جديداً كاملاً بكل أعضائه ، روحياً مؤهلاً للحياة الأبدية ، لا يتأثر من تقطيع الأعضاء بل ولا يخشى من القتل كلية .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى