الإنسان الروحي شاهد للمسيح

 


من الصفات الأساسية التـى يتصـف بهـا الإنسـان الروحى الشـاهد للمسـيح: “ضـبط الـنفس”  فهـــو لا يتـــرك نفســـه تخضـــع لرغبـــات الجســـد وشـــهواته, بـــل كلمـــا اشـــتهت نفســـه شـــهوة خاطئـــة، يخضـعها بكـل حـزم لقيـادة الـروح. وكمـا يقـول الكتـاب: ” مالك روحه خير ممن يأخذ مدينة”(أم 32:16). يملك نفسه أو يضبطها، أى لا يعطيها كل ما تريد. بل يقـف ضـدها، عمـلاً بقول السيد الرب “ مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُبْغِضُ نَفْسَهُ فِي هذَا الْعَالَمِ يَحْفَظُهَا إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ. ” (يو 25:12). إن ضبط النفس يشمل عناصر كثيرة منها: 
1- ضبط اللسان.
2- ضبط الفكر.

3- ضبط القلب، يضبط الرغبات والشهوات.
4- ضبط الأعصاب.

والذى يحكم نفســـه، يجعلهـــا خاضـــعة لقـــيم ومبـــادئ، وأنظمـــة وقـــوانين. لأن الـــذى لا يحكـــم نفسه، إنما يسلمها إلى الضياع, أما الذى يضبط نفسه، فهو يحبها المحبة الحقيقية..
لأن الذى يدلل نفسه، يضيعها ويضيع غيرها معهـا، أمـا الـذى يكـون حازماً مـع نفسـه، فإنـه بهــذا الحــزم ينقــذها، وينقــذ غيرهــا منهــا، ويحفظهــا فــى علاقــة طيبــة مــع االله, ويــنظم اهتماماتــه وعلاقاته هكذا: االله أولاً، الناس ثانيا، نفسه أخيراً….

1- ضبط اللسان

الإنسان الروحى لا يتكلم بكل ما يأتى على فكره مـن كـلام وأفكـار. بـل يـزن كـل كلمـة قبـل أن يقولها، وميزانه لا يقتصر فقط علـى كـون الكلمـة هـل هـى فـى حـد ذاتهـا خطـأ أم صـواب.. إنما يهمه أيضا تأثير الكلمة على الآخرين، و
 ردود فعلها، ونتائج ذلك..

فالذى يعرف نتـائج أخطاء اللسـان، وأى نار يحـرق، وكيـف أنـه يــدنس الجسـم كله  (يع 3: 5-6)، هذا الإنسان يحترس جداً قبل أن يتكلم، ويقول: “اجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي. احْفَظْ بَابَ شَفَتَيَّ.” (مز 3 :141). إنـه يعـرف أن الكلمـة التـى تخـرج مـن فمـه، لا يمكـن أن ترجع مرة أخرى، لأنها قد وصلت إلى آذان السـامعين وحسـبت عليـه، مهمـا حـاول أن يسـحبها أو يعتــذر عنهــا أو يحــاول إصــلاح نتائجهــا..! بــل أصــبحت ســبب للدينونــة، حســب قــول الــرب  أنه: “بكلامك تتبرر وبكلامك تُدان” (مت 37:12).

2- ضبط الفكر

 الإنسـان الروحى ، كمــا يضــبط لســانه، يضــبط فكــره  أيضاً. فــلا يتــرك عقلــه يســرح في أي فكر خاطئ يأتى إليه، بل يطرده بسرعة، ولا يتساهل أبداً معه...
ٕ كذلك لا يقبـل الأفكـار التـى تبـدو بسـيطة فـى أولهـا، ثـم تتـدرج إلـى ما لا يليـق.. وإن خدعه فكر ثم اكتشفه، يوقفه بسرعة، لأن التمشى مع الفكر الخاطئ خيانة للرب.
والإنسان الروحى لا يكتفى بضبط الفكر ومنعه من الخطأ، إنما بالأكثر يشغل عقله بأفكار روحية نقية، حتى إذا جاء الشيطان ليحاربه بفكر ردئ، يجد عقله منشغلا ً بتأمل روحى وغيـر متفــرغ لــه.. ويســتطيع الجو الروحي الذى فى عقله، أن يمنع أى فكر خاطئ مــن الاقتـراب إليه.. كحصن حصين..

3- ضبط الحواس

لما كانت الحواس هى أبواب للفكر.. لـذلك فالإنسـان الروحـى يضـبط حواسـه، لكـى يضـبط فكــره.. فهـــو يحفـــظ عينيـــه، ويحفــظ سـمعه، وإن وصـــل إلـــى حواســه شئ يجلـــب الفكـــر يبعـــده  خارجاً بسرعة. ويلجأ إلى سياسة الإحلال. فيضع فكراً بدلاً من فكر.
 كما كان القـديس الأنبـا يوحنـا القصـير يفعـل، إن سـمع شـيئاً غريباً يطـرده بفكـر طـاهر.. أو كما قال الأنبا أور لتلميذه: “انظر يا ابنى، لا تدخل هذه القلاية كلمة غريبة”..

– ضبط الأكل والشرب:

كثيــرون يهتمــون بضــبط أنفســهم فيمــا يخــتص بالأكــل بمــا اصــطلح علــى تســميته بــالريجيم، لتخفيــــف الـوزن إما للعـلاج من السكر، أو مــــن الكولســــترول، أو بسـبب مرض القلـب، أو لتحاشى السمنة.. إلخ.
أمــا الإنســان الروحــى فيضــبط نفســه فــى الأكــل والشــرب لأســباب روحيــة، يــدخل فيهــا النســك والصوم. ويتخذ من ضبطه لنفسه وسيلة لإخضاع الجسد، لكى ما يعطى فرصة للروح..
إن أمنــا حــواء لــم تضــبط نفســها مــن جهــة الأكــل، فخالفــت وصــية الــرب وأكلــت مــن الشــجرة المحرمة، وهكذا فعل أبونا آدم أيضاً، وكانت الخطيئة الأولى..
وســـبق ذلـــك الســـقوط عـــدم ضـــبط الحـــواس، ســـواء فـــى الســـماع للحيـــة، أو فـــى النظـــر إلـــى الشجرة، فإذا هـى ” جيدة للأكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهية للنظر ” (تك 6:3).. حقاً إن خطيئة يمكن أن تقود إلى خطيئة أخرى.. فتنتقل من الحواس، إلى الفكر، إلـى إلى العمل.

4- ضبط الأعصاب

 الإنسـان الروحـى يحـاول ضــبط أعصـابه وأن يبعـد عـن الغضــب
، عمـلاً بقـول الكتــاب: ” لأَن غضب الإنسان لا يصنع بر الله ” (يع 20:1).

وإن وجــد الغضــب تحــرك فــى قلبــه، لا يتركــه يســيطر علــى لســانه وعلــى أعصــابه.. وهكــذا يبذل جهده فى السيطرة على الألفاظ فى وقت الغضب. إما أن يصمت، أو يتحكم فى كلامه، أو بالأكثر يصرف الغضب من داخل قلبه.. وبكافة الطرق يحاول أن يهدئ نفسـه، فـلا يثـور، أيضاً ولا يرتفـــع صـــوته، ولا يحتـــد.. كمـــا يحـــاول أن يهـــدئ ملامحه ايضاً.. ويعمل بقول الرسول يعقوب: “إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ،” (يع 19:1). 
فالذى يسرع إلى الغضـب، يقـــع فى التهور، ويسقط فـــى خطايـــا كثيـــرة. وقـــد يتصرف تصرفات ينـــدم عليهـــا جـــداً حينمـــا يهـــدأ. ويشـــعر أنـــه في غضـــبه قـــد فقـــد صـــورته الإلهيـــة، وصار عثرة لكثيرين..

 فى الحياة كلھا :

إن ضبط النفس يشمل الحياة كلها..
فالإنســان الروحــى يضــبط نفســه مــن جهــة محبــة الراحــة أو المتعــة. يضــبط نفســه مــن جهــة الوقــت وحســن توزيعــه علــى المســئوليات، واحتــرام المواعيــد.. يضــبط نفســه مــن جهــة الانتقــام لنفسه إذا لحقته إهانة أو إسـاءة. يضـبط نفسـه مـن النـواحى الماليـة، ومـن جهـة أخـذه وعطائـه.
علاقاتـه مـع الآخـرين، وإلى أى حـد تكـون.. يضـبط مشـاعر قلبـه وأحاسيسـه، فــلا تنحــرف يمنــه ولا يســره.. يضــبط نفســه فــى الطاعــة فيحتــرم الكبــار والمســئولين ويطيــع فــى  احتـــرام, وحتـــى مـــن جهـــة العبـــادة، ومـــن جهـــة الخدمـــة، وفـــى إشـــرافه علـــى الغيـــر، وفـــى جميـــع
مسئولياته، يضع لنفسه ضوابط.

يشــهد الإنســان المســيحى فــى حياتــه الخاصــة للمســيح بــأن يعــيش فــى النقاء الداخلى، بالبعد عن مجال الخطية، وأيضاً البعـد عـن الفـراغ، وذلـك  بأن يشغل نفسه باستمرار بحياة روحية مثمرة وبأشياء نافعة.
فعلينا أن ندرب أنفسنا على:

  • أ- اهتم بأن تحرس أفكارك وتكون أفكار نقية، وألا تقبل كل فكر يأتى إليك.
  • ب- حاول أن تشغل أفكارك بأشياء نافعة. مثل:كيف تصنع خيراً للأخرين.

ابتعد عن:

  • أ- إهانــة الأخــرين “بالشــتيمة أو الــتهكم أو التــوبيخ القاســى أوالتهديد”.
  • ب- لا تقع فى الكذب ولا الحلفان ولا إدانة الأخرين.
  • جـ- التزم بمواعيدك وصدق كلامك. 

زر الذهاب إلى الأعلى