الرجاء
الرجاء هــو إحدى الفضائل الـثلاث الكبرى “ أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ” (1كو 13:13)
وهذه الثلاثة ترتبط بعضها بالبعض الأخر فالإيمان يلد الرجـاء, فالـذى يـؤمن بــاالله إنما يكـون له رجاء فيــه والــذى يكــون لـــه رجــاء فــى االله يحبـه وتكـون العلاقة باالله بالمحبة.
فى المسيحية يوجد رجاء للأفراد ويوجد رجاء للهيئات ورجاء للكنـائس ورجـاء للبلاد وللعالم كله:
1- رجاء بالوعود التى قدمھا الله للبشرية :
– “لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ.” (يو18:14)
– ” سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ. ” (يو 27:14) هنــا يكـون الفــرح بوعــود االله
لابد سيعمل عملاً.
2- رجاء بأن كل شىء مستطاع لدى الله :
“كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ ” (مر23:9) يعطينـا رجـاء لا حـدود لـه ونقـول مــع بــولس فــى الرجــاء: ” أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي. ” (فى 13:4), وذلــــك يعطينــــا فكــــرة إنــــه لا حــــدود للرجــــاء كمــــا أنــــه لا حــــدود لقــــدرة االله ولمحبته.
3- الرجاء فى أن الله يشعر بنا ويحل مشاكلنا ويعيننا :
– بالرجاء نشعر إن االله سيتدخل فى مشاكلنا ويحضر لمعونتنـا ولـو فـى الهزيـع الرابع من اللي
–َ وهــذا يمنحنــا فرحاً لانتظارنــا عمــل الــرب معنــا فنكــون “فرحين في الرجاء” (رو 12:12 )
رجــاء أنــه مهمــا ضــاقت الــدنيا نــرى “هَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ،” (رؤ 8:3), واالله جعـل “كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.” (رو 28:8).
4- الرجاء فى ان الله يذكر تعبنا على الارض :
“ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ” (42:10 مت).
” لأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ الَّتِي أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ اسْمِهِ، إِذْ قَدْ خَدَمْتُمُ الْقِدِّيسِينَ وَتَخْدِمُونَهُمْ. ” (عب 10:6), “عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِي الرَّبِّ. ” (1كو 58:15). واالله ســيقول لكــل منــا: “أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ،” (رؤ2 :2).
رجاؤنا: “كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ” (1كو 8:3).
إنه رجـاء أن كـل تعـب مـن أجـل اسـم المسـيح علـى الأرض سـوف يعـوض عنـه فى السماء بالراحة الأبدية.
5- رجاء فى الله الذى يتدخل فى الضيقات المادية والروحية :
حتـــــى لـــــو أتعبـــــت الإنســـــان الخطيـــــة وأســـــقطته وحكمتــــــه
وضغطت عليه جدا، هنـاك الرجـاء أن االله ينقـذه منهـا ويمنـع الحرب عنه: لنا إذن رجاء فى االله أنه حتى لـو ضـغط علينـا أيام ، كمــــا ســــيحدث فــــى الأيــــام الأخيــــرة فــــأن االله ســـوف يقصـــر تلـــك الأيـــام “وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. ” (مت 22:24).
6- رجاء فى الله الذى يتوب الخطاة :
حتى لو انقطع رجاؤنا فى الحياة المقدسة فأن االله سوف لا ينقطع رجاؤه فينا.
فــاالله قــادر أن يعمــل معــى كمــا عمــل مــع خطــاة كثيــرين قبلــى إذ اســتطاع أن يحولهم ليس فقط إلى تائبين بـل قديسـين أيضاً. هكـذا فعـل مـع القديس أغسـطينوس وموســــــى الأســــــود، ومــــــع كبريــــــانوس الســــــاحر وأريــــــانوس الــــــوالى، وشــــــاول الطرسوسى، وهكذا فعـل مـع بيلاجيـة ومـريم القبطيـة، ومـريم المجدليـة “التـى خرج منها سبعة شياطين ” (لو 2:8).
ِ أنه االله الذى “من الجافي خرجت حلاوة” (قض 14:14).
فلنعمل إذن وليكن لنا رجاء أن االله سينمى عملنا الذى اجتهدنا فيه.
7- الرجاء فى الله الذى بدأ معى ھذه الحياة سيكملھا معى:
– فاالله الذى وهبنى هذه الحياة لابد أن يكملها معى.
ْ – فـــاالله الـــذى ســـمح بالضـــيقة لابـــد ســـيتدخل ليخرجنـــى منهـــا “َأخرج من الحبس نفسي” (مز 7:142).
– وان لــم يتــدخل الــرب الآن فلابــد ســيتدخل بعــد حــين ” لأَنَّهُ لاَ تَسْتَقِرُّ عَصَا الأَشْرَارِ عَلَى نَصِيبِ الصِّدِّيقِينَ،” (مز 3:125).
– قيــل عــن يوسف الصديق: “ أَنَّ الرَّبَّ مَعَهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ بِيَدِهِ. ” (تك 3:39).
8- الرجاء فى قيامة الأموات وحياة الدھر اآلتى :
إننا نرجو قيامـة الأمـوات وحيـاة الـدهر الآتـى كمـا نقـول فى قانون الإيمان ويقول بولس الرسول: “إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. ” (1كو 19:15).
– كثيــر مــن النــاس يعلقــون أمــالهم علــى هــذا العــالم وحــده، ويقيســون العــدل بمــا فى هذا العالم لذلك يتعبون إذا لم يتحقق رجـاؤهم هنـا ويظنـون إن االله تـركهم وأنهم وحدهم.
– كثيرون يحزنون إن شعروا أنهم قد فقدوا حبيباً مـن الأحبـاء قـد رقـد فـى الـرب علـــى اعتبـــار أنهـــم ســـوف لا يرونـــه فيمـــا بعـــد بينمـــا يقـــول لهـــم الرســـول: “ ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ.” (1تس 13:4).
– نكــون فــرحين لأنــه أمامنــا الحيــاة بعــد المــوت واللقــاء بعــد المــوت فــى أورشــليم السمائية, والذين لهم رجاء فى الدهر الآتى يفرحون إذ يكنزون لهم كنوزاً فى السماء حسب تعاليم الرب.
– يفرحون بالعطاء واثقين إن كل ما يقدمونـه للـرب مـن العشـور والبكـور (مت 20 :6) وكـل عطـاء سـيجدونه مكنـوزاً لهـم فـوق.. حيـث يعوضـهم الـرب عـن الفانيــات بالباقيــات وعــن الأرضــيات بالســماويات وكــأنهم يحولــون عملــة محليــة بعملة صعبة دون فقدان شىء.
– إن الرجاء بالأبدية يعطى فرحا ً واحتمالاً وانتظاراً للرب, فـى ذلـك يقـول الرسـول:”فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.” (رو 8: 18).” إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ.“(8: 17).
– فالكل يكون فى فرحه بعد أن يكون صابراً فى ضـيقته قـائلاً مع بولس:”لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. “ً ( 2كو 4: 17).
” وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ.” (2كو 18:4).
9- بالرجاء نعيش غرباء على االرض :
“ وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ. …وَلكِنِ الآنَ يَبْتَغُونَ وَطَنًا أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيًّا.” (عب 16،13:11), وكغرباء على الأرض لم يستوفوا خيراتهم على الأرض (لو 25:16).
بــل حتــى فضــائلهم أخفوهــا عــن النــاس حتــى لا يســتوفوا أجــرهم علــى الأرض بــل يجازيهم الرب علانية ” فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. ” (مت 6:6).