جسدي هيكل للروح القدس

  تمسك بقداستك

هل تعلم أن نقطة ماء مستمرة على صخره تفتتها !!
ما هي الصخور التي قد تكون في حياتنا ؟ هل هي الخطايا والشيطان والجسد أم الضعفات التي تعوق اتصالنا بالله ؟! لذلك دعنا نتحدث عن القداسة ، وكيف نتمسك بها ونركز على الجسد والنظرة الصحيحة له ..

1- ما هی حياة القداسة ؟

ليس معنى القداسة هو عدم الوقوع في الخطية ، ولكن القداسة هي حياة القيام من الوقوع في الخطية ، لأن “الصديق يسقط سبع مرات ويقوم ” ( أم16:24) . “ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح ؟ .. أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذى لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم ؟. لأنكم قد اشتريتم بثمن . فمجدوا الله في أجسام وفي أرواحكم التي هي لله ” ( 1كو6: 16، 19-20 ).‏
كثيرا ما نئن من سطوة الجسد !! ونقول : لماذا سمح الله بهذه الحرب ؟ ! ولماذا هذه الغريزة المتعبة ؟
ألم يكن في استطاعة الرب أن يخلقنا بدونها ؟ أو على الأقل لا تتحرك فينا إلا في إطار معين إرادی !! ألم يقل الكتاب : ” لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد ، وهذان يقاوم أحدهما الآخر ” ( غل5: 17).

2- ما هو الجسد ؟

يرى البعض في الجسد الإنساني عدوا لدوداً للروح ، وسجناً خطيراً لها !! وهذا الفكر ليس مسيحياً .. فالرب هو الذي خلق لنا هذا الجسد ، وكل خليقة الرب مقدسة وحسنة جداً ، كل الأعضاء مقدسة ، وكل خلاياها مقدسة ، وكل وظائفها مقدسة ، نظرتنا إذن هي المحتاجة إلى تعديل !! فلقد تدنت وتدنست ، فلم تعد ترى فيما خلقه الله من أعضاء وغرائز إلا السلبية والإنحراف ..
لذلك دعنا نرد على هذه التساؤلات .

3- هل جسدي له قيمة ؟!

طبعاً لأنه :
1- عطية من الله : بالتالي يكون غالي على جداً .
2- خلق الله كل شيء حسن ، ولكن الإنسان خلقه حسن جداً .
3- كما يقول القديس بولس الرسول : ” ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح ؟ ” ( 1 كو 15:6 ) ، تخيلوا أن جسدي هو جسد المسيح فكم يكون مكرم جدا !!
4- جسدی وروحی اشتراهما السيد المسيح بثمن غالي جدا ، أكثر بكثير من الذهب والفضة ، اشتراهم بدمه.‏
5- الله عندما تجسد أخذ جسد إنسان الذي هو تاج الخليقة .
6- أكثر من ذلك أن الكنيسة تصلي على المنتقل ، على رجاء أن هذا الجسد يوماً ما سيتحد بالروح ، ويتحول إلى جسد نورانی.
7- كذلك تحتفظ الكنيسة وتكرم وتتبارك بأجساد ورفات الشهداء والقديسين .
8- إن جسدنا هو هيكل للروح القدس .
إن كلمة هيكل “بي ارفي ” أي السماء ، أو المكان الذي يسكنه الله ، بالتالي فهو مکان مقدس ، له کرامته وهيبته . وكما أن الهيكل يوضع عليه ستر ، ولا يمكن رؤية ما بداخلة من بهاء ، هكذا أجسادنا لابد من وجود لباس بمثابة ستر يخفی ما في داخل الهيكل ( الجسد ) من كنوز . أي داخلنا جوهرة ثمينة لابد أن نحافظ عليها ونداريها عن الأعين لئلا تسلب منا . وليست الحشمة هي مجرد ستر ، أي منظر خارجی فقط ، فبعض الفتيان والفتيات قد ترتدي ملابس تغطي الجسد ، ولكنها تكون مثيرة واستعراضية تدنس القلب ، “وقال لتلاميذه : لا يمكن إلا أن تأتي العثرات ، ولكن ويل للذي تأتي بواسطته ! ” ( لو17: 1) . لذلك لابد من المحافظة على جسدي من الداخل ومن الخارج بكل الطرق الممكنة . فالمنطق الحقيقي للجمال والحفاظ على حواسی وغرائزي .. يكمن في الزينة الداخلية ، بالإضافة إلى الخارجية ، فيوضح الكتاب أن “كلها مجد ابنة الملك في خدرها . منسوجة بذهب ملابسها ” ( مز45: 13) , أي أن مجدها في الداخل ومتجملة بالفضائل .. الصمت ، الخشوع ، الحرص في تخبئة كلام الله في القلب لكي لا نخطئ اليه “خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك ” ( مز119: 11). حيث أنه في الكثير من الأحيان يكون الإسراف في التزين الخارجي علامة على الفراغ الداخلي والغرور والكبرياء ، وعدم فهم لمعنى الجمال الحقيقي .‏

4- ما هی مسئولیتی تجاه جسدی ؟

1- أضبطه : بمعنى أن أراقب جسدى وحواسي وأعضائی ، حتى لا يعمل أعمال سيئة وشريرة ، وأيضا أن أضبط حواسی مثل عيني ولساني وأذنی ویدی وقدمی . وأيضا أن أضبط حركاتی وتصرفاتی …

2- أبذله : “فأطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله ، عبادتكم العقلية ( رو12: 1 ) . فنحن نبذل ونقدم أجسادنا ذبيحة حية لله ، من خلال عمل الخير والأعمال الصالحة لله وللناس . الأيادي التي ترتفع في الصلاة ، والركب التي تسجد للحمد والشكر ، واللسان الذي ينادي بالتسابيح ، والأقدام التي تسعى لعمل الرحمة والخير ، والعيون التي تقرأ الكتاب المقدس ، والبطون التي صامت ، والأجساد التي تركت الفراش باكراً لحضور القداسات والصلوات .

3- أتعهده : “فإنه لم يبغض أحد جسده قط ، بل يقوته ويربية ، كما الرب أيضا للكنيسة ( أف5: 29 ) .. تعهده من خلال التغذية السليمة ، والرياضة والوقاية والعلاج من الأمراض ، النظافة الجسدية ، إشباع احتياجات الجسد دون الإفراط ، الذوق في المظهر والملبس .

4- أوجهه : فقيادتي لجسدی تنبع من داخلى ، فيجب على إذا انحرف أقوم بتعديل مساره ، وتوجيهه في الطريق السليم .

5- لماذا الحفاظ على جسدي .. وما هي مجالاته ؟

 

1- طاعة للأمر الإلهی ، آدم وحواء في الجنة كانا عريانان ، ولكنهما غير شاعرين بذلك ، فالعرى لم يكن خطية ، ولم يخجل آدم وحواء من عريهما ، إلا‏ بعد سقوطهما في الخطية الأولى : ” فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان . فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مازر” ( تك 7:3 ) .
“فنادى الرب الإله آدم : أين أنت ؟ فقال : سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت ” ( تك 9:3-10 ) . فأجسادنا بعد السقوط ، أصبحت معثرة إن تعرت . فأول من أمر بالحفاظ على الجسد وباللباس هو الرب نفسه إذ “وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما ” ( تك 21:3 ) .

2- ” الجسد ليس للزنا بل للرب والرب للجسد ” ( 1كو6: 13). ” أما لجسد فللمسيح ” ( كو2: 17 ) . المشكلة إذن ليست في الجسم ” ، بل في ” تیار الإثم ” العامل في الجسم ، ومن خلال أعضائه ، فالعين ترى الجيد والرديء ، وكذلك الأذن وبقية الأعضاء ، المشكلة إذن هي إرادة الخطيئة ، وتيار الإثم والفساد ، الذي تسلل إلينا منذ سقوط آدم أبينا . أما حينما يدخل الرب إلى دائرة حياتنا ، ويصير محور حبنا وانشغالنا ، فحينئذ يتقدس الجسد بروح الله العامل فينا .
3- يقول الكتاب : “من قال : إنه ثابت فيه ، ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضا ” ( 1يو2: 6 ) لذلك من اللائق أن تكون ملابسنا تليق ملابس أولاد الله ، والملابس المحتشمة واللائقة ليست فقط للفتيات ولكن للفتيان أيضا . يليق بنا أن نكون واقفين أثناء الصلاة أمام الله بوقار ، فنترك عنا الموبايل ، ونقف بخشوع يليق بالله وببيت الله ، وللفتيات نضع إشارب على رؤوسنا عند ممارسة الأسرار أثناء تواجدنا في الكنيسة وحتى لا نكون سبب عثرة للأخرين ، “ويل للذي تأتي بواسطته العثرات ” .

4- لأن الجسد كما ذكرنا عطية من الله وله قدسيته وهيكل للروح و .. الخ .

5- اللياقة والحشمة في المناسبات والحفلات ، وفي الكلام والسلوك ، فيكون كلامنا للبنيان ، ولا تسمع الأذن إلا كل ما هو لائق . “كل الأشياء تحل لى لكن ليس كل الأشياء توافق ” ( 1كو10: 23 )
– تجنب الضحك بصوت‏ عال جداً الذي فيه الخلاعة ، ورؤية المناظر الخليعة سواء في التليفزيون أو المجلات أو على الإنترنت .. الخ .
6- الحشمة تكون أيضا في بيوتنا ، فنتجنب نزين البيت بصور خليعة لا تليق ، ولكن صور قديسين وقديسات تكون أمام أعيننا نتمثل بهم ، لكي مانسلك كما هم سلكلوا . بالتالي يسكن المسيح في بيوتنا ، وعوض الأغاني والموسيقى الصاخبة التي قد تخاطب الجسد ، تكون الترانيم والألحان التي تشبع الروح والعاطفة والمشاعر .
القلب والمظهر الخارجي يتأثران بعضهما ببعض ، فالخارج من تصرفات وسلوك وشكل الملبس ، إنما يدل على حالة القلب والفكر من الداخل ، فلا يمكن تغيير الخارج بدون تغيير الفكر والقلب “ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم ” ( رو12: 2 ) .
بنت وابن المسيح يساير الموضة إذا كانت تناسبه كإبن وبنت للمسيح ، وإن لم يكن ، فلأنه مخلوق حر يستطيع أن يقول لا للخطأ وللذي لا يتناسب “كل الأشياء تحل لى وليست كل الأشياء تناسب كذلك الأناقة والجمال الطبيعي لا يتعارض مع الحشمة . إن الأزياء والملابس تدل على شخصية الإنسان ومبادئه ومسيحيته .

6- نظرة المسيحية للجسد .. ولماذا نكرم الجسد ؟

المسيحية تنظر للجسد على أن كل أعضائه كريمة ومقدسة ، ولا يوجد أعضاء طاهرة وأعضاء نجسة في المسيحية .. ” بل بالأولى أعضاء الجسد التي تظهر أضعف هي ضرورية . وأعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نُعطيها كرامة أفضل . والأعضاء القبيحة فينا لها جمال أفضل . وأما الجميلة فينا فليس لها احتياج . لكن الله مزج الجسد ، مُعطياً الناقص كرامة أفضل ” ( 1 كو12: 22-24)

1- الله أخذ جسد مثلنا في تجسده : ففي إنجيل يوحنا يقول : ” والكلمة صار جسداً ” ( يو 14:1 ) . ومعلمنا بولس يقول : ” عظيم هو سر التقوى : الله ظهر في الجسد ” ( 1تي 16:3 ) . ويزيد توقيرنا واحترامنا لأجسادنا ، أن الله أخذ جسد مثلنا تماماً وجاع وعطش وتعب وتألم .

2- قداسة الأعضاء : هل يخلق الله هيكلاً وجسداً يكون فيه عضو دنس أو نجس ؟! حاشا طبعاً ، فكل أعضاء أجسادنا مقدسة للرب ، والله اتحد بنا ، کی يقدسنا ، ونحن تقدسنا من خلال سر المعمودية (سر التطهير ) وسر الميرون .

3- قيامة الأجساد : فأجسادنا هذه سيقيمها الله في اليوم الأخير ، فالجسد الذي اشترك مع الروح والنفس في جهادهما الروحي ، وفي عشرتهما مع الله ، سوف يشترك معهما أيضا في نوال المجد والكرامة في الأبدية .
ونلاحظ القديسين الذين نالوا المجد في أجسادهم وهم على الأرض ، كان يشع من أعضائهم نور ، وكانت تخرج من أجسادهم بركة ، حتى بعد انتقالهم كانوا يصنعون معجزات وهناك قديسين وقديسات حافظوا على أجسادهم وقداستهم منهم :
1- الشهيدة بوتامينا : كانت بوتامينا مسكينة تخدم رجلاً غنياً بخوف الله ، لكن الشيطان ملأ قلب الرجل بالأفكار الدنسة نحوها ، فصار يلاطفها ويحثها على ارتكاب الشر معه ، أما هي ففي قوة قاومت سیدها وأصرت على حفظ طهارتها . وكان الجندى واسیلیدس مكلفاً بحراستها ، وقد صنع معها معروفاً بعدم خلع ملابسها أثناء استشهادها فشفعت فيه أمام الله ، احتملت الكثير من الآلام وأخيرا ألقيت في زيت مغلي حتى أسلمت الروح في يد عريسها السماوی‏.
2- القديسة بربارة : طلب الحاكم من الجلادين تعذيبها ، فكانوا يمشطون جسدها بأمشاط حديدية ، كما وضعوا مشاعل متقدة عند جنبيها ، وقطعوا ثدييها ، ثم أمر الوالي في دنائة أن تساق عارية في الشوارع والطرقات ، فصرخت إلى الرب أن يستر جسدها فلا يخدش حيائها ، ولا يعثر جسدها أحد الناس ، فسمع الرب طلبتها وكساها بثوب نورانی ، حتى لا يستطيع أحد أن يشاهدها من جمالها ، وفي النهاية نالت إكليل الشهادة .
3- الشاب العفيف : فشل أحد الولاة الوثنيين أن يبعد أحد الشباب عن إيمانه القوى بمسيحه ، وحبه الشديد له ، وذلك بعد أن عرَّضه لمختلف أنواع العذاب فتشاور مع معاونوه عما يمكن أن يفعله مع هذا الشاب ليبعده عن مسيحه ، فأكد له معاونوه أن الشيء الوحيد الذي لن يقوى عليه الشاب هو عرض النجاسة عليه . بالفعل ادخلوا إليه فتاة شريرة لتوقعه في الخطية ، وحاولت معه بمختلف السيل والأساليب ، إلا أنها فشلت وذهبت لتخبر الوالی يفشلها ، ففكر الوالي في إرغامه على الخطية ، فأمر بأن يربط جسده ويديه ورجليه في السرير ودخلت عليه تلك الفتاة الشريرة . وحينما اقتربت منه لتوقعه في الخطية لم يجد أي عضو في جسده يستطيع الحراك سوى لسانه ، فأخرجه وقضم عليه بأسنانه ، وبصقه ومعه سيل من الدماء في وجه هذه الفتاة ، فخافت ، بل وارتعبت وهربت إلى الخارج .

كيف أسلك في القداسة ؟

– أقتنع : بخطورة الخطية .
– أشبع : بربنا يسوع المسيح بممارسة وسائط –
أمتنع : بإرادة قوية لأنها أساس العلاج .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى