طريق الصليب
القديس يوحنا الذهبي الفم
“قد صُلب العالم لي، وأنا للعالم” (غلا 6: 14).
لا يليق بالمسيحي أن يبحث عن الطريق السهل والراحة، فهذا غريب عنه، أما الارتباك في الحياة الزمنية فهذا بعيد عن عملنا…
سيدك صُلب، فهل تطلب الطريق السهل؟! سيدك سُمر بالمسامير، فهل تحيا في نعومة؟!
هل هذه الأمور تجعل منك جندياً (روحياً) قوياً؟ لهذا يقول بولس: “لأن كثيرين يسيرون ممن كنت أذكرهم مراراً، والآن أذكرهم أيضا باكياً، وهم أعداء صليب المسيح” (في ١٨ :٣)… هؤلاء كان لهم مظهر المسيحية، لكنهم يعيشون حياة سهلة مترفة تخالف الصليب، لهذا قال عنهم ما سبق.
لأن الصليب يُنسب إلى نفسٍ تحارب (الخطية والشر)، وتتوق إلى الانطلاق… لذلك فإن هؤلاء وإن كانوا قد قالوا بأنهم أتباع المسيح إلاَّ إنهم كمن هم أعداء الصليب. لأن من يحب الصليب يرغب في الجهاد ليحيا حياة مصلوبة.
ألم يُعلق سيدك على الشجرة؟ اقتدِ به. أصلب ذاتك، ولو لم يصلبك أحد!
أصلب ذاتك، لا بأن تذبح نفسك- حاشا- فإن هذا أمر شرير، بل كما يقول الرسول بولس: “قد صُلب العالم لي وأنا للعالم” (غلا ١٤ :٦). إن كنت تحب سيدك، متْ موته! تعلم كيف أن قوة الصليب عظيمة، كم من أمور صالحة أنجزها الصليب، كيف أنه أمَّن حياتنا! كل هذا تم خلال الصليب.
العماد يتم خلال الصليب، إذ فيه ننال هذا الختم.
إن كنا في رحلات، إن كنا في البيت، أينما كنا، الصليب هو عمل صالح. أنه سلاح الخلاص. أنه الدرع الذي لا ينكسر. أنه السيف الذي تقاوم به الشيطان.
احمل الصليب حينما تحارب الشيطان، ليس فقط بأن ترسمه عليك، بل أيضاً تحمل من هو مُعلق على الصليب.
فإن المسيح دعى أتعابنا صليباً، إذ قال “فليحمل صليبه ويتبعني” (مت ٢٤ :١٦). ماذا يعني هذا إلاَّ أن يكون مستعداً للموت.
أما أولئك فبكونهم أرضيين، محبين للحياة (الزمنية)، محبين لأجسادهم، فإنهم أعداء الصليب.
وكل إنسان يكون صديقًا للترف هو عدو لذاك الصليب الذي يفخر به بولس، والذي يحتضنه، والذي يرغب أن يتحد به، ذلك كما يقول: “قد صُلب العالم لي، وأنا للعالم”.
+++
هوذا سلم السماء قائم أمامك
أسرع واصعد إليَّ، فالسلم السماوي قائم أمامك.
صليبي يرفعك إليَّ، لتجلس معي في السماويات.
صليبي صالحك مع الآب، فصار لك أباً سماوياً.
صليبي وحَّد السمائيين مع الأرضيين.
صليبي سجل بدمي عهد الحب الإلهي معك.
صليبي هو قوتي لخلاصك ومجدك.
+++
من كتاب لقاء يومي مع إلهي للقمص تادرس يعقوب ملطي