فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد ، تسلحوا أنتم أيضاً بهذه النية

 

 “فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد ، تسلحوا أنتم أيضاً بهذه النية” (1 بط 4: 1)

المسيح تألم بالجسد واحتمل الألم عن نيَّة مسبقة وعن قصد مُدبر. كانت الآم مُريعة غير محتملة : سياط على ظهر عاري ، لكمات باليد ، ضرب على الرأس بالقصبة ، بصاق على الوجه ، نتف الشعر ، مسمار واحد غليظ يجمع الرجلين معا ، ثم وقوف الخشبة فيتعلق الجسد كله على هذا المسمار ، عطش رهيب ، عدم أكل منذ يومين . هذه كلها بالإضافة إلى آلامه النفسية ، أمور فوق التصور.

والآن يدعونا ق . بطرس أن نتسلح بهذه النية ، نية التألم بالجسد لكن ما هو القصد ، وعلى أي أساس نتألم بالجسد ؟ هنا نقرأ عن فلسفة جديدة تماماً لسبب الألم . كانت الآلام تُفسر على أنها عقاب وقصاص للجسد لأجل خطايا ارتكبت . ولكنه هنا يقول إن التألم بالجسد هو اجتثاث للخطية لانتزاعها من الجسد بالروح ، وكأن الآلام بالجسد هي هبة : « وُهب لكم لا أن تؤمنوا به فقط بل أن تتألموا ( في 1: 29 ) .

والآلام التي يجوزها الجسد هي على نوعين : آلام إرادية بالجسد مثل الصوم والعطش والجوع ؛ وآلام غير إرادية مثل الضرب والشتم والسجن والتنكيل . والمسيح يحضنا بلسان بطرس الرسول أن نتألم ونحن راضون وشاكرون بل ومنتظرون هذه الآلام غير الطوعية لتحسب على مستوى الآلام التي احتملها هو من أجلنا لكي تكف خطايا الجسد . أما تحمل الآلام الطوعية فهو نوع من إماتة الجسد وإبطال فعل الجسد العتيق والمتعاهد مع الخطية . أما كيف نتسلح بهذه النية ونأخذها لنا لتحمل الآلام ، فهو : سلاح الإرادة المقاومة الخطية وإبطالها .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى