ليكون الجميع واحداً

 

“ليكون الجميع واحداً ، كما أنك أنت أيها الآب فيَّ وأنا فيك” (يو ۲۱:۱۷)

الاتحاد أو الوحدة التي يطلبها لنا المسيح فيما بيننا ، ثم فيما بيننا وبين الآب ، هي وحدة تتناسب قبل كل شيء مع تفردنا واختلاف أجناسنا وتباين طبائعنا. فنحن لسنا متساويين في كياننا الداخلي ، في أي شيء البتة ، إلا في الخطية والعجز والقصور الروحيين!!

لذلك فالوحدة التي يطلبها لنا المسيح لا تقوم البتة على ماهية أشخاصنا أو ما هو لنا ؛ بل على أساس أن نتساوى فيه والآب ، وليس تساوينا في ذواتنا . فبقدر ما تنسكب فينا قوة وحدة المسيح في الآب ، سواء من جهة الحب بينهما أو من جهة الحق والقداسة ؛ بقدر ما نبتدئ نحن نتساوی ونتقارب ونتحد بهذه القوة الخارجة عنا والآتية إلينا من لدن الله . فمحبة الله تحصرنا ، فتلغي عداواتتا وتُنهي على انقساماتنا ؛ وحق المسيح والآب يصهر أفكارنا وقلوبنا فيبدد جهالاتنا ويوقف حماقاتنا ويقدس أرواحنا وأجسادنا .

ولاحظ أن وحدة المسيح مع الأب هي طبيعة جوهرية ، تقوم على التساوي كلية وفي كل شيء ؛ أما وحدتنا التي لنا في المسيح والأب فهي نعمة ورحمة، هي تفضل وهبة ، هي مجرد إشعاع فقال لوحدة المسيح مع الآب .

وقد صور المسيح في سفر الرؤيا هذه الوحدة التي يسعى إليها من نحونا بدخوله بابنا ليتعشى معنا . فهو يتعشى من صحن هموم الإنسان وأوجاعه وأنينه ، يتعشى متقاسماً معه قمة الشقاء والتغرب . والإنسان ويتعشى معه – بالنعمة – من صحن أفراحه وبهجة خلاصه ، ويتناول من يده خبز حبه وختم استيطانه . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى