متى جاء المعزي

 

“متى جاء المعزي .. فهو يشهد لي و تشهدون أنتم أيضاً” (يو 26:15 ، 27)

يستحيل على الروح القدس أن يشهد للمسيح بواسطة عمل الإنسان وقوله إلا من خلال إنكار الذات ، حيث يكون الله في النهاية هو الكل في الكل .

إنكار الذات هو عمل الروح القدس الأساسي داخل النفس لضمان قيام أي عمل صالح ودوامه . حيث الوسيلة العملية والإيجابية لممارسة إنكار الذات هنا هي تمجيد الله بإصرار كلي ، سواء بالكلام أو بالفكر أو بالإيمان أو بكل جهد ، حيث يقف الروح القدس ليشهد لله  بقوة أعظم من كل حيل الذات وخبثها .

فإن كانت هناك صلاة يمكن أن تكون عملاً صالحا ً، فهي تلك التي لتمجيد الله وتسبيحه وشكره . وإن كانت هناك خدمة ما أو وعظ فهي التي تنتهي ليس فقط إلى خلاص النفوس ، بل سيادة الله على كل النفوس . كذلك كل أمانة وكل بذل وكل حب ، إنما حسب أعمالاً صالحة معمولة بالروح القدس إذا كانت لازدياد مجد الله .

إن الذي ينكر نفسه من أجل الله لا يضيع ولا يبقى وحده في فراغ ، بل يدخل في الحال في قوة مجال المسيح والصليب وسر الإخلاء الإلهي .

أن نتبع الروح القدس وننقاد إلى مشورته في الجهاد بأن ننكر ذواتنا في كل عمل وفكر من أجل مجد الله ، هو هو أن نتبع المسيح حاملين الصليب . “الأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله” .

بدون الروح القدس وبدون عزائه السهل العجيب الحاضر مع الإنسان في الجهاد الصالح في كل لحظة وكل مكان ، يستحيل على الإنسان أن يتجاوز ذاته ، وفي طلب المزيد من الدنيا بلا تعقل وبلا نهاية . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى