من طلب أن يُخلص نفسه يُهلكها

 

“من طلب أن يُخلص نفسه يُهلكها ، ومن أهلكها يُحييها” (لو ۱۷ : ۳۳)

الذي وضع في نفسه احتمال الموت ، كيف يجزع من الألم مهما كان شديداً؟ فإن كنا سنموت ؛ وحتما نحن سنموت ، فليتنا نموت حباً في السيد القدوس لنحيا معه إلى الأبد . وإن كنا سنموت لنحيا ، فلماذا نجزع من الآلام التي كلما زادت كلما قربنا من الحياة والخلود ؟

والمسيح باحتماله الآلام دون أن يكون مستحقاً لها استطاع أن يقدم لنا الحل لأعقد مشكلة وأصعب سؤال يسأله المتألم : لماذا أتألم ؟! فإن كنت لا زلت مصمماً على السؤال : لماذا أتألم ، فاسأل الرب لماذا تألم هو ؟! فهو تألم ولم يكن مستحقاً للألم ، ولا كان ضعيفاً ليُظلم رغماً عنه ؛ بل بمحض حريته ومشيئته ومسرته تألم وظُلم ، وبذلك رفع قيمة الألم من صورة العقاب إلى درجة رائعة من درجات بذل المحبة التي إذا ملأت قلوبنا حولت الألم إلى لذة.

وبذلك يكون المسيح قد وضع نموذجاً واضحاً لحياة سعيدة ومنتصرة بالرغم من الآلام المحيطة بها من كل جانب ، فظل الصليب لم يفارقه من يوم ولادته إلى يوم صلبه .

لذلك لم يعد الألم في طريق حياتنا مشكلة ، بل صار علامة انتصار واختبار محبة . وليس في كل ما وُهب لنا على الأرض هبة أكثر تقديراً في نظر الله من أن نتألم راضيين “لأنه قد وُهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أيضا أن تتألموا من أجله” ( في ۱ : ۲۹ ) .

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى